العدد : ١٧٢٤٧ - الخميس ١٢ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٧ - الخميس ١٢ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تباين الموقف البريطاني بين التعاطف مع فلسطين ودعم إسرائيل

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ١١ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

بعد‭ ‬مرور‭ ‬600‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬مروعة،‭ ‬ومتواصلة‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬أجرت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية،‭ ‬برئاسة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السير‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬بعض‭ ‬التعديلات‭ ‬المحدودة‭ ‬على‭ ‬سياستها‭ ‬تجاه‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬حيث‭ ‬استدعت‭ ‬السفير‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لدى‭ ‬المملكة،‭ ‬وعلّقت‭ ‬المحادثات‭ ‬التجارية،‭ ‬وفرضت‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬المستوطنين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬طالب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البرلمانيين‭ ‬البريطانيين،‭ ‬والمسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬السابقين،‭ ‬والأكاديميين،‭ ‬والخبراء‭ ‬القانونيين؛‭ ‬البرلمان‭ ‬باتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬أكثر‭ ‬حزمًا‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬خبير‭ ‬قانوني‭ -‬من‭ ‬ضمنهم‭ ‬قاضيَا‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬السابقان،‭ ‬اللورد‭ ‬‮«‬ويلسون‮»‬،‭ ‬واللورد‭ ‬‮«‬سامبشن‮»‬‭- ‬والذين‭ ‬دعوا‭ ‬مؤخرًا‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬فورية،‭ ‬تشمل‭ ‬حظر‭ ‬السفر،‭ ‬وتجميد‭ ‬الأصول‭ ‬المالية‭ ‬بحق‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التعليق‭ ‬الفوري‭ ‬لمبيعات‭ ‬ونقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬تمامًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬المنتقدة‭ -‬وبخلاف‭ ‬الاتجاه‭ ‬العام‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬البريطاني‭ ‬الذي‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬إدانة‭ ‬الحرب‭- ‬واصل‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬بوصفه‭ ‬أبرز‭ ‬أحزاب‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬تبني‭ ‬مواقف‭ ‬مؤيدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬سواء‭ ‬بوسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬أو‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان،‭ ‬وهي‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬السردية‭ ‬الدعائية‭ ‬التي‭ ‬يروج‭ ‬لها‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬المتطرفون‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأكاذيب‭ ‬الممنهجة‭ ‬لتبرير‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والانتهاكات‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬

ويمتلك‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬كيمي‭ ‬بادينوك‮»‬،‭ ‬120‭ ‬مقعدًا‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العموم‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التغطية‭ ‬الإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬ركّزت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬موقعها‭ ‬داخل‭ ‬الحزب،‭ ‬وعلى‭ ‬التصريحات‭ ‬التحريضية‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬بشأن‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬سجلها‭ ‬الطويل‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتجاهل‭ ‬معاناة‭ ‬الفلسطينيين؛‭ ‬أدلت‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬بتصريحات‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬أمام‭ ‬تجمع‭ ‬لأصدقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬المحافظين،‭ ‬زعمت‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬حزبها‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأخير‮»‬‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬بـ«تحالف‭ ‬غير‭ ‬مقدس‭ ‬بين‭ ‬اليسار‭ ‬المتشدد‭ ‬والمتطرفين‭ ‬الإسلاميين‮»‬‭. ‬وبعدها،‭ ‬وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬ادعت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وإصابة‭ ‬وتشريد‭ ‬لمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬بالوكالة‮»‬‭ ‬تشنها‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬نواب‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬في‭ ‬مجلسي‭ ‬العموم‭ ‬واللوردات،‭ ‬أثاروا‭ ‬تساؤلات‭ ‬بشأن‭ ‬سياسات‭ ‬بريطانيا‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬فإن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تواصل‭ ‬دعمها‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬غالبًا‭ ‬عبر‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬فعاليات‭ ‬خاصة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التصريحات‭ ‬العلنية‭ ‬أو‭ ‬المواقف‭ ‬البرلمانية‭ ‬الرسمية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬كريس‭ ‬دويل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التفاهم‭ ‬العربي‭ ‬البريطاني‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬إدراك‭ ‬سياسي‭ ‬واضح‭ ‬لحجم‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬متسائلًا‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مروعة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‮»‬،‭ ‬لتدفع‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬دعمه‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل‭.‬

وحتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتولى‭ ‬زعامة‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬عقب‭ ‬هزيمة‭ ‬‮«‬ريشي‭ ‬سوناك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬نفسه؛‭ ‬أظهرت‭ ‬‮«‬بادينوك‮»‬،‭ ‬توجهاتها‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬امتنعت‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العموم‮»‬،‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬تأييد‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لأسباب‭ ‬إنسانية‭. ‬

ومنذ‭ ‬توليها‭ ‬زعامة‭ ‬الحزب،‭ ‬دافعت‭ ‬علنًا‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬فعقب‭ ‬منع‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬دخول‭ ‬نائبين‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬كانا‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬برلمانية‭ ‬لتقصي‭ ‬الحقائق‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2025؛‭ ‬سارعت‭ ‬إلى‭ ‬تأييد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬حدودها‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬تكتف‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬ألمحت‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬دوافع‭ ‬خبيثة‮»‬،‭ ‬وراء‭ ‬زيارتهما،‭ ‬بالقول‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يمثلوننا‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تخشى‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬نواياهم‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬أثارت‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬موجة‭ ‬انتقادات‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية،‭ ‬ووصفها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬لامي‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مشينة‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬رفضت‭ ‬‮«‬إميلي‭ ‬ثورنبيري‮»‬،‭ ‬رئيسة‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬ووصفتها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬هُراء‮»‬‭.‬

ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬صعدت‭ ‬‮«‬بادينوك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬تعليقاتها‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وفي‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬تحدثت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العموم‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬‮«‬الخطأ‭ ‬تمامًا‮»‬،‭ ‬منح‭ ‬عائلة‭ ‬فلسطينية‭ -‬مؤلفة‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أفراد‭ ‬دُمر‭ ‬منزلها‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بغارة‭ ‬جوية‭ ‬إسرائيلية‭- ‬حق‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وادعت‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬أن‭ ‬نواب‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬المنتقدين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬‮«‬يروجون‭ ‬لرواية‭ ‬حماس‮»‬‭. ‬وعطفًا‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬،‭ ‬بزيادة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬لإنهاء‭ ‬قصفها‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحكومتين‭ ‬الفرنسية‭ ‬والكندية؛‭ ‬صرحت‭ ‬بأن‭ ‬القرار‭ ‬قُوبل‭ ‬‮«‬بهتافات‭ ‬إرهابية‮»‬‭. ‬

وكأمثلة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬سعيها‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬مصالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية؛‭ ‬أبدت‭ ‬اعتراضها‭ ‬على‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقي‭ ‬بثته‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‮»‬‭ (‬BBC‭) ‬بعنوان‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬تنجو‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬حرب‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬تناول‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬تقدمت‭ ‬بشكوى‭ ‬إلى‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للهيئة،‭ ‬مدعية‭ ‬أن‭ ‬تغطيتها‭ ‬‮«‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬المصداقية‮»‬،‭ ‬ولوّحت‭ ‬بسحب‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬أصبحت‭ ‬رئيسة‭ ‬للوزراء‭. ‬وفي‭ ‬منتصف‭ ‬مايو،‭ ‬حلت‭ ‬أيضًا‭ ‬كأحد‭ ‬ضيوف‭ ‬فعالية‭ ‬سرية‭ ‬نظمتها‭ ‬السفارة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بلندن‭ ‬احتضنها‭ ‬المتحف‭ ‬البريطاني‭.‬

وفي‭ ‬19‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬أدلت‭ ‬‮«‬بادينوك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬خطابها‭ ‬خلال‭ ‬غداء‭ ‬عمل‭ ‬استضافته‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬أصدقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬المحافظون‮»‬،‭ ‬بتصريحات‭ ‬لم‭ ‬تنشرها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬البريطانية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬و«الجارديان‮»‬،‭ ‬و«الإندبندنت‮»‬،‭ ‬و«التلجراف‮»‬،‭ ‬موجّهة‭ ‬رسالة‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭.. ‬نحن‭ ‬نقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبكم‮»‬،‭ ‬مؤكدة‭ ‬مجددًا‭ ‬‮«‬دعمها‭ ‬الثابت‭ ‬لإسرائيل‮»‬‭.‬

وبعد‭ ‬خطابها‭ ‬المثير‭ ‬للجدل،‭ ‬واصلت‭ ‬‮«‬بادينوك‮»‬،‭ ‬نهجها‭ ‬التحريضي‭ ‬خلال‭ ‬مقابلة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬أجرتها‭ ‬مع‭ ‬السير‭ ‬‮«‬تريفور‭ ‬فيليبس‮»‬،‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬للجنة‭ ‬المساواة‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬البريطانية،‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬زعمت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬التوثيق‭ ‬الدولي‭ ‬المتزايد‭ ‬للجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭. ‬وعندما‭ ‬واجهها‭ ‬‮«‬فيليبس‮»‬،‭ ‬بأسئلة‭ ‬مباشرة،‭ ‬حول‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬انتقاد‭ ‬من‭ ‬جانبها‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬تهربت‭ ‬من‭ ‬الرد‭ ‬المباشر،‭ ‬مدعية‭ ‬أن‭ ‬أفعال‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬خطاب‭ ‬نتنياهو‭ ‬وأعضاء‭ ‬ائتلافه‭ ‬المتطرف،‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬من‭ ‬اختصاصها‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬تموّل‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬وادعت‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تُعد‭ ‬‮«‬حربًا‭ ‬بالوكالة‮»‬‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬بريطانيا،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مقاومة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬‮«‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬أوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬أثار‭ ‬خطابها‭ ‬إدانة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬سياسيين‭ ‬ونشطاء‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وندد‭ ‬‮«‬أيوب‭ ‬خان‮»‬،‭ ‬النائب‭ ‬المستقل‭ ‬عن‭ ‬دائرة‭ ‬‮«‬برمنغهام‮»‬،‭ ‬بهذه‭ ‬التصريحات‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مفلسة‭ ‬أخلاقيًا‮»‬،‭ ‬و«مخادعة‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬تصريحاتها‭ ‬‮«‬محاولة‭ ‬لنسج‭ ‬روايات‭ ‬كاذبة،‭ ‬ونشر‭ ‬معلومات‭ ‬مضللة‮»‬،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تُكرر‭ ‬خطاب‭ ‬حكومة‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬ووصفها‭ ‬‮«‬دويل‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬موقف‭ ‬مشين‭ ‬آخر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬زعيمة‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنها‭ ‬انحازت‭ ‬بوضوح‭ ‬لرجل‭ ‬مطلوب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬‮«‬جرائم‭ ‬حرب‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬رفضها‭ ‬إدانة‭ ‬أفعال‭ ‬إسرائيل‭ ‬يعكس‭ ‬‮«‬استمرار‭ ‬العنصرية‭ ‬المعادية‭ ‬للعرب،‭ ‬والموقف‭ ‬المعادي‭ ‬للإسلام‭ ‬لدى‭ ‬قيادتها‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬عكس‭ ‬المشهد‭ ‬داخل‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬وجود‭ ‬دعم‭ ‬مؤسسي‭ ‬قوي‭ ‬ومستمر‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬رغم‭ ‬الانتقادات‭ ‬المتفرقة‭ ‬التي‭ ‬أبداها‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬بشأن‭ ‬السياسة‭ ‬البريطانية‭ ‬تجاه‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬شارك‭ ‬12‭ ‬نائبًا‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬الظل‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬بادينوك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬فعالية‭ ‬‮«‬أصدقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬المحافظون‮»‬،‭ ‬سابق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬مايو‭- ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الوزيرتين‭ ‬السابقتين‭ ‬‮«‬سويلا‭ ‬برافرمان‮»‬،‭ ‬واللورد‭ ‬‮«‬إريك‭ ‬بيكلز‮»‬‭- ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬تأييدًا‭ ‬مؤسسيًا‭ ‬مستمرًا‭ ‬داخل‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭.‬

كما‭ ‬برزت‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬بريتي‭ ‬باتيل‮»‬،‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الظل،‭ ‬كداعمة‭ ‬صريحة‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وردا‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬،‭ ‬بتعليق‭ ‬30‭ ‬ترخيصًا‭ ‬لتصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬وصفت‭ ‬القرار‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬خيانة‭ ‬صادمة‭ ‬لحليف‭ ‬رئيسي‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬تناقضت‭ ‬مواقفها‭ ‬مع‭ ‬آراء‭ ‬حقوقيين،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬جولي‭ ‬نورمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬لندن‭ ‬كوليدج‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كافيًا‭ ‬لإحداث‭ ‬تأثير‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

وفي‭ ‬أواخر‭ ‬مايو2025،‭ ‬ومع‭ ‬زيادة‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬المنتقدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬أطلقت‭ ‬‮«‬باتيل‮»‬،‭ ‬تصريحات‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬حيث‭ ‬شددت‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬لما‭ ‬وصفته‭ ‬بـ«أفعال‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬حماس‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬تعليقه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬دويل‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬باتيل‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬تُظهر‭ ‬‮«‬أي‭ ‬انتقاد‭ ‬يُذكر‭ ‬لإسرائيل‭ ‬طوال‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬التي‭ ‬شغلت‭ ‬فيها‭ ‬منصبها‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬افتقار‭ ‬خطابها‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أي‭ ‬تعاطف‭ ‬حقيقي‭ ‬مع‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬حجم‭ ‬المأساة‭ ‬هناك‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬رفض‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان،‭ ‬والنبلاء‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬الموقف‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬حزبهم،‭ ‬وانضموا‭ ‬إلى‭ ‬دعوات‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وقد‭ ‬قاد‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الوزير‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬كيت‭ ‬مالثاوس‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬اعترف‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عانى‭ ‬لعقود‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬والتشريد‭ ‬والقيود‭ ‬المنهجية‭ ‬على‭ ‬حرياته‭ ‬الأساسية‮»‬،‭ ‬واعتبر‭ ‬أن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬‮«‬سيرسل‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬بأن‭ ‬بريطانيا‭ ‬تقف‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وتدعم‭ ‬التطلعات‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬بقي‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأخلاقي‭ ‬يمثل‭ ‬أقلية‭ ‬داخل‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭.‬

وقد‭ ‬لخص‭ ‬‮«‬خان‮»‬،‭ ‬المشهد‭ ‬بتأكيده‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬بادينوك‮»‬،‭ ‬منذ‭ ‬توليها‭ ‬زعامة‭ ‬المعارضة،‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬نمطًا‭ ‬مقلقًا‮»‬‭ ‬يتكرر‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬الغربيين،‭ ‬ممن‭ ‬يفضلون‭ ‬‮«‬تشويه‭ ‬الواقع‭ ‬وتضليل‭ ‬الجمهور»؛‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحقيقة‭ ‬والعدالة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬‮«‬يواصل‭ ‬فيه‭ ‬الأبرياء‭ ‬المعاناة‮»‬،‭ ‬جراء‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والغزو‭ ‬البري،‭ ‬والحصار‭ ‬على‭ ‬الإمدادات‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فرص‭ ‬‮«‬بادينوك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬رئيسة‭ ‬للوزراء‭ ‬تبدو‭ ‬‮«‬ضعيفة‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬شعبيتها‭ -‬بحسب‭ ‬استطلاع‭ ‬‮«‬يوجوف‮»‬‭- ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬22%،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬خطابها‭ ‬المؤيد‭ ‬لإسرائيل‭ ‬والمهين‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬يُجسد‭ ‬موقفًا‭ ‬أوسع‭ ‬داخل‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬يتبناه‭ ‬قادة‭ ‬بارزون،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬باتيل‮»‬،‭ ‬ويحظى‭ ‬بدعم‭ ‬ضمني‭ ‬من‭ ‬غالبية‭ ‬أعضاء‭ ‬الحزب‭ ‬البرلمانيين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا