زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
التيس «المبروك»
أرثي كثيرا لشباب مواردهم المالية محدودة، ولكن وعلى محدوديتها يتهافتون على الأرقام سهلة الحفظ أو المميّزة لهواتفهم وسياراتهم، وقد قرأنا جميعا كيف ان رقما معينا لسيارة في مدينة خليجية وصل سعره إلى نحو 800 ألف دولار، ولو أعطاني من فاز بذلك الرقم نصف ذلك المبلغ، لجلست في مؤخرة سيارته حاملا لوحة السيارة في يدي بينما هو يتجول بها ويفحص ويفحط!! 800 ألف دولار لرقم؟ كم دفع أو سيدفع صاحبنا مهرا لعروسه؟ هل سبق له أن تصدق بثلاثة آلاف لمحتاج؟ يقال إن ورقة من فئة الريال التقت ورقة من فئة الخمسمائة ريال وسألتها: أين قضيت عطلة نهاية الأسبوع؟ فاجابت الورقة ام خمسمائة: قضيتها في سويت/ جناح فندق كذا وكذا.. الله على منظر البحر من البلكونة.. يجنن، ثم وجهت بدورها نفس السؤال إلى الورقة الكحيانة أم ريال واحد فردت بقولها إنها قضت العطلة في المسجد، هنا تساءلت أم خمسمائة: وايش يعني مسجد؟ ولن أنسى ما حييت المغص الكلوي الذي أصابني عندما قرات أن سعوديا اشترى قبل بضعة اعوام تيسا شاميا بنصف مليون ريال! ولم ولن افهم كيف يستحق تيس مثل ذلك المبلغ: هل تلتقط قرونه قنوات ستار أكاديمي وبلاي بوي وحفلات بنت وهبي وروبي التي تغني بكل أعضاء جسمها؟ هل ينجب التيس عنزات بمواصفات ليلى علوي وشريهان؟ (كل واحد ومستواه وثقافتي السينمائية والتلفزيونية توقفت عند عصر بنت علوي وشريهان وإلهام شاهين، وكنت أعتبر ذلك طفرة ثقافية لأنني من الجيل الذي تغنى بحب سعاد حسني وميمي شكيب، وبسبب تعسف وبطش سلطات الأمن المنزلي الداخلي لم أتمكن من مواكبة المستجدات على الشاشات.. وحديثي عن هيفاء والعجرمية وروبي يستند إلى روايات شفهية أو قراءات صحفية) ويذكرني هذا بحكاية كتبت عنها كثيرا ومؤداها أن تيسا مملوكا لفلسطيني يعيش في وراء الخط الأخضر، وهي فلسطين التي راحت فيها في عام 1948، أي أن التيس يحمل جواز سفر إسرائيليا، وكان التيس، يدر حليبا شديد التركيز، فتحولت حظيرته إلى مزار بعد أن قرر الناس ان تيسا يعطي الحليب لابد أن يكون معجزة وأشاع صاحبه أن لبنه يزيل العقم، (ربما لأن التيس ذكر) وهكذا تدفق الناس بالمئات على الحظيرة واصبح الرجل رأسماليا يبيع اللبن بالقطارة والنقطة، ويحدد للناس كيفية تعاطيه: نقطة بعد العشاء بساعتين مع الكركم والفلفل. ثلاثة سي سي في الوريد قبل النوم.. امسح وجهك بنقطتين من الحليب التيسوي عند الصباح!! المهم أن الرجل التيسوي أقنع الجماهير بأن لبن ذلك الحيوان النتن يفتح قناة فالوب المسدودة وينشط المبايض، ويجعل ماء الرجل بطلا أولمبيا، فتدفق الناس على بيته، (طبعا كان الرجل تاجرا ماهرا ونقل التيس إلى غرفة مكيفة الهواء وحرص على غسل جسمه وتعطيره بالكولونيا. من ثقافتي العامة كقروي كان بينه وبين البهائم تعايش سلمي داخل البيت أعرف أن التيس من أعفن الحيوانات، ورائحته بعد ان يتجاوز عمره ستة أشهر تقطع الخميرة. وكتبتُ في صحيفة فلسطينية كانت تصدر في لندن، محذرا من أن در التيس للحليب أمر مريب، وقلت ان ذلك التيس إما شاذ جنسيا وإما خنثى مشكل، أو مصاب بورم سرطاني صديدي، وطنش الجماعة كلامي إلى أن سمعت بهم السلطات الاسرائيلية الشقيقة واعتقلت التيس وصاحبه وأكد الكشف البيطري صحة نظرية ابو الجعافر بأن الحليب الذي شربه البلهاء كان في واقع الأمر إفرازا صديديا عن حالة سرطانية متأخرة، وأرجح ان من شربوا صديد التيس تلقوا العلاج في المكان المناسب وهو العيادة البيطرية!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك