العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأثيرات أي اتفاق نووي مع إيران في أسواق الطاقة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ١٣ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

بعد‭ ‬خمس‭ ‬جولات‭ ‬من‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬دبلوماسيين‭ ‬أمريكيين‭ ‬وإيرانيين،‭ ‬بوساطة‭ ‬عُمانية،‭ ‬بدأت‭ ‬واشنطن،‭ ‬وطهران،‭ ‬تتوافقان‭ ‬ببطء‭ ‬على‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬لاتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد،‭ ‬يُفترض‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬محل‭ ‬اتفاق‭ ‬عام‭ ‬2015‭. ‬ورغم‭ ‬استمرار‭ ‬العقبة‭ ‬الأبرز‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬إذ‭ ‬رفض‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬الإيراني،‭ ‬آية‭ ‬الله‭ ‬علي‭ ‬خامنئي،‭ ‬مقترح‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬بقبول‭ ‬بلاده‭ ‬التخصيب‭ ‬المؤقت،‭ ‬واصفًا‭ ‬إياه‭ ‬بأنه‭ ‬هراء‭- ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المحادثات‭ ‬تُعدّ‭ ‬الأقرب‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق،‭ ‬منذ‭ ‬انسحاب‭ ‬واشنطن‭ ‬منه‭ ‬عام‭ ‬2018‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬تناول‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬التداعيات‭ ‬المحتملة‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الجديد،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مستقبلاً،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬التهديدات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بشن‭ ‬هجوم‭ ‬عسكري‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭. ‬وبينما‭ ‬أقر‭ ‬كولبي‭ ‬كونيلي،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بأن‭ ‬غالبية‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تتابع‭ ‬تطورات‭ ‬الاتفاق‭ ‬بـتفاؤل‭ ‬حذر،‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬تهدئة‭ ‬للتوترات‭ ‬القائمة؛‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬أيضًا‭ ‬عواقب‭ ‬جانبية‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة،‭ ‬نتيجة‭ ‬الارتفاع‭ ‬الكبير‭ ‬المرتقب‭ ‬في‭ ‬الصادرات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يفرض‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬النزولي‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬المتقلبة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬خفض‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية،‭ ‬توقعاتها‭ ‬لنمو‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬قليلًا‭ ‬على‭ ‬650‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬خلال‭ ‬بقية‭ ‬العام‭.‬

‮ ‬من‭ ‬جانبهم،‭ ‬انتقد‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مفاوضات‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬مع‭ ‬إيران‭. ‬ودعا‭ ‬سكوت‭ ‬موديل،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬رابيدان‭ ‬للطاقة،‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تبني‭ ‬سياسة‭ ‬الضغط‭ ‬الأقصى،‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني،‭ ‬بهدف‭ ‬انتزاع‭ ‬تنازلات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬طهران‭. ‬وأشار‭ ‬رون‭ ‬بوسو،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬انفراجة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مرتقبة‭ ‬ستتضمن‭ ‬رفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬طهران‭ ‬لن‭ ‬تقبل‭ ‬بأي‭ ‬اتفاق‭ ‬لا‭ ‬يشتمل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البند‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الحيوي‭.‬

ولفهم‭ ‬التأثير‭ ‬المحتمل‭ ‬لعودة‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭ ‬بصورة‭ ‬شرعية،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬الأوسع‭ ‬لسوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتصدير‭ ‬الحالية‭ ‬لإيران‭. ‬وأشار‭ ‬كونيلي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬تعرضت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬لما‭ ‬وصفه‭ ‬بـالضربة‭ ‬المزدوجة‭ ‬لعدم‭ ‬اليقين‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬تمثلت‭ ‬أولًا‭ ‬في‭ ‬الزيادات‭ ‬الجمركية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـيوم‭ ‬التحرير‭ -‬والتي‭ ‬توقع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭- ‬وثانيًا‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬تحالف‭ ‬أوبك‭+‬،‭ ‬رفع‭ ‬إنتاجه‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬1.2‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬خلال‭ ‬أشهر‭ ‬مايو‭ ‬ويونيو‭ ‬ويوليو‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭.‬

وفي‭ ‬أبريل‭ ‬2025،‭ ‬تراجع‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬60‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭. ‬وخلال‭ ‬شهري‭ ‬مايو‭ ‬وبداية‭ ‬يونيو،‭ ‬تراوح‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬خام‭ ‬برنت،‭ ‬بين‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬عند‭ ‬59‭.‬51‭ ‬دولارًا،‭ ‬وأعلى‭ ‬مستوى‭ ‬عند‭ ‬66‭.‬52‭ ‬دولارًا،‭ ‬مسجلًا‭ ‬65‭.‬74‭ ‬دولارًا‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬يونيو‭ ‬2025،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقل‭ ‬بنحو‭ ‬20‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬السابق‭. ‬ورغم‭ ‬تسجيل‭ ‬الأسعار‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬طفيفًا‭ ‬ومؤقتًا‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الماضية‭ ‬بنسبة‭ ‬1%،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بأنباء‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬إسرائيل‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬نووية‭ ‬إيرانية؛‭ ‬فإن‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب،‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬حول‭ ‬اقتراب‭ ‬واشنطن،‭ ‬وطهران،‭ ‬من‭ ‬إبرام‭ ‬صفقة،‭ ‬تسببت‭ ‬لاحقًا‭ ‬في‭ ‬هبوط‭ ‬الأسعار‭ ‬بنسبة‭ ‬4%‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالطلب‭ ‬المستقبلي‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬فقد‭ ‬خفّضت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬لشهر‭ ‬مايو‭ ‬تقديراتها‭ ‬لنمو‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬عليه‭ ‬إلى‭ ‬740‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬بتراجع‭ ‬قدره‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬عن‭ ‬التقديرات‭ ‬السابقة‭.‬

وبشكل‭ ‬كبير،‭ ‬تراجعت‭ ‬صادرات‭ ‬إيران‭ ‬النفطية‭ ‬عقب‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬الأولى‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬حيث‭ ‬انخفضت‭ ‬الصادرات‭ ‬من‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬فقط‭ ‬بعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬وهو‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكرته‭ ‬سامانثا‭ ‬دارت،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬جولدمان‭ ‬ساكس،‭ ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬طهران‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬إمداداتها‭ ‬بنحو‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭. ‬وأشارت‭ ‬توريل‭ ‬بوسوني،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الحالية‭ ‬لها‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬3‭.‬7‭ ‬و3‭.‬8‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭.‬

وتشير‭ ‬بيانات‭ ‬شركة‭ ‬كبلر،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الإيرانية،‭ ‬قد‭ ‬استقرت‭ ‬عند‭ ‬متوسط‭ ‬يبلغ‭ ‬نحو‭ ‬1‭.‬65‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـموديل،‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الصادرات‭ ‬تقريبًا‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬واحدة،‭ ‬هي‭ ‬الصين‭. ‬وأكدت‭ ‬وكالة‭ ‬بلومبرج،‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬إيران‭ ‬حاليًا‭ ‬طاقة‭ ‬إنتاجية‭ ‬فائضة‭ ‬تُقدّر‭ ‬بنحو‭ ‬300,000‭ ‬إلى‭ ‬400,000‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬يمكن‭ ‬استعادتها‭ ‬وتوجيهها‭ ‬إلى‭ ‬التصدير‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشار‭ ‬بوسو،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬أظهر‭ ‬مرونة‭ ‬كبيرة،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المتزايدة،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬طهران،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬مستويات‭ ‬الإنتاج‭ ‬بسرعة‭. ‬وأشار‭ ‬كونيلي،‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬عودة‭ ‬نحو‭ ‬500,000‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتأثير‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية،‭ ‬أوضح‭ ‬كونيلي،‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬حين‭ ‬دفعت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬السابقة‭ ‬باتجاه‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬وخففت‭ ‬بعض‭ ‬القيود‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬إيران‭ ‬النفطية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬طلب‭ ‬عالمي‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬النفط‭ -‬آنذاك‭- ‬بمعدل‭ ‬نمو‭ ‬بلغ‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬سنويًا‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬فتوقّعات‭ ‬نمو‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬تقلّ‭ ‬عن‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬فقط،‭ ‬وسط‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬التقلب‭ ‬وعدم‭ ‬اليقين،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬استيعاب‭ ‬تدفق‭ ‬إضافي‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭.‬

وبسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬التجارة‭ ‬السرية‭ ‬وغير‭ ‬المعلنة‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬إيران،‭ ‬يصعب‭ ‬معرفة‭ ‬الحجم‭ ‬الحقيقي‭ ‬لصادراتها‭ ‬الحالية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انقسام‭ ‬آراء‭ ‬خبراء‭ ‬الصناعة‭ ‬حول‭ ‬الأثر‭ ‬المحتمل‭ ‬لذلك‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭. ‬فبينما‭ ‬رأت‭ ‬أمريتا‭ ‬سين،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬إنيرجي‭ ‬أسبيكس،‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬بالكامل‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬متوقعة‭ ‬زيادة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬200,000‭ ‬و300,000‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬فقط‭ ‬تساءلت‭ ‬دارت،‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬طرح‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬معتبرًة‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬بنحو‭ ‬8‭ ‬دولارات‭ ‬للبرميل‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬توقع‭ ‬موقع‭ ‬بلومبرغ‭ ‬إنتليجنس،‭ ‬أن‭ ‬ينخفض‭ ‬سعر‭ ‬خام‭ ‬غرب‭ ‬تكساس‭ ‬الوسيط،‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬40‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني،‭ ‬وهو‭ ‬نطاق‭ ‬سعري،‭ ‬وصفه‭ ‬كونيلي،‭ ‬بأنه‭ ‬سيكون‭ ‬مدمرًا‭ ‬لصناعة‭ ‬النفط‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬تداعيات‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬المشترين؛‭ ‬حذر‭ ‬بوسو،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المصافي‭ ‬الصينية‭ ‬المستقلة،‭ ‬التي‭ ‬ازدهرت‭ ‬بفضل‭ ‬شراء‭ ‬الخام‭ ‬الإيراني‭ ‬المخفّض‭ ‬السعر،‭ ‬ستكون‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الخاسرين،‭ ‬حيث‭ ‬ستتلقى‭ ‬ضربة‭ ‬قاضية،‭ ‬إذا‭ ‬عادت‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬النفط‭ ‬الشرعية‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أعضاء‭ ‬تحالف‭ ‬أوبك‭+‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬تعد‭ ‬مؤثرة‭ ‬للغاية،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬اتفاقهم‭ ‬مؤخرًا‭ ‬على‭ ‬إضافة‭ ‬411‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬بحلول‭ ‬يوليو2025‭. ‬وأوضح‭ ‬هاري‭ ‬تشيلينغويريان،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬أونيكس‭ ‬كابيتال،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬جاء‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تقدير‭ ‬مفاده‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬الأسعار‭ ‬الإيرادات‭ ‬المطلوبة،‭ ‬فسيتم‭ ‬التعويض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬الحجم‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالإجراءات‭ ‬المحتملة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتخذها‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الصادرات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات؛‭ ‬أشار‭ ‬كونيلي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬قد‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬أعضاء‭ ‬أوبك؛‭ ‬لإعادة‭ ‬تحديد‭ ‬حصص‭ ‬الإنتاج‭ ‬الخاصة‭ ‬بإيران،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الإيرانيين،‭ ‬سيرفضون‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬أحادية‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لتقييد‭ ‬إنتاجهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬أكثر‭ ‬انفتاحًا‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القيود،‭ ‬إذا‭ ‬فُرضت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬منظمة‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف،‭ ‬مثل‭ ‬أوبك،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬طهران‭ ‬عضوًا‭ ‬فيها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أوضح‭ ‬جيوفاني‭ ‬ستونوفو،‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬يو‭ ‬بي‭ ‬إس،‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬شُحٍّ‭ ‬نسبي،‭ ‬لافتًا‭ ‬إلى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬كميات‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬الإمدادات،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الزيادات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أوبك‭+ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬واستعداد‭ ‬إيران‭ ‬للانضمام‭ ‬إليهما‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬خفضت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية،‭ ‬توقعاتها‭ ‬لنمو‭ ‬الطلب،‭ ‬مما‭ ‬يضفي‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬التعقيد‭ ‬على‭ ‬مشهد‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭.‬

وفيما‭ ‬تتعثر‭ ‬المفاوضات‭ ‬النووية‭ ‬مجددًا‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وإيران،‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬يُشير‭ ‬الوضع‭ ‬إلى‭ ‬مأزق‭ ‬سياسي‭ ‬يصعب‭ ‬تجاوزه‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬بسرعة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي،‭ ‬الذي‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬عبر‭ ‬منصته‭ ‬تروث‭ ‬سوشيال‭ ‬بـوقف‭ ‬جميع‭ ‬مشتريات‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬فورًا،‭ ‬مهددًا‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬منظمة‭ ‬تستورد‭ ‬أي‭ ‬كمية‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬ستتعرض‭ ‬لـعقوبات‭ ‬ثانوية‭ ‬فورية‭.‬

وعليه،‭ ‬يرى‭ ‬كونيلي،‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬وشركاءها‭ ‬سيواجهون‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬احتواء،‭ ‬تدفق‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭. ‬وأكدت‭ ‬سين،‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬السلبية‭ ‬الواضحة،‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬المحللين،‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬موجود‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬سرية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬التأثير‭ ‬الإجمالي‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬السوق،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كبيرًا،‭ ‬لأن‭ ‬إيران‭ ‬تتاجر‭ ‬فعليًّا‭ ‬بكميات‭ ‬ضخمة‭ ‬مع‭ ‬عملائها‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الصين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا