العدد : ١٧٢٠٨ - الأحد ٠٤ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٨ - الأحد ٠٤ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أرفض قتل الوقت و.. العنف

أتناول‭ ‬اليوم،‭ ‬وربما‭ ‬للمرة‭ ‬الألف‭ ‬موضوع‭ ‬عبثنا‭ ‬بالوقت،‭ ‬وعدم‭ ‬احترامنا‭ ‬للمواعيد،‭ ‬وأعيد‭ ‬عليكم‭ ‬اليوم‭ ‬حكاية‭ ‬تناقلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬العربية‭ ‬وقائعها‭ ‬قبل‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬عن‭ ‬رجل‭ ‬مسن‭ ‬ضرب‭ ‬زوجته‭ ‬أمام‭ ‬قاعة‭ ‬للأفراح‭ ‬وعلى‭ ‬رؤوس‭ ‬الأشهاد‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬عربية،‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬الخبر‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬أوصل‭ ‬زوجته‭ ‬إلى‭ ‬قاعة‭ ‬الأفراح،‭ ‬واتفق‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينتظرها‭ ‬في‭ ‬المدخل‭ ‬في‭ ‬تمام‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬مساء‭ ‬ليعيدها‭ ‬إلى‭ ‬البيت،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أوضح‭ ‬لها‭ ‬أنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬فتور‭ ‬شديد‭ ‬بسبب‭ ‬أنفلونزا‭ ‬يعاني‭ ‬منها،‭ ‬وفي‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬تمام‭ ‬الساعة‭ ‬11‭ ‬مساء،‭ ‬كان‭ ‬الزوج‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬القاعة‭ ‬ولا‭ ‬أثر‭ ‬للمدام‭. ‬مرت‭ ‬نصف‭ ‬ساعة،‭ ‬ثم‭ ‬ساعة،‭ ‬ثم‭ ‬ساعتان‭. ‬ولكن‭ ‬الست‭ ‬هانم‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭.. ‬واستخدم‭ ‬جهاز‭ ‬النداء‭ ‬الداخلي‭ ‬وتكلم‭ ‬عبره‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬فلان‭ ‬أن‭ ‬تأتيه‭ ‬خارجا،‭ ‬ولكن‭ ‬صوته‭ ‬ضاع‭ ‬وسط‭ ‬الشقشقة‭ ‬المألوفة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المناسبات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تقييم‭ ‬ملابس‭ ‬الحضور‭ ‬ومجوهراتهن،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬أدلة‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬عقد‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬الذي‭ ‬ترتديه‭ ‬فاطمة‭ ‬فالصو،‭ ‬وأن‭ ‬كرسي‭ ‬جابر‭ (‬هذا‭ ‬حلية‭ ‬ذهبية‭ ‬ضخمة‭ ‬تتدلى‭ ‬من‭ ‬العنق‭) ‬الذي‭ ‬يزين‭ ‬عنق‭ ‬سلوى‭ ‬يخص‭ ‬سوسن،‭ ‬وأن‭ ‬سوسن‭ ‬نفسها‭ ‬لم‭ ‬تدفع‭ ‬كامل‭ ‬قيمته‭ ‬للصائغ‭. ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬حرم‭ ‬صاحبنا‭ ‬جاءته‭ ‬في‭ ‬تمام‭ ‬الواحدة‭ ‬صباحا‭ ‬أي‭ ‬بتأخير‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬الرجل‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬فقد‭ ‬أعصابه،‭ ‬فهاج‭ ‬وماج‭. ‬أمتنا‭ ‬متأخرة‭ ‬عن‭ ‬ركب‭ ‬العلوم‭ ‬الحديثة‭ ‬ثلاثة‭ ‬قرون،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يغضب‭ ‬البعل‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬تأخر‭ ‬زوجته‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬اجتماعية‭ ‬تشكل‭ ‬متنفسا‭ ‬للنساء‭ ‬أفقده‭ ‬صوابه،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬اقتربت‭ ‬منه‭ ‬وهي‭ ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬كانت‭ ‬تتمنى‭ ‬لو‭ ‬أمهلها‭ ‬قليلا‭ ‬حتى‭ ‬تحضر‭ ‬زفة‭ ‬العروس،‭ ‬حتى‭ ‬انهال‭ ‬عليها‭ ‬ضربا‭ ‬بعقاله‭ ‬فهربت‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬أهلها‭!!‬

وبداهة‭ ‬فإنني‭ ‬أستنكر‭ ‬وأستهجن‭ ‬أن‭ ‬يضرب‭ ‬شخص‭ ‬زوجته‭ ‬ويعرضها‭ ‬للإذلال‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬خاص،‭ ‬ولكنني‭ ‬وبصراحة‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬استخفاف‭ ‬النساء‭ ‬بالوقت،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الرجال‭ ‬العرب‭ ‬بارعون‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الوقت،‭ ‬ولكنهم‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬التقيد‭ ‬بالمواعيد،‭ ‬وشخصيا‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المشكلة‭ ‬مع‭ ‬أم‭ ‬الجعافر،‭ ‬فرغم‭ ‬حرصي‭ ‬على‭ ‬مرافقتها‭ ‬في‭ ‬الزيارات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وصلا‭ ‬للأرحام،‭ ‬فإنها‭ ‬تفقع‭ ‬مرارتي،‭ ‬فمثلا‭ ‬نتفق‭ ‬على‭ ‬مغادرة‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬مساء،‭ ‬وتبدأ‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬ارتداء‭ ‬ملابسها‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬إلا‭ ‬ربعا،‭ ‬وأنا‭ ‬جالس‭ ‬بملابس‭ ‬البيت،‭ ‬وفي‭ ‬تمام‭ ‬السادسة‭ ‬تعلن‭ ‬أنها‭ ‬جاهزة،‭ ‬فأبادر‭ ‬إلى‭ ‬الاستحمام‭ ‬وارتداء‭ ‬ملابسي،‭ ‬وأعلن‭ ‬أنني‭ ‬أيضا‭ ‬جاهز،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أكتشف‭ ‬أنها‭ ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الاستعدادات‭ ‬لم‭ ‬تقرر‭ ‬أي‭ ‬حذاء‭ ‬سترتديه‭ ‬وأي‭ ‬شنطة‭ ‬يد‭ ‬ستحملها،‭ ‬ونقرر‭ ‬زيارة‭ ‬عائلة‭ ‬ما‭ ‬ونتفق‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬تلك‭ ‬العائلة،‭ ‬لأن‭ ‬علينا‭ ‬زيارة‭ ‬حمودي‭ ‬في‭ ‬المستشفى،‭ ‬والزيارات‭ ‬ممنوعة‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬بعد‭ ‬الثامنة،‭ ‬وبعد‭ ‬انقضاء‭ ‬نصف‭ ‬الساعة‭ ‬أرفع‭ ‬صوتي‭ ‬قائلا‭ ‬عبارة‭ ‬متفقا‭ ‬عليها‭: ‬بارك‭ ‬الله‭... ‬وهي‭ ‬شفرة‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بارك‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬زار‭ ‬وخفّ‮»‬‭ ‬ولكنها‭ ‬إما‭ ‬تعطيني‭ ‬العين‭ ‬الحمراء،‭ ‬أو‭ ‬تحرجني‭ ‬أمام‭ ‬أصحاب‭ ‬البيت‭: ‬ما‭ ‬ورانا‭ ‬شيء‭. ‬ليه‭ ‬مستعجل؟‭  ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬كوم‭ ‬و«سلكعة‮»‬‭ ‬النساء‭ ‬أمام‭ ‬الباب‭ ‬الخارجي‭ ‬للبيت‭ ‬كوم‭ ‬آخر،‭ ‬فالضيفة‭ ‬تقضي‭ ‬في‭ ‬بيتك‭ ‬ثلاث‭ ‬دقائق،‭ ‬وتستأذن‭ ‬لأنها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بموعد‭ ‬مهم،‭ ‬ومهما‭ ‬تبكش‭ ‬لها‭ ‬أم‭ ‬الجعافر‭ ‬فإنها‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬الذهاب،‭ ‬ولكن‭ ‬المشوار‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الغرفة‭ ‬التي‭ ‬تجلسان‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬البيت‭ ‬الخارجي‭ ‬يستغرق‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ربع‭ ‬ونصف‭ ‬الساعة‭. ‬ومن‭ ‬فرط‭ ‬ضيقي‭ ‬من‭ ‬السوالف‭ ‬الإضافية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحلو‭ ‬للنساء‭ ‬إلا‭ ‬قرب‭ ‬أبواب‭ ‬البيوت،‭ ‬صرت‭ ‬أقول‭ ‬لكل‭ ‬ضيف‭ ‬يأتيني‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬ثم‭ ‬يستأذن‭ ‬خارجا‭: ‬الله‭ ‬يخليك‭ ‬خذ‭ ‬زوجتك‭ ‬من‭ ‬يدها‭ ‬حتى‭ ‬باب‭ ‬السيارة‭ ‬واحرمها‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬حتى‭ ‬تغادر‭ ‬بيتنا‭. ‬ودعها‭ ‬تتصل‭ ‬بزوجتي‭ ‬هاتفيا‭ ‬لاحقا‭ ‬لإكمال‭ ‬ما‭ ‬فاتها‭ ‬من‭ ‬سوالف‭ ‬الباب‭ ‬التي‭ ‬ستحرمان‭ ‬منها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا