العدد : ١٧٢٣٩ - الأربعاء ٠٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٩ - الأربعاء ٠٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قمة الخليج والآسيان والصين.. شراكة في التعاون والتنمية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٢ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

فيما‭ ‬ترتبط‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مع‭ ‬منطقة‭ ‬الآسيان‭ ‬بعلاقات‭ ‬تاريخية،‭ ‬وتجارية‭ ‬وثقافية،‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬أزمنة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬تجار‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬نشروا‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭. ‬وفيما‭ ‬تعد‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬مع‭ ‬سنغافورة‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬التي‭ ‬عقدتها‭ ‬المنظومة‭ ‬الخليجية؛‭ ‬جاءت‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬الخليج‭ ‬والآسيان‭ ‬والصين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬العاصمة‭ ‬الماليزية‭ ‬‮«‬كوالالمبور‮»‬‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬مايو،‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬الشمولية‭ ‬والاستدامة‮»‬،‭ ‬تعزز‭ ‬الشراكة‭ ‬الخليجية‭ ‬الآسيانية‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التعاون‭ ‬والتنمية‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬عبرت‭ ‬القمة،‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬برئاسة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الكويتي‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬صباح‭ ‬خالد‭ ‬الحمد‭ ‬المبارك‭ ‬الصباح‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬وزراء‭ ‬ماليزيا‭ ‬‮«‬أنور‭ ‬إبراهيم‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الدولة‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬لي‭ ‬تشيانج‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬الخليجي‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المستدام،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الآسيان‭ ‬والصين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حرصت‭ ‬عليه‭ ‬مع‭ ‬الآسيان‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬امتدادًا‭ ‬لمسيرة‭ ‬طموحة‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬عاما‭ ‬منذ‭ ‬قمة‭ ‬المنامة‭ ‬2009‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬توقيع‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬الخليجي‭ ‬والآسياني؛‭ ‬فقد‭ ‬عززت‭ ‬في‭ ‬‮«‬كوالالمبور‮»‬‭ ‬دعائم‭ ‬شراكة‭ ‬طموحة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية،‭ ‬وفتحت‭ ‬آفاقا‭ ‬جديدة‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الطاقة‭ ‬والتعليم‭ ‬والأمن‭ ‬والابتكار،‭ ‬وتعظيم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مبادرات‭ ‬‮«‬الحزام‭ ‬والطريق‮»‬‭ ‬الصينية‭ ‬لدعم‭ ‬الترابط‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وتسريع‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬طاقة‭ ‬نظيفة‭ ‬منخفضة‭ ‬الكربون،‭ ‬وتطوير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬عبر‭ ‬تمكين‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬وتوسيع‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬استبقت‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬مؤتمر‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذي‭ ‬يعقد‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬برئاسة‭ ‬سعودية‭ ‬فرنسية‭ ‬في‭ ‬يونيو،‭ ‬فقد‭ ‬حمل‭ ‬الجانب‭ ‬الخليجي‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬القمة‭ ‬اهتمامه‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬القضية‭ ‬المركزية‭ ‬العربية‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬رؤساء‭ ‬وفود‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬إلى‭ ‬القمة‭ ‬وهم‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬‭ ‬وولي‭ ‬العهد‭ ‬الكويتي‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬صباح‭ ‬الخالد‭ ‬الصباح‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان‮»‬،‭ ‬ونائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬لشؤون‭ ‬العلاقات‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬العماني‭ ‬‮«‬أسعد‭ ‬بن‭ ‬طارق‮»‬،‭ ‬وعضو‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬حاكم‭ ‬رأس‭ ‬الخيمة‭ ‬‮«‬الشيخ‭ ‬سعود‭ ‬بن‭ ‬صقر‭ ‬القاسمي‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬القطري‭ ‬‮«‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬ثاني‭ ‬آل‭ ‬ثاني‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬‮«‬جاسم‭ ‬البديوي‮»‬،‭ ‬أكدوا‭ ‬موقف‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬،‭ ‬الثابت‭ ‬والداعم‭ ‬لحقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬إقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وفق‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية،‭ ‬داعين‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولياته‭ ‬تجاه‭ ‬وقف‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وضمان‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬القطاع‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬رابطة‭ ‬الآسيان‭ ‬تضم‭ ‬10‭ ‬دول‭ ‬هي‭: ‬إندونيسيا‭ ‬‭ ‬ماليزيا‭ ‬‭ ‬تايلند‭ ‬‭ ‬الفلبين‭ ‬‭ ‬كمبوديا‭ ‬‭ ‬فيتنام‭ ‬‭ ‬لاوس‭ ‬‭ ‬ميانمار‭ ‬‭ ‬بروناي‭ ‬‭ ‬سنغافورة‭. ‬وبين‭ ‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬2023‭ ‬وهذه‭ ‬القمة‭ ‬ارتفع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬المجموعتين‭ ‬الخليجية‭ ‬والآسيان‭ ‬بنسبة‭ ‬21%‭ ‬ليبلغ‭ ‬123‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬وشكلت‭ ‬تجارة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مع‭ ‬الآسيان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬8%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬السلع‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭. ‬وفيما‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬الصادرات‭ ‬الخليجية‭ ‬للآسيان‭ ‬نحو‭ ‬76‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بلغت‭ ‬الواردات‭ ‬نحو‭ ‬46‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بفائض‭ ‬خليجي‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬29‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وجاء‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الشريك‭ ‬السادس‭ ‬لرابطة‭ ‬الآسيان‭ ‬في‭ ‬التجارة،‭ ‬وشكل‭ ‬الوقود‭ ‬والزيوت‭ ‬المعدنية‭ ‬غالبية‭ ‬الصادرات‭ ‬الخليجية‭ ‬للآسيان،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفعت‭ ‬استثمارات‭ ‬الآسيان‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2018،‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الآسيان‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬للصين،‭ ‬وفي‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬لعام‭ ‬2025‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بينهما‭ ‬234‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬كما‭ ‬تعد‭ ‬الصين‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الأكبر‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وبلغ‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بينهما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬288‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2024‭.‬

وتكشف‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬الآفاق‭ ‬الواعدة‭ ‬لنمو‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬هذه‭ ‬القمة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الغذاء،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬إندونيسيا‭ ‬وماليزيا‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬زيت‭ ‬النخيل،‭ ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬الصناعات‭ ‬المغذية‭ ‬لصناعة‭ ‬السيارات،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬الدولتين‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المطاط،‭ ‬المدخل‭ ‬الرئيسي‭ ‬لصناعة‭ ‬إطارات‭ ‬السيارات،‭ ‬كما‭ ‬تتقدم‭ ‬دول‭ ‬الآسيان‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬ممكنات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬كالرقائق‭ ‬وأشباه‭ ‬الموصلات،‭ ‬وتعتبر‭ ‬سوقا‭ ‬واعدة‭ ‬للسياحة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬ويشكل‭ ‬سكان‭ ‬بلدان‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬2‭.‬14‭ ‬مليار‭ ‬نسمة‭ ‬نحو‭ ‬27%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬بناتج‭ ‬محلي‭ ‬إجمالي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬22%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬العالمي،‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬بنمو‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬4%‭ ‬و6%‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2030‭.‬

وقد‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬والآسيان،‭ ‬والصين‭ ‬نحو‭ ‬347‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2023‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬أرست‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬الرياض‮»‬‭ ‬الإطار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للفترة‭ ‬20242028،‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والطاقة‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬واعتمدت‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬المشتركة‭ ‬للفترة‭ ‬20232027،‭ ‬التي‭ ‬غطت‭ ‬طيفًا‭ ‬واسعًا‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والطاقة‭ ‬والبيئة‭ ‬والزراعة‭ ‬والتعليم‭ ‬والسياحة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني‭.‬

واستبقت‭ ‬قمة‭ ‬الخليج‭ ‬والآسيان‭ ‬والصين‭ ‬بيوم‭ ‬واحد‭ ‬قمة‭ ‬الآسيان‭ ‬الـ46،‭ ‬وفيها‭ ‬دعا‭ ‬الرئيس‭ ‬الماليزي‭ ‬‮«‬أنور‭ ‬إبراهيم‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القمة‭ ‬الثلاثية‭ ‬مبادرة‭ ‬لنموذج‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬بات‭ ‬يتشكل‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬التعددية‭ ‬القطبية،‭ ‬ووجد‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬الثلاثية‭ ‬فرصة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬لرسم‭ ‬مسار‭ ‬جديد‭ ‬للتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬بين‭ ‬منطقتين‭ ‬حيويتين‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬يسعى‭ ‬كلاهما‭ ‬إلى‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الدولي‭ ‬التقليدي‭. ‬وتسعى‭ ‬ماليزيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رئاستها‭ ‬الدورية‭ ‬للآسيان‭ ‬إلى‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬الوسيط‭ ‬النشط‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التداخل‭ ‬بين‭ ‬الكتل‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبرى،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الروابط‭ ‬التاريخية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬بدول‭ ‬الخليج‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭.‬

وفي‭ ‬كلمته‭ ‬أمام‭ ‬القمة‭ ‬دعا‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الصيني‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬مشتركة‭ ‬واسعة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت،‭ ‬تتدفق‭ ‬فيها‭ ‬الموارد‭ ‬والمواهب‭ ‬والمنتجات‭ ‬بكفاءة‭ ‬أكبر،‭ ‬وتتمتع‭ ‬فيها‭ ‬التجارة‭ ‬والاستثمار‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الحرية،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬تفاوت‭ ‬درجات‭ ‬النمو‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬عائقًا،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬تكاملية‭ ‬يمكن‭ ‬استغلالها‭. ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لرابطة‭ ‬الآسيان‭ ‬‮«‬كاو‭ ‬كيم‮»‬‭ ‬ضرورة‭ ‬التصرف‭ ‬بشجاعة‭ ‬لتسريع‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الإقليمي،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬باتت‭ ‬فيه‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬تجارية،‭ ‬بسبب‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فيما‭ ‬شهدت‭ ‬بلدان‭ ‬الآسيان‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬عالية‭ ‬على‭ ‬صادراتها‭ ‬للسوق‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بلغت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬48%‭.‬

وجاء‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬للقمة‭ ‬يعكس‭ ‬نجاحًا‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حشد‭ ‬دولي‭ ‬لمؤتمر‭ ‬نيويورك‭ ‬بخصوص‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬إذ‭ ‬أعربت‭ ‬القمة‭ ‬عن‭ ‬بالغ‭ ‬القلق‭ ‬تجاه‭ ‬تطورات‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬أدانت‭ ‬الهجمات‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين،‭ ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬دائم‭ ‬وغير‭ ‬مشروط‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬وضمان‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ورفع‭ ‬الحصار‭ ‬واستعادة‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬لسكان‭ ‬القطاع‭ ‬ودعمت‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وفق‭ ‬حدود‭ ‬4‭ ‬يونيو‭ ‬1967،‭ ‬وأكدت‭ ‬تأييدها‭ ‬للرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬بشأن‭ ‬ضرورة‭ ‬إنهاء‭ ‬الوضع‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وأثنت‭ ‬على‭ ‬مبادرات‭ ‬السعودية‭ ‬والنرويج‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬نحو‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وجهود‭ ‬الوساطة‭ ‬القطرية،‭ ‬والمصالحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬رعتها‭ ‬الصين‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬التزمت‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭ ‬بتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭. ‬وفيما‭ ‬أشادوا‭ ‬بالروابط‭ ‬التاريخية‭ ‬والحضارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بينهم،‭ ‬أكدوا‭ ‬أهمية‭ ‬ترسيخ‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التجارة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتعليم،‭ ‬مع‭ ‬التشديد‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬مبادئ‭ ‬السيادة‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬وفقًا‭ ‬لمبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وشدد‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬على‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬مفاوضات‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬والصين‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والابتكار‭ ‬التكنولوجي‭ ‬ومشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ودعا‭ ‬البيان‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافي‭ ‬والطلابي‭ ‬والسياحة‭ ‬المستدامة‭ ‬والمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مثلت‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬الثلاثية‭ ‬علامة‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إنشاء‭ ‬سلاسل‭ ‬توريد‭ ‬متكاملة،‭ ‬يشكلها‭ ‬تكتل‭ ‬إقليمي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الطاقة‭ ‬والموارد‭ ‬والتصنيع‭ ‬والسوق،‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتحرر‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬تنمويًا،‭ ‬وهي‭ ‬محاولة‭ ‬جادة‭ ‬للم‭ ‬شمل‭ ‬العائلة‭ ‬الآسيوية‭ ‬من‭ ‬شرقها‭ ‬إلى‭ ‬غربها،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬إمكانياتها‭ ‬التكاملية‭ ‬الهائلة،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬الآسيان‭ ‬خامس‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بإجمالي‭ ‬ناتج‭ ‬محلي‭ ‬يبلغ‭ ‬3.3‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار،‭ ‬بينما‭ ‬تظل‭ ‬الصين‭ ‬شريكها‭ ‬التجاري‭ ‬الأكبر،‭ ‬حيث‭ ‬يصل‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بينهما‭ ‬قرابة‭ ‬700‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وتشكل‭ ‬تجارة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬والآسيان‭ ‬نحو‭ ‬ثلث‭ ‬تجارتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قاطبة،‭ ‬مع‭ ‬مؤشرات‭ ‬واضحة‭ ‬بتجاوز‭ ‬رقم‭ ‬التجارة‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬2030‭.‬

وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬في‭ ‬مضمونها‭ ‬دعوة‭ ‬واضحة‭ ‬لتفعيل‭ ‬الشراكة،‭ ‬وبناء‭ ‬نموذج‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تشارك‭ ‬الفرص‭ ‬واستدامة‭ ‬العوائد،‭ ‬وتتعلق‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والآسيان‭ ‬والصين،‭ ‬بتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬والطاقة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتطوير‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬الإقليمية،‭ ‬علمًا‭ ‬أن‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬تتجاوز‭ ‬التباينات،‭ ‬ويمكن‭ ‬للتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬والاستثماري‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬السيادة‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬التباينات،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬قدمًا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا