العدد : ١٧٢٥٣ - الأربعاء ١٨ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٥٣ - الأربعاء ١٨ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الإسلام.. والأمة المختارة!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الاثنين ١٦ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

ترتقي‭ ‬الأمم،‭ ‬ويعلو‭ ‬شأنها‭ ‬بالمهمة‭ ‬التي‭ ‬تضطلع‭ ‬بها،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬غيرها‭ ‬القيام‭ ‬بها،‭ ‬وعندما‭ ‬أراد‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬للبشرية‭ ‬مسك‭ ‬الختام‭ ‬في‭ ‬النبوة،‭ ‬ومسكه‭ ‬في‭ ‬المعجزة،‭ ‬ومسكه‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬جعل‭ ‬أمة‭ ‬العرب‭ ‬هي‭ ‬مسك‭ ‬الختام‭ ‬في‭ ‬الأمم،‭ ‬فجمع‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الفضائل،‭ ‬والمحاسن‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يجتمع‭ ‬في‭ ‬غيرها،‭ ‬فهي‭ ‬أمة‭ ‬ينطق‭ ‬الوحي‭ ‬بلسانها،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬إنا‭ ‬أنزلناه‭ ‬قرآنا‭ ‬عربيا‭ ‬لعلكم‭ ‬تعقلون‭) ‬يوسف‭ / ‬2‭.‬

وقال‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭: (‬وإنه‭ ‬لتنزيل‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ (‬192‭) ‬نزل‭ ‬به‭ ‬الروح‭ ‬الأمين‭ (‬193‭) ‬على‭ ‬قلبك‭ ‬لتكون‭ ‬من‭ ‬المنذرين‭ (‬194‭) ‬بلسان‭ ‬عربي‭ ‬مبين‭ (‬195‭)) ‬سورة‭ ‬الشعراء‭.‬

ولقد‭ ‬تولى‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬بذاته‭ ‬حفظه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يلحقه‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬تبديل،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭: (‬إنّا‭ ‬نحن‭ ‬نزلنا‭ ‬الذكر‭ ‬وإنا‭ ‬له‭ ‬لحافظون‭) ‬سورة‭ ‬الحجر‭.‬

وهذه‭ ‬الأمة‭ ‬أي‭ ‬أمة‭ ‬العرب‭ - ‬أمة‭ ‬مختارة،‭ ‬اختارها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬للإسلام،‭ ‬واختار‭ ‬الإسلام‭ ‬لها،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭: (‬وجاهدوا‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬جهاده‭ ‬هو‭ ‬اجتباكم‭ ‬وما‭ ‬جعل‭ ‬عليكم‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬حرج‭ ‬ملة‭ ‬أبيكم‭ ‬إبراهيم‭ ‬هو‭ ‬سماكم‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬ليكون‭ ‬الرسول‭ ‬شهيدًا‭ ‬عليكم‭ ‬وتكونوا‭ ‬شهداء‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬فأقيموا‭ ‬الصلاة‭ ‬وآتوا‭ ‬الزكاة‭ ‬واعتصموا‭ ‬بالله‭ ‬هو‭ ‬مولاكم‭ ‬فنعم‭ ‬المولى‭ ‬ونعم‭ ‬النصير‭) ‬الحج‭ / ‬78‭.‬

إذًا،‭ ‬فرقي‭ ‬أمة‭ ‬العرب،‭ ‬وعلو‭ ‬شأنها‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬كان‭ ‬لمهمة‭ ‬عظيمة‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬غيرها‭ ‬القيام‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬أمة‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬صراط‭ ‬الله‭ ‬المستقيم‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬ولتكن‭ ‬منكم‭ ‬أمة‭ ‬يدعون‭ ‬إلى‭ ‬الخير‭ ‬ويأمرون‭ ‬بالمعروف‭ ‬وينهون‭ ‬عن‭ ‬المنكر‭ ‬وأولئك‭ ‬هم‭ ‬المفلحون‭) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬104‭.‬

وحتى‭ ‬تكون‭ ‬أمة‭ ‬العرب‭ ‬مؤهلة،‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭ ‬العظيمة‭ ‬جعلها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أمة‭ ‬وسطا،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وكذلك‭ ‬جعلناكم‭ ‬أمة‭ ‬وسطا‭ ‬لتكونوا‭ ‬شهداء‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬ويكون‭ ‬الرسول‭ ‬عليكم‭ ‬شهيدا‭..) ‬البقرة‭ / ‬143‭.‬

والوسطية‭ ‬هي‭ ‬أهم‭ ‬صفة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتصف‭ ‬بها‭ ‬الأمة‭ ‬الشاهدة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يطمع‭ ‬ظالم‭ ‬في‭ ‬حيفها،‭ ‬ولا‭ ‬ييأس‭ ‬ضعيف‭ ‬من‭ ‬عدلها،‭ ‬ولقد‭ ‬اختارنا‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لهذا‭ ‬الدين‭ - ‬أي‭ ‬للإسلام‭ - ‬الذي‭ ‬توافرت‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬في‭ ‬الشاهد‭ ‬العدول،‭ ‬فنحن‭ ‬أمة‭ ‬تتصل‭ ‬في‭ ‬وحدتها‭ ‬بالله‭ ‬تعالى،‭ ‬يقول‭ ‬سبحانه‭: (‬إن‭ ‬هذه‭ ‬أمتكم‭ ‬أمة‭ ‬واحدة‭ ‬وأنا‭ ‬ربكم‭ ‬فاعبدون‭) ‬الأنبياء‭ / ‬92‭.‬

إذًا،‭ ‬فهي‭ ‬أمة‭ ‬تستمد‭ ‬هداياتها‭ ‬من‭ ‬الوحي‭ ‬المبارك،‭ ‬وتصدر‭ ‬فيما‭ ‬تأخذ‭ ‬وتدع‭ ‬من‭ ‬إله‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬شريك‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬ند‭ ‬له‭ ‬بينما‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭ ‬شاب‭ ‬هداياتها‭ ‬دخن‭ ‬وشيء‭ ‬من‭ ‬الشوائب‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬سلطان‭: (‬وقالت‭ ‬اليهود‭ ‬عزير‭ ‬ابن‭ ‬الله‭ ‬وقالت‭ ‬النصارى‭ ‬المسيح‭ ‬ابن‭ ‬الله‭ ‬ذلك‭ ‬قولهم‭ ‬بأفواههم‭ ‬يضاهئون‭ ‬قول‭ ‬الذين‭ ‬كفروا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قاتلهم‭ ‬الله‭ ‬أنى‭ ‬يؤفكون‭) ‬التوبة‭ / ‬30‭. ‬

بينما‭ ‬التوحيد‭ ‬الإسلامي،‭ ‬توحيد‭ ‬خالص‭ ‬حدد‭ ‬معالمه‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬قل‭ ‬هو‭ ‬الله‭ ‬أحد‭ (‬1‭) ‬الله‭ ‬الصمد‭ (‬2‭) ‬لم‭ ‬يلد‭ ‬ولم‭ ‬يولد‭ (‬3‭) ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬كفوًا‭ ‬أحد‭) ‬سورة‭ ‬الإخلاص‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬تكاملت‭ ‬جوانب‭ ‬العقيدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬حيث‭ ‬اجتمعت‭ ‬الشريعة‭ ‬والعقيدة‭ ‬في‭ ‬مسمى‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬إن‭ ‬الدين‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬الإسلام‭) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬19‭. ‬وقال‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭: (‬ومن‭ ‬يبتغ‭ ‬غير‭ ‬الإسلام‭ ‬دينا‭ ‬فلن‭ ‬يقبل‭ ‬منه‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭ ‬من‭ ‬الخاسرين‭) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬85‭.‬

وقال‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬واضح‭ ‬وصريح‭: (‬اليوم‭ ‬أكملت‭ ‬لكم‭ ‬دينكم‭ ‬وأتممت‭ ‬عليكم‭ ‬نعمتي‭ ‬ورضيت‭ ‬لكم‭ ‬الإسلام‭ ‬دينًا‭) ‬المائدة‭ / ‬3‭. ‬فالله‭ ‬تعالى‭ ‬قد‭ ‬أعدنا،‭ ‬وهيأنا‭ ‬لنكون‭ ‬الأمة‭ ‬المختارة‭ ‬لهذا‭ ‬الدين‭ ‬العظيم،‭ ‬وحبانا‭ ‬بصفات‭ ‬لم‭ ‬يميز‭ ‬بها‭ ‬أمة‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬بأن‭ ‬جعلنا‭ ‬شهداء‭ ‬على‭ ‬الناس،‭ ‬وهذا‭ ‬شرف‭ ‬وتقدير‭ ‬لم‭ ‬تنله‭ ‬أمة‭ ‬قبلنا،‭ ‬وسوف‭ ‬ينادى‭ ‬علينا‭ ‬لنقدم‭ ‬شهادتنا‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الأشهاد‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬وتأكيدًا‭ ‬لهذا‭ ‬الدور‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬أمة‭ ‬العرب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أكرمها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭ ‬العظيمة،‭ ‬فقد‭ ‬آلت‭ ‬إليها‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف‭ ‬اليقين‭ ‬الثابت،‭ ‬وجعل‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬الفلاح‭ ‬كل‭ ‬الفلاح‭ ‬في‭ ‬الإيمان‭ ‬بهذا‭ ‬الدين،‭ ‬والالتزام‭ ‬بعقيدته‭ ‬وشريعته‭ ‬لتكون‭ ‬الأمة‭ ‬المختارة‭ ‬صاحبة‭ ‬الرسالة‭ ‬الخالدة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا