تحتفل الشعوب السوفيتية عامة والشعوب الروسية خاصة في التاسع من مايو بالذكرى 80 للانتصار الكبير في الحرب الوطنية العظمى أيام الحرب العالمية الثانية على القوات النازية والفاشية بقيادة النازي هتلر الذي أراد السيطرة على العالم أجمع وتحقيق حلمه في بناء امبراطورية ألمانية تتحكم في مصير الشعوب معتمدا على قوته العسكرية الجرارة وجبروت جيشه بعد ان تمكن من احتلال أوروبا من دون مقاومة تذكر، ما أغراه لمواصلة احتلال المزيد من البلدان فاتجه نحو اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، حيث دخلت القوات الهتلرية يوم 22 من شهر يونيو 1941 إلى الأراضي السوفيتية لمواصلة احتلالها المزيد من الدول مخترقة بذلك معاهدة عدم الاحتلال التي وقعتها المانيا مع الاتحاد السوفيتي في عام 1939 وقامت باحتلال المدن والقرى السوفيتية واحدة تلو الأخرى حتى وصلت إلى مشارف العاصمة الروسية موسكو وسماع دوي الطائرات الحربية الألمانية وهي تحلق فوق الساحة الحمراء بالقرب من الكرملين مقر القيادة السوفيتية لدرجة أن القيادة السوفيتية فكرت في نقل العاصمة السوفيتية إلى باكو في أذربيجان في حال سقوط موسكو مستغلة عدم جاهزية الجيش الأحمر السوفيتي على اعتبار أن الاتحاد السوفيتي ليس طرفا في الحرب الدائرة في أوروبا وتربطه اتفاقية عدم اعتداء مع ألمانيا.
إن هذا العيد الذي تحتفل به روسيا الاتحادية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانقسامه إلى 15 جمهورية مستقلة له ذكرى بالنسبة للشعب الروسي تجمع بين الحزن والفرح بين الآلام والمآسي واستعادة الكرامة وسحق المعتدي.
الحزن على ملايين البشر من ضباط وجنود وقادة عسكريين ومدنيين كبارا وصغارا رجالا ونساء فقدوا حياتهم وراحوا ضحية للهمجية الهتلرية ودفعوا حياتهم وزكوا بدمائهم لتكون ثمنا غاليا من أجل بلاد السوفييت واستعادة الكرامة التي انتهكها هتلر وقواته النازية، ففي كل عائلة سوفيتية يوجد قتيل أو أكثر ضحوا بحياتهم في سبيل هزيمة المعتدي ودحره فلا تزال صور هؤلاء القتلى معلقة في الجدران في البيوت والشقق يتذكرها أهلها صباحا ومساء نهارا وليلا.
والفرح هو فرح الانتصار واستعادة الكرامة وتحقيق البلاد من الاحتلال الألماني وإعلان الهزيمة المدوية للقوات الفاشية والنازية دون قيد أو شرط فقط وفق الشروط التي حددتها القيادة السوفيتية التي منها قيام ألمانيا بإعادة بناء المدن والقرى التي دمرتها ودفع التعويضات وتكليف الأسرى الألمان بتعمير ما تم تخريبه مقابل إطلاق سراحهم، ولذلك فإن لهذا العيد طعما خاصا للشعوب الروسية، كما أسلفنا حيث يخرج الجميع في عموم روسيا إلى الشوارع والميادين والمتنزهات ابتهاجا بهذا اليوم حاملين صور أهلهم واقاربهم الذين شاركوا في الحرب، وتقام العروض العسكرية في الساحة الحمراء بحضور قادة البلاد من سياسيين وعسكريين يهتفون بصوت واحد «اورا» يرددونها ثلاث مرات وتعني هلا، وفي هذا اليوم تقوم القيادة الروسية بتكريم المشاركين في الحرب الوطنية العظمى الذين يرتدون لباسهم العسكري مع النياشين والاوسمة التي تم منحها إليهم وسط ترحيب المواطنين بهم وأخذ الصور معهم والحديث معهم عن ذكريات مشاركتهم في الحرب والأعمال التي قاموا بها.
لقد دفع الشعب السوفيتي ثمنا باهظًا لهذه الحرب الأكثر دموية في تاريخ البشرية التي انتهت بدخول الجيش الأحمر السوفيتي إلى برلين ورفع العلم السوفيتي فوق البرلمان الألماني، حيث بلغت الخسائر البشرية أكثر من 26 مليون قتيل يمثلون 13% من سكان الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت وملايين الجرحى والمعوقين ودمار شامل طال المدن والقرى السوفيتية حتى المدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والصحية لم تسلم من الدمار وملايين فقدوا حياتهم في سجون الاعتقال الألمانية وملايين ضحوا بحياتهم في سبيل تحرير دول أوروبا الشرقية من الاحتلال النازي وملايين ماتوا بسبب الجوع خلال حصار المدن وخصوصا حصار مدينة لينينغراد الذي استمر 900 يوم وتسبب في وفاة ثلاثة ملايين شخص من الجوع والبرد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك