العدد : ١٧٢٦٦ - الثلاثاء ٠١ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٦ - الثلاثاء ٠١ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

رحلة الطالب من المدرسة... إلى الجامعة

بقلم: د. فاطمة المالكي

الثلاثاء ٠١ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬عندما‭ ‬أُعلنت‭ ‬نتائج‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة،‭ ‬وجدتُ‭ ‬نفسي‭ ‬أعود‭ ‬بالذاكرة،‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬كنتُ‭ ‬أنتظره‭ ‬بقلق‭ ‬وترقب،‭ ‬كانت‭ ‬لحظة‭ ‬مشحونة‭ ‬بمشاعر‭ ‬مختلطة‭: ‬فرح،‭ ‬ارتباك،‭ ‬تساؤلات،‭ ‬وخوفٌ‭ ‬من‭ ‬القادم‭. ‬كنت‭ ‬قلقة‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬عنها‭ ‬الكثير،‭ ‬إنها‭ ‬مرحلة‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة،‭ ‬تلك‭ ‬النقلة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬تعليمية‭ ‬بحتة،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬تحول‭ ‬جوهري‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الفرد‭.‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة،‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬النوم‭. ‬كانت‭ ‬عيني‭ ‬معلقة‭ ‬بسقف‭ ‬الغرفة،‭ ‬وذهني‭ ‬يطوف‭ ‬في‭ ‬دوائر‭ ‬مغلقة،‭ ‬رغم‭ ‬فرحتي‭ ‬بالنجاح،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬التهاني‭ ‬التي‭ ‬انهالت‭ ‬عليّ،‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬أن‭ ‬أتجاهل‭ ‬ذلك‭ ‬الشعور‭ ‬العميق‭ ‬بالغموض،‭ ‬شعور‭ ‬كأنني‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬القفز‭ ‬في‭ ‬حفره‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬عمقها،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬خائفة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تمثله‭ ‬الجامعة‭ ‬من‭: ‬المسؤولية،‭ ‬الحرية،‭ ‬الغربة‭ ‬النفسية،‭ ‬حينها‭ ‬تخيلتُ‭ ‬الجامعة‭ ‬مدينة‭ ‬ضخمة،‭ ‬أدخلها‭ ‬وحدي‭ ‬دون‭ ‬خريطة،‭ ‬دون‭ ‬دليل،‭ ‬دون‭ ‬مرشد‭ ‬يأخذ‭ ‬بيدي،‭ ‬تخيلتُ‭ ‬أنني‭ ‬أستعد‭ ‬لرحلة‭ ‬سفر‭ ‬طويلة‭ ‬قد‭ ‬تمتد‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬إنها‭ ‬ليست‭ ‬رحلة‭ ‬سياحية‭ ‬قصيرة،‭ ‬ولا‭ ‬مغامرة‭ ‬عابرة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬انتقال‭ ‬كامل‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬جديدة،‭ ‬إلى‭ ‬بلدٍ‭ ‬جديدٍ‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬لغته‭ ‬ولا‭ ‬ثقافته،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬أحمله‭ ‬حقيبةً‭ ‬ممتلئةً‭ ‬بالأسئلة‭ ‬الغامضة‭.‬

‭ ‬أن‭ ‬الرحلة‭ ‬قادمة‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬فكلما‭ ‬اقترب‭ ‬موعد‭ ‬الرحلة،‭ ‬ازداد‭ ‬القلق‭ ‬والتوتر،‭ ‬فلا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬أُجهز‭ ‬جواز‭ ‬سفري‭ ‬أو‭ ‬أُحجز‭ ‬التذكرة،‭ ‬وإنما‭ ‬أنا‭ ‬مطالبة‭ ‬بالاستعداد‭ ‬لها‭ ‬نفسيًّا،‭ ‬بتعبئة‭ ‬حقيبة‭ ‬الوعي‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬حقيبة‭ ‬سفر،‭ ‬بقراءة‭ ‬كتيّبات‭ ‬الوجهة،‭ ‬وفهم‭ ‬ثقافتها،‭ ‬والتمرّن‭ ‬على‭ ‬لغتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬ومعرفة‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تحكمها،‭ ‬والعادات‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬فيها،‭ ‬لذا‭ ‬كنتُ‭ ‬أسأل‭ ‬نفسي‭ ‬كيف‭ ‬سيكون‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬دراسي؟‭ ‬هل‭ ‬سأستطيع‭ ‬أن‭ ‬أتعرف‭ ‬على‭ ‬أصدقاء‭ ‬جدد؟‭ ‬هل‭ ‬سيفهمني‭ ‬الأساتذة؟‭ ‬هل‭ ‬سأكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إثبات‭ ‬نفسي؟‭ ‬كيف‭ ‬سأتصرف‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬المفاجئة؟‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬تهت‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي،‭ ‬لا‭ ‬جسدًا،‭ ‬بل‭ ‬ذهنا؟‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬فشلت؟‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬هواجس‭ ‬عابرة،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬صوتًا‭ ‬داخليًا‭ ‬يرافقني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة،‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬هشاشة‭ ‬الطالب‭ ‬المقبل‭ ‬على‭ ‬نقطة‭ ‬تحوّل،‭ ‬كأنه‭ ‬يختبر‭ ‬استعدادي‭ ‬لهذه‭ ‬الرحلة‭ ‬الجديدة‭. ‬كنتُ‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬وحيدة،‭ ‬سأذهب‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬عالم‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬شيء،‭ ‬تذكرتُ‭ ‬حينها‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬المدرسة‭ ‬حضنًا‭ ‬دافئًا،‭ ‬محاطة‭ ‬بأسرة‭ ‬تعليمية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬لي‭ ‬بالضياع،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فيها‭ ‬آمنً،‭ ‬مرتب،‭ ‬مألوف،‭ ‬ذلك‭ ‬الوطن‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬يعرفني‭ ‬وأعرفه‭. ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬واضحًا،‭ ‬من‭ ‬صوت‭ ‬الجرس‭ ‬إلى‭ ‬ملامح‭ ‬المعلمين،‭ ‬من‭ ‬الجدول‭ ‬اليومي‭ ‬إلى‭ ‬دفتر‭ ‬الواجبات‭. ‬كنتُ‭ ‬أعلم‭ ‬تمامًا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬مني،‭ ‬متى‭ ‬أذهب‭ ‬ومتى‭ ‬أعود،‭ ‬المعلم‭ ‬يعرف‭ ‬اسمي،‭ ‬يلاحظ‭ ‬غيابي،‭ ‬يهتم‭ ‬إن‭ ‬تغير‭ ‬مزاجي،‭ ‬يتواصل‭ ‬مع‭ ‬أسرتي‭ ‬إذا‭ ‬لاحظ‭ ‬أي‭ ‬خلل‭. ‬

لكن‭ ‬في‭ ‬الجامعة؟‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرفني‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬ينتبه‭ ‬لي‭ ‬إن‭ ‬جلست‭ ‬في‭ ‬الخلف‭ ‬صامتة‭. ‬كانت‭ ‬حرية‭ ‬الجامعة،‭ ‬في‭ ‬بدايتها‭ ‬عبئًا‭ ‬ثقيلًا‭ ‬على‭ ‬كتفيّ،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬معتادة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحرية،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعلم‭ ‬كيف‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬جدول‭ ‬محاضرات‭ ‬مفتوح،‭ ‬مع‭ ‬محاضرين‭ ‬لا‭ ‬يعرفونني،‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬يتوقع‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أفهمه‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسي،‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬مطالبة‭ ‬بأن‭ ‬أكون‭ ‬راشدة‭ ‬بالكامل،‭ ‬أن‭ ‬أختار‭ ‬وأن‭ ‬أقرر،‭ ‬وأن‭ ‬أتحمل‭ ‬نتيجة‭ ‬اختياراتي،‭ ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬من‭ ‬أكون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الجديد؟‭ ‬مجرد‭ ‬رقم‭ ‬بين‭ ‬آلاف‭ ‬الطلبة،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬بدا‭ ‬أكبر‭ ‬منّي،‭ ‬والمباني‭ ‬العديدة،‭ ‬والقاعات‭ ‬الواسعة،‭ ‬والمواقف‭ ‬المزدحمة،‭ ‬والوجوه‭ ‬الجديدة،‭ ‬كلها‭ ‬جعلتني‭ ‬أشعرُ‭ ‬بصغر‭ ‬حجمي‭. ‬

إنها‭ ‬كانت‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬أختبر‭ ‬فيها‭ ‬شعور‭ ‬الغربة‭ ‬داخل‭ ‬الوطن،‭ ‬ولأن‭ ‬الغربة‭ ‬ليست‭ ‬مكانًا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬شعور،‭ ‬شعرت‭ ‬في‭ ‬بدايتي‭ ‬الجامعية‭ ‬أنني‭ ‬وحيدة،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬قصتي،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬كنتُ‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭. ‬بدأت‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬صديقة‭ ‬تشبهني‭ ‬طباعًا،‭ ‬عن‭ ‬مساحة‭ ‬أتنفس‭ ‬فيها،‭ ‬عن‭ ‬أستاذ‭ ‬يعاملني‭ ‬كإنسانة‭ ‬لا‭ ‬كرقم،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬بدأت‭ ‬أتعلم‭ ‬خطوة‭ ‬بخطوة،‭ ‬بدأت‭ ‬أتعرف‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنني‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أعتمد‭ ‬على‭ ‬نفسي،‭ ‬أن‭ ‬أواجه‭ ‬الخوف،‭ ‬أن‭ ‬أرتب‭ ‬أفكاري،‭ ‬أن‭ ‬أتخذ‭ ‬قراراتي،‭ ‬وأن‭ ‬أتحمل‭ ‬نتائجها‭. ‬الجامعة‭ ‬جعلتني‭ ‬أكبر،‭ ‬أنضج‭ ‬وأتحمل‭ ‬أخطائي،‭ ‬صارت‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬أرّهقتني‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬نضوجي،‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬أهرب‭ ‬من‭ ‬المجهول،‭ ‬بل‭ ‬صرت‭ ‬أقترب‭ ‬منه،‭ ‬صرت‭ ‬أقرأ‭ ‬أكثر،‭ ‬أفكر‭ ‬أكثر،‭ ‬وأواجه‭ ‬أكثر‭. ‬إنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬تحوّل‭ ‬تعليمي،‭ ‬هي‭ ‬رحلة‭ ‬انتقال‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬الرعاية‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الاستقلال،‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬الاعتياد‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬التجريب،‭ ‬ومن‭ ‬عام‭ ‬التقليد‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬المبادرة‭.‬

لكن‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة،‭ ‬توقفت‭ ‬أتأمل‭: ‬‮«‬إنني‭ ‬لم‭ ‬أتعلم‭ ‬دراسة‭ ‬المواد‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬تعلمت‭ ‬كيف‭ ‬أُدير‭ ‬نفسي،‭ ‬كيف‭ ‬أصبح‭ ‬أنا‭ ‬رقيب‭ ‬نفسي،‭ ‬وأقرب‭ ‬الناس‭ ‬إليها،‭ ‬وصاحب‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أفعل‮»‬‭ ‬هنا‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬المنطوقة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬وحدها‭ ‬كافية،‭ ‬بل‭ ‬ظهرت‭ ‬لغات‭ ‬أخرى‭ ‬فيها،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أتقن‭ ‬أنها‭: ‬لغة‭ ‬الاستقلال،‭ ‬لغة‭ ‬الحوار،‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الذات،‭ ‬تحمّل‭ ‬العواقب،‭ ‬فهم‭ ‬الأنظمة،‭ ‬وبناء‭ ‬العلاقات‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بإمكاني‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬صامتة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أنتظر‭ ‬من‭ ‬يشرح‭ ‬لي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬أصبحتُ‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬جدولي،‭ ‬عن‭ ‬حضوري،‭ ‬عن‭ ‬فهمي،‭ ‬وحتى‭ ‬عن‭ ‬مستقبلي‭.‬

إن‭ ‬رحلة‭ ‬الطالب‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬هي‭ ‬رحلة‭ ‬سفر‭ ‬طويلة‭ ‬ولكنها‭ ‬ممتعة،‭ ‬قد‭ ‬تتعب‭ ‬في‭ ‬محطاتها‭ ‬الأولى،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬خريطة‭ ‬واضحة‭ ‬لهذا‭ ‬الطريق،‭ ‬لكنك‭ ‬ستصنع‭ ‬خريطتك‭ ‬بنفسك،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬تجربة،‭ ‬تكتشف‭ ‬فيها‭ ‬مدينة‭ ‬جديدة‭ ‬داخلك،‭ ‬وموهبة‭ ‬لا‭ ‬تعرفها،‭ ‬فكرة‭ ‬لم‭ ‬تخطر‭ ‬على‭ ‬بالك،‭ ‬وصديق‭ ‬يصبح‭ ‬شقيق‭ ‬الروح،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬فصل‭ ‬دراسي،‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬وتدرك‭ ‬أنك‭ ‬تقدمت‭ ‬خطوة‭. ‬

نعم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬خفت،‭ ‬بكيت‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وترددت‭ ‬كثيرًا،‭ ‬لكنني‭ ‬تعلمت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المشاعر‭ ‬كانت‭ ‬الوقود‭ ‬الذي‭ ‬دفعني‭ ‬للأمام،‭ ‬واليوم،‭ ‬حين‭ ‬أعود‭ ‬بذاكرتي‭ ‬للوراء،‭ ‬أبتسم‭ ‬بتفهمٍ‭ ‬وامتنان،‭ ‬وأقول‭ ‬لنفسي‭: ‬‮«‬نعم،‭ ‬كان‭ ‬الخوف‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الرحلة،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬النهاية،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬شعرت‭ ‬به‭ ‬حينها‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ضعفًا،‭ ‬بل‭ ‬وعيًا‭ ‬بحجم‭ ‬المرحلة‮»‬‭. ‬

إنها‭ ‬رحلة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬محطة‭ ‬الامتحانات‭ ‬والنتائج،‭ ‬بل‭ ‬تتجاوزها‭ ‬إلى‭ ‬محطات‭ ‬كثيرة‭: ‬بناء‭ ‬الشخصية،‭ ‬صقل‭ ‬الفكر،‭ ‬وتوسيع‭ ‬الأفق،‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬مليئة‭ ‬بالتحديات،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الجمال،‭ ‬الذي‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الصغيرة‭: ‬في‭ ‬أول‭ ‬عرض‭ ‬تقديمي،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬علامة‭ ‬مرتفعة‭ ‬تحصل‭ ‬عليها،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬خيبة‭ ‬تتجاوزها،‭ ‬وفي‭ ‬أول‭ ‬لحظة‭ ‬تفتخر‭ ‬وتقول‭ ‬فيها‭ ‬بثقة‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬تغيرتُ‭... ‬للأفضل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬الممتعة‮»‬‭.‬

 

{ عميدة‭ ‬شؤون‭ ‬الطلبة‭ ‬–‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا