يشهد السوق العقاري في مملكة البحرين حالة من التباين اللافت بين أسعار الأراضي السكنية الصغيرة وتلك الكبيرة، وهو ما يطرح تساؤلات جوهرية حول عدالة القيمة وتوازن العرض والطلب، وخصوصاً في ظل المساعي الحكومية الداعمة للإسكان وتكليف القطاع الخاص في بناء البيوت مؤخراً ليكون الهدف بيت لكل مواطن.
الأراضي السكنية التي تبلغ مساحتها 300 متر مربع أو أقل، سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار خلال السنوات الأخيرة. هذا الصعود مرتبط مباشرة بتزايد الطلب الناتج عن البرامج الإسكانية المدعومة مثل «مزايا بلاس»، و«قرض وأرض»، وغيرها من برامج التمويل العقاري المتنوعة الميسّرة. هذه المبادرات جعلت حلم تملك الأرض في متناول شريحة واسعة من المواطنين ذوي الدخل المحدود خصوصاً مع احتساب راتب الزوجة ضمن القرض، ما رفع الطلب، وبالتالي أدى إلى قفزات في الأسعار. على سبيل المثال، وصلت أسعار القدم المربعة في مناطق مثل سند وسترة إلى أكثر من 33 ديناراً، بينما تتراوح الأسعار في الهملة بين 27 و29 ديناراً، ما يؤكد أن الأراضي الصغيرة باتت محط تركيز المستثمرين والمشترين الأفراد بشكل كبير.
في المقابل، تواجه الأراضي السكنية ذات المساحات الكبيرة، التي تتجاوز 1000 متر مربع، حالة من الركود الممتد منذ سنوات. أسعار هذه الأراضي أصبحت غير قابلة للارتفاع بسبب ضعف الإقبال وذلك لعدم الحصول على القروض البنكية وعدم وجود البرامج الإسكانية الداعمة لشرائها، وخصوصًا من قبل الطبقة المتوسطة ذات الدخل المحدود التي لا تستطيع تحمل كُلفة شراء وتطوير مثل هذه القطع. هذا التراجع في الطلب جعل الكثير من هذه الأراضي معروضة للبيع لفترات طويلة دون حركة حقيقية في السوق وخصوصاً الأراضي غير القابلة للتقسيم.
وبحسب توقعات مختصين، أعتقد من المرجح أن ترتفع أسعار الأراضي الصغيرة - تصنيف سكني بنسبة بين 20% لغاية 40% خلال العقد المقبل، مدفوعة بعوامل مثل النمو السكاني، وثبات الفائدة العقارية، وشح الأراضي المخططة سكنياً. إلا أن هذا الارتفاع لن يكون شاملًا لبقية التصانيف، إذ من المرجح أن يستمر الركود في فئة الأراضي الكبيرة البيضاء بسبب غياب الحوافز الشرائية وضعف التمويل المصرفي المناسب لها وعدم رغبة أصحابها بتقسيمها لهدف المتاجرة لزيادة أسعارها للربح السهل مستقبلاً بسبب النمو السكاني.
الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك