يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
نعم.. هي الأحق بـ«نوبل للسلام»
فرانشيسكا ألبانيز سوف تدخل التاريخ باعتبارها أعلى صوت ارتفع بالحق في زمن ساد فيه جبن العالم في مواجهة أبشع حرب إبادة في غزة.
ألبانيز هي مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، أعدت ألبانيز عدة تقارير توثق جرائم الحرب والإبادة بدقة كبيرة وبالتفصيل، وتقدم توصيات للعالم من أجل وقفها، وتضع العالم أمام مسؤولياته التاريخية والقانونية.
في آخر تقرير لها قبل أيام، وثقت الدور الذي تقوم به أكثر من 60 شركة عالمية، بينها شركات أسلحة وتكنولوجيا معروفة بدعم حرب الإبادة في غزة. طالبت ألبانيز 3 دول أوروبية بتقديم توضيحات حيال سماحها بتوفير «مجال جوي آمن» لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية لارتكابه جرائم حرب.
ألبانيز لا تصدر بيانات أو تصريحات إنشائية. التقارير التي تصدرها لها مصداقية كبيرة، إذ يُعدها فريق كامل من الخبراء بمهنية وبدقة عالية وتفاصيل موثقة لا تقبل الجدل.
ولم تكتف في تقاريرها برصد وتوثيق الإبادة في غزة، وإنما حرصت في كل التقارير على أن تقدم توصيات محددة من أجل وقف الحرب ومحاسبة المجرمين.
من بين توصياتها مثلا أن تقر كل دول العالم بداية بأن ما تفعله إسرائيل هي جرائم إبادة جماعية. وأوصت كل دول العالم بوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل وفرض عقوبات عليها.
أوصت أيضا بالاعتراف رسميا بإسرائيل كدولة فصل عنصري ممعنة في انتهاك القانون الدولي، وإعادة تفعيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري لمعالجة الوضع في فلسطين، وتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
من الطبيعي أن إسرائيل واللوبي الصهيوني في العالم استهدف ألبانيز طوال الأشهر الماضية وشن عليها حملات ضارية سياسية وإعلامية.
قبل يومين، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على المقررة الأممية، وطلبت من الأمم المتحدة طردها من منصبها تحت مبرر أنها: معادية للسامية وتحرض على إسرائيل.
القرار الأمريكي أثار على الفور موجة واسعة من الانتقادات من الأمم المتحدة، ومن دول عدة في العالم، ومن المنظمات الحقوقية والقانونية العالمية.
الكثيرون اعتبروا أن ما فعلته أمريكا سابقة في منتهى الخطورة وتهديد ليس للأمم المتحدة وحسب وإنما لكل المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم ودفاع عن جرائم بشعة.
من بين ردود الفعل على القرار الأمريكي توقفت خصوصا عند اقتراح لعضو البرلمان الأوروبي ماتياز نيميتش بمنح مقررة الأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز جائزة نوبل للسلام لعام 2026. وطلب النائب السلوفيني الدعم من البرلمانيين لمقترحه.
في تبريره لاقتراحه قال: «من خلال رسائلها بشأن الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية، والتقارير التي تنشرها بصفتها المقررة الخاصة للأمم المتحدة، أصبحت فرانشيسكا ألبانيز صوت ملايين الأشخاص الذين يطالبون بفرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية التي تمارس الإبادة الجماعية وذلك استنادًا إلى حقائق وحجج دامغة». وأضاف: «فرانشيسكا ألبانيز عنصر توازن في مواجهة نفاق السياسات وخاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.. ففي الوقت الذي يفترض فيه بذل الجهود لإنهاء المجازر بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، تأتي ألبانيز كعنصر توازن أمام النفاق الذي يدعمه ويتسامح معه ويتجاهله معظم السياسيين.. إن ألبانيز منذ عام ونصف العام هي «الصوت الأول» في مواجهة «الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، والذي يواجه إرهابا ومعاملة غير إنسانية لا يتصورها عقل».
النائب الأوروبي على حق تام. المقررة الأممية ألبانيز هي الأحق بالحصول على «نوبل للسلام».
ألبانيز لا تدافع عن غزة وأهلها فقط في مواجهة الوحشية الإسرائيلية والغربية وأبشع جرائم الإبادة.. هي تدافع عن القانون الدولي وعن قيم الحق والعدل والإنصاف التي يدوسون عليها اليوم.. هي صوت الإنسانية الذي يريدون خنقه اليوم.
الذي تفعله هو الذي يقود إلى السلام حقا.. السلام لا يمكن أن يتحقق إلا بمحاسبة المجرمين وكشف جرائمهم، وإنصاف الضحايا، ورد الاعتبار للقانون الدولي والقيم الإنسانية.
هذا بالضبط هو ما تفعله المقررة الأممية.
لهذا، فإنه لو كانت لجنة جائزة نوبل موضوعية ومنصفة حقا لمنحتها جائزة نوبل للسلام، وسيكون هذا في حد ذاته انتصارا للإنسانية وللسلام الحق.
لكن للأسف لجنة نوبل، بحكم السوابق، لا هي موضوعية ولا هي منصفة.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك