العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

80 عامًا على الانتصار السوفيتي على النازية

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

تحتفل‭ ‬الشعوب‭ ‬السوفيتية‭ ‬عامة‭ ‬والشعوب‭ ‬الروسية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬بالذكرى‭ ‬80‭ ‬للانتصار‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الوطنية‭ ‬العظمى‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬النازية‭ ‬والفاشية‭ ‬بقيادة‭ ‬النازي‭ ‬هتلر‭ ‬الذي‭ ‬أراد‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬وتحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬امبراطورية‭ ‬ألمانية‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬مصير‭ ‬الشعوب‭ ‬معتمدا‭ ‬على‭ ‬قوته‭ ‬العسكرية‭ ‬الجرارة‭ ‬وجبروت‭ ‬جيشه‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬أوروبا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقاومة‭ ‬تذكر،‭ ‬ما‭ ‬أغراه‭ ‬لمواصلة‭ ‬احتلال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬فاتجه‭ ‬نحو‭ ‬اتحاد‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬السوفيتية،‭ ‬حيث‭ ‬دخلت‭ ‬القوات‭ ‬الهتلرية‭ ‬يوم‭ ‬22‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬1941‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬السوفيتية‭ ‬لمواصلة‭ ‬احتلالها‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬مخترقة‭ ‬بذلك‭ ‬معاهدة‭ ‬عدم‭ ‬الاحتلال‭ ‬التي‭ ‬وقعتها‭ ‬المانيا‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1939‭ ‬وقامت‭ ‬باحتلال‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬السوفيتية‭ ‬واحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مشارف‭ ‬العاصمة‭ ‬الروسية‭ ‬موسكو‭ ‬وسماع‭ ‬دوي‭ ‬الطائرات‭ ‬الحربية‭ ‬الألمانية‭ ‬وهي‭ ‬تحلق‭ ‬فوق‭ ‬الساحة‭ ‬الحمراء‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الكرملين‭ ‬مقر‭ ‬القيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬فكرت‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬العاصمة‭ ‬السوفيتية‭ ‬إلى‭ ‬باكو‭ ‬في‭ ‬أذربيجان‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬سقوط‭ ‬موسكو‭  ‬مستغلة‭ ‬عدم‭ ‬جاهزية‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬السوفيتي‭  ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬ليس‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وتربطه‭ ‬اتفاقية‭ ‬عدم‭ ‬اعتداء‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬العيد‭ ‬الذي‭ ‬تحتفل‭ ‬به‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وانقسامه‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬جمهورية‭ ‬مستقلة‭ ‬له‭ ‬ذكرى‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشعب‭ ‬الروسي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الحزن‭ ‬والفرح‭ ‬بين‭ ‬الآلام‭ ‬والمآسي‭ ‬واستعادة‭ ‬الكرامة‭ ‬وسحق‭ ‬المعتدي‭.‬

الحزن‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬وجنود‭ ‬وقادة‭ ‬عسكريين‭ ‬ومدنيين‭ ‬كبارا‭ ‬وصغارا‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء‭ ‬فقدوا‭ ‬حياتهم‭ ‬وراحوا‭ ‬ضحية‭ ‬للهمجية‭ ‬الهتلرية‭ ‬ودفعوا‭ ‬حياتهم‭ ‬وزكوا‭ ‬بدمائهم‭ ‬لتكون‭ ‬ثمنا‭ ‬غاليا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بلاد‭ ‬السوفييت‭ ‬واستعادة‭ ‬الكرامة‭ ‬التي‭ ‬انتهكها‭ ‬هتلر‭ ‬وقواته‭ ‬النازية،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬عائلة‭ ‬سوفيتية‭ ‬يوجد‭ ‬قتيل‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬ضحوا‭ ‬بحياتهم‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬هزيمة‭ ‬المعتدي‭ ‬ودحره‭ ‬فلا‭ ‬تزال‭ ‬صور‭ ‬هؤلاء‭ ‬القتلى‭ ‬معلقة‭ ‬في‭ ‬الجدران‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬والشقق‭ ‬يتذكرها‭ ‬أهلها‭ ‬صباحا‭ ‬ومساء‭ ‬نهارا‭ ‬وليلا‭.‬

والفرح‭ ‬هو‭ ‬فرح‭ ‬الانتصار‭ ‬واستعادة‭ ‬الكرامة‭ ‬وتحقيق‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الألماني‭ ‬وإعلان‭ ‬الهزيمة‭ ‬المدوية‭ ‬للقوات‭ ‬الفاشية‭ ‬والنازية‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‭ ‬فقط‭ ‬وفق‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬القيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬التي‭ ‬منها‭ ‬قيام‭ ‬ألمانيا‭ ‬بإعادة‭ ‬بناء‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬التي‭ ‬دمرتها‭ ‬ودفع‭ ‬التعويضات‭ ‬وتكليف‭ ‬الأسرى‭ ‬الألمان‭ ‬بتعمير‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تخريبه‭ ‬مقابل‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحهم،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬لهذا‭ ‬العيد‭ ‬طعما‭ ‬خاصا‭ ‬للشعوب‭ ‬الروسية،‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬حيث‭ ‬يخرج‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬والميادين‭ ‬والمتنزهات‭ ‬ابتهاجا‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬حاملين‭ ‬صور‭ ‬أهلهم‭ ‬واقاربهم‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬وتقام‭ ‬العروض‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الحمراء‭ ‬بحضور‭ ‬قادة‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬سياسيين‭ ‬وعسكريين‭ ‬يهتفون‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭ ‬‮«‬اورا‮»‬‭ ‬يرددونها‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬وتعني‭ ‬هلا،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬تقوم‭ ‬القيادة‭ ‬الروسية‭ ‬بتكريم‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الوطنية‭ ‬العظمى‭ ‬الذين‭ ‬يرتدون‭ ‬لباسهم‭ ‬العسكري‭ ‬مع‭ ‬النياشين‭ ‬والاوسمة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬منحها‭ ‬إليهم‭ ‬وسط‭ ‬ترحيب‭ ‬المواطنين‭ ‬بهم‭ ‬وأخذ‭ ‬الصور‭ ‬معهم‭ ‬والحديث‭ ‬معهم‭ ‬عن‭ ‬ذكريات‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬والأعمال‭ ‬التي‭ ‬قاموا‭ ‬بها‭.‬

لقد‭ ‬دفع‭ ‬الشعب‭ ‬السوفيتي‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬الأكثر‭ ‬دموية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بدخول‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬السوفيتي‭ ‬إلى‭ ‬برلين‭ ‬ورفع‭ ‬العلم‭ ‬السوفيتي‭ ‬فوق‭ ‬البرلمان‭ ‬الألماني،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬مليون‭ ‬قتيل‭ ‬يمثلون‭ ‬13%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وملايين‭ ‬الجرحى‭ ‬والمعوقين‭ ‬ودمار‭ ‬شامل‭ ‬طال‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬السوفيتية‭ ‬حتى‭ ‬المدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الثقافية‭ ‬والصحية‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬الدمار‭ ‬وملايين‭ ‬فقدوا‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاعتقال‭ ‬الألمانية‭ ‬وملايين‭ ‬ضحوا‭ ‬بحياتهم‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحرير‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬النازي‭ ‬وملايين‭ ‬ماتوا‭ ‬بسبب‭ ‬الجوع‭ ‬خلال‭ ‬حصار‭ ‬المدن‭ ‬وخصوصا‭ ‬حصار‭ ‬مدينة‭ ‬لينينغراد‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬900‭ ‬يوم‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬وفاة‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والبرد‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا