اختتم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولته الخليجية التاريخية والتي استمرت أربعة أيام زار خلالها المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى قادة الدول الخليجية الثلاث وحضر القمة الخليجية الأمريكية في الرياض والتي عقدت على هامش زيارته للمملكة العربية السعودية، حيث أثمرت هذه الجولة عن إعلان صفقات تجارية واقتصادية واستثمارية بين الدول الخليجية والولايات المتحدة الأمريكية بلغت أكثر من ثلاثة تريليونات دولار وهو مبلغ ضخم بكل المقاييس سوف يعطي العلاقات التجارية والاقتصادية وحتى السياسية بين الدول الخليجية وأمريكا دفعة قوية، وبالإضافة إلى ذلك سوف يتحقق دعم كبير للاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من التضخم وارتفاع نسبة البطالة وخصوصا بين الشباب والأزمات الاقتصادية بسبب الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية أيام حكم الديمقراطيين وخصوصا خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والتي شهدت توترا وفتورا في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربية وصلت إلى أدنى مستوياتها مما جعل الدول الخليجية تعيد النظر في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتجاه شرقا نحو جمهورية الصين الشعبية المنافس الاقتصادي الأول لأمريكا، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الخليجية مع روسيا الاتحادية.
ولذلك عمل الرئيس ترامب على ترميم العلاقات الخليجية الأمريكية وإصلاح ما خربه الديمقراطيون إن صح التعبير إذا ما عرفنا أن الرئيس الأمريكي رجل أعمال وعقارات ويعطي الاقتصاد أهمية قصوى، ومن هنا نفهم لماذا اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية لتكون محطته الأولى في زياراته الخارجية مثلما فعل بعد توليه ولايته الأولى.
ذلك أن المملكة العربية السعودية لها ثقل اقتصادي كبير واستثمارات ضخمة يمكن الاستفادة منها وتوظيفها في خدمة الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من مشاكل وصعوبات كثيرة وتعزيز المصالح الاستراتيجية الأمريكية من خلال إقامة شراكات مع الدول ذات الاقتصاديات القوية والضخمة والتي تتمتع بإمكانيات اقتصادية ومادية وتجارية كبيرة مثل الدول الخليجية وكل الدول سوف تضع حدا للتوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية الخليجية كما أسلفنا والتي فتحت المجال للصين لدخول المنطقة الخليجية حتى أصبحت الشريك التجاري الأول للمنطقة على حساب الولايات المتحدة الأمريكية الشريك التقليدي للمنطقة منذ أكثر من تسعة عقود من الزمان، وهنا نلاحظ أن ترامب قد كسر التقليد الأمريكي لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية السابقين والذين يستهلون زياراتهم الخارجية بزيارة الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة الأمريكية مثل بريطانيا وكندا والدول الأوروبية.
وخلال زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة العربية السعودية على سبيل المثال تم التوقيع على 145 صفقة بقيمة 300 مليار دولار والموافقة على استثمارات بقيمة 600 مليار دولار وذلك خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي الذي حضره رجال أعمال أمريكيين ومستثمرين ومديرين تنفيذين فضلا عن اتفاقية بقيمة 142 مليار دولار لشراء معدات وخدمات عسكرية وتوقيع اتفاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي ومشاريع البنية التحتية السعودية والتي منها مطار الملك سلمان الدولي ومجمع القدية الترفيهي.
ولم تقتصر جولة الرئيس ترامب على تحقيق مكاسب اقتصادية بل حقق الرئيس الأمريكي خلال جولته مكاسب سياسية مهمة أيضا فمن الناحية الجيوسياسية أكد التزام الولايات المتحدة الأمريكية بحماية مصالحها الاستراتيجية بالمنطقة لوضع حد لتصاعد النفود الصيني والروسي وسعيهما لتوقيع شراكات قوية مع دول المنطقة في ظل التراجع الذي شهدته العلاقات الخليجية الأمريكية في عهد بايدن، وكما قال المحلل السياسي الروسي ديمتري بريجه في إحدى مقابلاته إن الولايات المتحدة الأمريكية في ظل قيادة ترامب تحاول إعادة التموضع في منطقة الشرق الأوسط في سياق منافسة جيوسياسية متصاعدة مع الصين وأن هذه العودة لا تعتمد على إدارة الأزمات كما في العقود السابقة، بل تقوم على مقاربة واقعية قائمة على الاقتصاد القوي، فواشنطن تحاول ترسيخ شراكات تنموية واستثمارية مستقبلية مع دول الخليج.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك