العدد : ١٧٢٢٣ - الاثنين ١٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٣ - الاثنين ١٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

جولة ترامب ومستقبل الشراكة الخليجية الأمريكية

بقلم: د. نبيل العسومي

الأحد ١٨ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

اختتم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬جولته‭ ‬الخليجية‭ ‬التاريخية‭ ‬والتي‭ ‬استمرت‭ ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬زار‭ ‬خلالها‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬قطر‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬التقى‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬الثلاث‭ ‬وحضر‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬والتي‭ ‬عقدت‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬زيارته‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬حيث‭ ‬أثمرت‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬عن‭ ‬إعلان‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واستثمارية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بلغت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬وهو‭ ‬مبلغ‭ ‬ضخم‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬سوف‭ ‬يعطي‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬وحتى‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وأمريكا‭ ‬دفعة‭ ‬قوية،‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يتحقق‭ ‬دعم‭ ‬كبير‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التضخم‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬وخصوصا‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬والأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بسبب‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أيام‭ ‬حكم‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬وخصوصا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ولاية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬والتي‭ ‬شهدت‭ ‬توترا‭ ‬وفتورا‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والاتجاه‭ ‬شرقا‭ ‬نحو‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬المنافس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأول‭ ‬لأمريكا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭.‬

ولذلك‭ ‬عمل‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬ترميم‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإصلاح‭ ‬ما‭ ‬خربه‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬التعبير‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬عرفنا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬وعقارات‭ ‬ويعطي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نفهم‭ ‬لماذا‭ ‬اختار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لتكون‭ ‬محطته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬زياراته‭ ‬الخارجية‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬بعد‭ ‬توليه‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لها‭ ‬ثقل‭ ‬اقتصادي‭ ‬كبير‭ ‬واستثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬وصعوبات‭ ‬كثيرة‭ ‬وتعزيز‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬القوية‭ ‬والضخمة‭ ‬والتي‭ ‬تتمتع‭ ‬بإمكانيات‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومادية‭ ‬وتجارية‭ ‬كبيرة‭ ‬مثل‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬سوف‭ ‬تضع‭ ‬حدا‭ ‬للتوتر‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬والتي‭ ‬فتحت‭ ‬المجال‭ ‬للصين‭ ‬لدخول‭ ‬المنطقة‭ ‬الخليجية‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الأول‭ ‬للمنطقة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الشريك‭ ‬التقليدي‭ ‬للمنطقة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬وهنا‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬كسر‭ ‬التقليد‭ ‬الأمريكي‭ ‬لرؤساء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقين‭ ‬والذين‭ ‬يستهلون‭ ‬زياراتهم‭ ‬الخارجية‭ ‬بزيارة‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة‭ ‬والحليفة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مثل‭ ‬بريطانيا‭ ‬وكندا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭.‬

وخلال‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬145‭ ‬صفقة‭ ‬بقيمة‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬والموافقة‭ ‬على‭ ‬استثمارات‭ ‬بقيمة‭ ‬600‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬منتدى‭ ‬الاستثمار‭ ‬السعودي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬حضره‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬أمريكيين‭ ‬ومستثمرين‭ ‬ومديرين‭ ‬تنفيذين‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬اتفاقية‭ ‬بقيمة‭ ‬142‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لشراء‭ ‬معدات‭ ‬وخدمات‭ ‬عسكرية‭ ‬وتوقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬ومشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬السعودية‭ ‬والتي‭ ‬منها‭ ‬مطار‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬الدولي‭ ‬ومجمع‭ ‬القدية‭ ‬الترفيهي‭.‬

ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬جولة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬اقتصادية‭ ‬بل‭ ‬حقق‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬خلال‭ ‬جولته‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬مهمة‭ ‬أيضا‭ ‬فمن‭ ‬الناحية‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬أكد‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بحماية‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بالمنطقة‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لتصاعد‭ ‬النفود‭ ‬الصيني‭ ‬والروسي‭ ‬وسعيهما‭ ‬لتوقيع‭ ‬شراكات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التراجع‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بايدن،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬الروسي‭ ‬ديمتري‭ ‬بريجه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬مقابلاته‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬ترامب‭ ‬تحاول‭ ‬إعادة‭ ‬التموضع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬منافسة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬متصاعدة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬العودة‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬السابقة،‭ ‬بل‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مقاربة‭ ‬واقعية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬القوي،‭ ‬فواشنطن‭ ‬تحاول‭ ‬ترسيخ‭ ‬شراكات‭ ‬تنموية‭ ‬واستثمارية‭ ‬مستقبلية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا