العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

تضارب المسارات بين أمريكا وإسرائيل حول التعامل مع إيران

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠٥ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

خلال‭ ‬زيارته‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ -‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬انسحب‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭- ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬صفقة،‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬وهو‭ ‬تطور‭ ‬كتب‭ ‬عنه‭ ‬روبرت‭ ‬ساتلوف،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬بأنه‭ ‬أثار‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬شعورًا‭ ‬بالارتياح‭ ‬بين‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‭.‬

وبينما‭ ‬واصل‭ ‬ترامب‭ ‬تبني‭ ‬أمل‭ ‬متجدد‭ ‬بصياغة‭ ‬حل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬مع‭ ‬الإيرانيين؛‭ ‬تستمر‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬معارضتها‭ ‬للمفاوضات،‭ ‬وتدعو‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬هجمات‭ ‬مسلحة‭ ‬ضد‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وهي‭ ‬حقيقة‭ ‬تتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي،‭ ‬بشأن‭ ‬امتلاك‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬تكثيف‭ ‬إسرائيل‭ ‬استعداداتها‭ ‬لشن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭.‬

‮ ‬وأشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬رفض‭ ‬ترامب،‭ ‬في‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬مايو،‭ ‬مطالب‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بمهاجمة‭ ‬إيران‭ ‬حتى‭ ‬أثناء‭ ‬سير‭ ‬المفاوضات‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬تتصرف‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬واشنطن؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬موقفه‭ ‬تجاه‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭.‬

ويرى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬باتريك‭ ‬سايكس،‭ ‬وإيثان‭ ‬برونر،‭ ‬وأنتوني‭ ‬كاباتشيو،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬بلومبرج،‭ ‬أن‭ ‬خطر‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬مفتوحة‭ ‬بين‭ ‬اثنتين‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬القوى‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬يُعد‭ ‬احتمالًا‭ ‬حقيقيًا؛‭ ‬ونتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬لمسألة‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينذر‭ ‬بتداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭- ‬وتُفسر‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تحثّ‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬الخيار‭ ‬الدبلوماسي‭.‬

وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬عقد‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬والإيرانيون‭ ‬خمس‭ ‬جولات‭ ‬من‭ ‬المحادثات،‭ ‬بوساطة‭ ‬عمانية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مسقط،‭ ‬وروما‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تحديد‭ ‬موعد‭ ‬للجولة‭ ‬السادسة‭ ‬حتى‭ ‬الآن؛‭ ‬فقد‭ ‬أصر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬كبير،‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬تفاؤله‭ ‬بإمكانية‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬اتفاق‭ ‬نهائي‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬الأسابيع‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬المطالب‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالضبط‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭. ‬وأشار‭ ‬ساتلوف،‭ ‬إلى‭ ‬تركيز‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أحيانًا‭ ‬على‭ ‬الهدف‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية،‭ ‬مع‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬بشكل‭ ‬محدود‭. ‬بينما‭ ‬بدا‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬مؤيدا‭ ‬لفكرة‭ ‬أن‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لمنعها‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬هي‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬مُطلقًا‭.‬

وبحسب‭ ‬باتريك‭ ‬وينتور،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬فإن‭ ‬صفقة‭ ‬ترامب‭ ‬تتضمن‭ ‬عنصرًا‭ ‬جوهريًا‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬استعداد‭ ‬إيراني‭ ‬مسبق‭ ‬ومُخطط‭ ‬يُسوغ‭ ‬لمفتشي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ -‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭- ‬زيارة‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬قيامها‭ ‬بتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬بصنع‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تعليقات‭ ‬ترامب،‭ ‬الأخيرة‭ ‬برغبته‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬اتفاق‭ ‬قوي‭ ‬للغاية‭ ‬يخول‭ ‬للأمريكيين‭ ‬الدخول‭ ‬مع‭ ‬المفتشين،‭ ‬وأخذ‭ ‬ما‭ ‬نرغبه،‭ ‬والتخلص‭ ‬مما‭ ‬نريد؛‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬وينتور،‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬السماح‭ ‬لإيران‭ ‬بالفعل‭ ‬بمواصلة‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يتناقض‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬مع‭ ‬إصرار‭ ‬ستيف‭ ‬ويتكوف،‭ ‬مبعوث‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ -‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الوفد‭ ‬الأمريكي‭ ‬المفاوض‭- ‬على‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬السماح‭ ‬حتى‭ ‬بنسبة‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬التخصيب‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬المستمر‭ ‬بشأن‭ ‬مواقف‭ ‬ومطالب‭ ‬كل‭ ‬جانب،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬رافائيل‭ ‬غروسي،‭ ‬من‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬على‭ ‬إيجابية‭ ‬بوادر‭ ‬الاستعداد‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هيئة‭ ‬المحلفين‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬حيرة،‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬نهائي‭ ‬ليحل‭ ‬محل‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬وانسحب‭ ‬منه‭ ‬ترامب‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬عواقب‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬هذه‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تكثيف‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬جهودها‭ ‬لإقناع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬عسكري‭. ‬وأوضح‭ ‬باراك‭ ‬رافيد،‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬أكسيوس،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستعد‭ ‬لضرب‭ ‬المواقع‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬انهارت‭ ‬المحادثات‭ ‬بين‭ ‬واشنطن،‭ ‬وطهران،‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬المقبلة‭. ‬ووثّقت‭ ‬شبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬كيف‭ ‬تشير‭ ‬الاتصالات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬اعترضتها‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬وشيكًا‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬رأى‭ ‬دينيس‭ ‬روس،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن،‭ ‬أن‭ ‬تسريب‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مقصودًا‭ ‬لزيادة‭ ‬النفوذ‭ ‬التفاوضي‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬الإيرانيين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬عليهم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستتصرف‭ ‬بالقوة‭ ‬المسلحة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إثارة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬مجددًا‭ ‬لموضوع‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬خلال‭ ‬مكالمته‭ ‬الهاتفية‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬مايو،‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬نيته‭ ‬المعلنة‭ ‬هي‭ ‬مهاجمة‭ ‬إيران،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭. ‬

ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬جوناثان‭ ‬بانيكوف،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬الذي‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستكون‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬يتوصل‭ ‬إليها‭ ‬ترامب،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يتوصل‭ ‬إليها‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬الضغط‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬إسرائيل‭ -‬ومؤيدو‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭- ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬المتقلبة،‭ ‬وغير‭ ‬المتوقعة‭ ‬تعني‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يغيّر‭ ‬موقفه‭ ‬فجأة‭. ‬وكتب‭ ‬بن‭ ‬أرمبروستر،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬ريسبونسبل‭ ‬ستيتكرافت،‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬إقالة‭ ‬ترامب‭ ‬لمستشاره‭ ‬السابق‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬مايك‭ ‬والتز،‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬مايو،‭ ‬بسبب‭ ‬تآمره‭ ‬مع‭ ‬نتنياهو‭ ‬لتنظيم‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭. ‬وأوضحت‭ ‬شبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬بدأ‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تكثيف‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬حول‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬والصاروخي‭ ‬الإيرانية‭ ‬للمساعدة‭ ‬إذا‭ ‬قررت‭ ‬إسرائيل‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭.‬

وتساءل‭ ‬روس،‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬غياب‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بـالدعم‭ ‬التلقائي،‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬لأي‭ ‬تحرك‭ ‬إسرائيلي‭ ‬لاستخدام‭ ‬القوة‭ ‬ضد‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬تدخل‭ ‬واشنطن،‭ ‬لعرقلة‭ ‬هجوم‭ ‬محتمل‭ -‬في‭ ‬حال‭ ‬قرر‭ ‬نتنياهو‭ ‬تنفيذه‭- ‬موضع‭ ‬شك‭. ‬ويعزز‭ ‬هذا‭ ‬الغموض‭ ‬ما‭ ‬أورده‭ ‬رافيد،‭ ‬بأن‭ ‬ترامب،‭ ‬أبلغ‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬خلال‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬بينهما‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬الآخر،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مطروحًا‭ ‬على‭ ‬الطاولة،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري‭ ‬لم‭ ‬يُستبعد‭ ‬بالكامل‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬حذّر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني،‭ ‬عباس‭ ‬عراقجي،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬اندلاع‭ ‬صراع‭ ‬عنيف‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يُلحق‭ ‬أضرارًا‭ ‬جسيمة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بأكملها‭. ‬وهو‭ ‬تحذير‭ ‬يجد‭ ‬صدى‭ ‬واسعًا،‭ ‬لاسيما‭ ‬لدى‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬وتسعى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬موقعها‭ ‬كـمرساة‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وفق‭ ‬توصيف‭ ‬جوزيه‭ ‬بيلايو،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي‭. ‬ويتفق‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬سايكس،‭ ‬وبرونر،‭ ‬وكاباتشيو،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬مجمعة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تجنب‭ ‬التورط،‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تصعيد‭ ‬قد‭ ‬يجرّ‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭.‬

وبالتالي،‭ ‬تمارس‭ ‬الدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬ضغوطًا‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب؛‭ ‬بهدف‭ ‬ثنيه‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬أمريكي،‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬دعم‭ ‬لهجوم‭ ‬إسرائيلي‭ ‬محتمل‭. ‬وبحسب‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشيال‭ ‬تايمز،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تضع‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬أولوياتها‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭. ‬وكما‭ ‬أشار‭ ‬رافيد،‭ ‬فإن‭ ‬تصريح‭ ‬ترامب‭ ‬بشأن‭ ‬اعتماد‭ ‬النهج‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأرواح؛‭ ‬يعكس‭ ‬إدراكه‭ ‬للمخاطر‭ ‬التي‭ ‬ينطوي‭ ‬عليها‭ ‬منع‭ ‬هجوم‭ ‬إسرائيلي‭ ‬محتمل‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اندلاع‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬واسع‭ ‬يصعب‭ ‬احتواؤه‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬يعتمد‭ ‬نهج‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لحل‭ ‬مسألة‭ ‬مستقبل‭ ‬إيران‭ ‬النووي؛‭ ‬لكن‭ ‬روس،‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الصبر‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬ترامب‭ ‬بوضوح،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تعثر‭ ‬في‭ ‬المحادثات،‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬إيراني‭ ‬لقبول‭ ‬مطالب‭ ‬واشنطن‭ ‬المتغيرة،‭ ‬قد‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تنفيذ‭ ‬إسرائيل‭ ‬لهجمات‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬حذّر‭ ‬منه‭ ‬الخبراء‭ ‬مرارًا،‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

ولطالما‭ ‬يُدلي‭ ‬ترامب،‭ ‬بتصريحات‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬سيكون‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬لا‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعارض‭ ‬بشدة‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭. ‬ويشير‭ ‬معلقون‭ ‬غربيون،‭ ‬مثل‭ ‬ساتلوف،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مؤقت‭ -‬كما‭ ‬يصفه‭- ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬جميع‭ ‬أهداف‭ ‬التفاوض‭ ‬الأساسية‭ ‬لإيران،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تضطر‭ ‬إلى‭ ‬الاستسلام‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬هشاشة‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬تحمل‭ ‬مخاطر‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يقدّره‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا