العدد : ١٧٢٣١ - الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣١ - الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

«الكوتشينج».. ودوره في تطوير العمل المؤسسي

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٢٥ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬العام‭ ‬قبل‭ ‬الماضي‭ (‬2023‭) ‬طُلب‭ ‬مني‭ ‬استشارة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬خليجية،‭ ‬ذهبت‭ ‬والتقيت‭ ‬ببعض‭ ‬الإداريين،‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬كانت‭ ‬الجلسات‭ ‬رائعة،‭ ‬وخرجنا‭ ‬بعدة‭ ‬مخرجات‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭.‬

لم‭ ‬تمض‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر،‭ ‬إلا‭ ‬وجاءني‭ ‬اتصال‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الأخوة‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬الحضور‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬مدة‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬بهدف‭ ‬مناقشة‭ ‬قضية‭ ‬صغيرة‭ ‬عالقة،‭ ‬ذهبت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وجلست‭ ‬مع‭ ‬نفس‭ ‬الأشخاص‭ ‬تقريبًا،‭ ‬وكان‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ (‬الكوتشينج‭ ‬المؤسسي‭) ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬تطوير‭ ‬وتعميق‭ ‬التخطيط‭ ‬والإدارة‭ ‬لدى‭ ‬الأفراد‭ ‬وفرق‭ ‬العمل‭ ‬والقادة‭ ‬في‭ ‬المؤسسة؟

أجبت‭ ‬بالإيجاب،‭ ‬فطلب‭ ‬مني‭ ‬الشرح‭ ‬والآليات‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فقمت‭ ‬بشرح‭ ‬الفكرة‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬ذاكرتي،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬كبير‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬وأمور‭ ‬وتمارين‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬

سألني‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭: ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كوتش‭ ‬المؤسسة‭ ‬للزمن‭ ‬الذي‭ ‬تختار‭ ‬وتقوم‭ ‬بهذه‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬عنها؟

احترت،‭ ‬فالإجابة‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬بمكان،‭ ‬ولكنها‭ ‬فرصة‭ ‬مهمة‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬تفويتها،‭ ‬والهروب‭ ‬منها،‭ ‬فهي‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭ ‬جدًا،‭ ‬فأنت‭ ‬أمام‭ ‬مؤسسة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬ومن‭ ‬فيها،‭ ‬وتحاول‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المطلوبة‭ ‬أن‭ ‬تقلب‭ ‬الطاولة‭ ‬وتعيد‭ ‬بناءها‭ ‬من‭ ‬جديد‭. ‬فقلت‭: ‬دعني‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬منزلي‭ ‬وخلال‭ ‬يومين‭ ‬سوف‭ ‬أرسل‭ ‬لك‭ ‬الإجابة‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬بالإيجاب‭.‬

فكرت،‭ ‬ولكن‭ ‬تحت‭ ‬إلحاح‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬وافقت،‭ ‬وبذلك‭ ‬دخلت‭ ‬عالمًا‭ ‬جديدًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي،‭ ‬فلم‭ ‬أقم‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬سابقًا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬أني‭ ‬عملت‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬كمستشار‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬جبارة‭. ‬عمومًا‭ ‬لنبدأ‭ ‬من‭ ‬البداية‭.‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬الكوتشينج‭ ‬والكوتشينج‭ ‬المؤسسي؟

هي‭ ‬ببساطة‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬تعقيدات‭ ‬أو‭ ‬تعريفات‭ ‬أكاديمية،‭ ‬عملية‭ ‬تفاعلية‭ ‬تتطلب‭ ‬من‭ ‬الفرد‭ ‬والكوتش‭ ‬العمل‭ ‬معًا‭ ‬بشكل‭ ‬تعاوني،‭ ‬يلعب‭ ‬فيها‭ ‬الكوتش‭ ‬دورًا‭ ‬داعمًا‭ ‬وموجهًا،‭ ‬ويساعد‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬أهدافه‭ ‬وتطوير‭ ‬الخطة‭ ‬لتحقيقها‭ ‬وتطويرها‭. ‬ويركز‭ ‬الكوتشينج‭ ‬على‭ ‬الحاضر‭ ‬وكيف‭ ‬ينطلق‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬قوته‭ ‬وضعفه،‭ ‬وكيفية‭ ‬تطوير‭ ‬مهاراته‭ ‬وقدراته،‭ ‬وطرق‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭.‬

هذا‭ ‬التعريف‭ ‬نفسه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصلح‭ ‬لتعريف‭ ‬الكوتشينج‭ ‬المؤسسي،‭ ‬ولكن‭ ‬يستعاض‭ ‬عن‭ ‬مصطلح‭ (‬الفرد‭) ‬بمصطلح‭ (‬المؤسسة‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬التغييرات‭ ‬الطفيفة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬الموضوع‭ ‬الأساسي‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬فتبقى‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭.‬

إذ‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬نقوم‭ ‬بتطوير‭ ‬معارف‭ ‬ومهارات‭ ‬الأفراد‭ ‬ومجتمع‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نسهم‭ ‬في‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر‭ ‬من‭ ‬الأداء‭ ‬الوظيفي‭ ‬للأفراد‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتطور‭ ‬العمل‭ ‬المجتمعي‭ ‬الوظيفي‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التنظيمية‭ ‬للمؤسسة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأفراد‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أيضًا‭ ‬تحقيق‭ ‬الأداء‭ ‬العالي‭ ‬للفرد‭ ‬والأفراد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬المنتج‭ ‬أو‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬للعملاء‭ ‬أيًا‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭.‬

ما‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الكوتشينج‭ ‬في‭ ‬المؤسسة؟

الكوتشينج‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬بدور‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬بدور‭ ‬القائد‭ ‬الإداري،‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬التحفظات‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬بقائد‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬يقوم‭ ‬ببعض‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬لذلك‭ ‬فيمكن‭ ‬تحديد‭ ‬مهامه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬واستراتيجيتها‭ ‬وبرامجها‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمؤسسة،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬التالية‭:‬

 

أولاً‭: ‬التوجيه؛‭ ‬هي‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأنشطة‭ ‬التي‭ ‬صممت‭ ‬لتشجيع‭ ‬المرؤوسين‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬بكفاءة‭ ‬وفاعلية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭. ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬الفرد‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬التوجيه‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المنظومة‭ ‬الجماعية،‭ ‬معتمدًا‭ ‬على‭ ‬المعلومات،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬السلطة،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت‭ ‬مثلاً‭ ‬هي‭ ‬إدارة‭ ‬للموارد‭ ‬البشرية‭ ‬فإن‭ ‬التوجيه‭ ‬يهتم‭ ‬بالمورد‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمواهبه‭ ‬وقدراته‭.‬

ولكي‭ ‬تتحقق‭ ‬أقصى‭ ‬فائدة‭ ‬من‭ ‬التوجيه،‭ ‬فإنه‭ ‬يُفترض‭ ‬توافر‭ ‬قاعدة‭ ‬سليمة‭ ‬ومناخ‭ ‬اجتماعي‭ ‬سليم‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬ويجب‭ ‬ألا‭ ‬نطيل‭ ‬وقت‭ ‬إصدار‭ ‬التوجيهات‭ ‬حيث‭ ‬يكفي‭ ‬الاتصال‭ ‬الشفهي‭ ‬أو‭ ‬الهاتفي‭ ‬القصير‭ ‬لكي‭ ‬يتم‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭.‬

كما‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مهمة‭ ‬مستمرة‭ ‬لصنع‭ ‬القرارات‭ ‬وتسجيلها‭ ‬في‭ ‬أوامر‭ ‬وتعليمات‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأوامر‭ ‬وتلك‭ ‬التعليمات‭ ‬عامة‭ ‬أو‭ ‬خاصة‭. ‬وتعد‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬الصعبة‭ ‬ويرجع‭ ‬سبب‭ ‬صعوبتها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬وهم‭ ‬قوى‭ ‬مركبة‭ ‬يختلفون‭ ‬في‭ ‬شخصياتهم‭ ‬ولكل‭ ‬منهم‭ ‬أهدافه‭ ‬ودوافعه‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬المؤسسة‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬تتعارض‭ ‬أحيانًا‭ ‬معها‭. ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬أن‭ ‬يتفهم‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬الإنسانية‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬المؤسسة‭.‬

وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الكوتشينج‭ ‬في‭ ‬التوجيه،‭ ‬فهو‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬مرة‭ ‬ومرات‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬حتى‭ ‬يرشدهم‭ ‬ويساعدهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التوجيه،‭ ‬بحيث‭ (‬يأمر‭ ‬فيطاع‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬يصنع‭ ‬ثقافة‭ ‬مؤسسية‭ ‬عند‭ ‬الأفراد‭ ‬أن‭ ‬التوجيه‭ ‬لا‭ ‬يقصد‭ ‬بها‭ ‬فقط‭ ‬إصدار‭ ‬أوامر‭ ‬وتسلط‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منها‭.‬

ثانيًا‭: ‬الاستشارة؛‭ ‬نحن‭ ‬نعلم‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬الاستشارات‭ ‬أصبحت‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬خيار،‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬أقصى‭ ‬إمكانيات‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية،‭ ‬إن‭ ‬استشارات‭ ‬العمل‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نصائح‭ ‬عابرة‭ ‬حول‭ ‬تحسين‭ ‬علاقة‭ ‬زملاء‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬علاقة‭ ‬المسؤول‭ ‬بالعاملين‭ ‬أو‭ ‬أداء‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬بطريقة‭ ‬مميزة؛‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬أداة‭ ‬شاملة‭ ‬ومتكاملة‭ ‬تعنى‭ ‬بالتخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المهني،‭ ‬إدارة‭ ‬التغيير،‭ ‬وتطوير‭ ‬المهارات‭ ‬والقدرات‭ ‬اللازمة‭ ‬لمواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭.‬

ويعد‭ ‬الكوتشينج‭ ‬والذي‭ ‬يعمل‭ ‬كمستشار‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬أدواره‭ ‬هو‭ ‬مساعدة‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬بدقة،‭ ‬وتحديد‭ ‬كيفية‭ ‬تحسين‭ ‬تلك‭ ‬النقاط‭ ‬بشكل‭ ‬استراتيجي‭. ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬الأداء‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬وإنما‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬التحليل‭ ‬العميق‭ ‬للمهارات‭ ‬الصعبة‭ ‬

‭(‬hard‭ ‬skills‭) ‬والناعمة‭ (‬soft‭ ‬skills‭) ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وبيئة‭ ‬العمل‭.‬

 

ثالثًا‭: ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬المؤسسية؛‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬المؤسسية‭ ‬تعرف‭ ‬أنها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬والقيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بها‭ ‬المؤسسة،‭ ‬بحيث‭ ‬تقوم‭ ‬المؤسسة‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬صياغتها‭ ‬بطريقة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬وبيئة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬العمل‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الموظفون‭ ‬مؤمنين‭ ‬بتلك‭ ‬الثقافة،‭ ‬وعلى‭ ‬قناعة‭ ‬تامة‭ ‬بتلك‭ ‬القيم‭ ‬والمفاهيم،‭ ‬ويعملون‭ ‬ويلتزمون‭ ‬بكل‭ ‬جدية‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تطبيقها‭ ‬بتوجيه‭ ‬وتمكين‭ ‬ودعم‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭ ‬بالمؤسسة‭.‬

وتلعب‭ ‬الثقافة‭ ‬المؤسسية‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا،‭ ‬كونها‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الموظفين‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وانعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬المؤسسة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬تٌعد‭ ‬الإطار‭ ‬لتوجيه‭ ‬السلوك‭ ‬التنظيمي‭ ‬والمؤسسي،‭ ‬ووجود‭ ‬الثقافة‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬المؤسسية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬زيادة‭ ‬الالتزام‭ ‬والضبط‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬إستراتيجيتها‭ ‬وإدراك‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬المؤسسة‭ ‬ودفع‭ ‬الموظفين‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬بحيث‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التجانس‭ ‬تحفيزهم‭ ‬ودعمهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭. ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬المؤسسية‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التطوير‭ ‬والإبداع‭ ‬وتعد‭ ‬عاملاً‭ ‬مستقلاً‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬ولها‭ ‬أهمية‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬استمرارية‭ ‬الأعمال‭ ‬واستمرارية‭ ‬المؤسسة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

 

رابعًا‭: ‬التطوير؛‭ ‬يعرف‭ ‬التطوير‭ ‬المؤسسي‭ ‬أنها‭ ‬عملية‭ ‬تحسين‭ ‬مستمر‭ ‬للأداء‭ ‬والفعالية‭ ‬داخل‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬والخطط‭ ‬المدروسة،‭ ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تحسين‭ ‬الهياكل‭ ‬الإدارية،‭ ‬تعزيز‭ ‬المهارات،‭ ‬وتبني‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬ويهدف‭ ‬تطوير‭ ‬المؤسسات‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬وزيادة‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬تغيرات‭ ‬السوق،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬وبناء‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬وكيفية‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وهذه‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أصلح‭ ‬مهام‭ ‬الكوتشينج‭.‬

كيف‭ ‬يقوم‭ ‬الكوتشينج‭ ‬بعمله؟

قلنا‭ ‬إنه‭ ‬يتوزع‭ ‬عمل‭ ‬الكوتشينج‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسة،‭ ‬فلنتحدث‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الاختصار،‭ ‬حسب‭ ‬المساحة‭ ‬المتاحة،

أولاً‭: ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأفراد؛‭ ‬يقوم‭ ‬الكوتشينج‭ ‬بعمل‭ ‬الأمور‭ ‬التالية‭:‬

*‭ ‬رفع‭ ‬وعي‭ ‬وثقافة‭ ‬الموظف،

*‭ ‬رفع‭ ‬الكفاءة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬للموظف،

*‭ ‬تحقيق‭ ‬التناغم‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬فريق‭ ‬العمل،‭ ‬

*‭ ‬زيادة‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس،

*‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬فإنه‭ ‬يقوم‭ ‬بتطوير‭ ‬القادة؛‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬تحسين‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات،‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف،‭ ‬تطوير‭ ‬المهارات‭ ‬والقدرات‭.‬

 

ثانيًا‭: ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المؤسسة؛‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬التالية‭:‬

*‭ ‬تحسين‭ ‬أداء‭ ‬الموظفين،

*‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الأعمال،

*‭ ‬تطوير‭ ‬وتحسين‭ ‬المنتجات‭ ‬والخدمات‭ ‬القديمة‭ ‬والجديدة،

*‭ ‬تحسين‭ ‬خدمة‭ ‬العملاء،

*‭ ‬التطوير‭ ‬والتميز‭ ‬المؤسسي،

*‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬والوظيفية‭.‬

ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬مجرد‭ ‬أساسيات‭ ‬لبعض‭ ‬الأمور‭ ‬النظرية،‭ ‬فالموضوع‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬وإنما‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬والجهد‭ ‬والكتابة‭ ‬والمتابعات،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬استشارة‭ ‬تنتهي‭ ‬بانتهاء‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تداوله،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬استمرارية‭ ‬عمل‭ ‬ومتابعة،‭ ‬وإدارة‭ ‬ضغوط‭ ‬العمل،‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إدارة‭ ‬الغضب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الفئات،‭ ‬وحتى‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬ينتابها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬والملل‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والزمن‭ ‬الذي‭ ‬يستغرق،‭ ‬وأنا‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬بعد‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬المقررة‭ ‬كانت‭ ‬النتيجة‭ ‬مذهلة،‭ ‬حتى‭ ‬أنا‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أتصور‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬ستتحول‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭. ‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا