ترتقي الأمم، ويعلو شأنها بالمهمة التي تضطلع بها، ولا يستطيع غيرها القيام بها، وعندما أراد الحق سبحانه وتعالى أن يقدم للبشرية مسك الختام في النبوة، ومسكه في المعجزة، ومسكه في الرسالة جعل أمة العرب هي مسك الختام في الأمم، فجمع لها من الفضائل، والمحاسن ما لم يجتمع في غيرها، فهي أمة ينطق الوحي بلسانها، قال تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) يوسف / 2.
وقال جل جلاله: (وإنه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين (195)) سورة الشعراء.
ولقد تولى الحق سبحانه بذاته حفظه من أن يلحقه أي تغيير أو تبديل، قال سبحانه: (إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) سورة الحجر.
وهذه الأمة أي أمة العرب - أمة مختارة، اختارها الله تعالى للإسلام، واختار الإسلام لها، قال سبحانه: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدًا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) الحج / 78.
إذًا، فرقي أمة العرب، وعلو شأنها بين الأمم كان لمهمة عظيمة لا يستطيع غيرها القيام بها، وهي في الدنيا أمة الدعوة إلى صراط الله المستقيم كما أشارت إلى ذلك الآية الكريمة، قال سبحانه وتعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) آل عمران / 104.
وحتى تكون أمة العرب مؤهلة، وقادرة على القيام بهذه المهمة العظيمة جعلها الله تعالى أمة وسطا، قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا..) البقرة / 143.
والوسطية هي أهم صفة يجب أن تتصف بها الأمة الشاهدة حتى لا يطمع ظالم في حيفها، ولا ييأس ضعيف من عدلها، ولقد اختارنا الله تعالى لهذا الدين - أي للإسلام - الذي توافرت فيها جميع الصفات التي يجب أن تتوافر في الشاهد العدول، فنحن أمة تتصل في وحدتها بالله تعالى، يقول سبحانه: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الأنبياء / 92.
إذًا، فهي أمة تستمد هداياتها من الوحي المبارك، وتصدر فيما تأخذ وتدع من إله واحد لا شريك له ولا ند له بينما الأمم الأخرى شاب هداياتها دخن وشيء من الشوائب التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون) التوبة / 30.
بينما التوحيد الإسلامي، توحيد خالص حدد معالمه الحق سبحانه وتعالى في قوله تعالى: (قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوًا أحد) سورة الإخلاص.
وبعد أن تكاملت جوانب العقيدة الإسلامية حيث اجتمعت الشريعة والعقيدة في مسمى واحد هو الإسلام قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) آل عمران / 19. وقال جل جلاله: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) آل عمران / 85.
وقال جل جلاله في بيان واضح وصريح: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) المائدة / 3. فالله تعالى قد أعدنا، وهيأنا لنكون الأمة المختارة لهذا الدين العظيم، وحبانا بصفات لم يميز بها أمة من الأمم بأن جعلنا شهداء على الناس، وهذا شرف وتقدير لم تنله أمة قبلنا، وسوف ينادى علينا لنقدم شهادتنا على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، وتأكيدًا لهذا الدور العظيم الذي سوف تقوم به أمة العرب بعد أن أكرمها الله تعالى بهذه المهمة العظيمة، فقد آلت إليها العلوم والمعارف اليقين الثابت، وجعل الحق سبحانه الفلاح كل الفلاح في الإيمان بهذا الدين، والالتزام بعقيدته وشريعته لتكون الأمة المختارة صاحبة الرسالة الخالدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك