زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن رهق المراهقة
بفضل الله لم يمر معظم بنات وأبناء جيلنا بما يسمى طيش وانفلات فترة المراهقة، من الناحية السلوكية، فقد كنا في مراحل الصبا مطالبين بالانضباط في السلوك العام، بل وبالإسهام في أنشطة كسب الرزق التي كان جيل كبارنا يمارسها، ومن ثم كانت شطحاتنا على قِلَّتها ساذجة وبريئة وغبية.
وبالمقابل، أثبتت دراسات خضع لها 4000 مراهق ومراهقة في بريطانيا، ان انشغال صغار السن المعاصرين بأمور الحب والرومانسية يؤدي في كثير من الحالات الى إصابتهم لاحقا بالاكتئاب او إدمان المخدرات والكحول، وقالت الدراسة ان الفتيات هن الأكثر هوسا بمسائل الحب والهيام، التي تتعلق في معظم الأحوال بالمطربين والممثلين، وكثيرون منا لا يستطيعون قراءة ما يدور في رؤوس عيالهم المراهقين الذين يضعون صور من يسمونهم النجوم على جدران غرفهم أو أغلفة دفاترهم، فصغير السن قد يسرح بخياله في عوالم الكاميرا والمسارح وهو يتخيل ان -مثلا- منى زكي تبادله العواطف، (منى هذه هي آخر حسناوات السينما المصرية حسب ثقافتي السينمائية المحدودة). ويوما بعد يوم يصبح مرجعا وحجة في شؤون منى زكي، ثم يحس بالألم اذا سمع أنها تزوجت أو خطبت، كما حدث معي أنا أبو الجعافر على عهد المراهقة حين كان يهيم في صمت حبا بالممثلة المصرية سعاد حسني، (لأن حب بنات الحي كان «عيبا») ثم رآها تعطي المطرب الراحل عبدالحليم حافظ قبلة طويلة الأمد على شاطئ البحر أمام خلق كثير في استخفاف تام بعواطفي، فكان ان فقدت ثقتي بالممثلات والمطربات العرب، وحولت عواطفي، في صمت أيضا إلى الايطالية تونسية المولد كلوديا كاردينالي، وأحسب أنني كنت مخلصا في حبها وعلى استعداد لطلب يدها بعد إكمال تعليمي وحصولي على وظيفة ثم ادخار راتب عشرين سنة لشراء خاتم زواج لها، ثم سمعت انها أنجبت ولدا مجهول الأب، فجلست في غرفتي وأنا أصرخ: الخاينة الغشاشة، ثم لجأت الى مشعوذ أعد له «عملا» ضد ايطاليا بأكملها مما يفسر عدم الاستقرار فيها، فكل بضعة أشهر لديها حكومة.
المسألة جد يا جماعة فنحن وبسبب تربيتنا نحجم عن مناقشة مسائل العواطف وعلاقة الرجل بالمرأة مع عيالنا، فيستقون معلوماتهم عنها من الشارع، والشارع عندنا وعند غيرنا مريض، ويتحكم فيه السوقة والجهلة الذين يبيعون الخرافة مع الكنافة، وهناك حتما ملايين الصبية والصبايا الذين يحسبون أنفسهم في حالة عشق، بينما الواحد منهم لم ير المعشوق إلا مرة واحدة او لم يره قط (وصلتني قبل سنوات رسائل إلكترونية كثيرة من قراء لم يروا مقدمتي البرامج التلفزيونية اللتين أكثرت الحديث عنهما وبعض تلك الرسائل أبدي لهفة لرؤيتهما بينما كنت أهدف فيما اكتب الى تنفير الناس منهما ومن البث الفضائي التلفزيوني عموما)، ومصيبتنا الكبرى هي ان سن المراهقة صارت تمتد من العاشرة الى الستين، فالذهاب إلى حيث الراقصة المعينة بتكبد نفقات الفيزا والسفر والإقامة والإعاشة، مراهقة، والتسكع في الأسواق لممارسة ما نسميه في السودان «شحن البطارية» مراهقة، وعلى المستوى الشخصي التقي كثيرا بمراهقين في سن اليأس يسألونني بحكم عملي في مجال التلفزة هل تبادل المذيعة الفلانية الحديث؟ فأقول: طبعا لأننا نعمل سويا في أحد البرامج، فيكون التعليق: يا ابن الإيه!! أنت محظوظ، أو «ألا توجد عندكم وظائف شاغرة؟» فيكون ردي عليه: ما رأيك في ان تدفع لي خلو رجل وتعمل في وظيفتي؟
ومصداقا لما ذهبت اليه الدراسة البريطانية تلك، فإن العديد من المراهقات انتحرن عندما توفي المطرب الأمريكي ألفيس بريسلي، بل إن منهن من تؤمن بأنه لم يمت، وسيعود ليملأ الأرض هزّا ورقصا، بل وسمعت وان الكثير من الفتيات يحجمن عن شراء هذه الصحيفة إذا امتنعت عن نشر صورة جعفر عباس بريسلي!!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك