العدد : ١٧٢٦١ - الخميس ٢٦ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦١ - الخميس ٢٦ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ محرّم ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن رهق المراهقة

بفضل‭ ‬الله‭ ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬معظم‭ ‬بنات‭ ‬وأبناء‭ ‬جيلنا‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬طيش‭ ‬وانفلات‭ ‬فترة‭ ‬المراهقة،‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السلوكية،‭ ‬فقد‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬الصبا‭ ‬مطالبين‭ ‬بالانضباط‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬العام،‭ ‬بل‭ ‬وبالإسهام‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬كسب‭ ‬الرزق‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬جيل‭ ‬كبارنا‭ ‬يمارسها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬شطحاتنا‭ ‬على‭ ‬قِلَّتها‭ ‬ساذجة‭ ‬وبريئة‭ ‬وغبية‭.‬

وبالمقابل،‭ ‬أثبتت‭ ‬دراسات‭ ‬خضع‭ ‬لها‭ ‬4000‭ ‬مراهق‭ ‬ومراهقة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬ان‭ ‬انشغال‭ ‬صغار‭ ‬السن‭ ‬المعاصرين‭ ‬بأمور‭ ‬الحب‭ ‬والرومانسية‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬الى‭ ‬إصابتهم‭ ‬لاحقا‭ ‬بالاكتئاب‭ ‬او‭ ‬إدمان‭ ‬المخدرات‭ ‬والكحول،‭ ‬وقالت‭ ‬الدراسة‭ ‬ان‭ ‬الفتيات‭ ‬هن‭ ‬الأكثر‭ ‬هوسا‭ ‬بمسائل‭ ‬الحب‭ ‬والهيام،‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحوال‭ ‬بالمطربين‭ ‬والممثلين،‭ ‬وكثيرون‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬قراءة‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬رؤوس‭ ‬عيالهم‭ ‬المراهقين‭ ‬الذين‭ ‬يضعون‭ ‬صور‭ ‬من‭ ‬يسمونهم‭ ‬النجوم‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬غرفهم‭ ‬أو‭ ‬أغلفة‭ ‬دفاترهم،‭ ‬فصغير‭ ‬السن‭ ‬قد‭ ‬يسرح‭ ‬بخياله‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬الكاميرا‭ ‬والمسارح‭ ‬وهو‭ ‬يتخيل‭ ‬ان‭ -‬مثلا‭- ‬منى‭ ‬زكي‭ ‬تبادله‭ ‬العواطف،‭ (‬منى‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬حسناوات‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬حسب‭ ‬ثقافتي‭ ‬السينمائية‭ ‬المحدودة‭). ‬ويوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬يصبح‭ ‬مرجعا‭ ‬وحجة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬منى‭ ‬زكي،‭ ‬ثم‭ ‬يحس‭ ‬بالألم‭ ‬اذا‭ ‬سمع‭ ‬أنها‭ ‬تزوجت‭ ‬أو‭ ‬خطبت،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬معي‭ ‬أنا‭ ‬أبو‭ ‬الجعافر‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬المراهقة‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬يهيم‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬حبا‭ ‬بالممثلة‭ ‬المصرية‭ ‬سعاد‭ ‬حسني،‭ (‬لأن‭ ‬حب‭ ‬بنات‭ ‬الحي‭ ‬كان‭ ‬‮«‬عيبا‮»‬‭) ‬ثم‭ ‬رآها‭ ‬تعطي‭ ‬المطرب‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬قبلة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‭ ‬أمام‭ ‬خلق‭ ‬كثير‭ ‬في‭ ‬استخفاف‭ ‬تام‭ ‬بعواطفي،‭ ‬فكان‭ ‬ان‭ ‬فقدت‭ ‬ثقتي‭ ‬بالممثلات‭ ‬والمطربات‭ ‬العرب،‭ ‬وحولت‭ ‬عواطفي،‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬الايطالية‭ ‬تونسية‭ ‬المولد‭ ‬كلوديا‭ ‬كاردينالي،‭ ‬وأحسب‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬مخلصا‭ ‬في‭ ‬حبها‭ ‬وعلى‭ ‬استعداد‭ ‬لطلب‭ ‬يدها‭ ‬بعد‭ ‬إكمال‭ ‬تعليمي‭ ‬وحصولي‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬ثم‭ ‬ادخار‭ ‬راتب‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬لشراء‭ ‬خاتم‭ ‬زواج‭ ‬لها،‭ ‬ثم‭ ‬سمعت‭ ‬انها‭ ‬أنجبت‭ ‬ولدا‭ ‬مجهول‭ ‬الأب،‭ ‬فجلست‭ ‬في‭ ‬غرفتي‭ ‬وأنا‭ ‬أصرخ‭: ‬الخاينة‭ ‬الغشاشة،‭ ‬ثم‭ ‬لجأت‭ ‬الى‭ ‬مشعوذ‭ ‬أعد‭ ‬له‭ ‬‮«‬عملا‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬ايطاليا‭ ‬بأكملها‭ ‬مما‭ ‬يفسر‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬فيها،‭ ‬فكل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬لديها‭ ‬حكومة‭.‬

المسألة‭ ‬جد‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬فنحن‭ ‬وبسبب‭ ‬تربيتنا‭ ‬نحجم‭ ‬عن‭ ‬مناقشة‭ ‬مسائل‭ ‬العواطف‭ ‬وعلاقة‭ ‬الرجل‭ ‬بالمرأة‭ ‬مع‭ ‬عيالنا،‭ ‬فيستقون‭ ‬معلوماتهم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬الشارع،‭ ‬والشارع‭ ‬عندنا‭ ‬وعند‭ ‬غيرنا‭ ‬مريض،‭ ‬ويتحكم‭ ‬فيه‭ ‬السوقة‭ ‬والجهلة‭ ‬الذين‭ ‬يبيعون‭ ‬الخرافة‭ ‬مع‭ ‬الكنافة،‭ ‬وهناك‭ ‬حتما‭ ‬ملايين‭ ‬الصبية‭ ‬والصبايا‭ ‬الذين‭ ‬يحسبون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عشق،‭ ‬بينما‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬المعشوق‭ ‬إلا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬او‭ ‬لم‭ ‬يره‭ ‬قط‭ (‬وصلتني‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬رسائل‭ ‬إلكترونية‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬قراء‭ ‬لم‭ ‬يروا‭ ‬مقدمتي‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬اللتين‭ ‬أكثرت‭ ‬الحديث‭ ‬عنهما‭ ‬وبعض‭ ‬تلك‭ ‬الرسائل‭ ‬أبدي‭ ‬لهفة‭ ‬لرؤيتهما‭ ‬بينما‭ ‬كنت‭ ‬أهدف‭ ‬فيما‭ ‬اكتب‭ ‬الى‭ ‬تنفير‭ ‬الناس‭ ‬منهما‭ ‬ومن‭ ‬البث‭ ‬الفضائي‭ ‬التلفزيوني‭ ‬عموما‭)‬،‭ ‬ومصيبتنا‭ ‬الكبرى‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬سن‭ ‬المراهقة‭ ‬صارت‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬العاشرة‭ ‬الى‭ ‬الستين،‭ ‬فالذهاب‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬الراقصة‭ ‬المعينة‭ ‬بتكبد‭ ‬نفقات‭ ‬الفيزا‭ ‬والسفر‭ ‬والإقامة‭ ‬والإعاشة،‭ ‬مراهقة،‭ ‬والتسكع‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬لممارسة‭ ‬ما‭ ‬نسميه‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬‮«‬شحن‭ ‬البطارية‮»‬‭ ‬مراهقة،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬التقي‭ ‬كثيرا‭ ‬بمراهقين‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬اليأس‭ ‬يسألونني‭ ‬بحكم‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التلفزة‭ ‬هل‭ ‬تبادل‭ ‬المذيعة‭ ‬الفلانية‭ ‬الحديث؟‭ ‬فأقول‭: ‬طبعا‭ ‬لأننا‭ ‬نعمل‭ ‬سويا‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البرامج،‭ ‬فيكون‭ ‬التعليق‭: ‬يا‭ ‬ابن‭ ‬الإيه‭!! ‬أنت‭ ‬محظوظ،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ألا‭ ‬توجد‭ ‬عندكم‭ ‬وظائف‭ ‬شاغرة؟‮»‬‭ ‬فيكون‭ ‬ردي‭ ‬عليه‭: ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬تدفع‭ ‬لي‭ ‬خلو‭ ‬رجل‭ ‬وتعمل‭ ‬في‭ ‬وظيفتي؟

ومصداقا‭ ‬لما‭ ‬ذهبت‭ ‬اليه‭ ‬الدراسة‭ ‬البريطانية‭ ‬تلك،‭ ‬فإن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراهقات‭ ‬انتحرن‭ ‬عندما‭ ‬توفي‭ ‬المطرب‭ ‬الأمريكي‭ ‬ألفيس‭ ‬بريسلي،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬منهن‭ ‬من‭ ‬تؤمن‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يمت،‭ ‬وسيعود‭ ‬ليملأ‭ ‬الأرض‭ ‬هزّا‭ ‬ورقصا،‭ ‬بل‭ ‬وسمعت‭ ‬وان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬يحجمن‭ ‬عن‭ ‬شراء‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬إذا‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬نشر‭ ‬صورة‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭ ‬بريسلي‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا