العدد : ١٧٢٣٨ - الثلاثاء ٠٣ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٨ - الثلاثاء ٠٣ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أهمية الحفاظ على دور «قوات حفظ السلام» التابعة للأمم المتحدة

بقلم: جان بيير لاكروا {

الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

تتمتع‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتاريخ‭ ‬حافل‭ ‬بالنجاحات،‭ ‬من‭ ‬ناميبيا‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬الساخنة‭ ‬المضطربة‭ ‬اليوم‭. ‬ولكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتكيف‭ ‬لكي‭ ‬تظل‭ ‬فعَّالة‭.‬

في‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬بعد‭ ‬حوالي‭ ‬35‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬إغلاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فصلًا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حفظ‭ ‬السلام،‭ ‬أعلنت‭ ‬ناميبيا‭ ‬تنصيب‭ ‬الرئيسة‭ ‬نيتومبو‭ ‬ناندي‭-‬ندايتواه،‭ ‬أول‭ ‬امرأة‭ ‬تنتخب‭ ‬ديمقراطيًّا‭ ‬رئيسة‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬البلد‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1989،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬العالمي‭ ‬وأزمة‭ ‬السيولة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬اتفقت‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬فريق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الانتقال‭ ‬وهي‭ ‬بعثة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام‭ ‬ساعدت‭ ‬في‭ ‬إحلال‭ ‬استقلال‭ ‬ناميبيا‭.‬

ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬دور‭ ‬البعثة‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬ناميبيا،‭ ‬حيث‭ ‬ساعدت‭ ‬البعثة‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬وتأمين‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬حرة‭ ‬ونزيهة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وقامت‭ ‬بحماية‭ ‬المدنيين،‭ ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات،‭ ‬ودعم‭ ‬الانتقال‭ ‬الديمقراطي‭ ‬عبر‭ ‬أراضٍ‭ ‬شاسعة‭ ‬ونائية‭. ‬وكانت‭ ‬البعثة‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬نُهج‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬ركائز‭ ‬أساسية‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام‭ ‬العصري،‭ ‬من‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬ومراقبة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الانتخابات‭ ‬وحملات‭ ‬الإعلام‭ ‬العام‭ ‬القوية‭.‬

واليوم،‭ ‬تقف‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عند‭ ‬منعطف‭ ‬حرج‭. ‬فالوضع‭ ‬العالمي‭ ‬خطير‭ ‬ومعقد‭. ‬والأزمات‭ ‬تندلع‭ ‬بسرعة‭ ‬وتنتشر‭ ‬بسرعة‭ ‬أكبر،‭ ‬ويضخمها‭ ‬الاستقطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الدولي‭ ‬والجريمة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬والإرهاب‭ ‬وتزايد‭ ‬الشعور‭ ‬بالإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬وإضعاف‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وتحظى‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمعروفة‭ ‬عالمياً‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الخوذ‭ ‬الزرقاء‮»‬،‭ ‬بدعم‭ ‬دولي‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭. ‬واليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬تظل‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬مواقعها،‭ ‬وتحمي‭ ‬المدنيين،‭ ‬وتهيئ‭ ‬المجال‭ ‬اللازم‭ ‬لعمل‭ ‬الدبلوماسية‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تزايد‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والضغوط‭ ‬المالية‭ ‬المتصاعدة،‭ ‬تعتمد‭ ‬فعالية‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مستقبلها‭.‬

الخوذ‭ ‬الزرقاء‭ ‬في‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية

إن‭ ‬عمل‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬الذين‭ ‬يخدمون‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬ديارهم‭ ‬لمساعدة‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬‭ ‬شاق‭ ‬ومعقد،‭ ‬وهو‭ ‬أيضًا‭ ‬خطير‭. ‬ومنذ‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬فقدنا‭ ‬78‭ ‬فردًا،‭ ‬وأصيب‭ ‬العديد‭ ‬غيرهم‭ ‬بجروح‭. ‬إن‭ ‬تضحيات‭ ‬هؤلاء‭ ‬وخدمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬68‭ ‬ألف‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬العسكريين‭ ‬والشرطة‭ ‬والمدنيين‭ ‬المنتشرين‭ ‬تحت‭ ‬علم‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬بالزي‭ ‬الرسمي‭ ‬من‭ ‬119‭ ‬بلدا‭ ‬تمثل‭ ‬التزامًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬بالسلام‭ ‬والأمن‭.‬

وتعمل‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬بعثة،‭ ‬كبيرة‭ ‬وصغيرة،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أكثر‭ ‬السياقات‭ ‬اضطرابا‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬

ففي‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬تساعد‭ ‬بعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ (‬مونوسكو‭) ‬في‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬كما‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الحوار‭ ‬ونزع‭ ‬السلاح‭.‬

وفي‭ ‬لبنان،‭ ‬يظل‭ ‬وجود‭ ‬قوة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المؤقتة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ (‬يونيفيل‭) ‬أمرا‭ ‬مساعداً‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الخط‭ ‬الأزرق‭ ‬وسط‭ ‬تبادل‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المستمر‭. ‬وفي‭ ‬جنوب‭ ‬السودان،‭ ‬تعمل‭ ‬بعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ (‬يونميس‭) ‬على‭ ‬منع‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬وتشجيع‭ ‬الحوار‭ ‬والتفاوض‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والوطني‭. ‬وفي‭ ‬جمهورية‭ ‬أفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬تواصل‭ ‬بعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المتكاملة‭ ‬المتعددة‭ ‬الأبعاد لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‮ ‬جمهورية‭ ‬أفريقيا‭ ‬الوسطى‭ (‬مينوسكا‭) ‬حماية‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلد‭ ‬وتدعم‭ ‬الاستعدادات‭ ‬لإجراء‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬محلية‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭. ‬وفي‭ ‬قبرص،‭ ‬تواصل‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬قوة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تخفيف‭ ‬التوترات‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬عازلة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬وبناء‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭.‬

تواجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬البعثات‭ ‬تحديات‭ ‬تعكس‭ ‬تعقيدات‭ ‬أعمق،‭ ‬مع‭ ‬ولايات‭ ‬مربكة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬عملية،‭ ‬ودعم‭ ‬سياسي‭ ‬غامض‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي،‭ ‬وغياب‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬للمستقبل،‭ ‬واتساع‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬التوقعات‭ ‬والموارد‭.‬

 

الاستثمار‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬السلام

إن‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬هو‭ ‬عام‭ ‬محوري،‭ ‬فمع‭ ‬احتفالنا‭ ‬بالذكرى‭ ‬الثمانين‭ ‬لتأسيس‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬استضافت‭ ‬ألمانيا‭ ‬‭ ‬الشريك‭ ‬القوي‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬بعيد‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬اجتماعا‭ ‬وزاريا‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬برلين‭.‬

واتحد‭ ‬وزراء‭ ‬الدفاع‭ ‬والشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تعهدهم‭ ‬بتقديم‭ ‬دعمهم‭ ‬الواضح‭ ‬والملموس‭ ‬لقوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭. ‬وقدمت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الوفود‭ ‬المشاركة‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬دولة‭ ‬عضوا‭ ‬تعهدات‭ ‬ملموسة‭ ‬لتعزيز‭ ‬البعثات‭ ‬وجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا‭ ‬وفعالية‭.‬

وناقشوا‭ ‬مستقبل‭ ‬بعثات‭ ‬السلام‭ ‬وسبل‭ ‬إصلاح‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬عملياتنا‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التكيف،‭ ‬ومبتكرة‭ ‬وفعالة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التكلفة،‭ ‬ومرنة‭. ‬وكما‭ ‬فعلت‭ ‬في‭ ‬ناميبيا‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬التسعينيات،‭ ‬لطالما‭ ‬تكيفت‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬السياقات‭ ‬المتغيرة‭ ‬باستمرار‭ ‬وحققت‭ ‬نتائج‭ ‬فيها‭. ‬وفي‭ ‬المستقبل،‭ ‬سنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬مبسطة‭ ‬واقتصادية‭ ‬ومناسبة‭ ‬للغرض‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬أداة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الأرواح،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬استثمار‭ ‬ذكي‭. ‬فهو‭ ‬يحقق‭ ‬قيمة‭ ‬مقابل‭ ‬المال،‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬العنف،‭ ‬ويساعد‭ ‬على‭ ‬إحلال‭ ‬سلام‭ ‬دائم‭. ‬من‭ ‬كمبوديا‭ ‬إلى‭ ‬تيمور‭ ‬الشرقية‭ ‬ومن‭ ‬السلفادور‭ ‬إلى‭ ‬ليبيريا،‭ ‬دعمت‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬السلم‭ ‬بجزء‭ ‬ضئيل‭ ‬من‭ ‬تكلفة‭ ‬الأنشطة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬حواش‭ ‬تاريخية،‭ ‬إنها‭ ‬لبنات‭ ‬بناء‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭.‬

ويجب‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬التطور،‭ ‬وستستمر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬ويمكن‭ ‬نشر‭ ‬البعثات‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬أو‭ ‬لدعم‭ ‬شركاء‭ ‬إقليميين،‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭. ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬البعثات‭ ‬أصغر‭ ‬حجماً‭ ‬وأكثر‭ ‬توظيفاً‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬وأكثر‭ ‬تخصصاً‭. ‬لكن‭ ‬غرضها‭ ‬الأساسي‭ ‬سيظل‭ ‬هو‭ ‬دعم‭ ‬الحلول‭ ‬السياسية‭ ‬وحماية‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬وتمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬لسلام‭ ‬مستدام‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬الماضي‭ ‬يعلمنا‭ ‬شيئًا،‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬النتائج‭ ‬عندما‭ ‬نستثمر‭ ‬فيه‭ ‬وندعمه‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬ولا‭ ‬يُقاس‭ ‬سجل‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تجنبه،‭ ‬والتصعيد‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬منعه،‭ ‬والمساحة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توفيرها‭ ‬للسياسة‭ ‬لكي‭ ‬تعمل‭.‬

إن‭ ‬تجاهل‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليها‭ ‬بشق‭ ‬الأنفس‭ ‬يمثل‭ ‬خطأ،‭ ‬وإغلاق‭ ‬بعثات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬والسودان‭ ‬وهايتي،‭ ‬وتصاعد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬البلدان،‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬ولتجنب‭ ‬هذا‭ ‬الفخ،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬استعدادنا‭ ‬وقدرتنا‭ ‬على‭ ‬الانتشار‭ ‬السريع،‭ ‬إذا‭ ‬طُلب‭ ‬منا‭ ‬ذلك‭.‬

قبل‭ ‬خمسة‭ ‬وثلاثين‭ ‬عامًا،‭ ‬اتحد‭ ‬العالم‭ ‬لإطلاق‭ ‬بعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬إلى‭ ‬ناميبيا،‭ ‬وهي‭ ‬بعثة‭ ‬سلام‭ ‬رائدة‭ ‬ساعدت‭ ‬ناميبيا‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬مسارها‭ ‬كدولة‭ ‬مستقلة‭. ‬واليوم،‭ ‬نحتاج‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬روح‭ ‬الوحدة‭ ‬والابتكار‭ ‬والتصميم‭. ‬إذا‭ ‬قصرنا‭ ‬الآن،‭ ‬فإننا‭ ‬نخاطر‭ ‬بتقويض‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬وتقويض‭ ‬آمال‭ ‬الملايين‭ ‬الذين‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‮ ‬حماية‮ ‬مستقبلهم‭.‬

 

{‭ ‬وكيل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لعمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا