يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
ترامب والحرب.. ماذا يحدث؟
في اليومين الماضيين، حدث تحول كبير جدا في موقف الرئيس الأمريكي ترامب من الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
في البداية حين اندلعت الحرب، كان ترامب حريصا، ومعه كبار المسئولين الأمريكيين، على تأكيد أن أمريكا لم يكن لها دخل بالهجوم الإسرائيلي، وأنها لن تدخل الحرب مباشرة، وأنها مازالت مستعدة للتفاوض مع إيران.. وهكذا.
طبعا الكل يعلم أن أمريكا تدعم إسرائيل في الحرب بشكل عام، وشاركت أمريكا بالفعل في التصدي للصواريخ الإيرانية، لكن كان ترامب حريصا على أن يضع مسافة بين موقفه وما تفعله إسرائيل.
كان وراء هذا الموقف، حرص من ترامب على أن يحفظ خط الرجعة مع إيران حين تعود إلى المفاوضات. وذكرت بعض المصادر أنه بالإضافة إلى هذا، فإنه اتخذ هذا الموقف بناء على اتصالات مع دول الخليج العربية.
في اليومين الماضيين وعلى نحو ما نتابع حدث تحول يبدو جذريا في موقف الرئيس الأمريكي. فجأة خرج ترامب ليطالب إيران بالاستسلام غير المشروط، وعن السيطرة الكاملة على أجواء إيران، وعن خطط اغتيال خامنئي، وعن أن الهدف ليس وقف إطلاق النار، وإنما أبعد من ذلك.. وهكذا.
حديث ترامب أطلق على الفور التكهنات بأن أمريكا على وشك دخول الحرب إلى جانب إسرائيل، وروجت المصادر الإسرائيلية خصوصا لهذا الاحتمال.
ماذا وراء هذا الموقف الذي عبر عنه ترامب؟.. ما الذي دفعه إلى ذلك؟.
في تقديرنا أن هناك على الأقل عوامل ثلاثة كبرى تفسر هذا الموقف.
أولا: إنه على الرغم من كل الدمار الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي في إيران، فإن رد الفعل الإيراني موجع بالنسبة إلى إسرائيل. نعني التأثير الذي أحدثه إطلاق موجات الصواريخ الإيرانية على إسرائيل. بغض النظر عن نتيجة هذه الضربات الصاروخية على المواقع والمنشآت الإسرائيلية، إلا أن تأثيرها المعنوي والنفسي هائل. الإسرائيليون يعيشون تقريبا طوال اليوم في الملاجئ. هذا أمر لم يعهده الإسرائيليون من قبل.
الأمر المؤكد أن إسرائيل استنجدت بترامب لأن يفعل شيئا حاسما كي يوقف هذه الهجمات الصاروخية الإيرانية.
ثانيا: رغم كل الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية، إلا أن إسرائيل غير قادرة على تحقيق الهدف الأكبر وهو تدمير المنشآت النووية المحصنة مثل منشأة فوردو. أمريكا وحدها هي التي تملك إمكانية ذلك.
والمؤكد أن إسرائيل طلبت من ترامب أن يقوم بهذه المهمة. أي أن يدخل الحرب لتدمير هذه المنشآت.
ثالثا: العامل الأهم من كل هذا في تقديرنا هو ما كشفت عنه الحرب من هشاشة الدفاعات الإيرانية، وعدم القدرة العسكرية على التصدي لهجمات إسرائيل، وبحيث إن ساحة إيران أصبحت عمليا مفتوحة تماما أمام إسرائيل تفعل بها ما تشاء.
هذا العجز الإيراني قاد إلى تحول في الأهداف الإسرائيلية والأمريكية من الحرب. في البداية كان الهدف الأكبر هو توجيه ضربة كبيرة للقدرات النووية والعسكرية الإيرانية. بعد ذلك بدأ الحديث عن إمكانية إسقاط النظام في إيران، وفرض الاستسلام الكامل على النظام كما قال ترامب.. وهكذا. ويعني هذا بالطبع لو حدث فرض الهيمنة الإسرائيلية الكاملة على المنطقة بكل ما يعنيه هذا.
في هذا السياق يمكن أن نفهم التحول في موقف ترامب من الحرب.
المؤكد أن ترامب حين أدلى بتصريحاته الأخيرة، كان يفكر جديا في دخول الحرب لتحقيق هذه الأهداف.
بعد يوم واحد عاد ترامب يتحدث عن طلب إيران التفاوض، وأنه لا يستطيع أن يجزم ما إذا كان سيدخل الحرب أم لا، وعن إعطاء مهلة أخيرة لإيران.
السؤال الذي يشغل بال الكل الآن: على ضوء كل هذا، هل سيدخل ترامب الحرب أم لا؟.
لا أحد يستطيع أن يجزم على الإطلاق.
هناك اعتبارات تدفع ترامب لدخول الحرب أكبرها الضغوط الإسرائيلية عليه. هناك اعتبارات أخرى تمنعه من ذلك، منها موقف روسيا والصين ودول الخليج العربية.
المشكلة مع ترامب أنه يمكن أن يغير رأيه وقراره بين ساعة وأخرى. وفي كل مرة يتحدث عن موقفه الجديد بكل الحماس. وأغلب الظن أن ترامب يمكن أن يغير رأيه بناء على ما يدور بينه وبين آخر شخص يتحدث معه.
لكل هذا، يجب على دول الخليج العربية أن تعد نفسها لأسوأ الاحتمالات على الإطلاق. وفي كل الأحوال يجب ألا ننسى أن الثابت الأساسي في الموقف الأمريكي هو مصلحة إسرائيل وتحقيق ما تريده.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك