في 21 أبريل 2025م قدم «رونين بار» رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) شهادته أمام المحكمة العليا ردا على قرار إقالته من منصبه الذي اتخذه رئيس الحكومة الإسرائيلية «نتنياهو» يوم 20 مارس 2025 م ولم يتم تنفيذ هذا القرار بأمر من المحكمة العليا التي جمدت القرار لحين النظر في التماسات المعارضة ضده.
اتهم «رونين بار» رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» بالطلب منه عرقلة الاحتجاجات ضده وتقديم رأي مهني أمني يمنع مثول «نتنياهو» أمام المحكمة، كما أنه رفض طلبا من «نتنياهو» للاجتماع به دون توثيق رسمي للاجتماع وأصر على أن يكون الاجتماع موثقا.
وذهب «نتنياهو» بعيدا في صلفه بالطلب من رئيس جهاز الشاباك «رونين بار» جمع معلومات له عن النشطاء المشاركين في الاحتجاجات ضد الحكومة وطالبه أن يصطف معه ويؤيده ضد المحكمة العليا إذا حدثت أزمة دستورية!
وفي دحضه لقرار إقالته أرجع «رونين بار» قرار الإقالة لدوافع واعتبارات شخصية وليس بناء على معايير مهنية، واتهم «نتنياهو» بتهديد الأمن الوطني والديمقراطية الإسرائيلية الذاهبة للتفكك، لا بل اتهمه بالانقلاب على الدستور وتزييف الحقائق.
ويعود جذر الخلاف بين الرجلين لاتهامات «نتنياهو» لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي بالفشل في 7 أكتوبر 2023 م وتحميل الجهاز المسؤولية، وهو ما دفع «رونين بار» رئيس جهاز (الشاباك) في يناير 2024م الى المطالبة بتشكيل لجنة حكومية للتحقيق في فشل السابع من أكتوبر 2023م، وعمل «نتنياهو» دائما على إحباط تشكيل اللجنة للهروب من مسؤوليته عن الفشل.
أمام هول الأزمة طالبت المعارضة الإسرائيلية بزعامة «يائير لابيد» زعيم حزب (يوجد مستقبل) بالدعوة إلى جلسة طارئة للكنيست (البرلمان) يوم الإثنين 28 أبريل 2025م في ظل تصاعد الرفض الشعبي لسياسات نتنياهو «من عائلات المحتجزين في قطاع غزة ورغبة العائلات في عودتهم أحياء بإبرام صفقة مع المقاومة الفلسطينية ورأس حربتها حركة حماس وإنهاء الحرب».
وفي تطور لافت وقع أكثر من ألف ضابط من المتقاعدين الذين لا يزالون على رأس عملهم عريضة يطالبون فيها الحكومة بوقف الحرب على قطاع غزة ويهدد من لا يزال يعمل منهم في الجيش أو في قوات الاحتياط بعدم الالتحاق بالجيش مجددًا، ويطالبون بضرورة إبرام صفقة تعيد المحتجزين أحياء، ويتهمون «نتنياهو» بخرق الدستور لضمان بقائه في الحكم.
ونحن نسلط الأضواء على الخلافات الحادة التي تعصف بدولة الاحتلال من داخلها لا بد أن نتطرق الى الصراع المحتدم بين الحكومة اليمينية برئاسة «نتنياهو» وائتلافه الفاشي مع المحكمة العليا برئاسة المدعية العامة المستشارة «غالي بهراف ميارا»، وتهدف الحكومة الفاشية إلى تقليص صلاحيات المحكمة العليا، لذلك لجأت لتخويف القضاة وبث الفوضى ومنح الشرعية للفساد لتقويض سلطة المحكمة العليا وتهديد استقلال القضاء.
إمعانا في الصدام مع المحكمة العليا ولتحقيق مساعي الحكومة، لجأت لتفعيل بند التغلب وهو السماح لأعضاء الكنيست (البرلمان) بتجاوز قرارات المحكمة العليا بالتصويت، بحجة وذريعة أن أعضاء الكنيست (البرلمان) منتخبون من الشعب فكيف لأناس غير منتخبين أن يقرروا نيابة عنهم!
وتعمل الحكومة بكل قوة على إلغاء حجة المعقولية الممنوحة للمحكمة العليا وهي التي أوقفت تعيين «آرييه درعي» رئيس حزب «شاس «وزيرا في الحكومة الحالية وهو الذي يحاكم بقضايا جنائية، وفي وجه سعي الحكومة الفاشية الحثيث لتقويض النظام القضائي تصرخ المدعية العامة المستشارة «غالي بهراف ميارا» بأعلى صوت (الحكومة تريد أن تكون فوق القانون لكننا لن نسمح بذلك).
هناك صراع مستمر على هوية الدولة يغلي في كل مكان، يستغله رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» معتمدًا على مجتمع مريض مهووس بالقتل والذبح والعنف والتطرف ذاهب بسرعة الصاروخ بأغلبيته نحو الفاشية، والهدف الرئيسي بقاؤه في الحكم وعدم محاكمته على فساده.
لو أضفنا قضية طلاب العلم المتدينين «الحريديم» واستثناءهم من الخدمة في الجيش بحجة طلب العلوم الدينية وصرف أموال ضخمة لهم من ميزانية الدولة ومطالبة المجتمع لهم بالخدمة العسكرية وتهديدهم وحاخاماتهم بالهجرة من الدولة حال فرض التجنيد عليهم وقضية الرشى التي تلقاها موظفون في مكتب رئيس الوزراء «نتنياهو» وأثرها على الرأي العام وقضايا النازحين القابعين في الخيام للآن منذ السابع من أكتوبر 2023م، والاقتصاد المنهار وملاحقة محكمة الجنايات الدولية لرئيس الوزراء «نتنياهو» وتدمير الصورة النمطية لإسرائيل في العالم ، كل هذا يجعلنا أمام دولة ستنهار من داخلها بفعل اقتتال داخلي وحرب أهلية قادمة لا محالة!
{ كاتب فلسطيني مقيم
في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك