القراء الأعزاء،
في حماية النساء ورعايتهم يقول صلى الله عليه وسلّم (رفقاً بالقوارير) و(استوصوا بالنساء خيرا...)، والمرأة في صورتها النمطية غالباً ما تكون في كنف رجل ما، والدها، أخيها، عمها، زوج إلخ...، لذا فإن هذه الوصية موجهة الى الرجال، ولاسيما ذلك الرجل الذي أصبحت المرأة تحت يديه بموجب رابطة زواج، الهدف منها تكوين الأسرة التي تعتبر أساس المجتمعات والدول.
قبل ليلتين، ومن خلف جدار غرفة نُزلي في احدى الدول العربية، اقتحم هدوئي أصوات الأسرة المقيمة بجواري ممتزجاً بصراخ أطفال، فظننت بأنها عادة الصغار في الأماكن، يُشعلونها ضجيجاً ويجبرون آباءهم على تهدئتهم بمثله، ولكن، بعد قليل امتزج الصراخ باصطدام أجسام بالحائط وتكسير في ظل علو صوت نسائي يتألم، ثم انتهى بصوت رجولي يأمر المرأة بالخروج من الغرفة قائلا: (اخرجي برا)، طردها من الغرفة وكانت الساعة تقارب الثانية بعد منتصف الليل.
بالنسبة لي كان الوضع مزعجاً على صعيد حرماني من النوم، ومزعجاً أكثر لأنني قد آلمني كثيراً شعوري بما كانت تمُر به تلك الزوجة من ظروف ومشاعر خوف وألم نفسي وجسدي، وتمنيت لو كان بيدي سلطة لمنع ما يحدث، لذا اكتفيت فقط بالنزول إلى الاستقبال بعد محاولات عدة باءت بالفشل للوصول إليهم هاتفياً، والمفارقة بأنني أثناء انتظاري المصعد خرجت المرأة ذاتها منه حاملة طفلتها وعائدة إلى الغرفة، حيث مصيرها المنتظر مع الجولة الثانية لتلك الليلة.
أخبرت موظفي الاستقبال وقفلت عائدة إلى غرفتي، ولم يستمر الهدوء كثيراً بل عاودت أصوات الضجيج والصراخ والتكسير والضرب ثانية بعد قليل، فقمت بالاتصال باستقبال الفندق الذين جاوبوا هذه المرة وأخبرتهم بما يجري في الجوار، فحضر مجموعة موظفين لا اعلم صفاتهم، وانقضى باقي الليلة بهدوء، أو لربما أنني نمت ولم استمع للمزيد بعدها.
كل هذا حدث في فندق، وسط أناس لا يعرفهم الزوج أو الزوجة، فكيف تتوقعون معاملته لها في مسكن الزوجية؟! كان الله في عون تلك المرأة وغيرها من النساء اللاتي يتعرضن للعنف الأسري، ولاسيما البدني والنفسي.
وفي سياق معاكس استمعت اليوم إلى رأي أحد الشباب في أحد وسائل التواصل الاجتماعي يحث من خلاله النساء على عدم البحث عن الأمان عند الرجال، وتشجيعهن على الاكتفاء والاستقلال بذاتها لأنه ليس هناك أمان مع الرجل فتذكرت حادثة الزوجين.
وفي رأيي الشخصي فإنني لست مع مسألة استقلال المرأة عن الرجل واستقوائها عليه بصورة مطلقة، نعم أؤيد أن تكون للمرأة شخصيتها ورأيها وكفاءة مالية تعينها على الحياة، على ألا يكون ذلك ذريعة للانفصال أبداً عن الرجل أو الغاء وجوده في حياتها ولاسيما الزوج، لأن المرأة والرجل مكملان لبعضهما وغير قابلين للتجزئة لأنهما أساس الحياة.
ولكن تبقى الأسئلة معلقة دائماً: لماذا يقوم بعض الأزواج بالإساءة إلى الزواج كرابطة مقدسة من المفترض أن توفر الحماية والأمن والطمأنينة والحب للمرأة، لماذا يقوم البعض بممارسة سلوك بغيض تجاه زوجته يهدم به الثقة في الزواج؟ لماذا يُسهم البعض في تقويض الصورة الذهنية لمنظومة الأسرة؟ وإلى أين سنصل بمثل هذه الفكر؟
والأكيد أننا لا نُريد للأجيال القادمة أن تصل إلى مرحلة فقد الثقة في الإنسانية وإلى الكفر بالزواج كرابطة إنسانية مقدسة، نريد الاعتدال في المشاعر وفي المعاملة، تماماً كما أوصانا ديننا الحنيف.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك