العدد : ١٧٢٤٨ - الجمعة ١٣ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٨ - الجمعة ١٣ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن الألمان والنسوان

لا‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬أحدا‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬سمع‭ ‬بنكتة‭ ‬ألمانية،‭ ‬أو‭ ‬صنف‭ ‬أكل‭ ‬ألماني،‭ ‬فالألمان‭ ‬‮«‬ثقلاء‮»‬،‭ ‬ولكنهم‭ ‬أكثر‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬انضباطا‭ ‬ونظاما،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬محسوب‭ ‬بالثانية‭ ‬والجرام،‭ ‬ولذلك‭ ‬تجدهم‭ ‬يفوزون‭ ‬في‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الأوروبية‭ ‬والدولية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أسلوبهم‭ ‬في‭ ‬اللعب‭ ‬رتيب‭ ‬وممل‭ ‬وخال‭ ‬من‭ ‬اللمسات‭ ‬الفنية‭.. ‬تمريرات‭ ‬بالمسطرة،‭ ‬وهذا‭ ‬اللاعب‭ ‬مكلف‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬تمريراته‭ ‬بزاوية‭ ‬حساب‭ ‬درجاتها‭ ‬ومداها‭ ‬معلوم،‭ ‬ويا‭ ‬ويل‭ ‬المدافع‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬الألماني‭ ‬إذا‭ ‬أحرز‭ ‬هدفا،‭ ‬لأنه‭ ‬بذلك‭ ‬قد‭ ‬خرج‭ ‬على‭ ‬النص‭! ‬وقد‭ ‬أدهشني‭ ‬تقرير‭ ‬يقول‭ ‬ان‭ ‬عدم‭ ‬التقيد‭ ‬بالمواعيد‭ ‬بين‭ ‬الأزواج‭ ‬والزوجات‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ازدياد‭ ‬معدلات‭ ‬الطلاق‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭. ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬يعطي‭ ‬الزوج‭ ‬زوجته‭ ‬موعدا‭ ‬أو‭ ‬العكس‭! ‬ربما‭ ‬المقصود‭ ‬بعدم‭ ‬التقيد‭ ‬بالمواعيد‭ ‬ان‭ ‬أحد‭ ‬طرفي‭ ‬الزواج‭ ‬لا‭ ‬يلتزم‭ ‬بالجدول‭ ‬الزمني‭ ‬الصارم‭ ‬للوجبات‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬للتسوق‭ ‬أو‭ ‬الفسحة‭. ‬بل‭ ‬أجرى‭ ‬الألمان‭ ‬دراسة‭ ‬أكاديمية‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬واكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يبقى‭ ‬متزوجا‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة،‭ ‬يمضي‭ ‬نحو‭ ‬370‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬وهو‭ ‬ينتظر‭ ‬زوجته‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬تتأهب‮»‬‭ ‬للخروج‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مشوار‭ ‬ما‭!! ‬هذه‭ ‬مسألة‭ ‬‮«‬فعلا‮»‬‭ ‬تفقع‭ ‬المرارة‭: ‬لماذا‭ ‬يستطيع‭ ‬الرجل‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬أناقته‭ ‬ومستعدا‭ ‬للخروج‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬خمس‭ ‬دقائق،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬تلك‭ ‬الدقائق‭ ‬الخمس‭ ‬المرأة‭ ‬لاختيار‭ ‬الحذاء‭ ‬المناسب؟‭ ‬وكفاعل‭ ‬خير‭ ‬فإنني‭ ‬أعرض‭ ‬تجربتي‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬حديثو‭ ‬عهد‭ ‬بالزواج‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الزواج‭ (‬قدامى‭ ‬المتزوجين‭ ‬فات‭ ‬عليهم‭ ‬الفوات‭): ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬مع‭ ‬زوجتك‭ ‬إلا‭ ‬لتقديم‭ ‬العزاء‭ ‬في‭ ‬ميت،‭ ‬ففي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المناسبات‭ ‬تنقص‭ ‬مدة‭ ‬الاستعداد‭ ‬النسائي‭ ‬للخروج‭ ‬بنسبة‭ ‬35‭%. ‬وإياك‭ ‬ثم‭ ‬إياك‭ ‬ان‭ ‬تقبل‭ ‬مرافقتها‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬تتطلب‭ ‬النطق‭ ‬بكلمة‭ ‬‮«‬مبروك‮»‬‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬ترافقها‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬كهذه،‭ ‬فاطلب‭ ‬منها‭ ‬ان‭ ‬‮«‬تلبس‮»‬،‭ ‬وخذ‭ ‬دُشَّا‭ ‬دافئا‭ ‬وبعده‭ ‬نومة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬33‭ ‬إلى‭ ‬47‭ ‬دقيقة،‭ ‬وعندما‭ ‬تصحو‭ ‬ستكون‭ ‬هي‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬مرحلة‭ ‬‮«‬التشييك‮»‬‭ ‬على‭ ‬الشياكة‭ ‬أي‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬المرآة‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تمام‭ ‬التمام،‭ ‬ولا‭ ‬ينقصها‭ ‬سوى‭ ‬اختيار‭ ‬الحذاء‭ ‬والشنطة‭... ‬هانت‭.. ‬كلها‭ ‬ربع‭ ‬ساعة‭ ‬وتكونوا‭ ‬خارج‭ ‬البيت‭.‬

والحمد‭ ‬لله‭ ‬ان‭ ‬العرب‭ ‬ليسوا‭ ‬ألمانا،‭ ‬والا‭ ‬لما‭ ‬بقي‭ ‬فيهم‭ ‬شخص‭ ‬متزوج،‭ ‬فإهدار‭ ‬الوقت‭ ‬عندنا‭ ‬ليس‭ ‬حكرا‭ ‬للنساء‭ ‬ولا‭ ‬ينتهي‭ ‬عند‭ ‬استغراق‭ ‬لبس‭ ‬الهدوم‭ ‬والتزين‭ ‬قرابة‭ ‬الساعة‭ ‬عند‭ ‬النساء‭. ‬تقول‭ ‬لزوجتك‭: ‬متى‭ ‬سنذهب‭ ‬إلى‭ ‬الجهة‭ ‬الفلانية،‭ ‬فتقول‭ ‬لك‭: ‬بعدين،‭ ‬وتسألك‭ ‬هي‭: ‬متى‭ ‬ستأخذني‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬أمي؟‭ ‬فيكون‭ ‬الرد‭: ‬بعد‭ ‬المغرب،‭ ‬يعني‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬مساء‭ ‬أو‭ ‬الواحدة‭ ‬بعد‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭! ‬لأن‭ ‬كلا‭ ‬التوقيتين‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬المغرب‮»‬،‭ ‬وتسألك‭: ‬ومتى‭ ‬ستشتري‭ ‬لي‭ ‬الخاتم؟‭ ‬فتكون‭ ‬الإجابة‭: ‬لما‭ ‬ربنا‭ ‬يسهل‭.. ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يحدث‭ ‬إلا‭ ‬بتسهيل‭ ‬من‭ ‬ربنا‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬تعطيني‭ ‬إجابة‭ ‬دقيقة؟‭ ‬حاضر‭: ‬أول‭ ‬الشهر،‭ ‬وأول‭ ‬الشهر‭ ‬يتألف‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭.. (‬وهناك‭ ‬‮«‬المواعيد‭ ‬شديدة‭ ‬المطاطية‭: ‬بعد‭ ‬العيد‭.. ‬ومن‭ ‬الناحية‭ ‬الحسابية‭ ‬فلا‭ ‬تثريب‭ ‬عليك‭ ‬إذا‭ ‬جعلت‭ ‬ذلك‭ ‬الموعد‭ ‬قبل‭ ‬العيد‭ ‬التالي‭ ‬بيومين‭).‬

وهكذا‭ ‬نحن‭ ‬نقتني‭ ‬أفخر‭ ‬الساعات،‭ ‬وصار‭ ‬الهاتف‭ ‬الجوال‭ ‬والكمبيوتر‭ ‬يعطيك‭ ‬الوقت‭ ‬والتاريخ‭ ‬بدقة‭ ‬متناهية،‭ ‬ولكننا‭ ‬نستخدم‭ ‬مناسبات‭ ‬وانشطة‭ ‬معينة‭ ‬لتحديد‭ ‬مواعيدنا،‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬دائما‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬كذا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬العشاء‭.. ‬بعدما‭ ‬نقبض‭ ‬الراتب‭.. ‬بعدما‭ ‬تشوف‭ ‬حلمة‭ ‬أذنك‭.. ‬وهناك‭ ‬بين‭ ‬الخطيب‭ ‬والخطيبة‭ ‬مواعيد‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬أعجب‭: ‬متى‭ ‬سنفعل‭ ‬هذا‭ ‬الشيء‭ ‬أو‭ ‬ذاك؟‭ ‬بعد‭ ‬الزواج‭.. ‬يعني‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬الشيء‭ ‬لعشر‭ ‬سنوات‭ ‬بعد‭ ‬الزواج،‭ ‬لأن‭ ‬إنجاب‭ ‬ستة‭ ‬أطفال‭ ‬يعتبر‭ ‬ايضا‭ ‬بعد‭ ‬الزواج،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬تأجيل‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬الشيء‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬إنجاب‭ ‬الطفل‭ ‬الثامن‭!‬

وحكوماتنا‭ ‬ايضا‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬التقيد‭ ‬بالمواعيد،‭ ‬فالرفاهية‭ ‬وتحسين‭ ‬الاحوال‭ ‬المعيشية‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬إنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‮»‬‭ ‬وحرية‭ ‬التنفس‭ ‬والكلام‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬التحرير‭ ‬الموعود‮»‬‭ ‬والتحرير‭ ‬بعد‭ ‬التعمير‭. ‬والتعمير‭ ‬عايز‭ ‬فلوس،‭ ‬والفلوس‭ ‬عند‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬عايز‭ ‬كفيل،‭ ‬والكفيل‭ ‬عايز‭ ‬‮«‬نسبة‮»‬‭ ‬والنسبة‭ ‬‮«‬تِبوّظ‮»‬‭ ‬الحسبة‭. ‬وهكذا‭ ‬يبقى‭ ‬حلم‭ ‬الرفاهية‭ ‬معلقاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يشيب‭ ‬الغرب‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا