القراء الأعزاء،
سأحرص على ألا يكون هذا المقال مقالا سياسيا بل إنسانيا،
لم يكن اعتياديا ما شهدته منطقة الخليج العربي من تبعات الصراع الدائر بين أمريكا وإيران، وما كانت دول الخليج ببعيدة عن الخطر في ظل هذه المتغيرات السياسية، التي لامست الحياة الاعتيادية للشعوب فتأثرت لوهلة بمجريات الأحداث، ولعل من القطاعات المهمة التي تأثرت بالوضع قطاع الطيران.
وقد كنت خارج البحرين يوم الاثنين الماضي حين فوجئت بوصول رسالة صوتية لم تكن بصوت أحد بل صوت (صفارات الإنذار) التي أطلقت في البحرين، وقد كان يوماً عصيباً على الجميع من دول الخليج العربي ولا سيما الدول التي كانت الأكثر عرضة لهجمات صاروخية في ظل النزاع الدائر في المنطقة، ومنها البحرين وقطر.
ولا توجد كلمات يمكنها أن تصف لحظات القلق التي صاحبت هذا الوقت عند الجميع، لذا سأتناول هنا دور الدولة في طمأنة الخاضعين لولايتها القضائية من مواطنين ومقيمين، وهو دور مهم خفف إلى حد كبير من حدّة القلق والخوف والترقب التي تتفاوت بين شخص وآخر بحسب درجة وعيه وسنه.
وعلى الصعيد الإنساني، وضمن مصالح واحتياجات وحقوق الانسان المتعددة، يأتي الأمن والأمان في مقدمتها، على اعتبار أنه الحامي والمُمكّن من الوصول إلى بقية المصالح والحقوق الأخرى والتمتع بها، ففي غياب الأمن والأمان قد يفقد الانسان الحق الأساسي، وهو حقه في الحياة الذي يعتبر ركيزة أساسية للتمتع ببقية حقوقه الأخرى، وينسحب ذلك التهديد على بقية الحقوق فيما لو احتفظ الانسان بحياته، فالأمن أساس الحياة والتمتع بجميع حقوق الانسان، ولا يتأتى ذلك إلا في ظل السلام والاستقرار وطنياً وعالمياً.
لذا، وفقاً للمادة (30) من دستور مملكة البحرين فإن (السلام هدف الدولة، وسلامة الوطن جزء من سلامة الوطن العربي الكبير، والدفاع عنه واجب مقدس على كل مواطن..) فالبحرين دولة سلام حظر عليها دستورها اعلان الحرب الهجومية، وأجاز لها اعلان الحرب الدفاعية وفق الضوابط التي حددها، لذلك أخذت الدولة على عاتقها مهمة الحفاظ على الأمن الوطني وتحقيق السلامة العامة بكل طاقتها وإمكانياتها، بصورة تستحق الإشادة والتقدير.
ولا شك أن إسهام الدولة في تحقيق الحماية المدنية وتعزيز السلامة العامة والطمأنينة يكتمل في جهودها الاحترازية المتمثلة في رفع مستوى الوعي المجتمعي من خلال تفعيل خاصية الاشعارات العامة وتنبيهات صفارات الانذار بالخطر في تطبيق (حكومتي) الذي أطلقته هيئة المعلومات والحكومة الالكترونية لتحميله عبر الهواتف المحمولة والأجهزة الالكترونية لضمان استقبال الاشعارات الصادرة من الجهة المختصة في حالات الطوارئ وضمان مصداقية الخبر ورفع مستوى استعداد المواطنين والمقيمين للتعامل مع الطوارئ في الوقت المناسب وبالسرعة اللازمة.
ولعل أهم ما ميّز هذه اللحظات العصيبة على الصعيد الخليجي هو التزام مملكة البحرين بموقفها الأخوي من دول الخليج العربي الشقيقة التي تجمعها بها وحدة تعززها علاقات تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية وثيقة الصلة ومصير مشترك، ولا سيما دولة قطر التي تعرضت قاعدة (العديد) الجوية لديها لقصف صاروخي، حيث كان موقف البحرين الداعم للشقيقة قطر مُعبّراً عن الحكمة لدى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم والحكومة الرشيدة، وتمسّك جلالته والدولة بالثوابت الدستورية المتعلقة بموقف البحرين من قضايا دول الجوار والقضايا العربية والعالمية ودورها في تعزيز السلام الدولي باعتبارها دولة سلام، وهو موقف يستحق الإشادة بما يحمله في طياته من أصالة وعراقة تليق بالبحرين وعاهلها المعظم.
لذا شكراً للبحرين لكونها دولة سلام ودولة أمن وأمان وساعية للخير، وحمداً لله تعالى على كل ذلك.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك