العدد : ١٧٢٤٦ - الأربعاء ١١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٦ - الأربعاء ١١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لماذا فشلت المعاهدات النووية في وقف سباق التسلح النووي؟

يقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الثلاثاء ١٠ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

أعلنَ‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬مايو‭ ‬2025‭ ‬من‭ ‬المكتب‭ ‬البيضاوي‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬اختياره‭ ‬لنظام‭ ‬الصواريخ‭ ‬الدفاعية‭ ‬للقبة‭ ‬الذهبية،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬قدَّر‭ ‬مكتب‭ ‬الميزانية‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬بأن‭ ‬بناء،‭ ‬ونشر‭ ‬وتشغيل‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬الاعتراضية‭ ‬الفضائية‭ ‬يكلف‭ ‬ما‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬161‭ ‬و542‭ ‬بليون‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬القادمين‭. ‬فهذا‭ ‬النظام‭ ‬المتطور‭ ‬جداً‭ ‬سيَستخدم‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬الأرض‭ ‬والأسلحة‭ ‬الفضائية‭ ‬لاعتراض‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬من‭ ‬صواريخ‭ ‬باليستية‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬سواء‭ ‬التي‭ ‬تُطلق‭ ‬من‭ ‬الفضاء،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬موقع‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭. ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬المعارك‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأعدائها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬البر،‭ ‬والبحر،‭ ‬والجو‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬كوكبنا،‭ ‬وإنما‭ ‬أيضاً‭ ‬ستنتقل‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬الفضاء‭ ‬الواسع‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭.‬

فمثل‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬الاستفزازي‭ ‬الذي‭ ‬يستعرض‭ ‬فيه‭ ‬ترامب‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬تقدم‭ ‬وتطور‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬الفضائي‭ ‬خارج‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬ويبين‭ ‬فيه‭ ‬قوته‭ ‬وجبروته‭ ‬وسبقه‭ ‬في‭ ‬غزو‭ ‬الفضاء‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العسكرية،‭ ‬فهذا‭ ‬الإعلان‭ ‬لن‭ ‬يمر‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬مرور‭ ‬الكرام،‭ ‬فهو‭ ‬يحيي‭ ‬عند‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬المتنافسة‭ ‬عسكرياً‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬ذاكرة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬العقيمة‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬وأعظم‭ ‬دولتين،‭ ‬هما‭ ‬أمريكا‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ (‬روسيا‭ ‬حالياً‭). ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬العسكري‭ ‬يثير‭ ‬حفيظة‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام،‭ ‬ويجدد‭ ‬من‭ ‬غضبهم،‭ ‬ويحرك‭ ‬فيهم‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬سواء‭ ‬التسلح‭ ‬التقليدي‭ ‬عامة،‭ ‬أو‭ ‬التسلح‭ ‬النووي‭ ‬خاصة،‭ ‬فكأن‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬يمثل‭ ‬ولادة‭ ‬جديدة‭ ‬لسباق‭ ‬نووي‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولتين،‭ ‬ويشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬لأمن‭ ‬وسلامة‭ ‬كوكبنا‭ ‬برمته‭.‬

ولذلك‭ ‬جاءت‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬الأمريكي‭ ‬سريعة‭ ‬ومباشرة‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية،‭ ‬حيث‭ ‬قالت‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭: ‬‮«‬مهووسة‭ ‬بالسعي‭ ‬إلى‭ ‬الأمن‭ ‬المطلق‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬حذَّرت‭ ‬بأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬الاستفزازية‭: ‬‮«‬تخالف‭ ‬مبدأ‭ ‬الاستخدام‭ ‬السلمي‭ ‬للفضاء‭ ‬الخارجي‮»‬،‭ ‬فيحول‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬معارك‭ ‬وقتال،‭ ‬وأضافت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬بأن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬الأمريكي‭ ‬سيزيد‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬ويعرض‭ ‬الأمن‭ ‬الفضائي‭ ‬لخطر‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭. ‬وتأكيدا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القلق‭ ‬الصيني‭ ‬خاصة‭ ‬والدولي‭ ‬عامة،‭ ‬نشرت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬‭ ‬مقالاً‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬مايو‭ ‬2025‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬رجوع‭ ‬حرب‭ ‬النجوم،‭ ‬سعي‭ ‬ترامب‭ ‬للهيمنة‭ ‬المدارية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬المقال‭ ‬إلى‭ ‬مصداقية‭ ‬التحفظات‭ ‬الصينية‭ ‬والدولية،‭ ‬وحذَّرت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينجر‭ ‬العالم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬إنفاق‭ ‬التريليونات‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬السبق‭ ‬والتفوق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السباق‭ ‬العقيم‭ ‬المهلك‭ ‬للحرث‭ ‬والنسل،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬صرفه‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬وتحسين‭ ‬أحوال‭ ‬الشعوب‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬البشري‭.‬

فمن‭ ‬الواضح‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أنها‭ ‬تلعب‭ ‬لوحدها،‭ ‬وبمعزل‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬وكأنها‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬كوكب‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬أحقية‭ ‬أمريكا‭ ‬وملكيتها‭ ‬للفضاء‭ ‬العام‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬فهي‭ ‬تملك‭ ‬الفضاء‭ ‬كلياً،‭ ‬وتملك‭ ‬حق‭ ‬غزوه‭ ‬واحتلاله‭ ‬واستغلاله،‭ ‬فتتصرف‭ ‬فيه‭ ‬كما‭ ‬تشاء،‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬تريد‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب‭ ‬تؤكد‭ ‬عدم‭ ‬اعترافه‭ ‬بالقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬الفضاء،‭ ‬وضربه‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬المعاهدات‭ ‬الأممية‭ ‬حول‭ ‬تقنين‭ ‬وتنظيم‭ ‬استخدام‭ ‬بيئة‭ ‬الفضاء،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬البعض‭ ‬منها‭.‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

أولاً‭: ‬المعاهدة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬للفضاء،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬معاهدة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬1967،‭ ‬وتُعرف‭ ‬رسمياً‭ ‬باسم معاهدة‭ ‬المبادئ‭ ‬المنظمة‭ ‬لأنشطة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬استكشاف‭ ‬واستخدام‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‮ ‬القمر والأجرام‭ ‬السماوية الأخرى‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬بنوده،‭ ‬حظر‭ ‬وضع أسلحة‭ ‬نووية أو‭ ‬أية‭ ‬أسلحة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬الأرض،‭ ‬أو‭ ‬تثبيتها‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬جرم‭ ‬سماوي،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬الفضاء‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬الدول‭ ‬مسؤولية‭ ‬أية‭ ‬أضرار‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬الاستخدام‭ ‬المدني‭ ‬السلمي‭ ‬للفضاء‭ ‬وعن‭ ‬الأنشطة‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭. ‬كما‭ ‬تؤكد‭ ‬المعاهدة‭ ‬بأن‭ ‬الفضاء‭ ‬تراث‭ ‬ومورد‭ ‬بيئي‭ ‬طبيعي‭ ‬عام‭ ‬مشترك‭ ‬لجميع‭ ‬سكان‭ ‬الأرض،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تنتفع‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬المنافع‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬منها‭.‬

ثانياً‭: ‬معاهدة‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬‭ (‬NPT‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬معاهدة‭ ‬‮«‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬1970،‭ ‬وهي‭ ‬المعاهدة‭ ‬الرئيسة‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فهي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬وتقنية‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستخدامات‭ ‬السلمية‭ ‬للطاقة‭ ‬النووية‭. ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬بنودها‭ ‬تعهد‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الحائزة‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬بعدم‭ ‬نقلها‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬لا‭ ‬مباشرة‭ ‬ولا‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬وعدم‭ ‬مساعدة‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬النووي‭.‬

ثالثاً‭: ‬هناك‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وروسيا‭ ‬كدولتين‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬للسباق‭ ‬في‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬والتقليدية‭ ‬بينهما‭. ‬وجاءت‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬ستارت‮»‬‭ (‬START‭) ‬الأول،‭ ‬والثاني،‭ ‬و«ستارت‭ ‬الجديدة‮»‬،‭ ‬واتفاقية‭ ‬الصواريخ‭ ‬النووية‭ ‬متوسطة‭ ‬المدى،‭ ‬وهي‭ ‬جميعها‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬حدود‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬ونوعية‭ ‬الأسلحة‭ ‬الهجومية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للبلدين‭ ‬امتلاكها‭. ‬

والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬الآن‭: ‬هل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وبخاصة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬النووية‭ ‬التزمت‭ ‬بتنفيذ‭ ‬بنود‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدات؟‭ ‬وهل‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬والثانية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬النووي؟

الواقع‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬نشهده‭ ‬اليوم‭ ‬يؤكد‭ ‬بأن‭ ‬الدول‭ ‬النووية‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬كلياً‭ ‬ببنود‭ ‬المعاهدات،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأقل‭ ‬التزمت‭ ‬بالبنود‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬مصالحها‭ ‬القومية‭ ‬وأهدافها‭ ‬العسكرية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدات‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬النووي‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬الناحيتين‭ ‬العددية‭ ‬والنوعية،‭ ‬كما‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬نووية‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬النادي‭ ‬النووي‭.‬

فإذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬والمعاهدات‭ ‬الأممية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬والمتعلق‭ ‬بامتلاكها،‭ ‬أو‭ ‬إنتاجها،‭ ‬أو‭ ‬تحويل‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للأنشطة‭ ‬العسكرية‭ ‬المدمرة،‭ ‬فما‭ ‬جدوى‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدات؟‭ ‬وما‭ ‬الفائدة‭ ‬الواقعية‭ ‬والحقيقية‭ ‬منها‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬دائماً‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬وجودها؟

إنه‭ ‬العبث‭ ‬الدولي‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ممثلاً‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بمنظماتها،‭ ‬ووكالاتها،‭ ‬ومجالسها‭ ‬للشعوب‭ ‬والدول‭ ‬المستضعفة‭ ‬والفقيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نفوذ‭ ‬لها،‭ ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬فهذه‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬النووية‭ ‬وغير‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬إلا‭ ‬أدوات‭ ‬ووسائل‭ ‬تُطْلق‭ ‬شرعياً‭ ‬سراح‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬لتفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬أو‭ ‬ضوابط،‭ ‬فتحتكر‭ ‬السلطة‭ ‬والقوة‭ ‬والمنافع‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تُضيق‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة‭ ‬والنامية‭ ‬فتُقيد‭ ‬من‭ ‬حركتها‭ ‬ونموها،‭ ‬وتمنعها‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬ودخول‭ ‬سباق‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬التنموية‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا