زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
نحن لنا الله فحسب
نعم حسبنا الله ونعم الوكيل، وما علينا سوى أن نصبر ونحتسب، ونحن نعاني في الدنيا، وننتظر الأجر في الآخرة. فانظر يا هداك الله، حالك مع حال الحيوانات البرية في «بلاد الكفر». حيث يواجه البريطانيون حرجا بالغا بعد أن قامت جمعية «بورن فري» وتعني «وُلِد حُرا»، بنشر تقرير يكشف مدى قسوة قلوبهم، وهذه الجمعية معنية أساسا بحقوق الحيوانات المحتجزة في ما يسمى بحدائق الحيوان، فبعد رصد للأوضاع في تلك الحدائق خلال الأعوام القليلة الماضية لاحظت الجمعية ان معظم الحيوانات تقضي يومها وهي تروح وتجيء في حظائرها، وهي متجهمة، ما يعني انها تعاني من الملل والاكتئاب، وأن القرود والشمبانزي- وهي عندهم أجدادهم- تقضي وقتها وهي «تفلِّي» بعضها البعض من القمل والبق، لأنها لا تجد ما تفعله غير ذلك. يعني لا تلفزيون ولا بلاي ستيشن ولا واتساب ولا زوم. والطعام المكرر والممل: علف للحيوانات النباتية ولحوم عادية غير مطبوخة (ييع) لآكلات اللحوم. يعني لا بيرغر ولا بيتزا ولا آيسكريم لا أليز مظر (أم علي)!! واكتشفت الجمعية ان معظم حدائق الحيوان في بريطانيا تخالف الميثاق الأوربي لرعاية الحيوانات في الأَسر، من حيث ضرورة توفير سكن لائق لها، يسمح لها بممارسة سلوكها الطبيعي!! كما لاحظت ان فرس النهر في حديقة لندن الشهيرة يسير يوميا في دائرة منتظمة ما يدل على انه في منتهى الزهج والقرف! والحمد لله فنحن في السودان وتقديرا لظروف الحيوانات قمنا بإزالة حديقة الحيوان وبعنا موقعها للمستثمرين العقاريين، وأصبحنا البلد الوحيد في إفريقيا الذي ليست به حديقة للحيوان عليها القيمة يلف ويدور فيها حول نفسه او حول غيره، وبذلك «طلعنا» من اللوم. بعبارة أخرى أثبتنا أننا نحترم حقوق الحيوان في التجول والترفيه والتناسل وتركناها في غاباتها! وقبل سنوات كانت قضية الساعة في السودان هي القرنتية وهو الاسم الذي يطلقه السودانيون على فرس النهر فقد ضلت قرنتية وصغارها طريقها من أدغال وسط إفريقيا، وجنوب البلاد إلى الخرطوم، ما يدل على أنها كانت في منتهى الغباء، لأنها لم تنتبه وهي تقترب من وسط السودان الى حركة الملاحة النشطة في النيل الأبيض، وفشلت في استخدام حواسها لتعرف أنها ابتعدت عن موطنها شِبه الاستوائي. وكعادتها فقد عبثت القرنتية بالمزارع واهلكت المحاصيل في المناطق التي مرت بها، فتم نصب كمين لها على هيئة حفرة مغطاة بحشائش سال لها لعاب القرنتية الغبية فهجمت على الحشائش وسقطت في الحفرة، وبعد ذلك تختلف الروايات حول الكيفية التي لاقت بها حتفها، فهناك من يقول إن قوات الشرطة أعدمتها رميا بالرصاص وأكلت لحمها، ظنا منها أنها عضو نشط في المعارضة مكلف بتخريب الاقتصاد السوداني، ولم تنكر الحكومة ذلك وبررت الإعدام بأن القرنتية كانت عضوا في إحدى حركات التمرد، وقدمت إلى الخرطوم لقلب نظام الحكم أو في مهمة تجسس، فكان لابد من التصدي لها بعنف.
والحمد لله أن جمعية بورن فري لم يبلغها خبر القرنتية تلك، وإلا لطالبت بفرض حظر برمائي على السودان، وقد خلد الشاعر السوداني الفذ هاشم صديق القرنتية في قصيدة جميلة حافلة بالرمز تم تداولها عبر عدد من المواقع السودانية على الانترنت، بعد منع نشرها في الصحف السودانية!
تخيل ان جمعية بورن فري جاءت إلى العالم العربي لتكتب عن حال الحظائر البشرية: آدميون يلفون ويدورون حول أنفسهم طوال سنوات العمر ولا يملكون من أمور أنفسهم شيئا!! أما عن السكن اللائق فحدث ولا حرج!! أمة بأكملها تعاني من الاكتئاب الوبائي والإمساك والبواسير من فرط انعدام حرية التعبير! ولا جمعية تطالب بفتح الحظائر! وما لنا سوى الله نصيرا وسنداً.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك