العدد : ١٧٢٠٩ - الاثنين ٠٥ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٩ - الاثنين ٠٥ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

التيس «المبروك»

أرثي‭ ‬كثيرا‭ ‬لشباب‭ ‬مواردهم‭ ‬المالية‭ ‬محدودة،‭ ‬ولكن‭ ‬وعلى‭ ‬محدوديتها‭ ‬يتهافتون‭ ‬على‭ ‬الأرقام‭ ‬سهلة‭ ‬الحفظ‭ ‬أو‭ ‬المميّزة‭ ‬لهواتفهم‭ ‬وسياراتهم،‭ ‬وقد‭ ‬قرأنا‭ ‬جميعا‭ ‬كيف‭ ‬ان‭ ‬رقما‭ ‬معينا‭ ‬لسيارة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬خليجية‭ ‬وصل‭ ‬سعره‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬800‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬ولو‭ ‬أعطاني‭ ‬من‭ ‬فاز‭ ‬بذلك‭ ‬الرقم‭ ‬نصف‭ ‬ذلك‭ ‬المبلغ،‭ ‬لجلست‭ ‬في‭ ‬مؤخرة‭ ‬سيارته‭ ‬حاملا‭ ‬لوحة‭ ‬السيارة‭ ‬في‭ ‬يدي‭ ‬بينما‭ ‬هو‭ ‬يتجول‭ ‬بها‭ ‬ويفحص‭ ‬ويفحط‭!! ‬800‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬لرقم؟‭ ‬كم‭ ‬دفع‭ ‬أو‭ ‬سيدفع‭ ‬صاحبنا‭ ‬مهرا‭ ‬لعروسه؟‭ ‬هل‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬تصدق‭ ‬بثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬لمحتاج؟‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬ورقة‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الريال‭ ‬التقت‭ ‬ورقة‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الخمسمائة‭ ‬ريال‭ ‬وسألتها‭: ‬أين‭ ‬قضيت‭ ‬عطلة‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع؟‭ ‬فاجابت‭ ‬الورقة‭ ‬ام‭ ‬خمسمائة‭: ‬قضيتها‭ ‬في‭ ‬سويت‭/ ‬جناح‭ ‬فندق‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭.. ‬الله‭ ‬على‭ ‬منظر‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬البلكونة‭.. ‬يجنن،‭ ‬ثم‭ ‬وجهت‭ ‬بدورها‭ ‬نفس‭ ‬السؤال‭ ‬إلى‭ ‬الورقة‭ ‬الكحيانة‭ ‬أم‭ ‬ريال‭ ‬واحد‭ ‬فردت‭ ‬بقولها‭ ‬إنها‭ ‬قضت‭ ‬العطلة‭ ‬في‭ ‬المسجد،‭ ‬هنا‭ ‬تساءلت‭ ‬أم‭ ‬خمسمائة‭: ‬وايش‭ ‬يعني‭ ‬مسجد؟‭ ‬ولن‭ ‬أنسى‭ ‬ما‭ ‬حييت‭ ‬المغص‭ ‬الكلوي‭ ‬الذي‭ ‬أصابني‭ ‬عندما‭ ‬قرات‭ ‬أن‭ ‬سعوديا‭ ‬اشترى‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬اعوام‭ ‬تيسا‭ ‬شاميا‭ ‬بنصف‭ ‬مليون‭ ‬ريال‭! ‬ولم‭ ‬ولن‭ ‬افهم‭ ‬كيف‭ ‬يستحق‭ ‬تيس‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬المبلغ‭: ‬هل‭ ‬تلتقط‭ ‬قرونه‭ ‬قنوات‭ ‬ستار‭ ‬أكاديمي‭ ‬وبلاي‭ ‬بوي‭ ‬وحفلات‭ ‬بنت‭ ‬وهبي‭ ‬وروبي‭ ‬التي‭ ‬تغني‭ ‬بكل‭ ‬أعضاء‭ ‬جسمها؟‭ ‬هل‭ ‬ينجب‭ ‬التيس‭ ‬عنزات‭ ‬بمواصفات‭ ‬ليلى‭ ‬علوي‭ ‬وشريهان؟‭ (‬كل‭ ‬واحد‭ ‬ومستواه‭ ‬وثقافتي‭ ‬السينمائية‭ ‬والتلفزيونية‭ ‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬عصر‭ ‬بنت‭ ‬علوي‭ ‬وشريهان‭ ‬وإلهام‭ ‬شاهين،‭ ‬وكنت‭ ‬أعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬طفرة‭ ‬ثقافية‭ ‬لأنني‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬تغنى‭ ‬بحب‭ ‬سعاد‭ ‬حسني‭ ‬وميمي‭ ‬شكيب،‭ ‬وبسبب‭ ‬تعسف‭ ‬وبطش‭ ‬سلطات‭ ‬الأمن‭ ‬المنزلي‭ ‬الداخلي‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬مواكبة‭ ‬المستجدات‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭.. ‬وحديثي‭ ‬عن‭ ‬هيفاء‭ ‬والعجرمية‭ ‬وروبي‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬روايات‭ ‬شفهية‭ ‬أو‭ ‬قراءات‭ ‬صحفية‭) ‬ويذكرني‭ ‬هذا‭ ‬بحكاية‭ ‬كتبت‭ ‬عنها‭ ‬كثيرا‭ ‬ومؤداها‭ ‬أن‭ ‬تيسا‭ ‬مملوكا‭ ‬لفلسطيني‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬وراء‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر،‭ ‬وهي‭ ‬فلسطين‭ ‬التي‭ ‬راحت‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬التيس‭ ‬يحمل‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬إسرائيليا،‭ ‬وكان‭ ‬التيس،‭ ‬يدر‭ ‬حليبا‭ ‬شديد‭ ‬التركيز،‭ ‬فتحولت‭ ‬حظيرته‭ ‬إلى‭ ‬مزار‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬الناس‭ ‬ان‭ ‬تيسا‭ ‬يعطي‭ ‬الحليب‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬معجزة‭ ‬وأشاع‭ ‬صاحبه‭ ‬أن‭ ‬لبنه‭ ‬يزيل‭ ‬العقم،‭ (‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬التيس‭ ‬ذكر‭) ‬وهكذا‭ ‬تدفق‭ ‬الناس‭ ‬بالمئات‭ ‬على‭ ‬الحظيرة‭ ‬واصبح‭ ‬الرجل‭ ‬رأسماليا‭ ‬يبيع‭ ‬اللبن‭ ‬بالقطارة‭ ‬والنقطة،‭ ‬ويحدد‭ ‬للناس‭ ‬كيفية‭ ‬تعاطيه‭: ‬نقطة‭ ‬بعد‭ ‬العشاء‭ ‬بساعتين‭ ‬مع‭ ‬الكركم‭ ‬والفلفل‭. ‬ثلاثة‭ ‬سي‭ ‬سي‭ ‬في‭ ‬الوريد‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭.. ‬امسح‭ ‬وجهك‭ ‬بنقطتين‭ ‬من‭ ‬الحليب‭ ‬التيسوي‭ ‬عند‭ ‬الصباح‭!! ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬التيسوي‭ ‬أقنع‭ ‬الجماهير‭ ‬بأن‭ ‬لبن‭ ‬ذلك‭ ‬الحيوان‭ ‬النتن‭ ‬يفتح‭ ‬قناة‭ ‬فالوب‭ ‬المسدودة‭ ‬وينشط‭ ‬المبايض،‭ ‬ويجعل‭ ‬ماء‭ ‬الرجل‭ ‬بطلا‭ ‬أولمبيا،‭ ‬فتدفق‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬بيته،‭ (‬طبعا‭ ‬كان‭ ‬الرجل‭ ‬تاجرا‭ ‬ماهرا‭ ‬ونقل‭ ‬التيس‭ ‬إلى‭ ‬غرفة‭ ‬مكيفة‭ ‬الهواء‭ ‬وحرص‭ ‬على‭ ‬غسل‭ ‬جسمه‭ ‬وتعطيره‭ ‬بالكولونيا‭. ‬من‭ ‬ثقافتي‭ ‬العامة‭ ‬كقروي‭ ‬كان‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬البهائم‭ ‬تعايش‭ ‬سلمي‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬التيس‭ ‬من‭ ‬أعفن‭ ‬الحيوانات،‭ ‬ورائحته‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمره‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬تقطع‭ ‬الخميرة‭. ‬وكتبتُ‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬فلسطينية‭ ‬كانت‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬در‭ ‬التيس‭ ‬للحليب‭ ‬أمر‭ ‬مريب،‭ ‬وقلت‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬التيس‭ ‬إما‭ ‬شاذ‭ ‬جنسيا‭ ‬وإما‭ ‬خنثى‭ ‬مشكل،‭ ‬أو‭ ‬مصاب‭ ‬بورم‭ ‬سرطاني‭ ‬صديدي،‭ ‬وطنش‭ ‬الجماعة‭ ‬كلامي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سمعت‭ ‬بهم‭ ‬السلطات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬الشقيقة‭ ‬واعتقلت‭ ‬التيس‭ ‬وصاحبه‭ ‬وأكد‭ ‬الكشف‭ ‬البيطري‭ ‬صحة‭ ‬نظرية‭ ‬ابو‭ ‬الجعافر‭ ‬بأن‭ ‬الحليب‭ ‬الذي‭ ‬شربه‭ ‬البلهاء‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬إفرازا‭ ‬صديديا‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬سرطانية‭ ‬متأخرة،‭ ‬وأرجح‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬شربوا‭ ‬صديد‭ ‬التيس‭ ‬تلقوا‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المناسب‭ ‬وهو‭ ‬العيادة‭ ‬البيطرية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا