العدد : ١٧٢٦٥ - الاثنين ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٥ - الاثنين ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

استراتيجية أمنية واعية تعزز مكانة البحرين واحة للأمن والأمان في قلب الخليج العربي

بقلم: الشريف د. محمد بن فارس الحسين

الاثنين ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬قلب‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وعلى‭ ‬تراب‭ ‬البحرين‭ ‬الطاهر،‭ ‬تقف‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬شامخةً،‭ ‬كالسدّ‭ ‬المنيع،‭ ‬وكالجبل‭ ‬الأشم‭ ‬تؤدي‭ ‬رسالتها‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬وصون‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات،‭ ‬بوحيٍ‭ ‬من‭ ‬ولاءٍ‭ ‬مطلقٍ‭ ‬للقيادة‭ ‬الحكيمة،‭ ‬وبروحٍ‭ ‬متقدةٍ‭ ‬بالمواطنة‭ ‬والانضباط‭ ‬والمسؤولية‭.‬

ليست‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬مجرّد‭ ‬مؤسسة‭ ‬تنفيذية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬خلية‭ ‬عمل‭ ‬دؤوب‭ ‬تسري‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬الوطن،‭ ‬تسهر‭ ‬لتحرس‭ ‬أحلام‭ ‬الناس،‭ ‬وتحمل‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬عبءَ‭ ‬أمنٍ‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬التهاون،‭ ‬وعدلاً‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬التراخي‭. ‬وفي‭ ‬ظلّ‭ ‬التوجيهات‭ ‬السديدة‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬وبدعمٍ‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬تمضي‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬نهجٍ‭ ‬حضاريّ‭ ‬يعانق‭ ‬الحداثة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفرِّط‭ ‬في‭ ‬الثوابت‭.‬

قيادة‭ ‬حكيمة‭ ‬ونهج‭ ‬إنساني

ومنذ‭ ‬تولّي‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حقيبة‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬شهدت‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬تطورًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬شاملاً،‭ ‬ارتكز‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الأمن‭ ‬المجتمعي،‭ ‬والوقاية‭ ‬قبل‭ ‬المواجهة،‭ ‬والعدل‭ ‬قبل‭ ‬الحزم‭. ‬فالأمن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬يُمارَس‭ ‬بالعنف،‭ ‬بل‭ ‬يُبنى‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬ورجل‭ ‬الأمن،‭ ‬وعلى‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬الفاعلة‭.‬

ويُشهد‭ ‬لمعالي‭ ‬الوزير‭ ‬بحنكته‭ ‬الأمنية‭ ‬وبعد‭ ‬نظره‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للتهديدات‭ ‬المستجدة،‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإلكتروني‭ ‬إلى‭ ‬الجرائم‭ ‬المنظمة،‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني،‭ ‬تدريبًا‭ ‬وتأهيلاً‭ ‬ورفعًا‭ ‬للكفاءة،‭ ‬لتظل‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬عنوانًا‭ ‬للكفاءة‭ ‬والانضباط

أمن‭ ‬داخلي‭ ‬يرتقي‭ ‬بمعايير‭ ‬عالمية

‭ ‬لقد‭ ‬حققت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬خطواتٍ‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬والسلامة‭ ‬المرورية،‭ ‬ومكافحة‭ ‬المخدرات،‭ ‬والهجرة‭ ‬والجوازات،‭ ‬والإصلاح‭ ‬والتأهيل‭. ‬وأصبحت‭ ‬البحرين‭ ‬مضرب‭ ‬المثل‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬الاستجابة،‭ ‬وتكامل‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬وحسن‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬‭ ‬من‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة‭ ‬الذكية،‭ ‬إلى‭ ‬أنظمة‭ ‬التحليل‭ ‬الجنائي،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬التطبيقات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬قرّبت‭ ‬الخدمات‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬والمقيم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬البحرين‭.‬

وفي‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات،‭ ‬أثبت‭ ‬رجال‭ ‬الداخلية‭ ‬أنهم‭ ‬أبناءُ‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬الميدان،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ميادين‭ ‬الشرف‭ ‬وأداء‭ ‬الواجب‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬دورٌ‭ ‬ريادي‭ ‬خلال‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الحظر،‭ ‬وضبط‭ ‬التنقل،‭ ‬وتيسير‭ ‬وصول‭ ‬الخدمات،‭ ‬ومؤازرة‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وتأمين‭ ‬سلامة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭.‬

ولعلّ‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬يُحسب‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬التزامها‭ ‬الصارم‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وفق‭ ‬معايير‭ ‬دولية‭ ‬معترف‭ ‬بها،‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬نموذجًا‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬فرض‭ ‬الأمن‭ ‬وصون‭ ‬الكرامة‭ ‬الإنسانية‭. ‬وقد‭ ‬نالت‭ ‬البحرين‭ ‬إشادات‭ ‬دولية‭ ‬متعددة،‭ ‬بفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الرشيدة‭ ‬التي‭ ‬تحترم‭ ‬القانون،‭ ‬وتراعي‭ ‬العدالة،‭ ‬وتقدّر‭ ‬الخصوصية‭.‬

إشادة‭ ‬ملكية‭ ‬وتوجيهات‭ ‬سامية

لطالما‭ ‬أولى‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤيته‭ ‬الشاملة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬المستدام‭. ‬فقد‭ ‬وجّه‭ ‬جلالته‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬‮«‬ترسيخ‭ ‬مبادئ‭ ‬العدالة‭ ‬والشفافية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الأمني،‭ ‬وتعزيز‭ ‬علاقة‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬ورجل‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬مؤكداً‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الداخلية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬حامية‭ ‬للأمن،‭ ‬بل‭ ‬شريكة‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬الوطني‭ ‬والتنموي‮»‬‭.‬

كما‭ ‬شدد‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬العنصر‭ ‬البشري،‭ ‬حين‭ ‬قال‭: ‬‮«‬نؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬النهضة،‭ ‬ولذا‭ ‬فإن‭ ‬تأهيل‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬علميًا‭ ‬وعمليًا‭ ‬هو‭ ‬أولوية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التراخي‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬توجيهات‭ ‬سامية‭ ‬تُرجمت‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬تدريب‭ ‬وتطوير‭ ‬متقدمة،‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬الأمن‭ ‬البحريني‭ ‬نموذجًا‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬والانضباط‭ ‬والاحترافية‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬المهام‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الظروف‭.‬

وقد‭ ‬دعا‭ ‬جلالته‭ ‬باستمرار‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬مظلة‭ ‬الأمن‭ ‬المجتمعي،‭ ‬وتشجيع‭ ‬مبادرات‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬المواطنين،‭ ‬إيمانًا‭ ‬من‭ ‬جلالته‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬بالعصا،‭ ‬بل‭ ‬بالعقل‭ ‬والحكمة‭ ‬والتعاون‮»‬‭. ‬وهي‭ ‬كلمات‭ ‬ملكية‭ ‬وضعت‭ ‬الأساس‭ ‬لفلسفة‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭: ‬أمنٌ‭ ‬يُصغي،‭ ‬ويحتوي،‭ ‬ويعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الجميع‭.‬

لقد‭ ‬عبّر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬عن‭ ‬فخره‭ ‬برجال‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬قائلا‭ :‬‮«‬إن‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬هم‭ ‬موضع‭ ‬فخرنا‭ ‬واعتزازنا،‭ ‬فهم‭ ‬الساهرون‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الوطن‭ ‬واستقراره،‭ ‬يقدمون‭ ‬التضحيات‭ ‬بكل‭ ‬إخلاص،‭ ‬ويضربون‭ ‬أروع‭ ‬الأمثلة‭ ‬في‭ ‬الشجاعة‭ ‬والانتماء‮»‬‭.‬

إنها‭ ‬كلمات‭ ‬ملكية‭ ‬سامية،‭ ‬اختزلت‭ ‬في‭ ‬حروفها‭ ‬كل‭ ‬التقدير،‭ ‬وأكدت‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬ليسوا‭ ‬مجرد‭ ‬حماة‭ ‬لأمن‭ ‬الوطن،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬رموزٌ‭ ‬للوطنية‭ ‬في‭ ‬أنبل‭ ‬معانيها‭.‬

إن‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬جهةٍ‭ ‬أمنية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬بيتُ‭ ‬كل‭ ‬بحريني‭ ‬وبحرينية،‭ ‬سندٌ‭ ‬للمحتاج،‭ ‬وعدلٌ‭ ‬للمظلوم،‭ ‬وحزمٌ‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬السوء‭. ‬هي‭ ‬القلب‭ ‬الذي‭ ‬ينبض‭ ‬بالأمن،‭ ‬والعين‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغفو،‭ ‬واليد‭ ‬التي‭ ‬تصون‭ ‬وتحمي‭.‬

فطوبى‭ ‬للبحرين‭ ‬برجالها،‭ ‬وطوبى‭ ‬لقيادتها‭ ‬الحكيمة،‭ ‬وطوبى‭ ‬لكل‭ ‬يدٍ‭ ‬بيضاء،‭ ‬تشيّد‭ ‬وتكرس‭ ‬الأمن‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي‭ ‬وتضيئه‭ ‬بهالات‭ ‬من‭ ‬النور‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬العلوم

‭ ‬الشرعية‭ ‬وتنمية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية

Dr‭.‬MohamedFaris@yahoo‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا