العدد : ١٧٢٦٤ - الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٤ - الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

لـمـاذا تشكـل الـحـروب وقـودا للتـغـير المنـاخي؟

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الجمعة ٢٧ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

يواجه‭ ‬الإنسان‭ ‬اليوم‭ ‬قضية‭ ‬لا‭ ‬سابقة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نطاقها‭ ‬الجغرافي‭ ‬الواسع‭ ‬والممتد‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً،‭ ‬وشمالاً‭ ‬وجنوباً،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تهدد‭ ‬إقليماً‭ ‬بعينه،‭ ‬أو‭ ‬منطقة‭ ‬محددة‭ ‬ضيقة‭ ‬من‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬وإنما‭ ‬تضرب‭ ‬كوكبنا‭ ‬برمته،‭ ‬وتنزل‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول،‭ ‬غنية‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬فقيرة،‭ ‬متقدمة‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬نامية،‭ ‬فالجميع‭ ‬سواسية‭ ‬كأسنان‭ ‬المشط‭ ‬أمام‭ ‬تداعيات‭ ‬هذا‭ ‬الكرب‭ ‬العظيم‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬فلم‭ ‬يشهد‭ ‬التاريخ‭ ‬مثيلاً‭ ‬لها‭ ‬لأن‭ ‬حلها‭ ‬صعب‭ ‬جداً‭ ‬ومعقد،‭ ‬ومرتبط‭ ‬بأهم‭ ‬مقوم‭ ‬وداعم‭ ‬لاستدامة‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬ورقيها‭ ‬وتقدمها،‭ ‬وهو‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬من‭ ‬الفحم،‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬والنفط‭. ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬الشائكة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هبة‭ ‬جماعية‭ ‬جادة‭ ‬مشتركة‭ ‬وفورية،‭ ‬وتعهد‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الدول،‭ ‬وخاصة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬والالتزام‭ ‬بالتقيد‭ ‬بالحلول‭ ‬اللازمة‭ ‬للقضاء‭ ‬عليها‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬العصر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬منازع،‭ ‬وهي‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬فتداعياتها‭ ‬بيئية‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى،‭ ‬وصحية،‭ ‬وأمنية،‭ ‬واجتماعية،‭ ‬واقتصادية‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الانعكاسات‭ ‬المشهودة‭ ‬هي‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬وسخونة‭ ‬كوكبنا،‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬وزيادة‭ ‬حموضة‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬وما‭ ‬لهذه‭ ‬المظاهر‭ ‬المشهودة‭ ‬من‭ ‬مردودات‭ ‬ميدانية‭ ‬كالعواصف‭ ‬البحرية،‭ ‬والفيضانات،‭ ‬وحرائق‭ ‬الغابات،‭ ‬والموجات‭ ‬الحرارية‭ ‬المرتفعة‭ ‬والمتكررة‭.‬

ومنذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬عاماً‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يفاوض‭ ‬ويحاول‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ويضع‭ ‬لها‭ ‬الحلول،‭ ‬ولكنه‭ ‬يصطدم‭ ‬بواقع‭ ‬مرير‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬وقوع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بخفض‭ ‬انبعاثات‭ ‬الغازات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬سخونة‭ ‬الأرض،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭.‬

ومن‭ ‬آخر‭ ‬الحلول‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة‭ ‬هو‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والتي‭ ‬اتفق‭ ‬فيها‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬ارتفاع‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬ونصف‭ ‬الدرجة‭ ‬المئوية‭ ‬عن‭ ‬مستويات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الآن‭ ‬صعب‭ ‬المنال‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬لعدم‭ ‬التزام‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬بخفض‭ ‬الانبعاث،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ (‬Earth‭ ‬System‭ ‬Science‭ ‬Data‭ ) ‬في‭ ‬19‭ ‬يونيو‭ ‬2025‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬المؤشرات‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭ ‬الدولي‭ ‬لعام‭ ‬2024‭: ‬التحديث‭ ‬السنوي‭ ‬للمؤشرات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لحالة‭ ‬المناخ‭ ‬والتأثيرات‭ ‬الإنسانية‮»‬‭. ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬أجمع‭ ‬عليه‭ ‬61‭ ‬عالماً‭ ‬يمثلون‭ ‬17‭ ‬دولة‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬وقف‭ ‬ارتفاع‭ ‬سخونة‭ ‬الأرض‭ ‬عند‭ ‬1,5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭.‬

وهناك‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬تفاقم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬وتسببت‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬العالمي‭ ‬المهدد‭ ‬لأمن‭ ‬واستدامة‭ ‬كوكبنا‭ ‬ومن‭ ‬يعيش‭ ‬عليه،‭ ‬ومنها‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬يشعلها‭ ‬البشر‭ ‬أنفسهم‭ ‬وبأيديهم‭ ‬الآثمة،‭ ‬فتكون‭ ‬هي‭ ‬الوقود‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬اشتعال‭ ‬فتيل‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ويعمق‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬نزول‭ ‬تداعياته‭ ‬على‭ ‬البشر‭. ‬

ومن‭ ‬آخر‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬اشتعلت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬ومازالت‭ ‬بعضها‭ ‬موقدة‭ ‬ومشتعلة‭ ‬هي‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والعدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬المستضعفة‭ ‬والمحاصرة‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا،‭ ‬وأخيراً‭ ‬الهجمات‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬إيران‭.‬

فهذه‭ ‬الحروب‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الأزمة‭ ‬المناخية،‭ ‬وتُعد‭ ‬مصادر‭ ‬لانبعاث‭ ‬الغازات‭ ‬المتهمة‭ ‬برفع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض،‭ ‬وبخاصة‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭. ‬فالحركة‭ ‬الكثيفة‭ ‬وحرق‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬في‭ ‬الطائرات‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬وأحجامها‭ ‬من‭ ‬مقاتلات،‭ ‬أو‭ ‬طائرات‭ ‬شحن،‭ ‬أو‭ ‬طائرات‭ ‬مروحية،‭ ‬والسفن‭ ‬الحربية،‭ ‬والصواريخ،‭ ‬والقنابل،‭ ‬والآليات‭ ‬البرية‭ ‬الثقيلة،‭ ‬كلها‭ ‬تُطلق‭ ‬أحجاماً‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وغازات‭ ‬أخرى‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬وتسبب‭ ‬ظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬الحرائق‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬تفجيرات‭ ‬القنابل‭ ‬والصواريخ‭ ‬تولد‭ ‬الغازات‭ ‬الضارة‭ ‬بالمناخ‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تدمير‭ ‬الدبابات‭ ‬والشاحنات‭ ‬والسيارات‭ ‬الأخرى‭ ‬للمناطق‭ ‬البرية‭ ‬والمزارع‭ ‬والحقول‭ ‬والغابات‭ ‬المحتوية‭ ‬على‭ ‬الأشجار‭ ‬والمسطحات‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬تمتص‭ ‬الملوثات،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬فتخفض‭ ‬من‭ ‬مستواها‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭.‬

وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤلفات‭ ‬والدراسات‭ ‬والتقارير‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬دور‭ ‬الحروب‭ ‬الحالية‭ ‬كوقود‭ ‬مستمر‭ ‬لإشعال‭ ‬فتيل‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وسخونة‭ ‬الأرض،‭ ‬وقدَّمت‭ ‬تقديراً‭ ‬لحجم‭ ‬الملوثات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬تنبعث‭ ‬إلى‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭. ‬فهناك‭ ‬الكتاب‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬أكسفورد‭ ‬البريطانية‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬‮«‬نيتا‭ ‬كراوفورد‮»‬‭ (‬Neta‭ ‬Crawford‭) ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬البنتاجون،‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬والحرب‭: ‬ارتفاع‭ ‬وانخفاض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬التقرير‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الأمة‮»‬‭ (‬The‭ ‬Nation‭) ‬الأمريكية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬‮«‬مراجعة‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬كولومبيا‮»‬‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬يوليو‭/‬أغسطس‭ ‬2025،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تكاليف‭ ‬الحرب‭ ‬المناخية‮»‬‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬مايو‭ ‬2025‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬أصبحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬تنبعث‭ ‬منها‭ ‬غازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬من‭ ‬أنشطتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬ومنعت‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬الكشف‭ ‬عنه؟‮»‬‭. ‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬مايو‭ ‬2025‭ ‬في‭ (‬Research‭ ‬Gate,SSRN‭) ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الحرب‭ ‬على‭ ‬المناخ‭: ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬انبعاثات‭ ‬غاز‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬الإسرائيلي‭ - ‬غزة‮»‬‭.‬

وأقدم‭ ‬لكم‭ ‬هنا‭ ‬أهم‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬التي‭ ‬توصلت‭ ‬إليها‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬والدراسات‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬وتغذية‭ ‬ظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والبصمة‭ ‬الكربونية‭ ‬التي‭ ‬تتركها‭ ‬في‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬كما‭ ‬يلي‭:‬

أولاً‭: ‬الحروب‭ ‬والعمليات‭ ‬والتدريبات‭ ‬العسكرية‭ ‬الروتينية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬وعوامل‭ ‬تفاقم‭ ‬أزمة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬لكوكبنا،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬انبعاثاته‭ ‬السنوية‭ ‬من‭ ‬غازات‭ ‬الدفيئة،‭ ‬أو‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭. ‬فالمعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬الأممية‭ ‬لا‭ ‬تلزم‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تقارير‭ ‬سنوية‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الروتينية‭ ‬لكل‭ ‬دولة،‭ ‬وتشغيل‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية،‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬الانبعاثات‭ ‬أثناء‭ ‬الحروب‭.‬

ثانياً‭: ‬الانبعاثات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬وأنشطة‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬تُقدر‭ ‬بأنها‭ ‬الأعلى‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الوزارات‭ ‬والوكالات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الاتحادية‭ ‬الأخرى،‭ ‬فهي‭ ‬تشكل‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬اجمالي‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬الوزارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تشكل‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬اجمالي‭ ‬الانبعاثات‭ ‬السنوية‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬ولَّد‭ ‬البنتاجون‭ ‬نحو‭ ‬48‭ ‬ميجا‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬مكافئ‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وهذا‭ ‬الحجم‭ ‬أعلى‭ ‬مما‭ ‬ينبعث‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬وهذه‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬مطرد‭ ‬بسبب‭ ‬زيادة‭ ‬أعداد‭ ‬البرامج‭ ‬والأنشطة‭ ‬والقواعد‭ ‬العسكرية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الميزانية‭ ‬السنوية‭ ‬المرصودة‭ ‬للبنتاجون‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬وارتفاع‭ ‬الانفاق‭ ‬العسكري‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬حسب‭ ‬التقرير‭ ‬السنوي‭ ‬المنشور‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬ميزانيات‭ ‬وزارات‭ ‬الدفاع‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬

ثالثاً‭: ‬خلال‭ ‬15‭ ‬شهراً‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬عُمر‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬كانت‭ ‬البصمة‭ ‬الكربونية‭ ‬وحجم‭ ‬انبعاث‭ ‬الملوثات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات‭ ‬السنوية‭ ‬لمئات‭ ‬الدول‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬كل‭ ‬على‭ ‬حدة‭.‬

رابعاً‭: ‬البصمة‭ ‬الكربونية‭ ‬الاجمالية‭ ‬والانبعاثات‭ ‬الكلية‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬والتدريبية‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬5,5%‭ ‬من‭ ‬اجمالي‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الدولية،‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭.‬

ولذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬للحروب‭ ‬تداعيات‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬انبعاث‭ ‬الغازات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬نزول‭ ‬ظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬على‭ ‬كوكبنا‭ ‬برمته،‭ ‬ولهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬مردودات‭ ‬كثيرة‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬وأمن‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سلامة‭ ‬واستدامة‭ ‬حياة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬عليها،‭ ‬مما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نتجنب‭ ‬وقوع‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬والحروب‭ ‬أينما‭ ‬كانت‭.‬

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا