رحل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان بعد 12 عاما قضاها على كرسي الباباوية في الفاتيكان كزعيم للكنيسة الكاثوليكية بعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر في عام 2013، والبابا فرنسيس أول بابا يسوعي من خارج أوروبا منذ أكثر من ألف عام من أمريكا اللاتينية وتحديدا من الأرجنتين وقد رحل عن عمر ناهز 88 عاما، واسمه خورخي ماريو بيرجوليو بعد تدهور صحته خلال السنوات الأخيرة، حيث مثلت وفاة هذه الشخصية المتواضعة وكما يقال بابا الفقراء خسارة لفقراء العالم. فقد كان البابا فرنسيس مدافعا قويا عن المظلومين والمضطهدين في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو المذهبية أو عقيدتهم الدينية داعيا بقوة إلى وقف الحروب التي تسبب الهلاك والدمار للبشرية جمعاء.
فقد دعا في أكثر من مناسبة وأكثر من خطاب وأكثر من موعظة إلى وقف الحرب الروسية الأوكرانية وإلى وقف المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني المسالم في غزة.
لقد كان البابا فرنسيس مدافعا قويا عن المهاجرين والمستضعفين والمهجرين والمشردين داعيا إلى المحافظة على البيئة وتكريس العدالة الاجتماعية بين بني البشر ووقف الاتجار بالبشر وشجب باستمرار كل أشكال وأنواع العنف الذي يمارس على البشر فضلا عن التصدي للكوارث التي تسببها هجرة الفقراء من القارة السمراء وبقية دول العالم في اتجاه «جنة» أوروبا الموعودة وكرر إدانته لعمليات الطرد للعمال المهاجرين في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد قضى البابا فرنسيس سنوات كزعيم للكنيسة الكاثوليكية رغم المرض والحالة الصحية الصعبة في الدعوة إلى السلام وإنهاء الحروب في العالم وفي مناطق الصراعات والخلافات وتبني الحوار كسبيل لحل الخلافات وأولى العلاقة مع الإسلام أهمية خاصة فقد كرر في خطاباته ورسائله السنوية بأنه لا سلام في العالم إلا بالسلام مع الإسلام، ولذلك فقد كانت أغلب سفراته إلى الدول العربية والإسلامية حيث زار العديد من البلدان الإسلامية منها جمهورية مصر العربية والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة والعراق وتركيا واندونيسيا وزار بنجلاديش للاطلاع على أحوال اللاجئين من مسلمي الروهينجا الهاربين من جحيم المذابح في ميانمار، والذين يعيشون في بنغلاديش في ظروف معيشية وإنسانية صعبة للغاية وذلك لإظهار التضامن مع هؤلاء الذين هاجروا من مدنهم وقراهم هربا من سياسة الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها من قبل السلطات الحاكمة هناك بسبب معتقداتهم الدينية.
تسلم البابا فرنسيس قيادة البابوية بعد الباباويين يوحنا لويس وبنديكتوس السادس عشر، وهما من المحافظين الذين يفضلوا عدم الكشف عن عيوب الإدارة الكنسية ولان كشف سلبياتها يمهد لإصلاحها، ورغم توجهاته المختلفة فإنه لم يمس العقيدة المرتبطة بالإجهاض أو عزوبية الكهنة.
وفي عام 2018 عمل البابا فرنسيس على توثيق الأخوة الإنسانية بين المسيحية والإسلام من خلال توطيد العلاقة مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بدعم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل مكتوم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد أثمر ذلك الدعوة إلى مؤتمر السلام والأخوة في ابوظبي الذي أكد أن العالم الإنساني يجب أن يكون عالم محبة وأخوة متسلحا بالعدالة والمساواة والعمل من أجل حماية العالم من الكوارث والعنف وويلات الحروب إلى عالم تسوده المحبة والنوايا الحسنة والثقة.
وفي عام 2022 زار قداسة البابا فرنسيس مملكة البحرين بدعوة كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم تأكيدا للمكانة الرفيعة التي تتمتع بها مملكة البحرين لدى قداسته، حيث كانت هذه الزيارة مناسبة لتعزيز الحوار بين المسيحية والإسلام في إطار حوار الحضارات في ظل وجود فضيلة الدكتور أحمد محمد الطيب شيخ الجامع الأزهر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك