العدد : ١٧٢٣٦ - الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٦ - الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ازدواجية أمريكا.. تصريحات إنسانية ودعم مستمر لإسرائيل

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٣١ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

صدرت‭ ‬عدة‭ ‬تقييمات‭ ‬غربية‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬مايو2025،‭ ‬حيث‭ ‬اعتبرها‭ ‬‮«‬بول‭ ‬سالم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬تُغير‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والجيوسياسي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬وتم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬زيارته‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬باعتباره‭ ‬مؤشرًا‭ ‬على‭ ‬تنامي‭ ‬الخلاف‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالملفين‭ ‬الإيراني‭ ‬والسوري،‭ ‬والموقف‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬شير‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬يعمل‭ ‬حاليًا‭ ‬على‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬و«المُضي‭ ‬قدمًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬القرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬من‭ ‬‮«‬دون‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬مستشهدًا‭ ‬بالتصريحات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها،‭ ‬والتي‭ ‬أقر‭ ‬فيها‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬الوحشي‮»‬‭ ‬و‮«‬مساعدة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬واعترافه‭ ‬بـ«تضور‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬جوعًا»؛‭ ‬جراء‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التقييم‭ ‬يتجاهل‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬التحالف‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والدعم‭ ‬اللازمين‭ ‬لمواصلة‭ ‬حربه‭ ‬الوحشية‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الغطاء‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭ ‬دولية‭. ‬وتساءل‭ ‬‮«‬يوسي‭ ‬ميكلبيرج‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬عمّا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬وأفعاله‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬الأخيرة‭ ‬للمنطقة‭ ‬تعني‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬نسي‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬‮«‬يسعد‭ ‬نتنياهو‭ ‬كثيرًا‮»‬،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ففي‭ ‬أعقاب‭ ‬حملة‭ ‬قصف‭ ‬عنيفة‭ ‬وغزو‭ ‬بري‭ ‬جديد،‭ ‬أعلنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬نيتها‭ ‬‮«‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬تكتفِ‭ ‬‮«‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬بإرسال‭ ‬شحنات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬الذخائر‭ ‬الفتاكة‭ ‬‭ ‬وهي‭ ‬تدرك‭ ‬تمامًا‭ ‬أنها‭ ‬ستُستخدم‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬بل‭ ‬تستعد‭ ‬أيضًا‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬تهجير‭ ‬قسري‭ ‬لما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا،‭ ‬وهو‭ ‬بلد‭ ‬آخر‭ ‬دمره‭ ‬التدخل‭ ‬السياسي‭ ‬والعسكري‭ ‬الغربي‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أشاد‭ ‬فيه‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬بنجاح‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬إبرام‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭ ‬مهمة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وتزايد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬اقتراب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬لقائه‭ ‬بالرئيس‭ ‬السوري‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع؛‭ ‬فإن‭ ‬امتناعه‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬إسرائيل‭ ‬والاجتماع‭ ‬بنتنياهو؛‭ ‬اعتُبر‭ ‬مؤشرًا‭ ‬على‭ ‬تحول‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬أولويات‭ ‬واشنطن‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتركيزها‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭. ‬وسلط‭ ‬‮«‬سالم‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬بأول‭ ‬زيارة‭ ‬رسمية‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬تمتد‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يُعد‭ ‬أمرًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد،‭ ‬معتبرًا‭ ‬ذلك‭ ‬مؤشرًا‭ ‬واضحًا‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬ترامب‭ ‬لدول‭ ‬الخليج،‭ ‬باعتبارها‭ ‬مركزًا‭ ‬محوريًا‭ ‬للاهتمام‭ ‬والشراكة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬إبرام‭ ‬صفقة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬للإفراج‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭ ‬الأمريكي‭ ‬مزدوج‭ ‬الجنسية‭ ‬‮«‬عيدان‭ ‬ألكسندر»؛‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬إيما‭ ‬آشفورد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬ستيمسون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬يرقى‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬شعار‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬‭. ‬وعلّق‭ ‬‮«‬بريان‭ ‬كاتوليس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬نهج‭ ‬الزيارة‭ ‬أظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬‮«‬مدى‭ ‬استعداده‭ ‬لتقديم‭ ‬مصالح‭ ‬بلاده‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬شركائها‭ ‬الإقليميين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إسرائيل‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬شير‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬لقاءه‭ ‬بالرئيس‭ ‬السوري،‭ ‬وإشادته‭ ‬به‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬رجلًا‭ ‬قويًا‮»‬،‭ ‬صاحب‭ ‬‮«‬ماضٍ‭ ‬حافل‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إعلانه‭ ‬نية‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬عن‭ ‬سوريا،‭ ‬يعكس‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬كان‭ ‬‮«‬يقاوم‭ ‬بفعالية‮»‬،‭ ‬اعتراضات‭ ‬نتنياهو‭ ‬والحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع،‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬الحفاوة‭ ‬التي‭ ‬قوبل‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬وقطر،‭ ‬والإمارات،‭ ‬قد‭ ‬وضعت‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬عزلة‭ ‬متزايدة‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬‮«‬كسينيا‭ ‬سفيتلوفا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بات‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬خيار‭ ‬صعب‮»‬‭: ‬إما‭ ‬تهدئة‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬المجازفة‭ ‬بـ«مزيد‭ ‬من‭ ‬العزلة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬من‭ ‬أقرب‭ ‬حلفائه،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬مازالت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬تواصل‭ ‬دعمها‭ ‬للحرب‭ ‬التدميرية‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬مع‭ ‬استعداد‭ ‬دائم‭ ‬لحماية‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭ ‬دولية‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب،‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬المرتكبة‭. ‬واعتبرت‭ ‬‮«‬آشفورد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬المبالغة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬تركيز‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬الإقليمي،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ما‭ ‬زال‭ ‬يواصل‭ ‬تزويد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالأسلحة‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يُبدِ‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬الإسرائيليين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسهيل‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

وردًا‭ ‬على‭ ‬التصعيد‭ ‬الواسع‭ ‬الذي‭ ‬نفذه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ضد‭ ‬غزة،‭ ‬غداة‭ ‬مغادرة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬للمنطقة،‭ ‬وإعلان‭ ‬التزامه‭ ‬بـ«السيطرة‭ ‬الكاملة‮»‬‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬وأصدر‭ ‬أوامر‭ ‬إخلاء‭ ‬إضافية،‭ ‬واستهداف‭ ‬المستشفيات‭ ‬عمدًا،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬شخص؛‭ ‬تساءل‭ ‬‮«‬ميكلبيرج‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬صمت‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬وتناقض‭ ‬أفعاله‭ ‬مع‭ ‬تصريحاته‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬مايو،‭ ‬التي‭ ‬قال‭ ‬فيها‭ ‬إنهم‭ ‬‮«‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وإنه‭ ‬‮«‬سيتم‭ ‬الاعتناء‭ ‬بها‮»‬‭.‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬شدّدت‭ ‬‮«‬آشفورد‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬مؤشرات‭ ‬على‭ ‬حدوث‭ ‬قطيعة‭ ‬محتملة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬و‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بدوافع‭ ‬إنسانية‮»‬،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تساند‭ ‬الخطة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬‮«‬تقديم‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يعكس‭ ‬تواطؤًا‭ ‬ضمنيًا‭ ‬مع‭ ‬سياسات‭ ‬الحصار‭ ‬والتجويع‭ ‬المستمرة‭.‬

وخلال‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬تحدث‭ ‬ترامب‭ ‬عن‭ ‬‮«‬سلامة‭ ‬وكرامة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬صرح‭ ‬مبعوثه‭ ‬الإقليمي‭ ‬‮«‬ستيف‭ ‬ويتكوف‮»‬‭ ‬‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬وأقنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالتراجع‭ ‬عن‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬مع‭ ‬حماس‭ ‬وتقديم‭ ‬مطالب‭ ‬جديدة‭ ‬‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬نسمح‭ ‬بحدوثها‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‮»‬‭.‬

وبشكل‭ ‬واضح،‭ ‬يتناقض‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬مع‭ ‬التحذيرات‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬الوكالات‭ ‬الإنسانية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬حول‭ ‬الأوضاع‭ ‬الكارثية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬حذّرت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬السكان‭ ‬بأكملهم‭ ‬يواجهون‭ ‬‮«‬نقصًا‭ ‬غذائيًا‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‮»‬،‭ ‬ويعاني‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬شخص،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الأطفال،‭ ‬من‭ ‬‮«‬الجوع‭ ‬وسوء‭ ‬التغذية‭ ‬الحاد‭ ‬والمجاعة‭ ‬والمرض‭ ‬والموت‮»‬‭. ‬فيما‭ ‬أدان‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬كاتس‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬المساعدات‭ ‬الطبية‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬والتي‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬كميات‭ ‬ضئيلة‭ ‬من‭ ‬المساعدات،‭ ‬واصفًا‭ ‬إياها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬محاولة‭ ‬خطيرة‭ ‬لتسليح‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬ووسيلة‭ ‬تستخدمها‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬لمواصلة‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين‮»‬‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬أثار‭ ‬تصريح‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬روبيو‮»‬،‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الانتقادات،‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬البديل‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬بديل‭ ‬أفضل‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬واشنطن‭ ‬للجهود‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى،‭ ‬والتي‭ ‬تعرقلها‭ ‬إسرائيل‭ ‬عمدًا‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬توم‭ ‬فليتشر‮»‬،‭ ‬وكيل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للشؤون‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أن‭ ‬المنظمة‭ ‬وشركاءها‭ ‬‮«‬يمتلكون‭ ‬الخبرة،‭ ‬والعزيمة،‭ ‬والوضوح‭ ‬الأخلاقي‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدات‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬التعاون‭ ‬معهم‭ ‬يؤكد‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬جادة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬إغاثة‭ ‬إنسانية‭ ‬حقيقية‭ ‬لملايين‭ ‬المدنيين‭.‬

وبدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬كرر‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬نواياه‭ ‬بإخلاء‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وخلال‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أعرب‭ ‬مجددًا‭ ‬عن‭ ‬فخره‭ ‬بـ«استحواذ‮»‬،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬ووصفه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬حرة‮»‬‭. ‬

وأشارت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬غربية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬يدرس‭ ‬بجدية‭ ‬دعم‭ ‬خطة‭ ‬لنقل‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬سام‭ ‬كيلي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬،‭ ‬تلك‭ ‬الخطة‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تمتزج‭ ‬بالغباء‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تتشح‭ ‬بالشر‮»‬،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬أمريكية‭ ‬لتبرير‭ ‬حملة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬تستخدم‭ ‬أدوات‭ ‬الموت‭ ‬والدمار‭ ‬‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬والرصاص‭ ‬إلى‭ ‬التجويع‭ ‬والتدمير‭ ‬المنهجي‭ ‬تستهدف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والكوادر‭ ‬الطبية؛‭ ‬بهدف‭ ‬تحويل‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬لا‭ ‬تُطاق،‭ ‬ولا‭ ‬تصلح‭ ‬للحياة‭.‬

وفي‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬المتسارعة،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬شير‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬‮«‬ديناميكية‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬باتت‭ ‬تُهمِّش‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتجعلها‭ ‬‮«‬أمرًا‭ ‬ثانويًا‭ ‬في‭ ‬الحسابات‮»‬‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تعليق‭ ‬‮«‬آشفورد‮»‬،‭ ‬جاء‭ ‬أكثر‭ ‬توازنًا‭ ‬ووضوحًا،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يُبدي‭ ‬أي‭ ‬اعتراض‭ ‬فعلي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يمارس‭ ‬أي‭ ‬ضغط‭ ‬جاد‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬يواصل‭ ‬تبني‭ ‬موقف‭ ‬متواطئ،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬حياد‭ ‬أو‭ ‬صمت‭ ‬في‭ ‬المظهر‭ ‬العام‭.‬

ورغم‭ ‬التصريحات‭ ‬العلنية‭ ‬لـ«ترامب‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬دعمه‭ ‬لـ«سلامة‭ ‬وكرامة‮»‬‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فقد‭ ‬تجاهل‭ ‬تمامًا‭ ‬التصعيد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأخير،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬واصلت‭ ‬إدارته‭ ‬تزويد‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بذخائر‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات،‭ ‬رغم‭ ‬إدراكها‭ ‬بأنها‭ ‬ستُستخدم‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭. ‬ولم‭ ‬تكتف‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬مضت‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬أشد‭ ‬كارثية‭ ‬تستهدف‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬والدائم‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬بعيدة،‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬مشروع‭ ‬يُطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬للحرية‮»‬‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭.‬

ومع‭ ‬تبني‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف،‭ ‬‮«‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‮»‬،‭ ‬دعوات‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تدمير‭ ‬غزة‭ ‬بالكامل‮»‬،‭ ‬و«إجبار‭ ‬سكانها‭ ‬على‭ ‬المغادرة‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة»؛‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬فيكتور‭ ‬قطان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬نوتنغهام‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬دعوة‭ ‬صريحة‮»‬‭ ‬لارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الترحيل‭ ‬القسري‭ ‬للمدنيين،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬دليلًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬على‭ ‬نيات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬دعم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬لهذه‭ ‬السياسات‭ ‬يُعد‭ ‬تواطؤًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب،‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬المرتكبة‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

واختتمت‭ ‬‮«‬آشفورد‮»‬،‭ ‬تقييمها‭ ‬بتأكيد‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬داعمًا‭ ‬لإسرائيل‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬دعمه‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬اعتبارات‭ ‬إنسانية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‮»‬؛‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مدفوع‭ ‬برغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحه‭ ‬الخاصة،‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أفضل‭ ‬صفقة‮»‬‭ ‬ممكنة،‭ ‬وهي‭ ‬صفقة‭ ‬تصب‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتشمل‭ ‬تدمير‭ ‬غزة،‭ ‬وتهجير‭ ‬سكانها‭ ‬قسرًا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا