النفس في القرآن الكريم، هي نفس واحدة، ولكن تعدد ورودها في القرآن بعدد حالاتها، ولو أردنا أن نُعَرِّفْ معنى «النفس» وما تحمل من مضامين في التعريف الذي أوردته موسوعة ويكيبيديا، تقول الموسوعة: النفس لغويًا لها أكثر من تعريف، فهي تعني: الروح أو الدم أو الجسد أو الحس، ونفس الشيء بمعنى عينه.
يوجد اختلاف في الثقافات، وحتى في نفس علم النفس، وقال بعض العلماء إنها ذلك النشاط الذي يميز الكائن الحي ويسيطر على حركاته. فسرها البعض بأنها القوة التي يحيا بها الإنسان».
ولو تتبعنا ورود لفظ النفس في القرآن الكريم لوجدنا الآتي، قال تعالى: «ونفس وما سواها (7) فألهمها فجورها وتقواها (8) قد أفلح من زكاها (9) وقد خاب من دساها (10)» سورة الشمس. هذه حالات ثلاث ذكرت في هذه السورة، وهي النفس الفاجرة، والنفس التقية، والنفس الزكية.
وفي سورة القيامة ذكرت حالة للنفس، هي النفس اللوامة، قال تعالى: «لا أقسم بيوم القيامة (1) ولا أقسم بالنفس اللوامة (2)» سورة القيامة.
وهذه حالة واحدة للنفس ذكرت في هذه السورة أي سورة القيامة، ثم جاء في سورة الفجر ثلاث حالات، قال تعالى: «يا أيتها النفس المطمئنة (27) ارجعي إلى ربك راضية مرضية (28) فادخلي في عبادي (29) وادخلي جنتي (30)».
هذه حالات ثلاث نستكمل بهن حالات النفس الثماني.
نلاحظ أن هناك ست حالات تعمل على دعم جهود الإنسان، وجهاده في صَدَّ وسوسات الشيطان، وسوسة النفس الفاجرة والنفس الأمَّارة بالسوء، وأمَّا النفس الخَيْرة، فلها حالات ست، وهي: النفس اللوامة، والنفس التقية، والنفس الزكية، والنفس الراضية المرضية، والنفس المطمئنة، وهذه هي الحالات التي يستعين بها المؤمن على وساوس الشيطان التي تحاول أن تصد المؤمن عن صراط الله المستقيم، وتحقق للمؤمن الفوز والنجاة يوم القيامة.
وحتى ندفع شرور وسوسة الشيطان، ووسوسة النفس الأمارة بالسوء، والنفس الفاجرة علينا أن نعرف حقيقة هاتين الوسوستين لنستطيع إعداد ما يلزم من وسائل الدفاع.
ومن تمام الإعداد لمواجهة الأعداء يجب علينا أن نتعرف على هؤلاء الأعداء لنختار السلاح المناسب إذًا، فدعونا نتعرف على وسوسة الشيطان، وسوسة النفس الأمَّارة بالسوء، والنفس الفاجرة هل هما سواء؟
إنهما ليسا سواء، فالشيطان حين يوسوس للنفس يريدها عاصية على الإطلاق، ليس مهمًا نوع المعصية، ولأن الشيطان لا يعرف الغيب، ولا يدرك نقاط الضعف والقوة في الإنسان، فهو يتنقل من معصية إلى أخرى حتى يقع على المعصية التي يريدها الإنسان ويميل إليها، فإذا التقت المعصية التي تهواها النفس، ويريدها الشيطان عندها يقع الإنسان في المعصية، هنا يدرك الإنسان الفرق بين وسوسة الشيطان، ووسوسة النفس، فإذا رأى الإنسان الإصرار على معصية بعينها، فيعلم أنها وسوسة نفس، وعلى المسلم أن يحذر، ويسارع إلى أخذ ما يلزم من الحيطة حتى لا يقع في المعصية التي تهواها النفس وتميل إليها، وسوف يظل الصراع محتدمًا، وخاصة مع النفس الأمَّارة بالسوء، والنفس الفاجرة، وما يقدمانه من دعم لوجستي لتحقيق الغاية المطلوبة، والشهوة المبتغاة، وعلى الإنسان أن يداوم وبإصرار على الدعاء الذي أمرنا به رسول الله (صلًى الله عليه وسلم)، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، قال: كان رسول الله (صلى الله عنه) يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر». رواه مسلم.
وبهذا ينتصر المسلم على الشيطان وأعوانه، ويواجهه بأسلحة الدفاع الشاملة من الإيمان بالله، والعمل الصالح، يقول تعالى: «إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه..». فاطر/ 10.
إن الله تعالى لا يقبل بإيمان بدون عمل صالح، ولا بعمل صالح من دون إيمان وثيق، فالمعادلة التي يجب علينا أن نحققها في حياتنا هي: الإيمان والعمل الصالح، وهذا الارتباط المتين هو الذي يحقق لنا النصر على وسوسة الشيطان والإنسان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك