العدد : ١٧٢٦٥ - الاثنين ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٥ - الاثنين ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ محرّم ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الغرب الصهيوني والمهام القذرة

تحدثت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عن‭ ‬تصريحات‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬عن‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬وقوله‭ ‬ان‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬تقوم‭ ‬حاليا‭ ‬بـ«العمل‭ ‬القذر‮»‬‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الغرب‭ ‬بأكمله‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬وما‭ ‬أثارته‭ ‬التصريحات‭ ‬من‭ ‬تعليقات‭ ‬وانتقادات‭.‬

بالطبع،‭ ‬‮«‬الأعمال‭ ‬القذرة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬اسرائيل‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الغرب‭ ‬ليست‭ ‬مقصورة‭ ‬على‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الوحشية‭ ‬لغزة‭ ‬وأهلها‭ ‬الممتدة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الأعمال‭ ‬القذرة‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الغرب‭. ‬إسرائيل‭ ‬تقول‭ ‬هذا،‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭ ‬تقول‭ ‬هذا‭. ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الاعتداءات‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬اسرائيل‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭.‬

كما‭ ‬قال‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني،‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تعتبر‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬ليست‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحدها‭ ‬وانما‭ ‬دفاع‭ ‬عن‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭.‬

لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬يهب‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬فزعا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مرة‭ ‬يشعر‭ ‬فيها‭ ‬ان‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬خطر،‭ ‬ويضع‭ ‬كل‭ ‬قواه‭ ‬وامكانياته‭ ‬تحت‭ ‬تصرفها‭.‬

نتذكر‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬عندما‭ ‬وقع‭ ‬هجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬اكتوبر‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭. ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬أصيبت‭ ‬بالجنون‭ ‬خوفا‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬ودفاعا‭ ‬عنها‭. ‬وعلى‭ ‬امتداد‭ ‬الأشهر‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭ ‬شاركت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬عمليا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬لغزة‭ ‬وأهلها‭ ‬بالسلاح‭ ‬والدعم‭ ‬السياسي‭ ‬وكل‭ ‬السبل‭. ‬الغرب‭ ‬يعتبر‭ ‬ان‭ ‬الحاق‭ ‬أي‭ ‬اذى‭ ‬بإسرائيل‭ ‬او‭ ‬اضعاف‭ ‬لموقفها‭ ‬هو‭ ‬اذى‭ ‬له‭ ‬واضعاف‭ ‬له‭.‬

ما‭ ‬قاله‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬عن‭ ‬اعمال‭ ‬اسرائيل‭ ‬القذرة‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الغرب،‭ ‬يعيدنا‭ ‬الى‭ ‬حقائق‭ ‬جوهرية‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬والصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭ ‬كدنا‭ ‬ننساها‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬بل‭ ‬يسخر‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬العرب‭.‬

أكبر‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬ان‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬مشروع‭ ‬غربي‭.‬

إسرائيل‭ ‬نشأت‭ ‬أصلا‭ ‬بإرادة‭ ‬غربية،‭ ‬وخصوصا‭ ‬بريطانيا،‭ ‬والغرب‭ ‬تبنى‭ ‬الأهداف‭ ‬الكبرى‭ ‬للصهيونية‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬الغرب‭ ‬اعتبر‭ ‬ان‭ ‬اسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬قيامها‭ ‬أداة‭ ‬كبرى‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الكبرى‭ ‬للغرب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬معروفة،‭ ‬وتتلخص‭ ‬في‭ ‬تمزيق‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬قيام‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬قادرة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬للمصالح‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

علينا‭ ‬ان‭ ‬نلاحظ‭ ‬مثلا‭ ‬ان‭ ‬أكبر‭ ‬ابعاد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬مبدأ‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬‮«‬ضمان‭ ‬التفوق‭ ‬النوعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مجتمعة‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬مبدأ‭ ‬تتبناه‭ ‬كل‭ ‬الادارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬جمهورية‭ ‬او‭ ‬ديمقراطية‭.‬

وما‭ ‬يعنيه‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي‭ ‬واضح‭.. ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬مسموحا‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬منفردة،‭ ‬ولا‭ ‬لأي‭ ‬قوة‭ ‬جماعية‭ ‬عربية،‭ ‬ان‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬القوة‭ ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬او‭ ‬تتحداها‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬الأمريكي،‭ ‬والمبادئ‭ ‬الغربية‭ ‬العامة‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬والدول‭ ‬العربية،‭ ‬تعني‭ ‬ان‭ ‬الغرب‭ ‬يضع‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أهدافه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تمكين‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬المنطقة‭ ‬ويعتبر‭ ‬هذه‭ ‬مصلحة‭ ‬غربية‭ ‬استراتيجية‭.‬

في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يتردد‭ ‬الغرب‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬عدوان‭ ‬اسرائيل‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬وفي‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬جرائم‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬شناعتها‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭.‬

وفي‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬يدوس‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬قيمة‭ ‬انسانية‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬بأسا‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬يسقط‭ ‬الاف‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬الملايين‭ ‬ضحايا‭ ‬لجرائم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولا‭ ‬ان‭ ‬يتقوض‭ ‬امن‭ ‬واستقرار‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

سيظل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬ولن‭ ‬يتغير‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬تتمكن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬قوة‭ ‬رادعة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أولا،‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬الغرب‭ ‬يوقن‭ ‬بأن‭ ‬مصالحه‭ ‬سوف‭ ‬تتضرر‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬طالما‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬موقفه‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬استراتيجيته‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا