العدد : ١٧٣٣١ - الخميس ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣١ - الخميس ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

ماذا يعني استمرار بقاء البرنامج النووي الإيراني؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٧ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

كشفت‭ ‬تقارير‭ ‬استخباراتية‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬وكالات‭ ‬ومنظمات‭ ‬دولية‭ ‬متعددة،‭ ‬أن‭ ‬المزاعم‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬تدمير‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬مشاركة‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬نووية‭ ‬إيرانية‭ ‬في‭ ‬‮«‬نطنز‮»‬،‭ ‬و‮«‬فوردو‮»‬،‭ ‬و«أصفهان‮»‬،‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الأضرار‭ ‬كانت‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يدعي‭ ‬ترامب‭. ‬وأن‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬خبراء‭ ‬غربيون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعافي،‭ ‬ومواصلة‭ ‬مساعيها‭ ‬لامتلاك‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭.‬

ومع‭ ‬اختفاء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬كيلوغرام‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬ماثيو‭ ‬داس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النصر‭ ‬الزائف‮»‬‭ ‬لترامب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬لن‭ ‬يفضي،‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬جلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الحرب‮»‬‭ ‬للمنطقة‭. ‬وأن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مجرد‭ ‬فترة‭ ‬فاصلة‭ ‬بين‭ ‬جولات‭ ‬الصراع‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬سيمون‭ ‬تيسدال‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬سعي‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬أبدية‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬تشمل‭ ‬توريط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وقيام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمهوريين‭ ‬و«الصقور‮»‬‭ ‬المؤيدين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬لفرض‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬طهران؛‭ ‬فإن‭ ‬افتراضات‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬بعودة‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجي‭ ‬أضعف‭ ‬بكثير؛‭ ‬أضحت‭ ‬غير‭ ‬منطقية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قرارها‭ ‬وقف‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬واستئناف‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬النووية‭ ‬بأقصى‭ ‬درجات‭ ‬السرية،‭ ‬وهو‭ ‬السيناريو‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأمريكية،‭ ‬والدفع‭ ‬نحو‭ ‬التصعيد‭ ‬بالمنطقة‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬الهجمات‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬يونيو،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬داس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الضربات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تلتها‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو،‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬وغير‭ ‬فعّالة،‭ ‬وافتقرت‭ ‬إلى‭ ‬الإجماع‭ ‬الدولي‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬تفاخر‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬دمر‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬جيش‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك،‭ ‬ففي‭ ‬الأيام‭ ‬التالية،‭ ‬شككت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التقييمات‭ ‬الأولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء‭. ‬وأقرت‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بأن‭ ‬الهجمات‭ ‬عطّلت‭ ‬قدرات‭ ‬إيران‭ ‬النووية‭ ‬لبضعة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬أيضًا‭ ‬استنتاجات‭ ‬المخابرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تصريح‭ ‬‮«‬رافائيل‭ ‬غروسي‮»‬،‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬بأن‭ ‬الضربات‭ ‬ألحقَت‭ ‬ضررًا‭ ‬جسيمًا‭ ‬بالمنشآت،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تُدمرها‭ ‬بالكامل،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬قد‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬استئناف‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭.‬

وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬أكتون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬لحق‭ ‬بالمنشآت‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬دمار؛‭ ‬فإن‭ ‬طهران‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬مضطرة‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬منشآت‭ ‬التخصيب‭ ‬على‭ ‬نطاقها‭ ‬السابق‮»‬‭ ‬لحيازة‭ ‬سلاح‭ ‬نووي؛‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قدرة‭ ‬‮«‬سلسلة‭ ‬واحدة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬‮«‬إنتاج‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬قنبلة‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬عالي‭ ‬التخصيب‭ ‬بنسبة‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المخصبة‭ ‬بنسبة‭ ‬60%‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬مكانها،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬قصيرة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬دعا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬للمسار‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬محذرين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬فقدان‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬لأدنى‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بأي‭ ‬اتفاق‭ ‬مستقبلي،‭ ‬يدفعها‭ ‬الى‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬والسعي‭ ‬لامتلاك‭ ‬قدرة‭ ‬ردع‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭. ‬وهي‭ ‬نتيجة‭ ‬أقر‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬مسبقًا‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬سيواصل‭ ‬توجيه‭ ‬ضربات‭ ‬إضافية‮»‬،‭ ‬بلا‭ ‬تردد‭ ‬لمنع‭ ‬تحققها‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أقر‭ ‬‮«‬بريت‭ ‬ماكغورك‮»‬،‭ ‬منسق‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لشؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬لواشنطن‭ ‬لاستعراض‭ ‬النصر‮»‬،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحويل‭ ‬ما‭ ‬سُمّي‭ ‬بـ«المكاسب‭ ‬العسكرية‭ ‬التكتيكية‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نجاح‭ ‬استراتيجي‮»‬،‭ ‬يتطلب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬اتفاق‭ ‬دبلوماسي‮»‬‭ ‬معها‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬ألفونيه‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬لم‭ ‬تُهزم‭ ‬كما‭ ‬تزعم‭ ‬واشنطن،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬لحق‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬خسائر،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنها‭ ‬حين‭ ‬تُواجه‭ ‬بما‭ ‬وصفه‭ ‬بـ«المعضلة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأساسية‮»‬‭ ‬بين‭ ‬الرضوخ‭ ‬للمطالب‭ ‬المتعلقة‭ ‬ببرنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬أو‭ ‬مواصلة‭ ‬السعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكافؤ‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬عبر‭ ‬امتلاك‭ ‬سلاح‭ ‬نووي؛‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬ترجّح‭ ‬اختيارها‭ ‬الخيار‭ ‬الثاني،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬بدائل‭ ‬حقيقية‭ ‬أمامها‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأي‭ ‬مفاوضات‭ ‬مستقبلية،‭ ‬فبينما‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬ماكغورك‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬المذكور‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يتبادل‭ ‬مستوى‭ ‬معينًا‭ ‬من‭ ‬تخفيف‭ ‬العقوبات‭ ‬والدعم‭ ‬الدولي‭ ‬لبرنامج‭ ‬نووي‭ ‬سلمي‮»‬؛‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬نفس‭ ‬شروط‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لعام‭ ‬2015‮»‬‭ ‬التي‭ ‬انسحب‭ ‬منها‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬2018،‭ ‬وأضاف‭ ‬‮«‬داس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المطالب‭ ‬الجديدة‭ ‬لإيران‭ ‬بخفض‭ ‬تخصيبها‭ ‬النووي‭ ‬إلى‭ ‬الصفر،‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬مسمار‭ ‬جحا»؛‭ ‬‮«‬دُق‭ ‬خصيصًا‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إبقاء‭ ‬الباب‭ ‬مفتوحًا‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬العسكرية‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬برونوين‭ ‬مادوكس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مراقبين‭ ‬غربيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬ستعمد‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‮»‬،‭ ‬بغرض‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬قدراتها‭ ‬النووية‭ ‬بشكل‭ ‬سري‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬دولي‭ ‬أوسع،‭ ‬أثارت‭ ‬‮«‬إيرين‭ ‬دي‭ ‬دومباتشر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬تأثير‭ ‬التجربة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬برامج‭ ‬نووية‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬لأغراض‭ ‬مدنية،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬‮«‬قد‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الذي‭ ‬سلكته‭ ‬إيران‮»‬،‭ ‬خشية‭ ‬التعرض‭ ‬لـ«رد‭ ‬عسكري‭ ‬انتقامي‮»‬،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مخرجات‭ ‬التفاوض،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.‬

وفي‭ ‬ندوة‭ ‬نظمها‭ ‬مؤخرا‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬تحدث‭ ‬السفير‭ ‬البريطاني‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬إيران،‭ ‬‮«‬نيكولاس‭ ‬هوبتون‮»‬،‭ ‬قائلاً‭: ‬إن‭ ‬‮«‬الوقت‭ ‬سيمضي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬تعليق‭ ‬رسمي‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬تدهور‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬انتقاد‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬للوكالة‭ ‬لعدم‭ ‬إدانتها‭ ‬بشكل‭ ‬كافٍ‭ ‬للهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأمريكية،‭ ‬وادعائها‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كاميرات‭ ‬مراقبة‭ ‬تابعة‭ ‬للوكالة؛‭ ‬فإن‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬معاهدة‭ ‬حظر‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬ووقف‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬الوكالة،‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬تعتيم‭ ‬المشهد‭ ‬بشأن‭ ‬تطورات‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭. ‬وحذّرت‭ ‬‮«‬نيكول‭ ‬جرايفسكي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬‮«‬سيفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬ضربات‭ ‬استباقية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬جديدة‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬استمرار‭ ‬دورة‭ ‬التصعيد‮»‬‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وبالنسبة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬افترضت‭ ‬‮«‬مادوكس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬يسعى‭ ‬‮«‬لتفادي‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاشتباك‭ ‬العسكري‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يدعم‭ ‬المفاوضات،‭ ‬إذا‭ ‬أظهرت‭ ‬إيران‭ ‬استعدادها‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬‮«‬داس‮»‬،‭ ‬ندد‭ ‬بموقف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬طالما‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬بوسعه‭ ‬حل‭ ‬مشكلاته‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬زر‭ ‬القنبلة،‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬شعر‭ ‬بالإحباط‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬المحادثات‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يمهد‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬مستقبل‭ ‬مليء‭ ‬بالحروب‭ ‬المستمرة‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬كوينيبياك‮»‬،‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يعارضون‭ ‬مشاركة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬‭ ‬إذ‭ ‬أعرب‭ ‬نحو‭ ‬80%‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬قلقهم‭ ‬من‭ ‬انجرار‭ ‬بلادهم‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يطلق‭ ‬تصريحات‭ ‬عدائية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬ومرشدها‭ ‬الأعلى،‭ ‬زاعمًا‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬‮«‬تعرف‭ ‬موقعه‭ ‬السري‭ ‬بدقة‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يوحي‭ ‬بأنه‭ ‬قد‭ ‬يقرر‭ ‬استهدافه‭ ‬هو‭ ‬وبقية‭ ‬القادة‭ ‬الإيرانيين‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬فقد‭ ‬وثقت‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬بيانات‭ ‬مواقع‭ ‬وأحداث‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬35,000‭ ‬هجوم‭ ‬إسرائيلي‭ ‬بين‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬ويونيو‭ ‬2025،‭ ‬استهدفت‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬ولبنان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬وإيران،‭ ‬واليمن،‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬وصلت‭ ‬مداها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬كيلومتر‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬تيسدال‮»‬،‭ ‬قائلاً‭: ‬إنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬المتطرفة‭ ‬قد‭ ‬انتهوا‭ ‬من‭ ‬القتال‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬داس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقناع‭ ‬ترامب‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬يأمل‭ ‬في‭ ‬جرّ‭ ‬واشنطن‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬طويل‭ ‬الأمد،‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالنظام‭ ‬الإيراني‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يرضى‭ ‬بضربة‭ ‬واحدة‭ ‬يعقبها‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬‮«‬تيسدال‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬سعيها‭ ‬المعلن‭ ‬لتدمير‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬بالقوة‭ ‬‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إبقاء‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬ضعيفة‭ ‬ومنقسمة‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬تدهور‭ ‬دائم‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬لمصالحها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬ويمكن‭ ‬معاقبتها‭ ‬متى‭ ‬شاءت‮»‬‭. ‬وطالما‭ ‬ظلت‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬متمسكًة‭ ‬بالتحدي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الهجمات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية،‭ ‬وعازمة‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬العسكري؛‭ ‬فإن‭ ‬احتمالات‭ ‬شن‭ ‬نتنياهو‭ ‬هجمات‭ ‬جديدة‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬ستظل‭ ‬‮«‬قائمة‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬الأضرار‭ ‬الحالية‭ ‬والتهديدات‭ ‬المتواصلة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أقرت‭ ‬‮«‬مادوكس‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬لديها‭ ‬اليوم‭ ‬‮«‬دافع‭ ‬إضافي‭ ‬لإحياء‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬باعتباره‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لفرض‭ ‬الردع‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬خارجي‭. ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬تدعيه‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تملك‭ ‬الوسائل‭ ‬اللازمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‮»‬‭. ‬وأنها‭ ‬‮«‬ستتبنى‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬استراتيجية‭ ‬ترسيخ‮»‬،‭ ‬ستسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬التجسس،‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬قاعدتها‭ ‬الصناعية‭ ‬الدفاعية‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محاولة‭ ‬تحقيق‭ ‬تكافؤ‭ ‬استراتيجي‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬دعا‭ ‬‮«‬دومباتشر‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تبقى‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬الوحيد‭ ‬القابل‭ ‬للتطبيق‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬حث‭ ‬‮«‬داس‮»‬،‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬على‭ ‬‮«‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المسار‭ ‬الدبلوماسي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬عطّله‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬مؤشرات‭ ‬من‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬نية‭ ‬جدية‭ ‬لاستئناف‭ ‬التفاوض؛‭ ‬فإن‭ ‬خطر‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬يزداد‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا