العدد : ١٧٢٥٧ - الأحد ٢٢ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٥٧ - الأحد ٢٢ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

غطرسة القوة في مواجهة منطق التاريخ

بقلم: د. مصطفى البرغوثي

الأحد ٢٢ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

تواصل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وحكومتها‭ ‬بقيادة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬التصرّف‭ ‬كأنها‭ ‬الحاكم‭ ‬الإمبريالي‭ ‬لمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأكملها،‭ ‬وتستند‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬وتواطؤ‭ ‬أمريكيين‭ ‬مطلقين،‭ ‬وإلى‭ ‬دعم‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬دولٍ‭ ‬غربية‭ ‬عديدة،‭ ‬وصمت‭ ‬كثيرين‭ ‬على‭ ‬جرائمها‭.‬

لم‭ ‬تكتف‭ ‬إسرائيل‭ ‬بحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والتجويع‭ ‬التي‭ ‬تشنّها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭ ‬بغرض‭ ‬تطهيره‭ ‬عرقياً،‭ ‬ولا‭ ‬بحرب‭ ‬التوسّع‭ ‬الاستعماري‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الإحلالي‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬لضمّها‭ ‬بالكامل‭ ‬وتهويدها‭. ‬ولم‭ ‬تكتف‭ ‬بالهجوم‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬واحتلال‭ ‬أجزاء‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬جنوبه،‭ ‬ولا‭ ‬بتوسيع‭ ‬احتلالها‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية،‭ ‬ومواصلة‭ ‬قصف‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬سورية،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬نفذت‭ ‬حلمها‭ ‬القديم‭ ‬والمزمن‭ ‬بشن‭ ‬حرب‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬كسر‭ ‬أي‭ ‬مقاومةٍ‭ ‬لمخطّط‭ ‬هيمنتها‭ ‬الإمبريالية‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬عسكرياً‭ ‬واستخبارياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬واقتصادياً‭.‬

من‭ ‬المبكر‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ستؤول‭ ‬إليه‭ ‬المغامرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬العسكرية‭ ‬الجارية‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حملت‭ ‬مفاجآت‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬هشاشة‭ ‬المناعة‭ ‬ضد‭ ‬الأذرع‭ ‬الاستخبارية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تستفيد‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬استخباري‭ ‬أمريكي‭ ‬وغربي،‭ ‬وتستغل‭ ‬إسرائيل‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬الدعم‭ ‬لتصوير‭ ‬نفسها‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الجبارة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُقهر‭. ‬وهي‭ ‬صورة‭ ‬اهتزّت‭ ‬بشدة‭ ‬مع‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الإيراني‭ ‬وفشل‭ ‬منظومات‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأمريكية‭ ‬في‭ ‬ايقاف‭ ‬الصواريخ‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬انهمرت‭ ‬بدقةٍ‭ ‬لا‭ ‬سابق‭ ‬لها،‭ ‬وفي‭ ‬موجات‭ ‬متتابعة،‭ ‬على‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬وجميع‭ ‬مناطق‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬ومؤكّد‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والعلمية‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها،‭ ‬كما‭ ‬وضعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والعلمية‭ ‬تحت‭ ‬تصرّفها،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تخفي‭ ‬اعتبارها‭ ‬إسرائيل‭ ‬الحليف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأول‭ ‬عالمياً،‭ ‬بل‭ ‬والسند‭ ‬الأكبر‭ ‬لحماية‭ ‬مصالحها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وكما‭ ‬أظهر‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬غزّة،‭ ‬فإن‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬مفتوح‭ ‬ومطلق،‭ ‬بغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عمّن‭ ‬يجلس‭ ‬في‭ ‬مقاعد‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬عاقل‭ ‬أو‭ ‬موضوعي‭ ‬أن‭ ‬يدّعي‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬كانت‭ ‬ستستطيع‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجومها‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الدعم‭ ‬والإسناد‭ ‬والموافقة‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭. ‬

والأغرب‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬اندفاع‭ ‬حكومات‭ ‬أوروبية‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬ما‭ ‬سمّته‭ ‬‮«‬حقّ‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬تُرسل‭ ‬طائراتها‭ ‬لتقصف‭ ‬وتقتل‭ ‬وتدمر‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تردّ‭ ‬عليها‭ ‬إيران‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭.‬

ولم‭ ‬نسمع‭ ‬أيا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تتحدّث‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬غزّة‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬تعرّضهم‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وبعد‭ ‬قتل‭ ‬إسرائيل‭ ‬عشرين‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬منهم،‭ ‬وقتل‭ ‬وجرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10%‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬القطاع‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬فشلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحكّامها‭ ‬في‭ ‬قراءته‭ ‬وفهمه‭ ‬هو‭ ‬التاريخ‭ ‬ومساراته‭. ‬والأمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الحكام‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬64%‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬مؤخراً‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬للأبرياء‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬وجميع‭ ‬المدنيين‭ ‬أهداف‭ ‬مشروعة‭ ‬لآلة‭ ‬القتل‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

نسي‭ ‬حكّام‭ ‬اسرائيل‭ ‬ما‭ ‬حذّر‭ ‬منه‭ ‬بعض‭ ‬قادتها،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أصبحت،‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬معظم‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬كياناً‭ ‬منبوذاً‭ ‬موصوماً‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭.‬

وفي‭ ‬خضم‭ ‬الضربات‭ ‬والإنجازات‭ ‬العسكرية‭ ‬والاستخبارية‭ ‬الأولى،‭ ‬غاب‭ ‬الوعي‭ ‬الموضوعي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬أول‭ ‬مرّة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬إذ‭ ‬شهدناه‭ ‬بعد‭ ‬عدوان‭ ‬1967،‭ ‬ولم‭ ‬يوقظ‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬هيجانها‭ ‬المتغطرس‭ ‬سوى‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ (‬1973‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬توقظها‭ ‬موجات‭ ‬الصواريخ‭ ‬اليوم،‭ ‬وبعد‭ ‬اتضاح‭ ‬حجم‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬إنجازاتها‭ ‬الأولى‭.‬

إسرائيل‭ ‬مغرمةٌ‭ ‬بتصوير‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬صورتين‭ ‬متناقضتين،‭ ‬أولاهما‭ ‬صورة‭ ‬الضحية‭ ‬المضطهدة‭ ‬والمستهدفة،‭ ‬حتى‭ ‬وهي‭ ‬تشنّ‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬وتبطش‭ ‬بهم،‭ ‬هي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استحضار‭ ‬حالات‭ ‬الاضطهاد‭ ‬التي‭ ‬تعرّض‭ ‬لها‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬من‭ ‬الهولوكوست‭ ‬الفاشي‭ ‬واللاسامية‭ ‬لتأكيد‭ ‬ذلك‭. ‬والثانية‭ ‬صورة‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الجبّارة‭ ‬كلية‭ ‬القدرات،‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬والإذلال‭ ‬بأعدائها‭. ‬هي‭ ‬‮«‬داود‮»‬‭ ‬و«جالوت‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬وهي‭ ‬مالكةٌ‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭.‬

نسي‭ ‬حكّام‭ ‬إسرائيل‭ ‬ما‭ ‬حذّر‭ ‬منه‭ ‬بعض‭ ‬قادتها،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أصبحت،‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬معظم‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬كياناً‭ ‬منبوذاً‭ ‬موصوماً‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ويتجاهلون‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬المعلق‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬توماس‭ ‬فريدمان‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تنحدر‭ ‬نحو‭ ‬هاوية‭ ‬العزلة‭. ‬ولكن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬البعد‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والمعنوي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعبأ‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬موازين‭ ‬القوى،‭ ‬لحقائق‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والديمغرافيا‭ ‬وتاريخ‭ ‬الشعوب‭ ‬ومعتقداتها‭.‬

هل‭ ‬تظن‭ ‬إسرائيل‭ ‬حقاً‭ ‬أنها‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تحكم‭ ‬منطقة‭ ‬تضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬إنسان‭ ‬وعلى‭ ‬امتداد‭ ‬بقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬مترامية‭ ‬الأطراف؟‭ ‬وهل‭ ‬تعتقد‭ ‬أنها‭ ‬تستطيع‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بدول‭ ‬ضخمة‭ ‬ذات‭ ‬عناد‭ ‬أيديولوجي‭ ‬وعقائدي‭ ‬عميق،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬قهر‭ ‬قوة‭ ‬مقاومة‭ ‬صغيرة‭ ‬نسبياً‭ ‬بعد‭ ‬22‭ ‬شهراً‭ ‬من‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬رغم‭ ‬قتلها‭ ‬وجرحها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬سكّانه،‭ ‬وتدميرها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬بيوتهم‭ ‬ومؤسّساتهم‭.‬

ألم‭ ‬تتعلّم‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬قوى‭ ‬الإمبريالية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أكبر‭ ‬منها‭ ‬وأضخم‭ ‬منها‭ ‬بعشرات‭ ‬المرّات؟‭ ‬هل‭ ‬نسيت‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬هزمت‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬ثم‭ ‬هزمت‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬حتى‭ ‬انكفأت‭ ‬عن‭ ‬أطماعها‭ ‬الاستعمارية؟‭ ‬وهل‭ ‬نسيت‭ ‬ماذا‭ ‬حلّ‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حليفتها‭ ‬الكبرى،‭ ‬في‭ ‬فيتنام،‭ ‬الصغيرة‭ ‬بقدراتها‭ ‬والكبيرة‭ ‬بإرادة‭ ‬التحرّر‭ ‬لشعبها؟‭ ‬أم‭ ‬هل‭ ‬نسيت‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬احتلاله؟‭ ‬وكيف‭ ‬هربت‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬مجلّلة‭ ‬بمهانة‭ ‬لا‭ ‬ينفك‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬يذكرها؟‭ ‬هل‭ ‬حققت‭ ‬الاغتيالات‭ ‬يوماً‭ ‬نصراً‭ ‬لأحد،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬تحقق‭ ‬ذلك،‭ ‬لانتهت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭ ‬منذ‭ ‬زمن،‭ ‬ولما‭ ‬حدث‭ ‬‮«‬7‭ ‬أكتوبر‮»‬‭ ‬نفسه؟

يعبث‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بأوضاع‭ ‬المنطقة،‭ ‬ويتلاعب‭ ‬بالتوازنات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬خدمة‭ ‬لمصالحه‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬خدمة‭ ‬لأيديولوجيته‭ ‬العنصرية‭ ‬المتطرّفة،‭ ‬ولكنه‭ ‬يعبث‭ ‬أيضاً‭ ‬بمستقبل‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وباستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها‭.‬

وهناك‭ ‬حقيقة‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬تجاوزها،‭ ‬ولن‭ ‬يستطيعوا‭ ‬تجاوزها،‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لم‭ ‬يرضخ‭ ‬ولن‭ ‬يستسلم‭ ‬لمشروع‭ ‬الاستعمار‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الإحلالي،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تعرّض‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬ونكبة‭ ‬وقمع‭ ‬واحتلال‭ ‬وتمييز‭ ‬واضطهاد‭ ‬عنصري‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬مائة‭ ‬عام‭.‬

ولذلك‭ ‬يستمر‭ ‬فشل‭ ‬السياسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ويتكرّر‭ ‬صدامها‭ ‬الحتمي‭ ‬بشعوب‭ ‬المنطقة‭. ‬ولعل‭ ‬نتنياهو‭ ‬يحتاج‭ ‬من‭ ‬يذكّره‭ ‬بما‭ ‬قالته‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬إسرائيل‭ ‬السابقة‭ ‬جولدا‭ ‬مائير،‭ ‬عندما‭ ‬أجبرها‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬أميركا،‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر،‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬اكتوبر‭ ‬1973‭: ‬‮«‬ما‭ ‬أصغرنا‭ ‬أمام‭ ‬الكبار‭ ‬وما‭ ‬أضعفنا‭ ‬أمام‭ ‬الأقوياء‮»‬‭.‬

يستطيع‭ ‬الصغير‭ ‬أن‭ ‬ينام‭ ‬ويحلم‭ ‬بأنه‭ ‬أصبح‭ ‬عملاقاً،‭ ‬ولكنه‭ ‬سيستيقظ‭ ‬عاجلاً‭ ‬أم‭ ‬آجلا،‭ ‬وسيكتشف‭ ‬أنه،‭ ‬كما‭ ‬كان،‭ ‬صغيراً‭.‬

{‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحركة‭ ‬

المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا