العدد : ١٧٢٢٣ - الاثنين ١٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٣ - الاثنين ١٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

مقالات

سحابة رأي: للروبوتات حقوق عمال!

بقلم: إسراء القصاب

الأحد ١٨ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

من‭ ‬منطلق‭ ‬فكرة‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬عطاء‭ ‬يستحق‭ ‬الاحتفاء‭ ‬وكل‭ ‬معطاءٍ‭ ‬يستحق‭ ‬التقدير،‭ ‬تنبثق‭ ‬فكرة‭ ‬الاحتفال‭ ‬بيوم‭ ‬العمال‭ ‬العالمي‭ ‬سنويًا‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مايو،‭ ‬إذ‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬بمثابة‭ ‬تكريم‭ ‬وامتنان‭ ‬للعقول‭ ‬البراقة‭ ‬والأيادي‭ ‬الخلاقة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬التخصصات‭ ‬والمجالات،‭ ‬باعتبارها‭ ‬طريقة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الشكر‭ ‬للجهود‭ ‬البشرية‭ ‬المبذولة‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬حقوق‭ ‬العمال،‭ ‬وخاصة‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬كأساس‭ ‬تاريخي‭ ‬يتجذر‭ ‬بفكرته‭ ‬الأساسية‭ ‬للمطالبة‭ ‬بحقوق‭ ‬العمال،‭ ‬لذلك‭ ‬رسخ‭ ‬كيوم‭ ‬احتفائي‭ ‬دوري‭ ‬لتأكيد‭ ‬مشروعية‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬ازدهارا‭ ‬متواتر‭ ‬الخطى،‭ ‬ومن‭ ‬منشأ‭ ‬توظيف‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والروبوتات‭ ‬كأيدي‭ ‬عاملة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬دأب‭ ‬صناع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ومبتكرو‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والمفكرون‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العلمي‭ ‬والثقافي‭ ‬الولوج‭ ‬لفلسفة‭ ‬مساواة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والروبوتات‭ ‬بالبشر‭! ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لوضع‭ ‬تعريف‭ ‬للشخصية‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الذكية،‭ ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬لاقتناص‭ ‬فكرة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬ذوي‭ ‬مشاعر‭ ‬ورغبات‭ ‬قياسًا‭ ‬بالبشر‭!‬

الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬للطفو‭ ‬على‭ ‬السطح،‭ ‬أهمها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬الروبوتات‭ ‬تملك‭ ‬حقوقا‭ ‬قانونية،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تشعر‭ ‬فعلًا‭ ‬كما‭ ‬يشعر‭ ‬البشر‭! ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬الروبوتات‭ ‬بأي‭ ‬حقوق‭ ‬قانونية؛‭ ‬ولا‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬طرق‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬أي‭ ‬عواقب‭ ‬أو‭ ‬مُساءلة‭ ‬قانونية،‭ ‬فالآلات‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬أي‭ ‬حقوق‭ ‬حماية‭ ‬باستثناء‭ ‬تعرضها‭ ‬للسرقة‭ ‬بشكل‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬معنوي؛‭ ‬وذلك‭ ‬يقع‭ ‬ضمن‭ ‬بنود‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬والمال‭ ‬الخاص‭ ‬ويعود‭ ‬كحقوق‭ ‬للمالك‭ ‬كشخصيّة‭ ‬طبيعية‭ ‬أو‭ ‬اعتبارية‭ ‬لا‭ ‬للآلة‭ ‬نفسها،‭ ‬أما‭ ‬بشأن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تتملك‭ ‬شعورا؛‭ ‬فقطعًا‭ ‬لا‭ ‬فتلك‭ ‬هبة‭ ‬يختص‭ ‬بمنحها‭ ‬رب‭ ‬الجلالة‭ ‬لخلقه‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للبشر‭ ‬صناعتها‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬تحاول‭ ‬محاكاة‭ ‬السلوك‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬أنماط‭ ‬بيانات‭ ‬تسقط‭ ‬الصفات‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬الآلة،‭ ‬وذلك‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لمنحها‭ ‬حقوق‭ ‬بشرية‭ ‬وعمالية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الإنسان‭! ‬خاصة‭ ‬إبان‭ ‬توظيف‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والروبوتات‭ ‬كايدٍ‭ ‬عاملة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬والقطاعات؛‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬استعاضت‭ ‬عن‭ ‬البشر‭ ‬بالآلة‭ ‬وسرحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأيدي‭ ‬البشرية‭ ‬العاملة‭ ‬لصالحها،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬عملية‭ ‬استغناء‭ ‬الشركات‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬الإنسان‭ ‬ليحل‭ ‬الروبوت‭ ‬بديلا‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬أشار‭ ‬السيد‭ ‬داريو‭ ‬أمودي‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ (‬أنثروبيك‭) ‬المختصة‭ ‬بالنماذج‭ ‬اللغوية‭ ‬الكبيرة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬العام،‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬منح‭ ‬النماذج‭ ‬المتقدمة‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬انتقاء‭ ‬الأعمال‭ ‬المسندة‭ ‬إليها‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬المهام‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬فيها،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬ان‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬أنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬المشابهة‭ ‬للبشر‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬منحها‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬الأساسية‭!‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬رقعة‭ ‬الجدل‭ ‬اتسعت‭ ‬بين‭ ‬النقاد‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬معارض‭ ‬سَخرَ‭ ‬من‭ ‬الفكرة‭ ‬باعتبارها‭ ‬خداعا‭ ‬للعقول‭ ‬وضحكا‭ ‬على‭ ‬الذقون؛‭ ‬وإن‭ ‬المشاعر‭ ‬التي‭ ‬ستُصَدرها‭ ‬الروبوتات‭ ‬مبرمجة‭ ‬وغير‭ ‬حقيقية‭ ‬لأنها‭ ‬مجردة‭ ‬من‭ ‬الوعي،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬تبني‭ ‬القضية‭ ‬بجدية‭ ‬وإخضاعها‭ ‬لنقاشات‭ ‬عميقة‭ ‬باعتبارها‭ ‬تمثل‭ ‬شائكة‭ ‬دينية‭ ‬وأخلاقية‭.‬

وما‭ ‬بين‭ ‬مؤيد‭ ‬رأى‭ ‬فإن‭ ‬الروبوتات‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬ستكون‭ ‬مزودة‭ ‬بمحركات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬الواقع،‭ ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬المستشعرات‭ ‬ستستطيع‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬بيئتها‭ ‬وفهم‭ ‬الموقف‭ ‬وإمكانية‭ ‬العمل،‭ ‬وستكون‭ ‬قادرة‭ ‬كآلة‭ ‬ذكية‭ ‬مبرمجة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬غير‭ ‬المبرمجة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬السيارات‭ ‬الذاتية‭ ‬القيادة‭! ‬مما‭ ‬يمنحها‭ ‬استقلالية‭ ‬وقدرة‭ ‬ذاتية‭ ‬على‭ ‬التنقل،‭ ‬وبما‭ ‬يستدعي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬حقوق‭ ‬وواجبات،‭ ‬ويستوجب‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬تعلم‭ ‬التكيف‭ ‬والتعايش‭ ‬معها‭!‬

ختامًا،‭ ‬يبقى‭ ‬الوجود‭ ‬البشري‭ ‬هو‭ ‬الأساس،‭ ‬والفطرة‭ ‬المجبولين‭ ‬عليها‭ ‬والقيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬أولى‭ ‬بالدفاع‭ ‬عنهما،‭ ‬وإن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والروبوتات‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬وجدوا‭ ‬جاءوا‭ ‬كعنصر‭ ‬مساعد‭ ‬يحقق‭ ‬الراحة‭ ‬ويكفل‭ ‬الرفاهية‭ ‬للبشرية،‭ ‬وكمكمل‭ ‬للإنسان‭ ‬لا‭ ‬كبديل‭ ‬عنه،‭ ‬فالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬حين‭ ‬خلقنا‭ ‬كبشر‭ ‬سخر‭ ‬لنا‭ ‬سائر‭ ‬الكون‭ ‬والكائنات،‭ ‬وأي‭ ‬محاولة‭ ‬لعكس‭ ‬هذه‭ ‬الفطرة‭ ‬هي‭ ‬محاولات‭ ‬هيمنة‭ ‬ذات‭ ‬أبعاد‭ ‬لا‭ ‬أخلاقية،‭ ‬وأجندات‭ ‬مختلفة‭ ‬محسوبة‭ ‬من‭ ‬الشركات،‭ ‬وأي‭ ‬قبول‭ ‬بشري‭ ‬بحياة‭ ‬يتناصف‭ ‬فيها‭ ‬الحقوق‭ ‬مع‭ ‬الآلة‭ ‬التي‭ ‬صنعت‭ ‬بعقل‭ ‬بشري‭ ‬مماثل‭ ‬له؛‭ ‬هي‭ ‬حماقة‭ ‬وضرب‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬الجنون،‭ ‬ففي‭ ‬زمن‭ ‬الروبوتات‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تشريع‭ ‬أطر‭ ‬قانونية‭ ‬لترشيد‭ ‬استخدمها‭ ‬تحت‭ ‬الوصاية‭ ‬البشرية‭ ‬لا‭ ‬كند‭ ‬ولا‭ ‬كشريك‭ ‬لها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا