العدد : ١٧٢٦٧ - الأربعاء ٠٢ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٧ - الأربعاء ٠٢ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

هل نجحت «واشنطن» في تدمير المشروع النووي الإيراني؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٠٢ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

تشير‭ ‬الشكوك‭ ‬المحيطة‭ ‬بادعاء‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬تدمير‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تملك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أشهر‭. ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬انخراط‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬عبر‭ ‬شنّ‭ ‬غارات‭ ‬جوية‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو‭ ‬2025‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية،‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬نحو‭ ‬حافة‭ ‬تصعيد‭ ‬خطير‭. ‬وبرّر‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬باعتبارها‭ ‬ضربة‭ ‬‮«‬ساحقة‮»‬؛‭ ‬أنهت‭ ‬سعي‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يرى‭ ‬خبراء‭ ‬غربيون،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬برايان‭ ‬كاتوليس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المبكر‭ ‬تحديد‭ ‬مدى‭ ‬الضرر‭ ‬الفعلي‭ ‬الذي‭ ‬أحدثته‭ ‬الضربات،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬أو‭ ‬الطويل‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬يتردد‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الادعاء‭ ‬بأن‭ ‬منشآت‭ ‬التخصيب‭ ‬الإيرانية،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬دُمّرت‭ ‬بالكامل‮»‬‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الثقة‭ ‬لم‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬تقييم‭ ‬استخباراتي،‭ ‬سُرب‭ ‬لاحقًا‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬استخبارات‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬أفاد‭ ‬بأن‭ ‬الضربات‭ ‬لم‭ ‬تُدمر‭ ‬المكونات‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمواقع‭ ‬النووية،‭ ‬بل‭ ‬أخّرت‭ ‬مسارها‭ ‬نحو‭ ‬إنتاج‭ ‬سلاح‭ ‬نووي،‭ ‬لبضعة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭. ‬ورغم‭ ‬نفي‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬لهذا‭ ‬التقييم،‭ ‬وبأنه‭ ‬‮«‬خاطئ‭ ‬تمامًا‮»‬،‭ ‬و«صادر‭ ‬عن‭ ‬شخص‭ ‬غير‭ ‬مهم»؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬يشير‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يُدمَّر،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائمًا‮»‬،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مُصابًا‭ ‬بانتكاسات‭ ‬كبيرة‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬كينيث‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬الضربات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬التزاماتها‭ ‬النووية‭. ‬وبينما‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬هوارد‭ ‬فرينش‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬كولومبيا‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تصور‭ ‬أنها‭ ‬ستتخلى‭ ‬طوعًا‭ ‬عن‭ ‬طموحاتها‭ ‬النووية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬الهجوم؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ماكس‭ ‬بوت‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬يبرهن‭ ‬أن‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤخر‭ ‬التخصيب،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬توقفه،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وحدها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬البرنامج‭ ‬الإيراني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تصرفات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬قوضته‭ ‬تمامًا‭.‬

ومع‭ ‬الهجوم‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬‮«‬نطنز‮»‬،‭ ‬و«فوردو‮»‬،‭ ‬و«أصفهان‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬حمل‭ ‬الاسم‭ ‬الرمزي‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬مطرقة‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‮»‬،‭ ‬وشمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬125‭ ‬طائرة‭ ‬عسكرية،‭ ‬و14‭ ‬قنبلة‭ ‬خارقة‭ ‬للتحصينات،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربًا‭ ‬أن‭ ‬يُعلن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬العملية‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬ناجحة‭ ‬عسكريًا‮»‬،‭ ‬ملوّحًا‭ ‬باستهدافات‭ ‬إضافية‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تتراجع‭ ‬إيران‭. ‬وبينما‭ ‬سارع‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬هيجسيث‮»‬‭ - ‬وغيره‭ ‬إلى‭ ‬الإشادة‭ ‬بما‭ ‬وصفوه‭ ‬بـ«النجاح‭ ‬الكبير‮»‬،‭ ‬أبدت‭ ‬القيادات‭ ‬العسكرية‭ ‬العليا‭ ‬حذرًا‭ ‬في‭ ‬تقييمها،‭ ‬حيث‭ ‬صرح‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬المشتركة‮»‬،‭ ‬الجنرال‭ ‬‮«‬دان‭ ‬كين‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬الضربات‭ ‬حققت‭ ‬هدفها‭ ‬بإلحاق‭ ‬‮«‬تدهور‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬بالقدرات‭ ‬النووية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬امتنع‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬تفاصيل‭ ‬دقيقة،‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬تقييم‭ ‬الأضرار‭ ‬‮«‬سيحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‮»‬‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬فرينش‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يتباهى‭ ‬به‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬المسرّب‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬استخبارات‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يونيو،‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لم‭ ‬تتعرض‭ ‬لتعطيل‭ ‬شامل‭. ‬وبيّن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مخزونها‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬لم‭ ‬يُدمَّر‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬عددًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬بقي‭ ‬‮«‬سليمًا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‮»‬‭. ‬وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الغارات‭ ‬أغلقت‭ ‬مداخل‭ ‬منشأتين‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬انهيار‭ ‬بناياتهما‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭. ‬ووفقًا‭ ‬لتقديرات‭ ‬استخباراتية‭ ‬أمريكية،‭ ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬قبل‭ ‬الضربة‭ ‬على‭ ‬بُعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬كمية‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬لصنع‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الغارات‭ ‬لم‭ ‬تؤخر‭ ‬هذا‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬سوى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬مفاجئة‭ ‬للمراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬الذين‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬حذروا‭ ‬من‭ ‬محدودية‭ ‬وجدوى‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭. ‬واعتبر‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬كورتزر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬برينستون‮»‬،‭ ‬و«ستيفن‭ ‬سيمون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬كلية‭ ‬دارتموث‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬المباشر‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تصعيد‭ ‬كارثي‮»‬،‭ ‬و‮«‬يقضي‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬التفاوض‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ريتشارد‭ ‬نيفيو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القصف‭ ‬الأمريكي‭ ‬لن‭ ‬يمنعها‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬التخصيب‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬سرية‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭.‬

ولم‭ ‬يغب‭ ‬عن‭ ‬النقاش‭ ‬مسألة‭ ‬نقل‭ ‬إيران‭ ‬لمخزونها‭ ‬النووي‭. ‬ورجّح‭ ‬محللون‭ ‬أنها‭ ‬عمدت‭ ‬بعد‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأولى‭ ‬يوم‭ ‬13‭ ‬يونيو،‭ ‬إلى‭ ‬تحريك‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬مخزونها‭ ‬عالي‭ ‬التخصيب،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تأمين‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬الحديثة‭. ‬وصرّح‭ ‬‮«‬رافائيل‭ ‬غروسي‮»‬،‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الوكالة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬كمية،‭ ‬أو‭ ‬موقع‭ ‬مخزون‭ ‬إيران‭ ‬البالغ‭ ‬400‭ ‬كيلوجرام‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬بنسبة‭ ‬60%‭. ‬كما‭ ‬أقر‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬جيه‭ ‬دي‭ ‬فانس‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬أين‭ ‬توجد‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬حاليًا‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬الخبرات‭ ‬الفنية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬فقد‭ ‬شددت‭ ‬‮«‬برونوين‭ ‬مادوكس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تدمير‭ ‬20‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬النووية‭ ‬بغارة‭ ‬جوية‭ ‬واحدة‭. ‬فيما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بولاك‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بإمكانية‭ ‬إعادة‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الجهل‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬الضربات‭ ‬هو‭ ‬‮«‬وهم‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬منشآت‭ ‬وأجهزة‭ ‬احتياطية‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬غير‭ ‬معلنة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬منشأة‭ ‬سرية‭ ‬جديدة‭ ‬أعلنتها‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬الهجمات‭. ‬ويُجمع‭ ‬الخبراء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العلماء‭ ‬الإيرانيين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يحتفظون‭ ‬بكل‭ ‬المعرفة‭ ‬اللازمة‭ ‬لتصنيع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭.‬

ورغم‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يتراجع‭ ‬عن‭ ‬مزاعمه،‭ ‬بل‭ ‬واصل‭ ‬عبر‭ ‬منصته‭ ‬‮«‬تروث‭ ‬سوشيال‮»‬‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬الضربات‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬من‭ ‬أنجح‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‮»‬،‭ ‬مدعيًا‭ ‬أن‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬‮«‬دُمّرت‭ ‬بالكامل‮»‬‭. ‬واعتبرت‭ ‬المتحدثة‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬المسرّب‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬ملفق،‭ ‬وقالت‭ ‬إن‭ ‬استخدام‭ ‬14‭ ‬قنبلة‭ ‬زنة‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬رطل‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أنه‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬إبادة‭ ‬كاملة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬اتهم‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع،‭ ‬تقارير‭ ‬وكالته‭ ‬أنها‭ ‬متأثرة‭ ‬باعتبارات‭ ‬سياسية،‭ ‬وهاجم‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬فشل‭ ‬الضربات،‭ ‬واصفًا‭ ‬إياها‭ ‬بـ‮«‬الأخبار‭ ‬الكاذبة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الحقائق‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬المتاحة‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الضربات‭ -‬رغم‭ ‬قوتها‭ ‬التدميرية‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬التام‭ ‬على‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬نقله‭ ‬‮«‬باراك‭ ‬رافيد‮»‬،‭ ‬و«زاكاري‭ ‬باسو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أكسيوس‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬النتيجة‭ ‬ذاتها،‭ ‬ووصفت‭ ‬الأضرار‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬كبيرة‭ ‬جدًا‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬حاسمة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬صرح‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬أولبرايت‮»‬،‭ ‬خبير‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬ومؤسس‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬العلوم‭ ‬والأمن‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬ستتطلب‭ ‬وقتًا‭ ‬وجهدًا‭ ‬هائلين»؛‭ ‬لكنها‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬مستحيلة‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬المراقبة‭ ‬المشددة‭. ‬وأكد‭ ‬‮«‬نيفيو‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬نهاية‭ ‬القصة‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬يُحتمل‭ ‬أن‭ ‬تتبعها‭ ‬عمليات‭ ‬أخرى؛‭ ‬مما‭ ‬ينذر‭ ‬بتكرار‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬بوت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التاريخ‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬عمليًا‭ ‬إنهاء‭ ‬برنامج‭ ‬نووي‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬الجوية‭ ‬وحدها‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغزو‭ ‬البري‭ ‬وهو‭ ‬خيار‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬فيه‭ ‬أحد‮»‬‭ ‬‭ ‬هو‭ ‬البديل‭ ‬الوحيد،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬الحل‭ ‬الواقعي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬‮«‬اتفاق‭ ‬دولي‭ ‬ملزم‭ ‬مثل‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لعام‭ ‬2015‮»‬‭. ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬من‭ ‬عيوب،‭ ‬فإنه‭ ‬كان‭ ‬سيؤخر‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭ ‬15‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬يفوق‭ ‬بكثير‭ ‬التأخير‭ ‬الزمني‭ ‬القصير‭ ‬الذي‭ ‬أحدثته‭ ‬الضربات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقديرات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭.‬

ورغم‭ ‬محاولة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬تشبيه‭ ‬عمليته‭ ‬العسكرية،‭ ‬بضربات‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لليابان‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النتيجة‭ ‬كانت‭ ‬انهيار‭ ‬الثقة‭ ‬المتبقية‭ ‬بين‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬و«واشنطن‮»‬‭. ‬وكشف‭ ‬‮«‬فرينش‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬يعلم‭ ‬مسبقًا‭ ‬بنية‭ ‬إسرائيل‭ ‬شنّ‭ ‬هجوم‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬يونيو،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬دعا‭ ‬علنًا‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬خداعًا‭ ‬صريحًا؛‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬شيء‭ ‬حاسم‭ ‬تحقق‮»‬‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أو‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الميزة‭ ‬الكبرى‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الرقابة‭ ‬والتفتيش‭ ‬قد‭ ‬فُقدت‭ ‬تمامًا‭ ‬نتيجة‭ ‬لذلك‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬كاتوليس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬يتطلب‭ ‬‮«‬أهدافًا‭ ‬واضحة،‭ ‬وفهمًا‭ ‬معمقًا‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬على‭ ‬الأرض‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬أمور‭ ‬تفتقر‭ ‬إليها‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬خلص‭ ‬‮«‬بولاك‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأكاذيب‭ ‬المتكررة،‭ ‬والاستعراض‭ ‬المفرط‮»‬،‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لا‭ ‬تُقوض‭ ‬فقط‭ ‬مصداقية‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض؛‭ ‬بل‭ ‬تمنح‭ ‬إيران،‭ ‬‮«‬مبررًا‭ ‬قويًا‮»‬،‭ ‬لمواصلة‭ ‬طريقها‭ ‬نحو‭ ‬امتلاك‭ ‬سلاح‭ ‬نووي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تعتبره‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لمنع‭ ‬أمريكا،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬مهاجمتها‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا