العدد : ١٧٢١٠ - الثلاثاء ٠٦ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٠ - الثلاثاء ٠٦ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

من يسيطر على ثرواتنا الأرضية المشتركة؟

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الاثنين ٠٥ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

من‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬بمنظماتها‭ ‬التخصصية‭ ‬المتنوعة‭ ‬والمختلفة،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬دولية‭ ‬عامة‭ ‬ومشتركة‭ ‬تخص‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قاطبة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬للقضايا‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ويتضرر،‭ ‬أو‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬الجميع،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬سياسية،‭ ‬أو‭ ‬أمنية،‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية،‭ ‬أو‭ ‬بيئية،‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية،‭ ‬أو‭ ‬صحية‭. ‬فكل‭ ‬منظمة‭ ‬أممية‭ ‬لها‭ ‬اختصاصاتها‭ ‬ومهماتها‭ ‬الدولية،‭ ‬فهناك‭ ‬منظمات‭ ‬لحماية‭ ‬البحار‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬سيادة‭ ‬أية‭ ‬دولة،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬تُعتبر‭ ‬موارد‭ ‬وثروات‭ ‬عامة‭ ‬مشتركة‭ ‬تنتفع‭ ‬منها‭ ‬جميع‭ ‬الدول،‭ ‬الفقيرة‭ ‬والغنية،‭ ‬المتنفذة‭ ‬والمستضعفة،‭ ‬المتقدمة‭ ‬والمتأخرة،‭ ‬وهناك‭ ‬منظمات‭ ‬لحماية‭ ‬بيئة‭ ‬الفضاء‭ ‬فوق‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الكواكب‭ ‬والأجسام‭ ‬السماوية‭ ‬الأخرى‭.‬

ولكن‭ ‬الواقع‭ ‬مختلف‭ ‬جداً‭ ‬دائماً،‭ ‬والأحداث‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬أمامنا‭ ‬تؤكد‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مثالي‭ ‬جميل‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬العدل‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب،‭ ‬فيساوي‭ ‬بينها‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والمنافع‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة‭. ‬فما‭ ‬نراه‭ ‬ونعيشه‭ ‬من‭ ‬تعديات‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬والمتنفذة‭ ‬على‭ ‬حرمات‭ ‬بيئاتنا‭ ‬المشتركة‭ ‬والعامة‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬وواجبات‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات،‭ ‬فالنظريات‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬والواقع‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬آخر‭. ‬فالقوي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يهيمن‭ ‬ويدير‭ ‬الثروات‭ ‬والخيرات‭ ‬المشتركة‭ ‬العامة‭ ‬بأسلوب‭ ‬يصب‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬مصلحته،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لمصالح‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬والفقيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬قوة،‭ ‬ولا‭ ‬كلمة‭ ‬مسموعة‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬والمتنفذ‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ينال‭ ‬حصة‭ ‬الأسد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والخيرات‭ ‬الأرضية‭ ‬العامة،‭ ‬وما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬فتات‭ ‬منها‭ ‬يوزع‭ ‬كصدقات‭ ‬ومِنَّة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الضعيفة‭.‬

وأُقدم‭ ‬لكم‭ ‬مثالاً‭ ‬واقعياً‭ ‬حيوياً‭ ‬يقف‭ ‬أمامنا‭ ‬اليوم،‭ ‬ويثبت‭ ‬لنا‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬المرَّة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬العادل،‭ ‬وغير‭ ‬المتزن،‭ ‬الذي‭ ‬يسير‭ ‬على‭ ‬نهجٍ‭ ‬غير‭ ‬حضاري،‭ ‬وغير‭ ‬إنساني،‭ ‬فالقوي‭ ‬يلتهم‭ ‬الضعيف‭ ‬ويتعدى‭ ‬عليه،‭ ‬والمتنفذ‭ ‬يخالف‭ ‬الأنظمة‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬دون‭ ‬حسيب،‭ ‬أو‭ ‬رقيب،‭ ‬أو‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬والتبعات‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭.‬

فهناك‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات‭ ‬المظلمة‭ ‬والشديدة‭ ‬البرودة‭ ‬والتي‭ ‬تقع‭ ‬خارج‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬لجميع‭ ‬الدول،‭ ‬ولا‭ ‬تخضع‭ ‬لسلطة‭ ‬وسيادة‭ ‬أي‭ ‬دولة،‭ ‬توجد‭ ‬ثروات‭ ‬ضخمة‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها،‭ ‬وتجثم‭ ‬في‭ ‬تربة‭ ‬قاع‭ ‬هذه‭ ‬المحيطات‭ ‬خيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬الإنسان‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري،‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬والمتجددة،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬الناضب‭ ‬وغير‭ ‬المتجدد‭ ‬والملوث‭ ‬للبيئة،‭ ‬والمسبب‭ ‬لظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬فبطارية‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عناصر‭ ‬أرضية‭ ‬نادرة،‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح‭ ‬والطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وغيرهما‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬المحيطات‭. ‬ولذلك‭ ‬هناك‭ ‬سباق‭ ‬طويل‭ ‬محتدم‭ ‬وقوي‭ ‬وشرس‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وهناك‭ ‬تنافس‭ ‬شديد‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬منابع‭ ‬ومصادر‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬المحيطات،‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬السباق،‭ ‬واحتكار‭ ‬جميع‭ ‬الصناعات‭ ‬القائمة‭ ‬عليها،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬لأهداف‭ ‬مدنية‭ ‬أو‭ ‬عسكرية،‭ ‬دون‭ ‬إعطاء‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الثروات‭ ‬المشتركة‭.‬

ومن‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬تاريخ‭ ‬أسود‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬احتلال‭ ‬واستغلال‭ ‬مصادر‭ ‬ثروات‭ ‬الشعوب‭ ‬الخاصة،‭ ‬ومصادر‭ ‬وخيرات‭ ‬الأرض‭ ‬المشتركة‭ ‬العامة‭ ‬هي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وينكشف‭ ‬هذا‭ ‬جلياً‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬استباحة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لحرمات‭ ‬البيئة‭ ‬القاعية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬المحيطات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استخراج‭ ‬مواردها‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬العناصر‭ ‬المطلوبة‭ ‬صناعياً،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬سيادتها‭ ‬وسيطرتها،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬العامة‭ ‬المشتركة‭ ‬الأخرى‭ ‬الواقعة‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬أمريكا‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬إعطاء‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للبدء‭ ‬رسمياً‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنقيب‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬البحر‭ ‬عن‭ ‬المعادن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناطق‭ ‬محيطات‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رخص‭ ‬دولية‭ ‬رسمية‭ ‬معتمدة‭ ‬من‭ ‬وكالات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعنية،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬التسريع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬للحاق‭ ‬بالصين‭ ‬المنافس‭ ‬الرئيس‭ ‬لأمريكا،‭ ‬فقد‭ ‬وقَّع‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬أمرٍ‭ ‬تنفيذي‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أبريل‭ ‬2025‭ ‬بشأن‭ ‬استخراج‭ ‬المعادن‭ ‬من‭ ‬تربة‭ ‬قاع‭ ‬المحيطات،‭ ‬كما‭ ‬وجه‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬التنفيذي‭ ‬كافة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحكومية‭ ‬الاتحادية،‭ ‬كوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬للاستعجال‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الرخص‭ ‬اللازمة‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬العمليات‭.‬

فمثل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬التنفيذي‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬يخالف‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬الخاصة‭ ‬بتقديم‭ ‬التراخيص‭ ‬للسماح‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬استخراج‭ ‬هذه‭ ‬المعادن‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬المحيطات،‭ ‬فهناك‭ ‬سلطة‭ ‬ومعاهدة‭ ‬دولية‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭: ‬‮«‬السلطة‭ ‬الدولية‭ ‬لقاع‭ ‬البحر‮»‬‭ (‬International‭ ‬Seabed‭ ‬Authority‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬مختصة‭ ‬بإدارة‭ ‬الثروات‭ ‬والخيرات‭ ‬العامة‭ ‬المشتركة‭ ‬لكل‭ ‬سكان‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭ ‬منذ‭ ‬تكوينها‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬لم‭ ‬تُجمع‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬ومعايير‭ ‬دولية‭ ‬تقنن‭ ‬وتنظم‭ ‬عمليات‭ ‬الاستكشاف،‭ ‬والاستخراج،‭ ‬وتوزيع‭ ‬هذه‭ ‬الثروة‭ ‬من‭ ‬المعادن‭ ‬الصناعية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بهذه‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى‭ ‬عامة،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السلطة،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬البحار‭ ‬لعام‭ ‬1982‭ ‬الذي‭ ‬أنشأ‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭.‬

والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لاستخراج‭ ‬المعادن‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬مساحتها‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالجرف‭ ‬القاري‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع،‭ ‬وبدون‭ ‬رخصة‭ ‬أو‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬أحد‭. ‬فقد‭ ‬أعلنت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬المنشور‭ ‬الصادر‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬إعلان‭ ‬الحدود‭ ‬الخارجية‭ ‬الممتدة‭ ‬للجرف‭ ‬القاري‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬عن الحدود‭ ‬الخارجية‭ ‬للجرف‭ ‬القاري‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬تتجاوز‭ ‬200‭ ‬ميل‭ ‬بحري‭ ‬من‭ ‬الساحل،‭ ‬ويُطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬الجرف‭ ‬القاري‭ ‬الممتد‮»‬‭ (‬Extended‭ ‬Continental‭ ‬Shelf‭) . ‬وهذه‭ ‬المساحة‭ ‬اللامتناهية‭ ‬التي‭ ‬ضمتها‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬مساحتها‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع،‭ ‬أي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬ولاياتها‭ ‬الكبيرة‭ ‬كولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬وتكساس‭. ‬وتحتوي‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭ ‬أمريكا‭ ‬والواقعة‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬وبحر‭ ‬برنج‭ (‬Bering‭ ‬Sea‭) ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬بحرية‭ ‬فطرية‭ ‬كسرطان‭ ‬البحر،‭ ‬والشعاب‭ ‬المرجانية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬والموارد‭ ‬والثروات‭ ‬المعدنية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬النجاح‭ ‬والتفوق‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬المتجددة‭. ‬وقد‭ ‬أَكدتْ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬بلومبيرج‮»‬‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭ ‬عن‭ ‬حصة‭ ‬الأسد‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬خيرات‭ ‬قاع‭ ‬المحيطات‭ ‬والموارد‭ ‬المخزنة‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬حيث‭ ‬ورد‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة تطالب‭ ‬بجزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬قاع‭ ‬البحر‭ ‬وسط‭ ‬دفعة‭ ‬استراتيجية‭ ‬للموارد‮»‬‭. ‬وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أخذت‭ ‬أيضاً‭ ‬مساحات‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬وخليج‭ ‬مكسيكو‭ ‬تحت‭ ‬مبرر‭ ‬وحجة‭ ‬الجرف‭ ‬القاري‭.‬

ولذلك‭ ‬فالقوة‭ ‬والنفوذ‭ ‬والهيمنة‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬ثروات‭ ‬وخيرات‭ ‬الأرض‭ ‬والفضاء‭ ‬العامة‭ ‬والمشتركة،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليها‭ ‬وتحتكرها،‭ ‬وتستأثر‭ ‬بها،‭ ‬وتتحكم‭ ‬فيها،‭ ‬وتوجهها‭ ‬لمصالحها‭ ‬القومية،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬الصفات،‭ ‬فلديها‭ ‬مساحة‭ ‬جغرافية‭ ‬عظيمة‭ ‬وواسعة‭ ‬جداً،‭ ‬وقوة‭ ‬عسكرية‭ ‬هائلة‭ ‬وفتاكة،‭ ‬ونفوذ‭ ‬سياسي‭ ‬قوي‭ ‬لا‭ ‬منافس‭ ‬له‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا