العدد : ١٧٢٧٣ - الثلاثاء ٠٨ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٧٣ - الثلاثاء ٠٨ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الحزب الديمقراطي الأمريكي ورحلة البحث عن الذات بعد خيبة الانتخابات

بقلم: د. جيمس زغبي {

الاثنين ٠٧ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الهزيمة‭ ‬المريرة‭ ‬التي‭ ‬مُني‭ ‬بها‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬عقد‭ ‬الحزب‭ ‬اجتماعًا‭ ‬للجنة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬لكن‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬أسباب‭ ‬ضعف‭ ‬الأداء‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات،‭ ‬تحول‭ ‬الاجتماع‭ ‬إلى‭ ‬جولة‭ ‬من‭ ‬التهاني‭ ‬الذاتية‭. ‬

‭ ‬لقد‭ ‬راح‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاجتماع‭ ‬يقولون‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬عقدنا‭ ‬أفضل‭ ‬مؤتمر‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.. ‬لقد‭ ‬جمعنا‭ ‬أموالاً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭.. ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬أفضل‭ ‬فريق‭ ‬وأفضل‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وحملة‭ ‬هاريس‭ ‬والحزب‭.‬

عندما‭ ‬رفعت‭ ‬إحدى‭ ‬قيادات‭ ‬الحزب‭ ‬المحترمة‭ ‬يدها‭ ‬مُذكّرةً‭ ‬الجميع‭ ‬بأننا‭ ‬‮«‬خسرنا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات‮»‬،‭ ‬مُشيرةً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬تشريح‭ ‬لفهم‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬فيه،‭ ‬قوبلت‭ ‬فكرتها‭ ‬بسخط‭. ‬‮«‬ماذا‭ ‬تقصدين‭ ‬بـقولك‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬تشريح»؟‭ ‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬أمواتًا‭!‬‮»‬‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬لم‭ ‬يَمُت،‭ ‬لكن‭ ‬أداءه‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2024‭ ‬كان‭ ‬ضعيفًا‭. ‬فقد‭ ‬خسر‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ومجلس‭ ‬الشيوخ‭. ‬وتُظهر‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يُسجّلون‭ ‬أدنى‭ ‬نسبة‭ ‬تأييد‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إنكار‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬التشريح،‭ ‬فقد‭ ‬تضمنت‭ ‬التقارير‭ ‬الصحفية‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬نصائح‭ ‬من‭ ‬‮«‬عملاء‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬للحزب‭ ‬أن‭ ‬يفعله‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتقارير‭ ‬عن‭ ‬دراسات‭ ‬تم‭ ‬تكليفها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كيان‭ ‬حزبي‭ ‬أو‭ ‬آخر‭ ‬لتحليل‭ ‬هزيمة‭ ‬عام‭ ‬2024‭.‬

إن‭ ‬الإجماع‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التحرك‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬الوسط‮»‬‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬الأفكار‭ ‬السياسية‭ ‬الراديكالية‭ ‬أو‭ ‬‮«‬اليسارية‮»‬‭.‬

تكمن‭ ‬مشكلة‭ ‬هذا‭ ‬التقييم‭ ‬في‭ ‬شقين‭. ‬أولاً،‭ ‬معظم‭ ‬العاملين‭ ‬الذين‭ ‬يعلنون‭ ‬رأيهم‭ ‬أو‭ ‬المجموعات‭ ‬المُكلَّفة‭ ‬بإجراء‭ ‬الدراسات‭ (‬التي‭ ‬يُقال‭ ‬إنها‭ ‬كلفت‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭) ‬هم‭ ‬نفس‭ ‬المستشارين‭ ‬الذين‭ ‬تسببوا‭ ‬في‭ ‬الفخ‭ ‬الذي‭ ‬يجد‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬فيه‭ ‬الآن‭. ‬إنهم‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬الناخبين‭ ‬الذين‭ ‬خسروهم‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬فعله‭ ‬لاستعادتهم‭.‬

ثانيًا،‭ ‬تعريفاتهم‭ ‬لـما‭ ‬يقصدون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬‮«‬الوسطي‮»‬‭ ‬و«اليساري‮»‬‭ ‬مُختلقة‭ ‬لتناسب‭ ‬تحيزاتهم‭ ‬الشخصية‭. ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬القول‭: ‬‮«‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬الناخبين‮»‬،‭ ‬وخاصةً‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬حقًا‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬الناخبين‮»‬‭.‬

لسنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬زعم‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستشارون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬يعرفونها‭ ‬بأنها‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬المالية‭/‬الاقتصادية‭ ‬ذات‭ ‬التوجه‭ ‬المحافظ‭ ‬والسياسات‭ ‬الأكثر‭ ‬ميلا‭ ‬إلى‭ ‬الليبرالية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ (‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬كلها‭).‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬موضوع‭ ‬عام‭ ‬لهذا‭ ‬الخليط‭ ‬من‭ ‬الأفكار،‭ ‬وكان‭ ‬المرشحون‭ ‬الذين‭ ‬استمعوا‭ ‬إلى‭ ‬المستشارين‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يربطون‭ ‬أنفسهم‭ ‬بهذه‭ ‬التوجهات‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لجذب‭ ‬الناخبين‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لديهم‭ ‬رسالة‭ ‬متماسكة‭ ‬ومتينة‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬الجمهوريون‭ ‬قبل‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يركزون‭ ‬على‭ ‬شعار‭ ‬ريغان‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬الضرائب‭ ‬وتقليص‭ ‬حجم‭ ‬الحكومة،‭ ‬فإن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬عندما‭ ‬سألهم‭ ‬أحدهم‭ ‬عما‭ ‬يمثلونه،‭ ‬كانوا‭ ‬يقرأون‭ ‬قائمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ (‬حقوق‭ ‬الإنجاب،‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والبيئة،‭ ‬والهجرة،‭ ‬وقوانين‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭) ‬تاركين‭ ‬الأمر‭ ‬للناخبين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬الغابة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأشجار‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬شعار‭ ‬حكومة‭ ‬أصغر‭ ‬حجما‭ ‬وضرائب‭ ‬أقل‭ ‬الذي‭ ‬طرحه‭ ‬الجمهوريون‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التفاوت‭ ‬في‭ ‬الدخل‭ ‬وتهديد‭ ‬الرفاهة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمعظم‭ ‬الناخبين،‭ ‬فقد‭ ‬تجنبوا‭ ‬التفاصيل‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬المسائل‭ ‬وسعوا‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬انتباه‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تضخيم‭ ‬أحد‭ ‬مواقف‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬بشأن‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭.‬

ظل‭ ‬الجمهوريون‭ ‬أيضا‭ ‬يوجهون‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الانتقادات‭: ‬الديمقراطيون‭ ‬يريدون‭ ‬حدودًا‭ ‬مفتوحة‭... ‬الديمقراطيون‭ ‬متساهلون‭ ‬مع‭ ‬الجريمة‭... ‬الديمقراطيون‭ ‬يريدون‭ ‬إلغاء‭ ‬الشرطة‭.... ‬الديمقراطيون‭ ‬يريدون‭ ‬مشاركة‭ ‬الرياضيات‭ ‬المتحولات‭ ‬جنسيا‭ ‬في‭ ‬الرياضات‭ ‬النسائية‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬كان‭ ‬الجمهوريون‭ ‬ينصبون‭ ‬هذه‭ ‬الفخاخ،‭ ‬كان‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬يقعون‭ ‬في‭ ‬الفخ،‭ ‬فيركزون‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬رسالة‭ ‬شاملة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬أغلبية‭ ‬الناخبين‭.‬

قبل‭ ‬خمسة‭ ‬وعشرين‭ ‬عامًا،‭ ‬شاركتُ‭ ‬مع‭ ‬أخي‭ ‬جون‭ ‬زغبي‭ ‬في‭ ‬تأليف‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬ما‭ ‬يفكر‭ ‬به‭ ‬الأمريكيون‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬عرقية‭ ‬حقًا‭. ‬استند‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬استطلاعات‭ ‬رأي‭ ‬أجرتها‭ ‬شركة‭ ‬جون‭ ‬زغبي‭ ‬لقياس‭ ‬المواقف‭ ‬والاتجاهات‭ ‬السياسية‭ ‬للناخبين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المجموعات‭ ‬العرقية‭ ‬الأمريكية‭: ‬الإيطاليون،‭ ‬والعرب،‭ ‬واللاتينيون،‭ ‬والآسيويون،‭ ‬واليهود،‭ ‬والأفارقة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاختلافات‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المجتمعات‭ ‬والجاليات‭ ‬المشمولة‭ ‬بالدراسة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬وجهات‭ ‬نظرهم‭ ‬تقاربت‭ ‬بشأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭.‬

كانت‭ ‬أغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الفئات‭ ‬فخورة‭ ‬بتراثها،‭ ‬وتربطها‭ ‬به‭ ‬روابط‭ ‬عاطفية،‭ ‬ومرتبطة‭ ‬بمدنها‭ ‬الأصلية‭ ‬وروابطها‭ ‬العائلية‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬المهاجرين‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والمولودين‭ ‬فيها‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬حكمة‭ ‬المستشارين،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬دعمت‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬سياسات‭ ‬اقتصادية‭/‬مالية‭ ‬تقدمية‭ ‬وأكدت‭ ‬أهمية‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭. ‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أرادت‭ ‬أغلبية‭ ‬ساحقة،‭ ‬من‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانين‭ ‬إلى‭ ‬منتصف‭ ‬التسعين‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬التأمين‭ ‬الصحي؛‭ ‬ورفع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور؛‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬المتسببين‭ ‬في‭ ‬التلوث؛‭ ‬ومعارضة‭ ‬نظام‭ ‬الضرائب‭ ‬التنازلي؛‭ ‬وتعزيز‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والرعاية‭ ‬الطبية،‭ ‬ودعم‭ ‬التعليم‭ ‬العام‭.‬

كما‭ ‬أرادت‭ ‬أغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬أيضًا‭ ‬بذل‭ ‬إصلاح‭ ‬تمويل‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية؛‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأسلحة؛‭ ‬وفرض‭ ‬حظر‭ ‬أمريكي‭ ‬أحادي‭ ‬الجانب‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬تجارب‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضايا‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فقد‭ ‬عكست‭ ‬آراء‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مجموعة‭ ‬عرقية‭ ‬نهجًا‭ ‬أكثر‭ ‬تنوعًا،‭ ‬حيث‭ ‬أيدت‭ ‬أغلبية‭ ‬ضئيلة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬أغلبية،‭ ‬عقوبة‭ ‬الإعدام،‭ ‬وفرض‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬الإجهاض،‭ ‬وقسائم‭ ‬التعليم،‭ ‬ومعارضة‭ ‬التفضيل‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬التوظيف‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬الوسط‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬اعتدالاً‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وأكثر‭ ‬ليبرالية‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لأن‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬تحظى‭ ‬بدعم‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عشرة‭ ‬ناخبين‭ ‬وتشكل‭ ‬الأساس‭ ‬لبناء‭ ‬حزب‭ ‬أغلبية‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬استبعاد‭ ‬الناخبين‭ ‬ذوي‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬المختلفة‭ ‬حول‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وإذلالهم،‭ ‬ورفض‭ ‬التعامل‭ ‬معهم،‭ ‬يحتاج‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬إلى‭ ‬مناقشة‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬باحترام‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الدرس‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬تعلّمه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬اليسار‭ ‬لا‭ ‬يُعرّف‭ ‬أساسًا‭ ‬بالموقف‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭. ‬فعلى‭ ‬عكس‭ ‬الجمهوريين،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬تعريف‭ ‬أنفسهم‭ ‬كحزب‭ ‬يُدرك‭ ‬الدور‭ ‬الإيجابي‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬ووضع‭ ‬برامج‭ ‬تُوفّر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وفرصًا‭ ‬للأسر‭ ‬العاملة‭ ‬والطبقة‭ ‬المتوسطة‭ - ‬من‭ ‬السود‭ ‬والآسيويين‭ ‬واللاتينيين‭ ‬والبيض‭.‬

وعندما‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬ويسعون‭ ‬إلى‭ ‬معالجتها،‭ ‬فإنهم‭ ‬يفسحون‭ ‬بالتالي‭ ‬المجال‭ ‬للجمهوريين،‭ ‬الذين‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬سياساتهم‭ ‬الرجعية‭ ‬يزعمون‭ ‬الآن‭ ‬أنهم‭ ‬يمثلون‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬بينما‭ ‬يتهمون‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬بأنهم‭ ‬يمثلون‭ ‬النخب‭ ‬فقط‭.‬

هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬التزامهم‭ ‬بمجموعة‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬اعتبرها‭ ‬قادة‭ ‬الحزب‭ ‬أساسيةً‭ ‬لمجتمعنا‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المتنوع،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬كي‭ ‬تعكس‭ ‬هوية‭ ‬الحزب‭.‬

ولكي‭ ‬يفوز‭ ‬الديمقراطيون،‭ ‬يتعين‭ ‬عليهم‭ ‬استعادة‭ ‬تاريخهم‭ ‬كحزب‭ ‬فرانكلين‭ ‬روزفلت،‭ ‬وليندون‭ ‬جونسون،‭ ‬وجو‭ ‬بايدن،‭ ‬وبيرني‭ ‬ساندرز‭.‬

هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬ذلك‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يؤمن‭ ‬بأن‭ ‬للحكومة‭ ‬دورًا‭ ‬تلعبه‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬يد‭ ‬المساعدة،‭ ‬وتوفير‭ ‬احتياجات‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬والطبقة‭ ‬المتوسطة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المجتمعات‭ ‬العرقية‭ ‬والإثنية‭.‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا