في ظل التحديات العالمية المتزايدة على سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الاستيراد، أصبحت الحاجة إلى منظومة غذائية خليجية موحدة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. إنشاء كيان خليجي مشترك يعنى بالأمن الغذائي ليس فقط ضرورة استراتيجية، بل فرصة ذهبية لتعزيز التكامل الاقتصادي، وترسيخ مفاهيم الاستدامة، وتحقيق الاكتفاء الغذائي على مستوى دول المجلس.
وتكمن البداية في تأسيس شركة خليجية موحدة تكون جميع الدول الأعضاء مساهمة فيها بحصص متساوية، ما يعزز من شعور الشراكة ويوزّع المخاطر والعوائد بالتساوي. يكون مقر هذا الكيان في دولة ذات موقع جغرافي استراتيجي قريب من الموانئ والمعابر الحيوية لتسهيل التصدير محلياً وخليجياً وحتى عالمياً. ويجب أن تتضمن هذه المنظومة مدينة متكاملة للوجستيات والتخزين ومعالجة الأغذية، مزودة بأحدث تقنيات حفظ الأغذية والمعايير العالمية للسلامة والجودة.
إحدى الركائز الأساسية للمنظومة هي بناء مخزون غذائي استراتيجي لا يقل عن 6 أشهر إلى سنة كاملة، ما يوفر هامش أمان عالٍ في أوقات الأزمات ويمنح مرونة في ضبط الأسعار والتدخل عند الضرورة. ويمكن تمويل المشروع جزئياً عبر طرح جزء من أسهم الشركة في البورصات الإقليمية والعالمية، ما يمنحها زخماً مالياً ويسهم في استقطاب المستثمرين.
كما يُعد إنشاء منصة إلكترونية ذكية خطوة أساسية لتسهيل عمليات الشراء والتسجيل للتجار والمستهلكين، مع تقديم خدمات رقمية شاملة تشمل التوزيع والتوصيل. ويجب أن تتضمن الاستراتيجية أيضاً آليات واضحة لتشجيع المستثمرين من خلال تسهيلات في الإجراءات وتقديم حوافز مدروسة، مع التركيز على جذب شركات تمتلك الخبرة والمعرفة التقنية (know-how) في إدارة المخازن وسلاسل الإمداد الغذائية.
وفي هذا السياق فإن نجاح هذه المبادرة سيمثل نقلة نوعية نحو اقتصاد خليجي أكثر تنوعاً واستقراراً، ويضع دول الخليج في مقدمة الدول المبتكرة في ملف الأمن الغذائي إقليمياً ودولياً.
ولا شك أن هذه الرؤية الطموحة لا يمكن أن تتحقق إلا بفضل الحكمة القيادية والنهج الاستباقي الذي تتبناه دول مجلس التعاون، حيث أثبتت قياداتنا مراراً وتكراراً أن التخطيط طويل الأجل والاستثمار في الاستدامة هما ركيزتان أساسيتان لمستقبل مشرق واقتصاد مرن يواكب التغيرات العالمية بثبات وثقة.
ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك