زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
أرفض قتل الوقت و.. العنف
أتناول اليوم، وربما للمرة الألف موضوع عبثنا بالوقت، وعدم احترامنا للمواعيد، وأعيد عليكم اليوم حكاية تناقلت العديد من الصحف العربية وقائعها قبل حين من الزمان، عن رجل مسن ضرب زوجته أمام قاعة للأفراح وعلى رؤوس الأشهاد في عاصمة عربية، وجاء في الخبر أن الرجل أوصل زوجته إلى قاعة الأفراح، واتفق معها على أن ينتظرها في المدخل في تمام الحادية عشرة مساء ليعيدها إلى البيت، بعد أن أوضح لها أنه يعاني من فتور شديد بسبب أنفلونزا يعاني منها، وفي الموعد المحدد، أي في تمام الساعة 11 مساء، كان الزوج يقف أمام القاعة ولا أثر للمدام. مرت نصف ساعة، ثم ساعة، ثم ساعتان. ولكن الست هانم لم تظهر.. واستخدم جهاز النداء الداخلي وتكلم عبره يطلب من أم فلان أن تأتيه خارجا، ولكن صوته ضاع وسط الشقشقة المألوفة في مثل تلك المناسبات الاجتماعية، حيث يتم تقييم ملابس الحضور ومجوهراتهن، والبحث عن أدلة تثبت أن عقد اللؤلؤ الذي ترتديه فاطمة فالصو، وأن كرسي جابر (هذا حلية ذهبية ضخمة تتدلى من العنق) الذي يزين عنق سلوى يخص سوسن، وأن سوسن نفسها لم تدفع كامل قيمته للصائغ. المهم أن حرم صاحبنا جاءته في تمام الواحدة صباحا أي بتأخير ثلاث ساعات فقط ولكن الرجل كان قد فقد أعصابه، فهاج وماج. أمتنا متأخرة عن ركب العلوم الحديثة ثلاثة قرون، ولكن ذلك لم يغضب البعل في حين أن تأخر زوجته ثلاث ساعات في مناسبة اجتماعية تشكل متنفسا للنساء أفقده صوابه، وما أن اقتربت منه وهي تقول إنها كانت تتمنى لو أمهلها قليلا حتى تحضر زفة العروس، حتى انهال عليها ضربا بعقاله فهربت إلى بيت أهلها!!
وبداهة فإنني أستنكر وأستهجن أن يضرب شخص زوجته ويعرضها للإذلال في مكان عام أو خاص، ولكنني وبصراحة أعاني من استخفاف النساء بالوقت، صحيح أن الرجال العرب بارعون في قتل الوقت، ولكنهم أفضل من النساء في التقيد بالمواعيد، وشخصيا أعاني من تلك المشكلة مع أم الجعافر، فرغم حرصي على مرافقتها في الزيارات الاجتماعية وصلا للأرحام، فإنها تفقع مرارتي، فمثلا نتفق على مغادرة البيت في السادسة مساء، وتبدأ هي في ارتداء ملابسها في الخامسة إلا ربعا، وأنا جالس بملابس البيت، وفي تمام السادسة تعلن أنها جاهزة، فأبادر إلى الاستحمام وارتداء ملابسي، وأعلن أنني أيضا جاهز، وفي كل مرة أكتشف أنها وبعد كل تلك الاستعدادات لم تقرر أي حذاء سترتديه وأي شنطة يد ستحملها، ونقرر زيارة عائلة ما ونتفق على البقاء نصف ساعة فقط في بيت تلك العائلة، لأن علينا زيارة حمودي في المستشفى، والزيارات ممنوعة في المستشفى بعد الثامنة، وبعد انقضاء نصف الساعة أرفع صوتي قائلا عبارة متفقا عليها: بارك الله... وهي شفرة ترمز إلى «بارك الله في من زار وخفّ» ولكنها إما تعطيني العين الحمراء، أو تحرجني أمام أصحاب البيت: ما ورانا شيء. ليه مستعجل؟ وكل ذلك كوم و«سلكعة» النساء أمام الباب الخارجي للبيت كوم آخر، فالضيفة تقضي في بيتك ثلاث دقائق، وتستأذن لأنها مرتبطة بموعد مهم، ومهما تبكش لها أم الجعافر فإنها تصر على الذهاب، ولكن المشوار من باب الغرفة التي تجلسان فيها إلى باب البيت الخارجي يستغرق ما بين ربع ونصف الساعة. ومن فرط ضيقي من السوالف الإضافية التي لا تحلو للنساء إلا قرب أبواب البيوت، صرت أقول لكل ضيف يأتيني مع زوجته ثم يستأذن خارجا: الله يخليك خذ زوجتك من يدها حتى باب السيارة واحرمها من حرية التعبير حتى تغادر بيتنا. ودعها تتصل بزوجتي هاتفيا لاحقا لإكمال ما فاتها من سوالف الباب التي ستحرمان منها!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك