العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ثروة سببت لي نوبة قلبية

هنالك‭ ‬أناس،‭ ‬تصيبهم‭ ‬الأخبار‭ ‬والحوادث‭ ‬الطيبة‭ ‬بنوبات‭ ‬قلبية،‭ ‬وشاء‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفئة،‭ ‬وقبل‭ ‬سنوات‭ ‬تم‭ ‬نقلي‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬الطوارئ‭ ‬بالمستشفى‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬بدأ‭ ‬قلبي‭ ‬يعمل‭ ‬بطريقة‭ ‬صبيانية‭ ‬عشوائية‭: ‬إيقاع‭ ‬سريع‭ ‬بم‭ ‬بم‭ ‬بم،‭ ‬ثم‭ ‬همود‭ ‬لبضع‭ ‬ثوان‭. ‬وأصل‭ ‬الحكاية‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الله‭ ‬فتحها‭ ‬علي‭ ‬فجأة‭: ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬تلقيت‭ ‬أشعارا‭ ‬على‭ ‬الإيميل‭ ‬بزيادة‭ ‬راتبي‭ ‬الأساسي،‭ ‬بنسبة‭ ‬خمسة‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وبعدها‭ ‬بقليل‭ ‬جاءني‭ ‬موظف‭ ‬من‭ ‬قسم‭ ‬الرواتب‭ ‬ومعه‭ ‬شيك‭ ‬بمبلغ‭ ‬ثلاثة‭ ‬الاف‭ ‬ريال‭ ‬هي‭ ‬فروقات‭/ ‬متأخرات‭ ‬مستحقة‭ ‬لي‭ ‬نتجت‭ ‬عن‭ ‬اخطاء‭ ‬حسابية،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬ذاك‭ ‬اليوم‭ ‬ارسلت‭ ‬مطبوعة‭ ‬كنت‭ ‬اكتب‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬إليّ‭ ‬ثروة‭ ‬طائلة‭ (‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬ريال‭) ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬نسيت‭ ‬أمرها‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المطبوعة‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬وبداهة‭ ‬فإنهم‭ ‬لم‭ ‬يبعثوا‭ ‬لي‭ ‬بحقوقي‭ ‬المكتسبة‭ ‬لان‭ ‬ضميرهم‭ ‬استيقظ،‭ ‬بل‭ ‬لانهم‭ ‬غازلوني‭ ‬بهدف‭ ‬استدراجي‭ ‬للعودة‭ ‬الى‭ ‬الكتابة‭ ‬عندهم‭ ‬فسايرتهم‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬عقولهم‭ ‬فأرسلوا‭ ‬لي‭ ‬مستحقاتي‭ ‬القديمة‭ ‬كطعم‭ ‬لاصطيادي،‭ ‬وبداهة‭ ‬أيضا‭ ‬فإن‭ ‬الكتابة‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬الحمامات‭ ‬أهون‭ ‬عندي‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬مطبوعة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ان‭ ‬تطلق‭ ‬كتابها‭ ‬بمعروف،‭ ‬وتعطيهم‭ ‬الصداق‭ ‬المؤجل‭ ‬فقط‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬إرجاعهم‭. ‬ثم‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬لأبشر‭ ‬زوجتي‭ ‬بالثروة‭ ‬التي‭ ‬هبطت‭ ‬علي‭ ‬ولأبلغ‭ ‬عيالي‭ ‬بأن‭ ‬مسألة‭ ‬السفر‭ ‬الى‭ ‬بلاد‭ ‬تموت‭ ‬من‭ ‬البرد‭ ‬أسماكها‭ ‬في‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬باتت‭ ‬محلولة‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬توفر‭ ‬لدي‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬ما‭ ‬يعينني‭ ‬على‭ ‬السفر‭ ‬على‭ ‬أكباد‭ ‬البوينغ‭ ‬والإيرباص،‭ ‬فإذا‭ ‬بزوجتي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أمارس‭ ‬معها‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬إلا‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬مصابة‭ ‬بالتهاب‭ ‬في‭ ‬الأسنان‭ ‬أو‭ ‬اللثة‭ ‬أو‭ ‬الأنف‭ ‬والأذن‭ ‬والحنجرة‭. ‬إذا‭ ‬بها‭ ‬تمد‭ ‬يدها‭ ‬لي‭ ‬وهي‭ ‬تبتسم‭: ‬خذ‭ ‬هذه‭ ‬ثلاثة‭ ‬الاف‭ ‬ريال‭ ‬ادّخرتها‭ ‬من‭ ‬مصروف‭ ‬البيت‭ ‬لأبرهن‭ ‬لك‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬ترشيد‭ ‬الأنفاق‭! (‬بصراحة‭ ‬جعلني‭ ‬ذلك‭ ‬أشكك‭ ‬في‭ ‬قواها‭ ‬العقلية‭).‬

كان‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فوق‭ ‬طاقة‭ ‬قلبي‭ ‬المرهف‭ ‬فأصبح‭ ‬ينبض‭ ‬مرتين‭ ‬متتاليتين‭ ‬ويسكت‭ ‬لنحو‭ ‬خمس‭ ‬ثوان،‭ ‬ثم‭ ‬أحسست‭ ‬به‭ ‬يهبط‭ ‬الى‭ ‬جوف‭ ‬مصراني‭ ‬الأعور‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬سلفا‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬نتوءات‭ ‬وأخاديد،‭ ‬فاضطربت‭ ‬أنفاسي‭ ‬حتى‭ ‬حسبت‭ ‬ان‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬قطعت‭ ‬عني‭ ‬الاوكسجين‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬دفع‭ ‬‮«‬فواتير‭ ‬التنفس‮»‬،‭ ‬باختصار‭ ‬تم‭ ‬نقلي‭ ‬الى‭ ‬المستشفى‭ ‬حيث‭ ‬أفتى‭ ‬طبيب‭ ‬آسيوي‭ ‬بأن‭: ‬هارت‭ ‬مال‭ ‬انت‭ ‬واجد‭ ‬خراب‭. ‬كلش‭ ‬كشرة‭. ‬هذا‭ ‬نمونة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬زين‭..‬لازم‭ ‬انت‭ ‬حصِّل‭ ‬هارت‭ ‬غير‭ ‬شكل‭.. ‬ما‭ ‬يسوي‭ ‬تبديل‭ ‬انت‭ ‬في‭ ‬داي‭.. ‬موت‭!! ‬والفائدة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬بها‭ ‬منه‭ ‬هي‭ ‬انه‭ ‬أعطاني‭ ‬اجازة‭ ‬مرضية‭ ‬مدتها‭ ‬5‭ ‬أيام‭ ‬تمكنت‭ ‬خلالها‭ ‬من‭ ‬التصالح‭ ‬مع‭ ‬الثروة‭ ‬التي‭ ‬نزلت‭ ‬على‭ ‬فجأة‭. ‬وبحمد‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬قلبي‭ ‬ذاك‭ ‬شغال‭ ‬في‭ ‬أمان‭ ‬الله‭ ‬رغم‭ ‬الفتوى‭ ‬الطبية‭ ‬بأنه‭ ‬واجد‭ ‬خراب‭ ‬وكشرة‭.‬

تذكرت‭ ‬ذلك‭ ‬العجوز‭ ‬الأمريكي‭ ‬ذا‭ ‬الإمكانات‭ ‬المادية‭ ‬الجعفرية،‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬قريب‭ ‬له‭ ‬وترك‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬وصيته‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬فطلب‭ ‬ولده‭  ‬من‭ ‬عمه‭ ‬الشاب‭ ‬ان‭ ‬يبلغ‭ ‬والده‭ ‬الخبر‭ ‬بطريقة‭ ‬ديبلوماسية‭ ‬أخذاً‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬انه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬علة‭ ‬في‭ ‬القلب،‭ ‬لأن‭ ‬فرحة‭ ‬أيلولة‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬إليه‭ ‬ستجيب‭ ‬خبره،‭ ‬وبعد‭ ‬اللف‭ ‬والدوران‭ ‬سال‭ ‬العم‭ ‬أخاه‭ ‬العجوز‭: ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬اذا‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬فأجاب‭ ‬العجوز‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تردد‭: ‬أعطيك‭ ‬نصفها،‭ ‬هنا‭ ‬وضع‭ ‬العم‭ ‬‮«‬الشاب‮»‬‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬صدره‭ ‬وسقط‭ ‬ميتا،‭ ‬وتحضرني‭ ‬هنا‭ ‬أيضا‭ ‬حكاية‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬قطته‭ ‬العزيزة‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬جاره‭ ‬عندما‭ ‬سافر،‭ ‬فاتصل‭ ‬الجار‭ ‬به‭ ‬ليبلغه‭ ‬بأن‭ ‬القطة‭ ‬ماتت،‭ ‬فحزن‭ ‬الرجل‭ ‬وعاتب‭ ‬جاره‭ ‬قائلا‭: ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬تهيئني‭ ‬للخبر‭ ‬بالقول‭ ‬بان‭ ‬القطة‭ ‬على‭ ‬السقف،‭ ‬وبعدها‭ ‬بيوم‭ ‬بأنها‭ ‬تعالج‭ ‬عند‭ ‬البيطري‭ ‬وبعدها‭ ‬بأنها‭ ‬في‭ ‬العناية‭ ‬المركزة‭ ‬ثم‭ ‬بعدها‭ ‬بأيام‭ ‬بأنها‭ ‬ماتت‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬ببضعة‭ ‬أيام‭ ‬اتصل‭ ‬الرجل‭ ‬المسافر‭ ‬بجاره‭ ‬يسأله‭: ‬هل‭ ‬لديك‭ ‬أي‭ ‬أخبار‭ ‬عن‭ ‬أمي‭ ‬فأجاب‭ ‬الجار‭: ‬أمك‭ ‬على‭ ‬السقف‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا