العدد : ١٧٢٧٥ - الخميس ١٠ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٧٥ - الخميس ١٠ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

إفريقيا في خريطة التنافس الجيوسياسي: هل نحن أمام استعمار ناعم جديد؟

بقلم: د. مأمون أبو رعد {

الخميس ١٠ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تحوّلت‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬صراع‭ ‬غير‭ ‬معلن‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى،‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬محموم‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬والسيطرة‭ ‬والمصالح‭. ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يشبه‭ ‬الاستعمار‭ ‬التقليدي‭ ‬بجيوشه‭ ‬وأسلاكه‭ ‬الشائكة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أدوات‭ ‬الهيمنة‭ ‬الجديدة‭ ‬أكثر‭ ‬نعومة،‭ ‬وأحيانًا‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭. ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬استعمار‭ ‬ناعم‭ ‬جديد؟‭ ‬أم‭ ‬أمام‭ ‬شراكات‭ ‬دولية‭ ‬متوازنة‭ ‬تسعى‭ ‬لتنمية‭ ‬القارة؟‭ ‬الإجابة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الصين،‭ ‬وروسيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭.‬

الصين‭: ‬التنمية‭ ‬أم‭ ‬الهيمنة‭ ‬بالديون؟

الصين‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الأكبر‭ ‬لمعظم‭ ‬دول‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وأكبر‭ ‬ممول‭ ‬لمشروعات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬وسكك‭ ‬حديدية‭ ‬وموانئ‭ ‬وسدود‭. ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬التنمية‭ ‬المشتركة‮»‬،‭ ‬تضخ‭ ‬بكين‭ ‬المليارات‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬استراتيجية‭ ‬تبدو‭ ‬مغرية‭ ‬لحكومات‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬سريعة‭ ‬لمشاكلها‭ ‬الهيكلية‭.‬

لكنّ‭ ‬هذا‭ ‬الكرم‭ ‬الصيني‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬خفية‭. ‬فالقروض‭ ‬الميسّرة‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الصين‭ ‬تتحوّل‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬ثقيل‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬‮«‬فخ‭ ‬الديون‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تقع‭ ‬فيه‭ ‬بعض‭ ‬الحكومات‭. ‬وعندما‭ ‬تعجز‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬عن‭ ‬السداد،‭ ‬يكون‭ ‬المقابل‭ ‬غالبًا‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬أصول‭ ‬استراتيجية‭ ‬كالموانئ‭ ‬أو‭ ‬مناجم‭ ‬المعادن‭.‬

عسكريًا،‭ ‬للصين‭ ‬وجود‭ ‬محدود‭ ‬لكنه‭ ‬متزايد‭. ‬فقد‭ ‬أنشأت‭ ‬أول‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬لها‭ ‬خارج‭ ‬أراضيها‭ ‬في‭ ‬جيبوتي،‭ ‬وتعزز‭ ‬تعاونها‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬القارة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬بعثات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭. ‬أما‭ ‬ثقافيًا،‭ ‬فتوسعت‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬المعاهد‭ ‬التعليمية‭ ‬والمنح‭ ‬الدراسية،‭ ‬وبدأت‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬نموذجها‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬‮«‬التنمية‭ ‬دون‭ ‬ديمقراطية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يلقى‭ ‬قبولًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الاستقرار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الحريات‭.‬

روسيا‭: ‬العودة‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬الأمن

بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الانكفاء،‭ ‬عادت‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬أفريقيا‭ ‬عبر‭ ‬البوابة‭ ‬الأمنية‭. ‬لم‭ ‬تأتِ‭ ‬بجيوش‭ ‬جرارة،‭ ‬بل‭ ‬بشركات‭ ‬أمنية‭ ‬خاصة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ (‬ثم‭ ‬أفريكا‭ ‬كوربس‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬محل‭ ‬فاجنر‭)‬،‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬الحماية‭ ‬وتدريب‭ ‬الجيوش،‭ ‬مقابل‭ ‬عقود‭ ‬تعدين‭ ‬وتسهيلات‭ ‬اقتصادية‭.‬

روسيا‭ ‬لا‭ ‬تطرح‭ ‬نفسها‭ ‬كشريك‭ ‬تنموي‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬الغرب،‭ ‬بل‭ ‬تعرض‭ ‬الأمن‭ ‬والسيادة‭ ‬بدون‭ ‬شروط‭ ‬سياسية‭. ‬وهذا‭ ‬يجعلها‭ ‬جذابة‭ ‬للأنظمة‭ ‬المهددة‭ ‬بانقلابات‭ ‬أو‭ ‬تمرّدات‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تحصل‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬الذهب‭ ‬واليورانيوم‭ ‬والنفط‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الثقافي،‭ ‬فروسيا‭ ‬توظف‭ ‬الإعلام‭ ‬والمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الثقافية‭ ‬لنشر‭ ‬روايتها‭. ‬تسعى‭ ‬لتقديم‭ ‬نفسها‭ ‬كقوة‭ ‬عالمية‭ ‬تحترم‭ ‬سيادة‭ ‬الدول،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬يُتهم‭ ‬بفرض‭ ‬الأجندات‭ ‬السياسية‭. ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬تلقى‭ ‬صدى‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الإرث‭ ‬الاستعماري‭ ‬وتشعر‭ ‬بالإرهاق‭ ‬من‭ ‬الإملاءات‭ ‬الغربية‭.‬

فرنسا‭: ‬نفوذ‭ ‬متآكل‭ ‬

فرنسا،‭ ‬القوة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬السابقة،‭ ‬تواجه‭ ‬تراجعًا‭ ‬حادًا‭ ‬في‭ ‬نفوذها‭ ‬التقليدي‭ ‬بأفريقيا‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬حتى‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬القوة‭ ‬المهيمنة‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬القارة،‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬وعسكريًا‭ ‬وثقافيًا‭. ‬لكن‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬أجبرت‭ ‬على‭ ‬سحب‭ ‬قواتها‭ ‬من‭ ‬مالي‭ ‬وبوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬والنيجر‭ ‬بعد‭ ‬موجات‭ ‬احتجاج‭ ‬شعبية‭ ‬واتهامات‭ ‬بالتدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭.‬

اقتصاديًا،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الشركات‭ ‬الفرنسية‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاتصالات‭ ‬والطاقة‭ ‬والأسواق‭ ‬الاستهلاكية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العملة‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬دول‭ ‬الفرنك‭ ‬الإفريقي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ترتبط‭ ‬بفرنسا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعتبره‭ ‬البعض‭ ‬رمزًا‭ ‬لتبعية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستمرة‭.‬

ثقافيًا،‭ ‬تروّج‭ ‬فرنسا‭ ‬للفرنكفونية‭ ‬واللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معاهدها‭ ‬ومبادراتها‭ ‬التعليمية،‭ ‬لكنها‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬من‭ ‬لغات‭ ‬وثقافات‭ ‬محلية‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬الصعود،‭ ‬ومن‭ ‬قوى‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬مرونة‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬مثل‭ ‬تركيا‭ ‬وروسيا‭.‬

الولايات‭ ‬المتحدة‭: ‬شراكة‭ ‬مشروطة

تتحرك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬بمنطق‭ ‬مختلف؛‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تنافس‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المباشرة،‭ ‬لكنها‭ ‬تحاول‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬نفوذها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أدوات‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬والمساعدات‭ ‬التنموية‭ ‬والشراكات‭ ‬الأمنية‭.‬

اقتصاديًا،‭ ‬أطلقت‭ ‬واشنطن‭ ‬مبادرات‭ ‬لتشجيع‭ ‬التجارة‭ ‬والاستثمار،‭ ‬لكنها‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تُربط‭ ‬بشروط‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحوكمة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضعف‭ ‬جاذبيتها‭ ‬مقارنة‭ ‬بعروض‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬شروط‮»‬‭ ‬من‭ ‬بكين‭ ‬أو‭ ‬موسكو‭.‬

عسكريًا،‭ ‬تملك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قواعد‭ ‬ومراكز‭ ‬مراقبة‭ ‬استخباراتية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬وغربه،‭ ‬وتدير‭ ‬عمليات‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيّرة‭ ‬وتقدم‭ ‬تدريبات‭ ‬لقوات‭ ‬محلية‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭.‬

أما‭ ‬ثقافيًا،‭ ‬فالتأثير‭ ‬الأميركي‭ ‬لا‭ ‬يُنافس،‭ ‬بفضل‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ومنصات‭ ‬الإعلام‭ ‬والمحتوى‭ ‬الترفيهي‭ ‬ومنح‭ ‬الجامعات‭ ‬المرموقة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النفوذ‭ ‬يلقى‭ ‬انتقادات‭ ‬تتهم‭ ‬واشنطن‭ ‬بممارسة‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير،‭ ‬وفرض‭ ‬قيم‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬دائمًا‭ ‬مع‭ ‬السياق‭ ‬الإفريقي‭.‬

أفريقيا‭ ‬بين‭ ‬المطرقة‭ ‬والسندان

أمام‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التنافس،‭ ‬تبدو‭ ‬أفريقيا‭ ‬وكأنها‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬موقعها‭ ‬التقليدي‭: ‬مسرحًا‭ ‬للتجاذبات‭ ‬الدولية‭. ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬اليوم‭ ‬بنفس‭ ‬الضعف‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬خلال‭ ‬الاستعمار‭ ‬الكلاسيكي‭. ‬فدول‭ ‬عديدة‭ ‬أصبحت‭ ‬تمتلك‭ ‬هامشًا‭ ‬من‭ ‬المناورة،‭ ‬وتلعب‭ ‬على‭ ‬التناقضات‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬لتحسين‭ ‬موقعها‭ ‬التفاوضي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬هشاشة‭ ‬مؤسساتها،‭ ‬وفساد‭ ‬نُخبها،‭ ‬وضعف‭ ‬بنيتها‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬عرضة‭ ‬للوقوع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬التبعية،‭ ‬مهما‭ ‬اختلفت‭ ‬المسميات‭.‬

هل‭ ‬هو‭ ‬استعمار‭ ‬ناعم‭ ‬بالفعل؟

قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬جيوش‭ ‬تحتل‭ ‬العواصم،‭ ‬ولا‭ ‬معاهدات‭ ‬حماية‭ ‬مفروضة،‭ ‬لكنّ‭ ‬السيطرة‭ ‬لا‭ ‬تُقاس‭ ‬فقط‭ ‬بالجنود‭. ‬في‭ ‬عصر‭ ‬العولمة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النفوذ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والثقافي‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬احتلال‭. ‬فعندما‭ ‬تصبح‭ ‬قرارات‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬رهينة‭ ‬لقروض‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬أو‭ ‬حماية‭ ‬أمنية‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬أو‭ ‬إملاءات‭ ‬سياسية‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬يصبح‭ ‬نسبيًا‭.‬

الاستعمار‭ ‬الناعم‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬بصخب،‭ ‬بل‭ ‬يتسلل‭ ‬عبر‭ ‬المشروعات‭ ‬الكبرى،‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬والإعلام،‭ ‬والتعليم،‭ ‬واللغة‭. ‬إنه‭ ‬استعمار‭ ‬بلا‭ ‬مدافع،‭ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أشد‭ ‬وطأة‭.‬

وختامًا،‭ ‬تخوض‭ ‬أفريقيا‭ ‬اليوم‭ ‬معركة‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقلالها‭ ‬الفعلي،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يتغير‭ ‬بسرعة،‭ ‬وتتشابك‭ ‬فيه‭ ‬المصالح‭ ‬والمخاطر‭. ‬والاختبار‭ ‬الحقيقي‭ ‬ليس‭ ‬فيمن‭ ‬يأتي‭ ‬إليها،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬الأفارقة‭ ‬أنفسهم‭ ‬لهذا‭ ‬التنافس‭.‬

تنافس‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬يأخذ‭ ‬اليوم‭ ‬مظهراً‭ ‬مختلفاً‭ ‬عن‭ ‬استعمار‭ ‬الماضي،‭ ‬بتركيزه‭ ‬على‭ ‬أدوات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وأمنية‭ ‬وثقافية‭ ‬ناعمة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬حاضراً‭: ‬هل‭ ‬سيتخطى‭ ‬الأمر‭ ‬مشاركة‭ ‬المصالح‭ ‬والموارد‭ ‬لتتجدد‭ ‬أنماط‭ ‬الاستغلال‭ ‬القاري‭ ‬بعباءة‭ ‬‮«‬نشاط‭ ‬تنموي‭ ‬متبادَل»؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬أفريقيا‭ ‬ستتمكن‭ ‬من‭ ‬رسم‭ ‬‮«‬خريطة‭ ‬تعاون‮»‬‭ ‬تحقق‭ ‬مصالحها‭ ‬قبل‭ ‬مصالح‭ ‬الشركاء؟‭ ‬الوقت‭ ‬وحده‭ ‬كفيل‭ ‬بإظهار‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬تسلكه‭ ‬العلاقات‭. ‬

{‭ ‬أستاذ‭ ‬مساعد‭ ‬بقسم‭ ‬العلوم

الاجتماعية‭ ‬‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا