العدد : ١٧٢٤٠ - الخميس ٠٥ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٠ - الخميس ٠٥ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التعليم وصناعة الوعي: نحو مجتمع خالٍ من التدخين

بقلم: د. فاطمة ناصر العالي

الثلاثاء ٠٣ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬الواحد‭ ‬والثلاثين‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬يُحتفى‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للامتناع‭ ‬عن‭ ‬التدخين،‭ ‬مناسبة‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أخطار‭ ‬التدخين،‭ ‬وتدعو‭ ‬الى‭ ‬حماية‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬آثاره‭ ‬المدمرة؛‭ ‬إذ‭ ‬يُعد‭ ‬التدخين‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬الصحية‭ ‬والبيئية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬وفاة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬سنويا،‭ ‬على‭ ‬الرغْم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العقود‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العادة،‭ ‬فإن‭ ‬التدخين‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬لصحة‭ ‬الأفراد،‭ ‬كما‭ ‬له‭ ‬تأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬عميقة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬مجتمع‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬التدخين‭ ‬يمثل‭ ‬خطوة‭ ‬حاسمة‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬بيئة‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬وصحة‭ ‬أفضل‭ ‬للجميع‭.‬

وتاريخيا،‭ ‬فإن‭ ‬أصل‭ ‬اكتشاف‭ ‬التبغ‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬اكتشاف‭ ‬القارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الرحالة‭ ‬كريستوفر‭ ‬كولومبوس،‭ ‬ففي‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1492،‭ ‬فقد‭ ‬دوّن‭ ‬كولومبوس‭ ‬في‭ ‬مذكراته‭ ‬وصفًا‭ ‬لعادة‭ ‬غريبة‭ ‬رآها‭ ‬لدى‭ ‬سكان‭ ‬أمريكا‭ ‬الأصليين‭ ‬في‭ ‬كوبا،‭ ‬وهي‭ ‬أنهم‭ ‬يستنشقون‭ ‬دخان‭ ‬أوراق‭ ‬نبات‭ ‬مجفف،‭ ‬وقد‭ ‬لاحظ‭ ‬أن‭ ‬السكان‭ ‬وهم‭ ‬يحرقون‭ ‬أوراق‭ ‬النبات‭ ‬يستشقون‭ ‬دخانها‭ ‬باستمتاع،‭ ‬وعندما‭ ‬عاد‭ ‬أحد‭ ‬البحارة،‭ ‬ويدعى‭ ‬رودريغو‭ ‬دى‭ ‬خيريز‭ ‬إلى‭ ‬اسبانيا،‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬مدخن‭ ‬أوروبي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬فهم‭ ‬المجتمع،‭ ‬حيث‭ ‬ألقت‭ ‬محاكم‭ ‬التفتيش‭ ‬الإسبانية‭ ‬القبض‭ ‬عليه،‭ ‬واعتبرته‭ ‬مسكونًا‭ ‬بالشيطان‭ ‬بسبب‭ ‬الدخان‭ ‬الذي‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬فمه،‭ ‬حيثُ‭ ‬أمضى‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬سبع‭ ‬سنوات،‭ ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬انتشر‭ ‬التدخين‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬وأصبح‭ ‬عادة‭ ‬مألوفة‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬هذا‭ ‬الاعتقاد‭ ‬الخاطئ‭ ‬الذي‭ ‬انتشر‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر،‭ ‬حيثُ‭ ‬اعتقد‭ ‬الأطباء‭ ‬الأوروبيون‭ ‬أن‭ ‬للتدخين‭ ‬واستخدام‭ ‬نبات‭ ‬التبغ‭ ‬فوائد‭ ‬صحية،‭ ‬وقد‭ ‬نصح‭ ‬الأطباء‭ ‬به‭ ‬لعلاج‭ ‬بعض‭ ‬الأمراض،‭ ‬وقد‭ ‬استمرت‭ ‬هذه‭ ‬الأوهام‭ ‬حتى‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬حيثُ‭ ‬ظهرت‭ ‬نصائح‭ ‬طبية‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬التبغ‭ ‬يستخدم‭ ‬لأغراض‭ ‬علاجية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المراجع‭ ‬الطبية،‭ ‬وبحلول‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القرن،‭ ‬ووفقًا‭ ‬للدراسات‭ ‬أصبحت‭ ‬الأضرار‭ ‬الصحية‭ ‬للتدخين‭ ‬واضحة‭ ‬للجميع،‭ ‬وقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الدراسات‭ ‬بشكل‭ ‬علمي‭ ‬أن‭ ‬التدخين‭ ‬يسبب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬الخطيرة‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬سرطان‭ ‬الرئة‭ ‬والحنجرة،‭ ‬وأمراض‭ ‬القلب‭ ‬وتصلب‭ ‬الشرايين،‭ ‬والتشوهات‭ ‬الخلقية‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬نمو‭ ‬الجنين،‭ ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬المدخنين‭ ‬يصلون‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الإدمان،‭ ‬ويصعب‭ ‬عليهم‭ ‬الإقلاع‭ ‬عنه‭ ‬لأن‭ ‬نبات‭ ‬التبغ‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬النباتات‭ ‬ذات‭ ‬المكونات‭ ‬المسببة‭ ‬للإدمان‭.‬

لذا‭ ‬ووفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬اليونسكو،‭ ‬يُظهر‭ ‬التعليم‭ ‬تأثيرًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬في‭ ‬المساهمة‭ ‬بتقليل‭ ‬معدلات‭ ‬التدخين،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الأفراد‭ ‬ذوي‭ ‬المستويات‭ ‬التعليمية‭ ‬الأعلى‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬للتدخين،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬البرامج‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬تدمج‭ ‬مفاهيم‭ ‬الصحة‭ ‬والبيئة‭ ‬تُعزز‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬الطلبة‭ ‬لمخاطر‭ ‬التدخين‭ ‬وتُشجعهم‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬أنماط‭ ‬حياة‭ ‬صحية‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬أداة‭ ‬للتغير،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التدخين،‭ ‬فإن‭ ‬المملكة‭ ‬تبذل‭ ‬جهودا‭ ‬ملموسة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬بمخاطر‭ ‬التدخين،‭ ‬بإدراج‭ ‬موضوعاته‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية،‭ ‬وتنظيم‭ ‬حملات‭ ‬توعوية‭ ‬في‭ ‬المدارس‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬وكوسيلة‭ ‬للتوعية‭ ‬والتغيير‭ ‬السلوكي،‭ ‬حيث‭ ‬يُعد‭ ‬أداة‭ ‬فعّالة‭ ‬لبناء‭ ‬وعي‭ ‬مجتمعي‭ ‬يُمكّن‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬تُعزز‭ ‬من‭ ‬صحته‭ ‬ورفاهيته،‭ ‬ويشير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التدخين‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بانخفاض‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬الصحي‭ ‬والثقافي،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬العمرية‭ ‬المبكرة‭. ‬وباعتبار‭ ‬التعليم‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬واعٍ‭ ‬بمخاطر‭ ‬التدخين؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬دمج‭ ‬مفاهيم‭ ‬مكافحة‭ ‬التدخين‭ ‬ضمن‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬والثانوي‭ ‬يعد‭ ‬خطوة‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وعي‭ ‬صحي‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭. ‬وتؤكد‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ (‬WHO‭) ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬التبغ،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬توجيهه‭ ‬نحو‭ ‬الفهم‭ ‬الصحيح‭ ‬والإدراك‭ ‬العقلي‭ ‬لمخاطر‭ ‬التدخين،‭ ‬بواسطة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬وتمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬أخضر‭ ‬وصحي‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬التبغ‭ ‬بكافة‭ ‬أنواعه‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يُسهم‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الهدف‭ ‬الثالث‭ ‬المتعلق‭ ‬بالصحة‭ ‬الجيدة‭ ‬والرفاه،‭ ‬والهدف‭ ‬الرابع‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتعليم‭ ‬الجيد،‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬تقدمه‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬المستدام‭ ‬بالأضرار‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬التدخين،‭ ‬وتقليل‭ ‬الأمراض‭ ‬غير‭ ‬المعدية‭ ‬كأمراض‭ ‬الرئة‭ ‬والقلب،‭ ‬وكذلك‭ ‬الهدف‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ (‬مدن‭ ‬ومجتمعات‭ ‬مستدامة‭)‬،‭ ‬والهدف‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ (‬العمل‭ ‬المناخي‭)‬،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يُحسن‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬الحياة،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬العبء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الصحي،‭ ‬وتبني‭ ‬سياسات‭ ‬مجتمعية‭ ‬فعّالة‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬التدخين‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التدخين‭ ‬والتبغ،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬بموجب‭ ‬المرسوم‭ ‬الملكي‭ ‬رَقَم‭ (‬8‭) ‬لسنة‭ ‬2008م،‭ ‬والصادر‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وذلك‭ ‬بشأن‭ ‬مكافحة‭ ‬تدخين‭ ‬التبغ‭ ‬بأنواعه،‭ ‬حيثً‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬على‭: ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إعداد‭ ‬الدراسات‭ ‬والإحصائيات‭ ‬التي‭ ‬توضح‭ ‬حجم‭ ‬مشكلة‭ ‬استخدام‭ ‬التبغ‭ ‬ومنتجاته‭ ‬ومدى‭ ‬انتشاره‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وحجم‭ ‬الأمراض‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬التدخين،‭ ‬وإعداد‭ ‬سياسة‭ ‬إعلامية‭ ‬واضحة‭ ‬تستهدف‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬بالتنسيق‭ ‬بين‭ ‬وزارتي‭ ‬الإعلام‭ ‬والتربية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دراسة‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬رفعها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬ووزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬حول‭ ‬استيراد‭ ‬وتوزيع‭ ‬جميع‭ ‬الخدمات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتبغ‭ ‬ومنتجاته،‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬الشيشة‭ ‬وغيرها‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬اختصاصات‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مراجعة‭ ‬واقتراح‭ ‬الحد‭ ‬الأعلى‭ ‬المسموح‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬النيكوتين‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الضارة‭ ‬من‭ ‬منتجات‭ ‬التبغ‭ ‬بأنواعه،‭ ‬ومراجعة‭ ‬العبارات‭ ‬التحذيرية‭ ‬الواجب‭ ‬توافرها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات،‭ ‬وتصميم‭ ‬وتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬فعالة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأماكن‭ ‬كالمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬ومرافق‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وكافة‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬وصالات‭ ‬الرياضة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الإقلاع‭ ‬عن‭ ‬التدخين،‭ ‬ورسم‭ ‬أفضل‭ ‬الخطط‭ ‬والبرامج‭ ‬الصحية‭ ‬لحماية‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬ومضاعفات‭ ‬استخدام‭ ‬التبغ،‭ ‬وان‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬سليمة‭ ‬يتطلب‭ ‬تضافر‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬المعطاة‭ ‬بين‭ ‬مؤسسات‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليم‭ ‬والإعلام‭ ‬والجهات‭ ‬التشريعية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬التدخين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والعامة،‭ ‬ويبدأ‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬التوعية‭ ‬وتوفير‭ ‬بيئات‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬التبغ،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬حثهم‭ ‬وتحفيزهم‭ ‬على‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬للإقلاع‭ ‬عن‭ ‬التدخين‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬بين‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭.‬

وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬تخصيص‭ ‬برامج‭ ‬توعية‭ ‬مستمرة‭ ‬للطلبة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأعمار‭ ‬حول‭ ‬أخطار‭ ‬التدخين،‭ ‬منها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬طبقت‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬أجيال‭ ‬بلا‭ ‬تدخين‮»‬‭ ‬والقائم‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭ ‬قسم‭ ‬الصحة‭ ‬المدرسية‭ ‬بوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬وبالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬قسم‭ ‬الصحة‭ ‬المدرسية‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬الخدمات‭ ‬الطلابية‮»‬‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليمية،‭ ‬والمطبق‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬بهدف‭ ‬الكشف‭ ‬المبكر‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬التبغ‭ ‬والتوعية‭ ‬بمضار‭ ‬التدخين‭ ‬وتعزيز‭ ‬المهارات‭ ‬الحياتية‭ ‬وأنماط‭ ‬الحياة‭ ‬الصحية‭ ‬للطلبة‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬محطات‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المرجوة‭ ‬من‭ ‬البرنامج،‭ ‬‮«‬علمًا‭ ‬بأنه‭ ‬بدأ‭ ‬تطبيقه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬بمعدل‭ ‬8‭-‬9‭ ‬مدارس‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الدراسي‭ ‬الواحد،‭ ‬حيث‭ ‬استفاد‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬1171‭ ‬طالبا‭ ‬وطالبة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬وزارتي‭ ‬الصحة‭ ‬والتربية‭ ‬والتعليم‮»‬‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬المجتمع‭ ‬الخالي‭ ‬من‭ ‬التدخين‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬حلم؛‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬حتمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صحة‭ ‬أفضل‭ ‬وبيئة‭ ‬أنظف‭. ‬عبر‭ ‬التوعية،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والضوابط‭ ‬القانونية،‭ ‬والجهود‭ ‬المستدامة،‭ ‬يمكننا‭ ‬جميعًا‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع،‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬بيئة‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬ونقاء،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مجتمع‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬التدخين‭ ‬مهمة‭ ‬سهلة،‭ ‬ولكنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬هدف‭ ‬يستحق‭ ‬السعي‭ ‬من‭ ‬أجله‭. ‬لما‭ ‬يتطلبه‭ ‬من‭ ‬تعاون‭ ‬قوي‭ ‬بين‭ ‬الحكومات،‭ ‬والمنظمات‭ ‬الصحية،‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والمجتمع‭ ‬كليًّا‭. ‬ولعل‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬بأضرار‭ ‬التدخين،‭ ‬وتوفير‭ ‬الدعم‭ ‬الكافي‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬إقلاع‭ ‬الأفراد‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العادة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬بيئة‭ ‬صحية‭ ‬ومستدامة،‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭ ‬للجميع‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا