العدد : ١٧٢٥٦ - السبت ٢١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٥٦ - السبت ٢١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

ترامب والحرب.. ماذا يحدث؟

في‭ ‬اليومين‭ ‬الماضيين،‭ ‬حدث‭ ‬تحول‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الإيرانية‭.‬

في‭ ‬البداية‭ ‬حين‭ ‬اندلعت‭ ‬الحرب،‭ ‬كان‭ ‬ترامب‭ ‬حريصا،‭ ‬ومعه‭ ‬كبار‭ ‬المسئولين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬دخل‭ ‬بالهجوم‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تدخل‭ ‬الحرب‭ ‬مباشرة،‭ ‬وأنها‭ ‬مازالت‭ ‬مستعدة‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.. ‬وهكذا‭.‬

طبعا‭ ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وشاركت‭ ‬أمريكا‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للصواريخ‭ ‬الإيرانية،‭ ‬لكن‭ ‬كان‭ ‬ترامب‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬مسافة‭ ‬بين‭ ‬موقفه‭ ‬وما‭ ‬تفعله‭ ‬إسرائيل‭.‬

كان‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الموقف،‭ ‬حرص‭ ‬من‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحفظ‭ ‬خط‭ ‬الرجعة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬حين‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬المفاوضات‭. ‬وذكرت‭ ‬بعض‭ ‬المصادر‭ ‬أنه‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذا،‭ ‬فإنه‭ ‬اتخذ‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬اتصالات‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭.‬

في‭ ‬اليومين‭ ‬الماضيين‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬نتابع‭ ‬حدث‭ ‬تحول‭ ‬يبدو‭ ‬جذريا‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭. ‬فجأة‭ ‬خرج‭ ‬ترامب‭ ‬ليطالب‭ ‬إيران‭ ‬بالاستسلام‭ ‬غير‭ ‬المشروط،‭ ‬وعن‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬أجواء‭ ‬إيران،‭ ‬وعن‭ ‬خطط‭ ‬اغتيال‭ ‬خامنئي،‭ ‬وعن‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬ليس‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وإنما‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.. ‬وهكذا‭.‬

حديث‭ ‬ترامب‭ ‬أطلق‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬التكهنات‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬دخول‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وروجت‭ ‬المصادر‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خصوصا‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتمال‭.‬

ماذا‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬ترامب؟‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬إلى‭ ‬ذلك؟‭.‬

في‭ ‬تقديرنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬عوامل‭ ‬ثلاثة‭ ‬كبرى‭ ‬تفسر‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭.‬

أولا‭: ‬إنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬فإن‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الإيراني‭ ‬موجع‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭. ‬نعني‭ ‬التأثير‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬إطلاق‭ ‬موجات‭ ‬الصواريخ‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭. ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬نتيجة‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬الصاروخية‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬والمنشآت‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تأثيرها‭ ‬المعنوي‭ ‬والنفسي‭ ‬هائل‭. ‬الإسرائيليون‭ ‬يعيشون‭ ‬تقريبا‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الملاجئ‭. ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يعهده‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬استنجدت‭ ‬بترامب‭ ‬لأن‭ ‬يفعل‭ ‬شيئا‭ ‬حاسما‭ ‬كي‭ ‬يوقف‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬الصاروخية‭ ‬الإيرانية‭.‬

ثانيا‭: ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬الإيرانية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الأكبر‭ ‬وهو‭ ‬تدمير‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬المحصنة‭ ‬مثل‭ ‬منشأة‭ ‬فوردو‭. ‬أمريكا‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬إمكانية‭ ‬ذلك‭.‬

والمؤكد‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬الحرب‭ ‬لتدمير‭ ‬هذه‭ ‬المنشآت‭.‬

ثالثا‭: ‬العامل‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬هشاشة‭ ‬الدفاعات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬لهجمات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وبحيث‭ ‬إن‭ ‬ساحة‭ ‬إيران‭ ‬أصبحت‭ ‬عمليا‭ ‬مفتوحة‭ ‬تماما‭ ‬أمام‭ ‬إسرائيل‭ ‬تفعل‭ ‬بها‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭.‬

هذا‭ ‬العجز‭ ‬الإيراني‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬الأهداف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأمريكية‭ ‬من‭ ‬الحرب‭. ‬في‭ ‬البداية‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬كبيرة‭ ‬للقدرات‭ ‬النووية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الإيرانية‭. ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بدأ‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬إسقاط‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وفرض‭ ‬الاستسلام‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬ترامب‭.. ‬وهكذا‭. ‬ويعني‭ ‬هذا‭ ‬بالطبع‭ ‬لو‭ ‬حدث‭ ‬فرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬هذا‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬الحرب‭.‬

المؤكد‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬حين‭ ‬أدلى‭ ‬بتصريحاته‭ ‬الأخيرة،‭ ‬كان‭ ‬يفكر‭ ‬جديا‭ ‬في‭ ‬دخول‭ ‬الحرب‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭.‬

بعد‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬عاد‭ ‬ترامب‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬طلب‭ ‬إيران‭ ‬التفاوض،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجزم‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيدخل‭ ‬الحرب‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وعن‭ ‬إعطاء‭ ‬مهلة‭ ‬أخيرة‭ ‬لإيران‭.‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬بال‭ ‬الكل‭ ‬الآن‭: ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬هل‭ ‬سيدخل‭ ‬ترامب‭ ‬الحرب‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭.‬

لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجزم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

هناك‭ ‬اعتبارات‭ ‬تدفع‭ ‬ترامب‭ ‬لدخول‭ ‬الحرب‭ ‬أكبرها‭ ‬الضغوط‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عليه‭. ‬هناك‭ ‬اعتبارات‭ ‬أخرى‭ ‬تمنعه‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬منها‭ ‬موقف‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭.‬

المشكلة‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬رأيه‭ ‬وقراره‭ ‬بين‭ ‬ساعة‭ ‬وأخرى‭. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬موقفه‭ ‬الجديد‭ ‬بكل‭ ‬الحماس‭. ‬وأغلب‭ ‬الظن‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬رأيه‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬آخر‭ ‬شخص‭ ‬يتحدث‭ ‬معه‭.‬

‭ ‬لكل‭ ‬هذا،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬نفسها‭ ‬لأسوأ‭ ‬الاحتمالات‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬الثابت‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬مصلحة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتحقيق‭ ‬ما‭ ‬تريده‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا