العدد : ١٧٢١٠ - الثلاثاء ٠٦ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٠ - الثلاثاء ٠٦ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قراءة في إرث بابا الفاتيكان الراحل فرنسيس

بقلم: د. جيمس زغبي

الثلاثاء ٠٦ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬نظر‭ ‬المسيحيين‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬انتخاب‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬لقيادة‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬الرومانية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬أزمة،‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمؤسسة‭ ‬أو‭ ‬لأتباعها‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

كانت‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الهزات‭ ‬الارتدادية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الجنسية‭ ‬الواسعة‭ ‬النطاق‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الكهنة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الخلاف‭ ‬المتزايد‭ ‬الذي‭ ‬يفصل‭ ‬قيادة‭ ‬الكنيسة‭ ‬عن‭ ‬قطاعات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الكاثوليك‭ ‬الشباب‭.‬

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬الأصغر‭ ‬سنا‭ ‬محبطين‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬رأوها‭ ‬متحجرة،‭ ‬ومنفصلة‭ ‬عن‭ ‬واقعهم،‭ ‬وغير‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬بحياتهم،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬معادين‭ ‬لها‭.‬

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬الأمريكية‭ ‬كنيسةً‭ ‬عرقيةً‭ ‬مهاجرة‭. ‬ومع‭ ‬قدوم‭ ‬ملايين‭ ‬المهاجرين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أوروبية‭ ‬ذات‭ ‬أغلبية‭ ‬كاثوليكية‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا،‭ ‬جلبوا‭ ‬معهم‭ ‬ثقافاتهم‭ ‬ودينهم،‭ ‬وبنوا‭ ‬كنائس‭ ‬ومدارس‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬وتقدمها‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬تقاليدهم‭.‬

وبمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬ومع‭ ‬نمو‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬وازدهارها،‭ ‬اندمج‭ ‬أطفالهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬وجدوها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتزوجوا،‭ ‬وانتقلوا‭ ‬إلى‭ ‬أحياء‭ ‬ضواحي‭.‬

كان‭ ‬لتلك‭ ‬التحولات‭ ‬تأثيرٌ‭ ‬عميقٌ‭ ‬على‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬الكنائس‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬الإيطالية‭ ‬والإيرلندية‭ ‬والبولندية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الكنائس‭ ‬الأوروبية،‭ ‬اندمج‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ليشكل‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬الأمريكية‭.‬

شهد‭ ‬الكاثوليك،‭ ‬مثل‭ ‬معظم‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬تحولاتٍ‭ ‬سياسيةً‭ ‬واجتماعيةً‭ ‬وثقافيةً‭ ‬عصفت‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬ستينيات‭ ‬وسبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬انقسم‭ ‬الأمريكيون‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬العرق‭ ‬وحرب‭ ‬فيتنام‭ ‬والثورة‭ ‬الجنسية،‭ ‬فيما‭ ‬أصبح‭ ‬بعضهم‭ ‬أكثر‭ ‬ليبرالية،‭ ‬بينما‭ ‬أصبح‭ ‬آخرون‭ ‬أكثر‭ ‬محافظة‭.‬

أظهر‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أُجري‭ ‬في‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬رفضهم‭ ‬القاطع‭ ‬لزواج‭ ‬أبنائهم‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬دين‭ ‬مختلف‭. ‬وبعد‭ ‬خمسين‭ ‬عامًا،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يُزعجهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬قالوا‭ ‬إن‭ ‬زواج‭ ‬أبنائهم‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬سياسي‭ ‬مختلف‭ ‬سيُقلقهم‭.‬

وفيما‭ ‬انقسم‭ ‬الكاثوليك‭ ‬فإن‭ ‬الأساقفة‭ ‬لم‭ ‬ينقسموا‭ ‬مع‭ ‬استثناءات‭ ‬قليلة،‭ ‬بل‭ ‬إنهم‭ ‬أصبحوا‭ ‬أكثر‭ ‬تحفظًا،‭ ‬ووجدوا‭ ‬ملجأً‭ ‬في‭ ‬تركيزٍ‭ ‬ضيقٍ‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬مثل‭ ‬الإجهاض،‭ ‬وتنظيم‭ ‬النسل،‭ ‬والطلاق‭.‬

لا‭ ‬يزال‭ ‬البعض‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬والعنصرية‭ ‬وحقوق‭ ‬العمال‭ ‬والفقر‭ - ‬وأصدروا‭ ‬تصريحاتٍ‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬المسائل‭ - ‬لكن‭ ‬مسائل‭ ‬حقوق‭ ‬الإنجاب‭ ‬تفوقت‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭.‬

ثم‭ ‬كانت‭ ‬القنبلة‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

لطالما‭ ‬سرت‭ ‬شائعات‭ ‬عن‭ ‬اعتداءات‭ ‬جنسية‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬كهنة‭ ‬مختلفين‭ ‬على‭ ‬أطفال‭ ‬كانوا‭ ‬تحت‭ ‬سلطتهم،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬يتصور‭ ‬تلك‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬أصدرت‭ ‬أبرشية‭ ‬بوسطن‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬تقريرًا‭ ‬يُفصّل‭ ‬حجم‭ ‬المشكلة‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬المخالفين‭ ‬وآلاف‭ ‬الضحايا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات‭. ‬لقد‭ ‬هزّ‭ ‬ذلك‭ ‬التقرير‭ ‬الكنيسة‭ ‬وأصابها‭ ‬في‭ ‬الصميم‭.‬

كُلِّف‭ ‬أخي،‭ ‬جون‭ ‬زغبي،‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأساقفة‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باستطلاع‭ ‬آراء‭ ‬الكاثوليك‭ ‬الأمريكيين‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة‭. ‬وكانت‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬متوقعة‭: ‬غضب‭ ‬واشمئزاز‭.‬

وبينما‭ ‬تعهّد‭ ‬الأساقفة‭ ‬بمعالجة‭ ‬مخاوف‭ ‬أتباعهم،‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬كان‭ ‬مهتمًا‭ ‬بحماية‭ ‬مؤسستهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬المشكلة،‭ ‬ولم‭ ‬يُسفر‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬خيبة‭ ‬الأمل‭. ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬تفاقمت‭ ‬المشكلة‭ ‬مع‭ ‬إصدار‭ ‬أبرشيات‭ ‬وولايات‭ ‬أخرى‭ ‬تقاريرَ‭ ‬مُدانةً‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭.‬

ازدادت‭ ‬حدة‭ ‬خيبة‭ ‬أتباع‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭. ‬فقد‭ ‬انخفضت‭ ‬نسبة‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬الكنيسة‭ ‬وتقلصت‭ ‬التبرعات،‭ ‬وأصبح‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الكاثوليكية‮»‬‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مُعرّف‭ ‬ديموغرافي‭ ‬يُميز‭ ‬أحفاد‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الأوائل‭ ‬عن‭ ‬الجماعات‭ ‬‮«‬الدينية‮»‬‭ ‬الأخرى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬إيمانًا‭ ‬بالكنيسة‭ ‬وتعاليمها‭.‬

وفي‭ ‬تجاهلٍ‭ ‬شبه‭ ‬تام‭ ‬للأزمة‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يواجهونها،‭ ‬كثّف‭ ‬الأساقفة‭ ‬جهودهم‭ ‬بشأن‭ ‬الإجهاض‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬الجنسية،‭ ‬جاعلين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬اختباراً‭ ‬حاسماً‭ ‬لأتباعهم،‭ ‬كما‭ ‬رأوا‭ ‬مستقبل‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬موجات‭ ‬المهاجرين‭ ‬الجدد‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬الذين‭ ‬بدوا‭ ‬أكثر‭ ‬تقليدية‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬أوضح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأساقفة‭ ‬تفضيلهم‭ ‬لمرشحي‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬للرئاسة‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2008‭ ‬و2012،‭ ‬كتب‭ ‬بعض‭ ‬الساسة‭ ‬الكاثوليك‭ ‬البارزين‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الأساقفة‭ ‬يذكرونهم‭ ‬فيها‭ ‬بأن‭ ‬بيان‭ ‬الأساقفة‭ ‬بشأن‭ ‬المخاوف‭ ‬السياسية‭ ‬تضمن‭ ‬25‭ ‬مسألة‭.‬

لقد‭ ‬قالوا‭ ‬آنذاك‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البيان‭: ‬‮«‬نتفق‭ ‬معكم‭ ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬وعشرين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسائل‭ ‬ونختلف‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ (‬الإجهاض‭). ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬نفضل‭ ‬المرشحين‭ ‬الذين‭ ‬يتفقون‭ ‬معكم‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬واحدة‭ ‬ويختلفون‭ ‬معكم‭ ‬في‭ ‬الأربعة‭ ‬والعشرين‭ ‬الأخرى‮»‬‭.‬

في‭ ‬قلب‭ ‬هذه‭ ‬الكنيسة‭ ‬المنقسمة‭ ‬على‭ ‬نفسها،‭ ‬بدأ‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬حبريته‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬كان‭ ‬تأثيره‭ ‬عميقًا،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬خفيًا‭. ‬لم‭ ‬يتحدَّ‭ ‬البابا‭ ‬قط‭ ‬المواقف‭ ‬المحافظة‭ ‬بشأن‭ ‬الإجهاض،‭ ‬أو‭ ‬المثلية‭ ‬الجنسية،‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الكنيسة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬فوري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مواقف‭ ‬تنمّ‭ ‬عن‭ ‬نهجٍ‭ ‬ألطف‭ ‬وأكثر‭ ‬رقةً‭ ‬تجاه‭ ‬أتباع‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭.‬

أظهر‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬تواضعًا‭ ‬كبيرا،‭ ‬متخليًا‭ ‬عن‭ ‬مظاهر‭ ‬التباهي‭ ‬البابوية‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يغسل‭ ‬أقدام‭ ‬السجناء،‭ ‬ويزور‭ ‬اللاجئين،‭ ‬مُظهرًا‭ ‬الاحترام‭ ‬والتعاطف،‭ ‬كما‭ ‬التقى‭ ‬بضحايا‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الكهنوتية‭ ‬طالبًا‭ ‬الصفح‭ ‬والمغفرة‭.‬

كما‭ ‬عقد‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬المثليين‭ ‬الكاثوليك‭ ‬لإظهار‭ ‬قبولهم‭. ‬وأصبحت‭ ‬المواضيع‭ ‬المحظورة‭ ‬مسائل‭ ‬للنقاش،‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬نبذهم‭ ‬التقليديون‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُعاملوا‭ ‬باحترام‭.‬

كانت‭ ‬مواقفه‭ ‬معبرةً‭ ‬للغاية‭. ‬بالنسبة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العرب‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬‭ ‬تبرز‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭. ‬لن‭ ‬ينسى‭ ‬معظمهم‭ ‬أبدًا‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬لبيت‭ ‬لحم،‭ ‬أوقف‭ ‬موكبه‭ ‬وسار‭ ‬نحو‭ ‬الجدار‭ ‬العازل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬سيئ‭ ‬السمعة،‭ ‬واضعًا‭ ‬رأسه‭ ‬على‭ ‬الحاجز‭ ‬الخرساني،‭ ‬يدعو‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جسور،‭ ‬لا‭ ‬جدران‮»‬‭.‬

كما‭ ‬صلى‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬الماضي‭ ‬أمام‭ ‬مشهد‭ ‬المذود‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬فيه‭ ‬الطفل‭ ‬يسوع‭ ‬مستلقيا‭ ‬على‭ ‬كوفية‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وكان‭ ‬طوال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬يُجري‭ ‬مكالمةً‭ ‬ليليةً‭ ‬عبر‭ ‬فيس‭ ‬تايم‭ ‬مع‭ ‬الكنيسة‭ ‬المسيحية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ليتحدث‭ ‬مع‭ ‬أهالي‭ ‬القطاع‭ ‬الذين‭ ‬تفاقمت‭ ‬معاناتهم‭.‬

وأخيراً،‭ ‬كان‭ ‬لقاؤه‭ ‬التاريخي‭ ‬والمؤثر‭ ‬للغاية‭ ‬مع‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر،‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬والإعلان‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬الذي‭ ‬وقعاه،‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬التفاهم‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬والكاثوليك‭.‬

أثارت‭ ‬تصرفات‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬غضب‭ ‬المحافظين‭ ‬الذين‭ ‬سعوا‭ ‬لتقويض‭ ‬مساعيه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭. ‬وبالمقابل،‭ ‬فقد‭ ‬شعر‭ ‬بعض‭ ‬الليبراليين‭ ‬بالاستياء‭ ‬لعدم‭ ‬تحرك‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬لتغيير‭ ‬تعاليم‭ ‬الكنيسة‭ ‬وممارساتها‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬التي‭ ‬تركها‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬منقسمة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬عند‭ ‬توليه‭ ‬بابويته،‭ ‬لكن‭ ‬إرث‭ ‬البابا‭ ‬الراحل‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أنه،‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عقد،‭ ‬جلب‭ ‬الأمل‭ ‬والرحمة‭ ‬والاحترام‭ ‬ودعوةً‭ ‬للحوار‭. ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬كافيًا‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬ولكنه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أنار‭ ‬الطريق‭ ‬لأعضائها‭.‬

{‭ ‬رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا