يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
إيران والمهلة الأخيرة
بعد ان حبس العالم أنفاسه تحسبا لضربة امريكية وشيكة لإيران، خرج الرئيس الأمريكي ترامب وقال إنه يعطي إيران مهلة أخيرة أسبوعين كحد اقصى لقبول التفاوض والتوصل الى اتفاق قبل توجيه ضربات أمريكية.
السؤالان المهمان الآن: لماذا قرر ترامب هذه المهلة؟، وماذا يجب ان تفعل ايران الآن؟.
هناك أسباب كثيرة وراء قرار ترامب بإعطاء مهلة الأسبوعين.
في مقدمة هذه الأسباب انه ليس هناك اجماع داخل الإدارة الأمريكية على قرار دخول أمريكا الحرب. هناك انقسامات في مجلس الأمن القومي، ودوائر الادارة الأخرى. وبالإضافة الى هذا الاتجاه الغالب في الرأي العام الأمريكي وفي أوساط نخبة المحللين والخبراء هو رفض دخول امريكا الحرب.
الأمر الثاني، ان ترامب ليس متأكدا تماما من ان الضربة الأمريكية لإيران سوف تتم بالشكل الذي يتصور وتأتي بالنتائج التي يريدها.
ترامب يريد ضربة أمريكية سريعة حاسمة لا تتكرر، تؤدي إلى تدمير منشآت نووية وخصوصا منشأة فوردو، ومن دون ان تقود إلى توسع الصراع أو تشعل الأوضاع في المنطقة.
ترامب ليس متأكدا من هذا، واغلب الظن انه حتى الخبراء العسكريين الأمريكيين ليسوا متأكدين من هذا.
اذن أحد أسباب تردد ترامب انه لا يعلم بالضبط الى ماذا ستقود الضربة الأمريكية لإيران، وإذا كان من الممكن ان تورط أمريكا في حرب طويلة في المنطقة، وهو ما لا يريده. ويحذر منه بالفعل خبراء كثيرون.
أحد الأسباب أيضا ان ترامب يحسب حسابا لرد الفعل الروسي والصيني في حال ضرب إيران، وقد اشار الى هذا بالفعل في تصريحاته. كما انه بالتأكيد يعطي اعتبارا لموقف دول مجلس التعاون التي اجرت معه بالتأكيد اتصالات من اجل تجنيب المنطقة حربا طويلة وصراعا يقوض امنها واستقرارها.
وبالإضافة الى هذا، لا شك ان ترامب يريد إعطاء إسرائيل مزيدا من الوقت لتدمير القوى الايرانية.
البعض قال ان عرض ترامب لمهلة الاسبوعين قد يكون مناورة لخداع إيران كي يفاجئها بالضربة الأمريكية. ومع انه في عالم السياسة لا يمكن استبعاد أي احتمال، لكن اغلب الظن انه جاد فعلا في هذا العرض، فهو يريد ان يتجنب التبعات الخطيرة لدخول أمريكا الحرب.
ماذا يجب ان تفعل ايران مع هذا العرض من ترامب؟.
حين تتخذ إيران قرارها يجب ان تضع عوامل كثيرة في اعتبارها.
أول هذه العوامل ان الرهان على محادثات مع اوروبا رهان لا معنى له. اوروبا ليس بمقدورها ان تفعل شيئا باستثناء البيانات السياسية أيا كانت. الأمر كله بيد أمريكا. وليس أمام إيران سوى التفاوض مع أمريكا ان كانت تريد التوصل الى مخرج فعلا. وهذا ما قاله ترامب صراحة على أي حال، وهو محق في هذا.
الأمر الثاني، ان أمريكا حشدت بالفعل قوة ضاربة مهولة في المنطقة تحسبا لاحتمال اتخاذ قرار بضرب إيران. أي ان الأمر جد لا هزل فيه، والقوة العسكرية الأمريكية جاهزة بالفعل لضرب إيران في أي لحظة يتم فيها تقرير هذا.
الأمر الآخر، ان ساحة إيران أصبحت عمليا مستباحة من إسرائيل. للأسف اثبتت تطورات الحرب ان إسرائيل بمقدورها ان تدمر ما تشاء وتغتال من تشاء في إيران دون قدرة إيرانية على الردع. صحيح ان الهجمات الصاروخية الايرانية توجع إسرائيل، لكن تأثيرها الفعلي لا يقارن بما تدمره اسرائيل في إيران. بعبارة اخرى، الرهان على ان الضربات الصاروخية الايرانية من الممكن ان تغير ميزان القوى وتخرج إيران منتصرة ليس رهانا صائبا.
بناء على هذه الاعتبارات وغيرها، المنطق السياسي السليم يقول ان إيران يجب ان تتجاوب فورا مع دعوة ترامب للتفاوض، ويجب ان تبدي المرونة اللازمة التي تتيح التوصل الى اتفاق يفضي الى وقف الحرب، وتجنب الضربات الأمريكية.
إيران يجب الا تكرر نفس الحسابات الخاطئة التي قادت إلى العدوان الإسرائيلي.
يجب على إيران ان تدرك انه لو حدث ودخلت أمريكا الحرب، صحيح ان هذا من الممكن ان يقود الى تبعات خطيرة تطال كل دول المنطقة، لكن إيران ستكون هي الخاسر الأكبر على الاطلاق. ولا أحد بمقدوره ان يجزم في هذه الحالة ماذا سيكون مصير النظام ومصير إيران كلها.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك