العدد : ١٧٢٣٧ - الاثنين ٠٢ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٧ - الاثنين ٠٢ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حرب المجاعة والتجويع في قطاع غزة

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

مبدئيًا‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تشريع‭ ‬أو‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬عاقل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مجنون‭ ‬يرضى‭ ‬أن‭ ‬يُحرم‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬حقوقه‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬والحياة،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجويعه‭ ‬ومنع‭ ‬الماء‭ ‬والغذاء‭ ‬عنه‭ ‬حتى‭ ‬يقر‭ ‬بالاستسلام‭ ‬والهزيمة‭. ‬

وسياسة‭ ‬التجويع‭ ‬جريمة‭ ‬محظورة‭ ‬بموجب‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية،‭ ‬ويُنظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬انتهاك‭ ‬خطير‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأطر‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭:‬

{‭ ‬اتفاقيات‭ ‬جنيف والبروتوكولات‭ ‬الإضافية‭.‬

{‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‮ ‬‭(‬1949‭) ‬وتحظر‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬بحرمانهم‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الضرورية‭ ‬لحياتهم‭.‬

{‭ ‬البروتوكول‭ ‬الإضافي‭ ‬الأول‭ ‬الصادر‭ ‬عام‭ ‬1977،‭ ‬ويؤكد‭ ‬حظر‭ ‬استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬سلاحًا‭ ‬في‭ ‬النزاعات‭ ‬الدولية‭ ‬المسلحة‭.‬

{‭ ‬البروتوكول‭ ‬الإضافي‭ ‬الثاني‭ ‬وينص‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬النزاعات‭ ‬غير‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬منع‭ ‬استخدام‭ ‬سلاح‭ ‬التجويع‭ ‬ضدهم‭.‬

{‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العرفي‭ ‬ويحظر‭ ‬استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬دولية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬دولية‭.‬

{‭ ‬القرار‭ ‬2417‭ ‬الذي‭ ‬تبنته الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وغيرها‭ ‬الكثير،‭ ‬ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬تضع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬تحت‭ ‬أقدامها‭ ‬غير‭ ‬آبهة،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنها‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬جبان‭ ‬ومنافق‭ ‬ولن‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬حيال‭ ‬مخالفاتها‭ ‬المتراكمة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭.‬

لنحاول‭ ‬أن‭ ‬نستعرض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بحثنا‭ ‬في‭ ‬المراجع‭ ‬والوثائق‭ ‬بعض‭ ‬الحروب‭ ‬وخاصة‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬فيه‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬التجويع‭ ‬كسلاح‭ ‬جبان‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬لاحتلال‭ ‬فلسطين،‭ ‬منها‭:‬

أولاً‭: ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬توثق‭ ‬استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كسلاح‭ ‬بشكل‭ ‬ممنهج‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أو‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬ولكن‭ ‬يسجل‭ ‬التاريخ‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭:‬

{‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬النكبة‭ (‬1948‭) ‬تم‭ ‬تهجير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني،‭ ‬عانى‭ ‬كثيرون‭ ‬من نقص‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء أثناء‭ ‬الفرار‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المخيمات،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬نتيجة التهجير‭ ‬القسري‭ ‬والحصار‭ ‬العسكري‮ ‬وليس‭ ‬سياسة‭ ‬تجويع‭ ‬معلنة‭ ‬أو‭ ‬موثقة‭ ‬أو‭ ‬ممنهجة‭. ‬وتشير‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬إلى منع‭ ‬وصول‭ ‬الإمدادات إلى‭ ‬قرى‭ ‬محاصرة،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬وثائق‭ ‬رسمية‭ ‬تثبت‭ ‬نية‭ ‬استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كسلاح‭.‬

{‭ ‬فرضت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬خلال‭ ‬الحكم‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬فلسطينيي‭ ‬الداخل‭ (‬1948‭ ‬‭ ‬1966‭) ‬نظامَ‭ ‬حكم‭ ‬عسكري‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬داخل‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر،‭ ‬شمل‭ ‬قيودًا‭ ‬على‭ ‬التنقل‭ ‬والعمل‭. ‬ولم‭ ‬يُسجل‭ ‬استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كسلاح،‭ ‬لكن‭ ‬كانت‭ ‬هناك قيود‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومعيشية أثرت‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

ثانيًا‭: ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬1967،‭ ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬سياسات‭ ‬الحصار‭ ‬والقيود‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وتطورت‭ ‬لاحقًا‭ ‬إلى استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كسلاح‭ ‬حرب،‭ ‬إذ‭ ‬بدأت‭ ‬سياسات‭ ‬السيطرة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك فرض‭ ‬تصاريح‭ ‬العمل،‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬والزراعة،‭ ‬مما‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬2007‭.‬

لنذكر‭ ‬بعض‭ ‬الأمثلة‭:‬

{‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الأولى‭ (‬1987‭ ‬‭ ‬1993‭)‬؛‭ ‬فرضت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬قيودًا‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬التنقل‭ ‬والعمل‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى تدهور‭ ‬اقتصادي‭ ‬ومعيشي‭ ‬حاد،‭ ‬وتم‭ ‬إغلاق‭ ‬مناطق‭ ‬بأكملها،‭ ‬ومنع‭ ‬دخول‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬أحيانًا،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬التصعيد‭.‬

{‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الثانية‭ (‬2000‭ ‬‭ ‬2005‭)‬؛‭ ‬فرضت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال إغلاقات‭ ‬عسكرية‭ ‬متكررة على‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وتم‭ ‬تقييد‭ ‬دخول‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬الاجتياحات‭ ‬مثل‭ ‬عملية‭ (‬السور‭ ‬الواقي‭) ‬عام‭ ‬2002‭. ‬وتشير‭ ‬تقارير‭ ‬منظمات‭ ‬حقوقية‭ ‬مثل بتسيلم وهيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮ ‬أنها‭ ‬وثّقت‭ ‬آثار‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

{‭ ‬سياسة‭ (‬السعرات‭ ‬الحرارية‭) (‬2006‭)‬؛‭ ‬في‭ ‬وثائق‭ ‬كشفت‭ ‬لاحقًا،‭ ‬اعترفت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أنها حسبت‭ ‬عدد‭ ‬السعرات‭ ‬الحرارية التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬للبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬وسمحت‭ ‬بدخول‭ ‬كميات‭ ‬غذاء‭ ‬بالكاد‭ ‬تكفي،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬بعد‭ ‬فوزها‭ ‬بالانتخابات،‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬وُصفت‭ ‬بأنها تجويع‭ ‬محسوب دون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المجاعة‭ ‬الكاملة،‭ ‬وأشارت‭ ‬الوثائق‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬كانت تحسب‭ ‬السعرات‭ ‬الحرارية‮ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬لتفادي‭ ‬المجاعة،‭ ‬لكنها قللت‭ ‬الكميات‭ ‬عمدًا لإحداث‭ (‬ضغط‭ ‬اقتصادي‭).‬

{‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭ (‬2008‭ ‬‭ ‬2009‭)‬؛‭ ‬عملية‭ (‬الرصاص‭ ‬المصبوب‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬خلال‭ ‬الحرب،‭ ‬منعت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وأغلقت‭ ‬المعابر،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء،‭ ‬وتشير‭ ‬التقارير‭ ‬الحقوقية‭ ‬أن‭ ‬السكان‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الغذائية‭.‬

{‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭ (‬2014‭)‬؛‭ ‬عملية‭ (‬الجرف‭ ‬الصامد‭)‬،‭ ‬استُخدم‭ ‬الحصار‭ ‬كوسيلة‭ ‬لإضعاف‭ ‬المقاومة،‭ ‬واستمرت‭ ‬القيود‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والوقود،‭ ‬ودُمّرت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬مما‭ ‬زاد‭ ‬من انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

{‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023؛‭ ‬أعلنت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬حصارا‭ ‬كاملا على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ومنعت‭ ‬دخول‭ ‬الغذاء،‭ ‬الماء،‭ ‬الدواء،‭ ‬الوقود‭ ‬والكهرباء‭. ‬وصرّح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬آنذاك‭ (‬يوآف‭ ‬غالانت‭) ‬بأنهم‭ ‬يفرضون‭ (‬حصارًا‭ ‬كاملاً‭) ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بالحيوانات‭ ‬البشرية‭.‬

{‭ ‬طوال‭ ‬17‭ ‬شهرًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬استخدمت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬كأداة‭ ‬ضغط،‭ ‬حيث‭ ‬منعت‭ ‬دخولها‭ ‬أو‭ ‬سمحت‭ ‬بدخول‭ ‬كميات‭ ‬محدودة‭ ‬جدًا،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬وانتشار‭ ‬المجاعة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬يعاني‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬الكارثي‭.‬‮ ‬

{‭ ‬فبراير‭ ‬2024‭ ‬وقعت‮ ‬‭(‬مجزرة‭ ‬الطحين‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬قتلت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬فلسطيني‭ ‬وأصابت‭ ‬المئات‭ ‬أثناء‭ ‬انتظارهم‭ ‬للمساعدات‭ ‬الغذائية‭.‬

{‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬عاد‭ ‬الاحتلال‭ ‬لاستخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كسلاح‭ ‬بعد‭ ‬خرق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬ومنعت‭ ‬مجددًا‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭.‬‮ ‬

{‭ ‬واليوم‭ ‬أصدرت‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال بحق‭ ‬مسؤولين‭ ‬إسرائيليين،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بتهم‭ ‬تشمل جريمة‭ ‬الحرب‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كأسلوب‭ ‬حرب‭.‬

ما‭ ‬حاولنا‭ ‬ذكره‭ ‬جزء‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬حصرها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬مصداقيتها،‭ ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬نعتقده‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬حصر‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث،‭ ‬فالتاريخ‭ ‬لا‭ ‬يرحم‭ ‬الضعفاء‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نبين‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭ ‬كل‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬والذي‭ ‬ربما‭ ‬سيحدث‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يحاول‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬المخدوعين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يحصر‭ ‬الأحداث‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭.‬

 

تعريف‭ ‬للمجاعة‭ ‬الحربية‭ ‬والسياسية

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬تعريفًا‭ ‬محددًا‭ ‬وواضحًا‭ ‬ومتفقًا‭ ‬عليه‭ ‬للمجاعة،‭ ‬ولكن‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬خبراء‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وضعوا‭ ‬عدة‭ ‬شروط‭ ‬التي‭ ‬إن‭ ‬توفرت‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬ما،‭ ‬فإنه‭ ‬يعلن‭ ‬وجود‭ ‬مجاعة‭ ‬فيها،‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭:‬

{‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬نقصًا‭ ‬شديدًا‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬مع‭ ‬قدرة‭ ‬محدودة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭.‬

{‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬معدل‭ ‬الوفيات‭ ‬يوميًا‭ ‬حالتي‭ ‬وفاة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬شخص‭.‬

يقول‭ ‬خبير‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ (‬الفاو‭ ‬FAO‭) ‬أرمينيو‭ ‬ساكا‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬بات‭ ‬مصطلح‭ (‬المجاعة‭) ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬للتصنيف‭ (‬IBC‭) ‬صاغته‭ ‬عدة‭ ‬هيئات‭ ‬إنسانية،‭ ‬وهو‭ ‬تصنيف‭ ‬علمي‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬تفادي‭ ‬استخدام‭ ‬مصطلح‭ ‬المجاعة‭ (‬لأغراض‭ ‬سياسية‭).‬

أضرار‭ ‬المجاعة‭ ‬الحربية‭ ‬والسياسية

تشير‭ ‬التقارير‭ ‬العلمية‭ ‬أن‭ ‬المجاعة‭ ‬الحربية‭ ‬والسياسية‭ ‬ذات‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬مدمرة‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات،‭ ‬وتشمل‭ ‬نقص‭ ‬الغذاء،‭ ‬وتفشي‭ ‬الأمراض،‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الوفيات،‭ ‬وتدهور‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وزيادة‭ ‬النزوح‭ ‬والتنقل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اضطرابات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬لنحاول‭ ‬أن‭ ‬نلخص‭ ‬ذلك‭:‬

{‭ ‬نقص‭ ‬الغذاء‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الوفيات؛‭ ‬يؤدي‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬إلى‭ ‬الجوع‭ ‬وسوء‭ ‬التغذية،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬الوفاة‭ ‬من‭ ‬الأمراض،‭ ‬وخاصة‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭.‬

{‭ ‬تفشي‭ ‬الأمراض؛‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬يضعف‭ ‬جهاز‭ ‬المناعة،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬عرضة‭ ‬الأفراد‭ ‬للإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬مثل‭ ‬الكوليرا‭ ‬والحصبة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬الأمراض‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالصرف‭ ‬الصحي‭ ‬غير‭ ‬الكافي‭.‬

{‭ ‬تدهور‭ ‬البنية‭ ‬التحتية؛‭ ‬تدمير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬والمياه‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬المشاكل‭ ‬الصحية‭ ‬والإنسانية‭.‬

{‭ ‬نزوح‭ ‬السكان؛‭ ‬يؤدي‭ ‬الجوع‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬نزوح‭ ‬السكان،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ظروف‭ ‬معيشية‭ ‬صعبة‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬والمناطق‭ ‬المجاورة‭.‬

{‭ ‬اضطرابات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية؛‭ ‬المجاعة‭ ‬الحربية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬وزيادة‭ ‬التوترات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬استعادة‭ ‬الاستقرار‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬النزاع‭.‬

{‭ ‬آثار‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية؛‭ ‬تعرض‭ ‬الأفراد‭ ‬للصدمات‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬بسبب‭ ‬الجوع‭ ‬والنزوح‭ ‬والعنف،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬اضطرابات‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬مثل‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب‭.‬

{‭ ‬آثار‭ ‬على‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة؛‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬المجاعة‭ ‬الحربية‭ ‬آثار‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬على‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬مثل‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬البدني‭ ‬والعقلي‭ ‬للأطفال‭ ‬المصابين‭ ‬بسوء‭ ‬التغذية،‭ ‬وتغيرات‭ ‬فسيولوجية‭ ‬وجينية‭ ‬دائمة‭.‬

نحن‭ ‬نعرف‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يشهد‭ ‬ويعرف‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬مجاعة‭ ‬غير‭ ‬إنسانية،‭ ‬ولكن‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الأرض‭ ‬لا‭ ‬يهمها‭ ‬كل‭ ‬الذي‭ ‬يجري،‭ ‬كل‭ ‬الذي‭ ‬يهمهم‭ ‬أنهم‭ ‬بعيدون‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث،‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬بعيدة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وشعوبها‭ ‬بدأت‭ ‬تأخذ‭ ‬الأمور‭ ‬بجدية‭ ‬وتحاول‭ ‬أن‭ ‬ترمي‭ ‬بحجر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البحيرة‭ ‬لعلها‭ ‬تحرك‭ ‬ساكنًا،‭ ‬ولكن‭ ‬متى‭ ‬نشاهد‭ ‬الحقيقة‭ ‬والتغيير،‭ ‬لا‭ ‬نعرف،‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قريبًا‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا