العدد : ١٧٣٤٣ - الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٣ - الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

مقالات

بلد الأمان

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الاثنين ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،

سأحرص‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬مقالا‭ ‬سياسيا‭ ‬بل‭ ‬إنسانيا،‭ ‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬اعتياديا‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران،‭ ‬وما‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ببعيدة‭ ‬عن‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المتغيرات‭ ‬السياسية،‭ ‬التي‭ ‬لامست‭ ‬الحياة‭ ‬الاعتيادية‭ ‬للشعوب‭ ‬فتأثرت‭ ‬لوهلة‭ ‬بمجريات‭ ‬الأحداث،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬بالوضع‭ ‬قطاع‭ ‬الطيران‭.‬

وقد‭ ‬كنت‭ ‬خارج‭ ‬البحرين‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي‭ ‬حين‭ ‬فوجئت‭ ‬بوصول‭ ‬رسالة‭ ‬صوتية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بصوت‭ ‬أحد‭ ‬بل‭ ‬صوت‭ (‬صفارات‭ ‬الإنذار‭) ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬يوماً‭ ‬عصيباً‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لهجمات‭ ‬صاروخية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النزاع‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومنها‭ ‬البحرين‭ ‬وقطر‭.‬

ولا‭ ‬توجد‭ ‬كلمات‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تصف‭ ‬لحظات‭ ‬القلق‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬عند‭ ‬الجميع،‭ ‬لذا‭ ‬سأتناول‭ ‬هنا‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬طمأنة‭ ‬الخاضعين‭ ‬لولايتها‭ ‬القضائية‭ ‬من‭ ‬مواطنين‭ ‬ومقيمين،‭ ‬وهو‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬خفف‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬حدّة‭ ‬القلق‭ ‬والخوف‭ ‬والترقب‭ ‬التي‭ ‬تتفاوت‭ ‬بين‭ ‬شخص‭ ‬وآخر‭ ‬بحسب‭ ‬درجة‭ ‬وعيه‭ ‬وسنه‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الإنساني،‭ ‬وضمن‭ ‬مصالح‭ ‬واحتياجات‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬المتعددة،‭ ‬يأتي‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬في‭ ‬مقدمتها،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬الحامي‭ ‬والمُمكّن‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬المصالح‭ ‬والحقوق‭ ‬الأخرى‭ ‬والتمتع‭ ‬بها،‭ ‬ففي‭ ‬غياب‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬قد‭ ‬يفقد‭ ‬الانسان‭ ‬الحق‭ ‬الأساسي،‭ ‬وهو‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬للتمتع‭ ‬ببقية‭ ‬حقوقه‭ ‬الأخرى،‭ ‬وينسحب‭ ‬ذلك‭ ‬التهديد‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الحقوق‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬احتفظ‭ ‬الانسان‭ ‬بحياته،‭ ‬فالأمن‭ ‬أساس‭ ‬الحياة‭ ‬والتمتع‭ ‬بجميع‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬ولا‭ ‬يتأتى‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬وطنياً‭ ‬وعالمياً‭. ‬

لذا،‭ ‬وفقاً‭ ‬للمادة‭ (‬30‭) ‬من‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فإن‭ (‬السلام‭ ‬هدف‭ ‬الدولة،‭ ‬وسلامة‭ ‬الوطن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬الكبير،‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه‭ ‬واجب‭ ‬مقدس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭..) ‬فالبحرين‭ ‬دولة‭ ‬سلام‭ ‬حظر‭ ‬عليها‭ ‬دستورها‭ ‬اعلان‭ ‬الحرب‭ ‬الهجومية،‭ ‬وأجاز‭ ‬لها‭ ‬اعلان‭ ‬الحرب‭ ‬الدفاعية‭ ‬وفق‭ ‬الضوابط‭ ‬التي‭ ‬حددها،‭ ‬لذلك‭ ‬أخذت‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬مهمة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬وتحقيق‭ ‬السلامة‭ ‬العامة‭ ‬بكل‭ ‬طاقتها‭ ‬وإمكانياتها،‭ ‬بصورة‭ ‬تستحق‭ ‬الإشادة‭ ‬والتقدير‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬إسهام‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الحماية‭ ‬المدنية‭ ‬وتعزيز‭ ‬السلامة‭ ‬العامة‭ ‬والطمأنينة‭ ‬يكتمل‭ ‬في‭ ‬جهودها‭ ‬الاحترازية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬خاصية‭ ‬الاشعارات‭ ‬العامة‭ ‬وتنبيهات‭ ‬صفارات‭ ‬الانذار‭ ‬بالخطر‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ (‬حكومتي‭) ‬الذي‭ ‬أطلقته‭ ‬هيئة‭ ‬المعلومات‭ ‬والحكومة‭ ‬الالكترونية‭ ‬لتحميله‭ ‬عبر‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬والأجهزة‭ ‬الالكترونية‭ ‬لضمان‭ ‬استقبال‭ ‬الاشعارات‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬وضمان‭ ‬مصداقية‭ ‬الخبر‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬استعداد‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الطوارئ‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬وبالسرعة‭ ‬اللازمة‭.‬

ولعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬ميّز‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات‭ ‬العصيبة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الخليجي‭ ‬هو‭ ‬التزام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بموقفها‭ ‬الأخوي‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬بها‭ ‬وحدة‭ ‬تعززها‭ ‬علاقات‭ ‬تاريخية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وثقافية‭ ‬وسياسية‭ ‬وثيقة‭ ‬الصلة‭ ‬ومصير‭ ‬مشترك،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬قاعدة‭ (‬العديد‭) ‬الجوية‭ ‬لديها‭ ‬لقصف‭ ‬صاروخي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬موقف‭ ‬البحرين‭ ‬الداعم‭ ‬للشقيقة‭ ‬قطر‭ ‬مُعبّراً‭ ‬عن‭ ‬الحكمة‭ ‬لدى‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬والحكومة‭ ‬الرشيدة،‭ ‬وتمسّك‭ ‬جلالته‭ ‬والدولة‭ ‬بالثوابت‭ ‬الدستورية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بموقف‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬والقضايا‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬السلام‭ ‬الدولي‭ ‬باعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬سلام،‭ ‬وهو‭ ‬موقف‭ ‬يستحق‭ ‬الإشادة‭ ‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬من‭ ‬أصالة‭ ‬وعراقة‭ ‬تليق‭ ‬بالبحرين‭ ‬وعاهلها‭ ‬المعظم‭.‬

لذا‭ ‬شكراً‭ ‬للبحرين‭ ‬لكونها‭ ‬دولة‭ ‬سلام‭ ‬ودولة‭ ‬أمن‭ ‬وأمان‭ ‬وساعية‭ ‬للخير،‭ ‬وحمداً‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا