زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
في مدح وقدح الفول
قلت في حق الفول ما لم يقله مالك في الخمر، ثم قلت فيه ما لم يقله قيس في ليلى، وكثيرا ما كتبت عن «الأعراض الجانبية side effects» التي يتسبب فيها تعاطي الفول عمدا. وحقيقة الأمر هي أنه لولا الفول لكان أبو الجعافر في ذمة الله، ولكان أهلي يذكرون محاسني طوال الثلاثين سنة الماضية على الأقل، فقد فطمتني أمي على الفول بل ورضعت ماء الفول مع حليب أمي، والسوداني «قد ينسى المسيء المفتري والمحسنا/ والماء والحسناء والوتر المرنّح بالغنا/ ومرارة الفقر المذلّ، بلى، ولذات الغنى/ لكنه مهما سلا هيهات يسلو «الفولنا». وهذه الكلمة الأخيرة المقصود بها «الفول» وقد اقتضت ضرورة عدم العبث بقافية البيت الشعري لإيليا أبو ماضي في رائعته «وطن النجوم»، إضافة «نا» في آخرها. باختصار فقد ظل الفول عنصرا ثابتا في حياتي، رغم انني اعرف انه مخدر حميد لأنه يسبب لي النعاس فور أكله، وياما ضربوني في المدرسة لأنني نمت خلال الحصة الثالثة لأنني فطرت بالفول في الفسحة التي تعقب الحصة الثانية، وأعرف ايضا انه ينبغي لمن يأكل الفول ان يبتعد عن الناس طلبا للستر وحماية للبيئة، الى ان يهدأ مصرانه الفظ الغليظ الذي يصاب بحالة هيجان، ويتقمص دور شرطة مكافحة الشغب فيطلق الغازات على بقية اعضاء الجهاز الهضمي، بل ويضغط على الرئة فيوهم «المتفوِّل» اي من أكل الفول بأنه يعاني من مرض القلب، وبالنسبة لأبناء جيلي من السودانيين فإن العدس يحتل المرتبة الثانية بعد الفول في قائمة الأطعمة المفضلة، لأن الحكومة كانت تطعمنا فولا وعدسا طوال مراحل الدراسة في الفطور والعشاء – عندما كانت لدينا حكومات قادرة على إعاشة المواطنين- والمعروف عن العدس انه من فصيلة الخرسانة، فإذا هبط في البطن تحس بأنك تحمل جنينا في شهره السابع، ويعني هذا أن من يأكل العدس لا يحس بالجوع مدة 18 ساعة!! وأذكر انني وعلى عهد الدراسة في جامعة الخرطوم - وكانت على أيامنا توأم كيمبريدج فعلا لا مجازا - كنت على استعداد للتضحية بثلاث محاضرات حتى لا تفوتني وجبة الغداء يوم الأربعاء، لأنه كان يوم الفاصوليا البيضاء تعقبه تحلية بالباسطة، وهي ما يسميها غيرنا «بقلاوة»، وبداهة فإن قولوني الذي نال به العديد من الاطباء درجات علمية رفيعة من دراسته، لا يتحمل الفاصوليا لأنها تسبب له اشياء استحي أن أذكرها، ولكنني اتوكل على الله واتعاطى الفاصوليا بنهم ثم اتناول بضعة اقراص من الدسبتالين او الأساكول لأطيب خاطر قولوني كي لا يفضحني!
والفول والعدس والفاصوليا تنتمي الى البقوليات، وقد أكدت بحوث علمية على نحو قاطع ان تناول البقوليات يكسب الانسان مناعة ضد مرض الزهايمر، ومن أخطر علامات هذا المرض الخرف والعته وفقدان الذاكرة، ولأنني اتعاطى البقوليات بكميات تجارية، فان هذا يفسر لماذا تخلو مقالاتي من التخاريف وتبدو في منتهى الرصانة والتعقل، (ولو كره الكارهون)!! فعليكم بالفول واخواته لأنه يقلل من تركيزات مادة الهوموسيستين في الجسم ويكفل بذلك الحصانة ضد الزهايمر! ويقال ان رجلا امريكيا ذهب بزوجته الى الطبيب، لأنها تعاني من أعراض غريبة، وشك الطبيب في أنها مصابة إما بالإيدز أو الخرف وفقدان الذاكرة الناجم عن متلازمة الزهايمر، فانتحى بالزوج جانبا وقال له: خذها الى مكان يقع خارج المدينة واتركها هناك، وإذا تمكنت من العودة الى البيت فاهجرها في الفراش!!
مساكين الغربيون لا يعرفون سر الفول ويطعمونه لحصينهم، ويفسر هذا لماذا لديهم حصين جميلة وتعرف واجباتها، بينما قادة بلد مثل امريكا مصابون بالخرف واختلال الذاكرة ولا يتعلمون من اخطاء أسلافهم شيئا.. ويا ما نصحت الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش: عليك بالفول يا بشبش، لأن في اجتماع الفول بـ«الفول» fool محصلة ايجابية، لأن «ناقص ناقص» يساوي «زائد». ولكنه تجاهل الفول المدمس وبقي فولا كبيرا big fool.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك