العدد : ١٧٣٣٦ - الثلاثاء ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٦ - الثلاثاء ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

انقسام غربي حيال مفاوضات ترامب النووية مع طهران

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٠٢ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

أحيا‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬المحادثات‭ ‬حول‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬الذي‭ ‬تفاوضت‭ ‬عليه‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما؛‭ ‬بهدف‭ ‬تقليص‭ ‬حجم‭ ‬ونطاق‭ ‬برنامج‭ ‬طهران‭ ‬النووي‭. ‬وكان‭ ‬ترامب،‭ ‬قد‭ ‬انسحب‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق،‭ ‬متبنّيًا‭ ‬سياسة‭ ‬الضغط‭ ‬الأقصى،‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬إيران‭ ‬بعقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬صارمة‭ ‬وعزلة‭ ‬سياسية‭ ‬دولية‭.‬

وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬انعقدت‭ ‬ثلاث‭ ‬جولات‭ ‬من‭ ‬المحادثات‭ ‬بين‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والإيرانيين‭ ‬بوساطة‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭. ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬اكتنف‭ ‬المباحثات‭ ‬من‭ ‬سرية،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬كينيث‭ ‬كاتزمان،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬صوفان،‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬اتفاقًا‭ ‬كافيًا؛‭ ‬يمهد‭ ‬السبيل‭ ‬إلى‭ ‬مناقشة‭ ‬التفاصيل‭ ‬الفنية،‭ ‬لاتفاق‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تخصيب‭ ‬إيران‭ ‬لليورانيوم‭. ‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬الأولى‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬انسحبت‭ ‬بشكل‭ ‬مفاجئ‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‭ -‬في‭ ‬خطوة‭ ‬وصفها‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬بأنها‭ ‬خطأ‭ ‬استراتيجي،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬صعّدت‭ ‬بعدها‭ ‬من‭ ‬أنشطتها‭ ‬النووية‭- ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬لوك‭ ‬برودووتر،‭ ‬وديفيد‭ ‬سانجر،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬محلي‭ ‬أوسع‭ ‬لتمريره‭ ‬عبر‭ ‬الكونجرس،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬في‭ ‬قبوله‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬عليه‭ ‬اتفاق‭ ‬أوباما،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬معالجة‭ ‬الأسئلة‭ ‬العالقة‭ ‬بشأن‭ ‬نيَّات‭ ‬إيران‭ ‬الحقيقية‭ ‬وقدراتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬المتنامية‭.‬

وبشكل‭ ‬واضح،‭ ‬ينقسم‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬بين‭ ‬مؤيد‭ ‬ومعارض‭ ‬لاستئناف‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭. ‬وبينما‭ ‬يشير‭ ‬المؤيدون‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬أفضل‭ ‬طريقة‭ ‬لجعل‭ ‬طهران‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬التخصيب،‭ ‬وتجنب‭ ‬احتمال‭ ‬نشوب‭ ‬صراع‭ ‬مدمر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة؛‭ ‬فقد‭ ‬رفض‭ ‬الفريق‭ ‬الآخر‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات،‭ ‬وحث‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬على‭ ‬السماح‭ ‬بهجوم‭ ‬عسكري؛‭ ‬قبل‭ ‬تملك‭ ‬إيران،‭ ‬رادعها‭ ‬النووي‭ ‬الخاص‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬انتقاد‭ ‬إسرائيل‭ ‬لأي‭ ‬دبلوماسية‭ ‬أمريكية‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬وشن‭ ‬هجماتها‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية؛‭ ‬فلا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المؤسسات‭ ‬المرتبطة‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بجماعات‭ ‬الضغط‭ ‬المؤيدة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬هي‭ ‬أشد‭ ‬المعارضين‭ ‬لهذه‭ ‬المحادثات‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬طرح‭ ‬ستيفن‭ ‬كوك،‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬فرضية‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬ناجع‭ ‬بالمفاوضات‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬النهج‭ ‬الأفضل،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬بعض‭ ‬الرؤى‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ -‬والتي‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬الانهيار‭ ‬النهائي‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬نفسه‭ ‬باعتباره‭ ‬هدفاً‭ ‬رئيسياً‭ ‬لن‭ ‬يحل‭ ‬مشكلة‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬سينهي‭ ‬أيضا‭ ‬تقويضه‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليميين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭- ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الداعمين‭ ‬بشدة‭ ‬لاستئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬النووية،‭ ‬داريا‭ ‬دولزيكوفا،‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والتي‭ ‬رأتها‭ ‬تحمل‭ ‬تطورا‭ ‬إيجابيا،‭ ‬وتقدم‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬الديناميكيات‭ ‬التصعيدية،‭ ‬التي‭ ‬أثارها‭ ‬مسؤولون‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أشهر‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬تأكيد‭ ‬كاتزمان،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الجارية‭ ‬ستكون‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬معقدة‭ ‬ومتقلبة،‭ ‬أشارت‭ ‬دولزيكوفا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معالجة‭ ‬المخاوف‭ ‬الرئيسية‭ ‬بشأن‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬تقتضي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تنازلات‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستعدة‭ ‬لتقديمها‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬سابقة‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬النووية،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب؛‭ ‬حثت‭ ‬واشنطن،‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬توقعات‭ ‬معقولة،‭ ‬بشأن‭ ‬الحوافز‭ ‬والضغوط‭ ‬التي‭ ‬ستستخدمها‭.‬

ويرى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬أن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬توقعات‭ ‬واقعية‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد،‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬مجرد‭ ‬كبح‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي،‭ ‬ليشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬محورية‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬ودعمها‭ ‬المستمر‭ ‬لوكلائها‭ ‬الإقليميين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وهي‭ ‬ملفات‭ ‬تعتبرها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬ضرورية‭ ‬لضمان‭ ‬استقرار‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ورأى‭ ‬ماثيو‭ ‬ليفيت،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬برنامج‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬ليس‭ ‬كافيًا،‭ ‬وأنه‭ ‬حال‭ ‬استمرت‭ ‬المفاوضات‭ ‬على‭ ‬مسارها‭ ‬الحالي؛‭ ‬فمن‭ ‬المؤكد‭ ‬أنها‭ ‬ستفشل‭ ‬أو‭ ‬تُسفر‭ ‬عن‭ ‬اتفاق‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬المطلوب‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬تخفيف‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يقدمها‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬لإيران‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬مسألة‭ ‬وصفها‭ ‬كاتزمان،‭ ‬بأنها‭ ‬مستعصية،‭ ‬موضحًا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المشكوك‭ ‬فيه‭ ‬موافقة‭ ‬واشنطن،‭ ‬على‭ ‬مطالب‭ ‬طهران‭ ‬بـحماية‭ ‬استخدامها‭ ‬للنظام‭ ‬المصرفي‭ ‬الأمريكي‭. ‬ونظرًا‭ ‬لقوة‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬في‭ ‬الكونجرس،‭ ‬لإصدار‭ ‬عقوبات‭ ‬جديدة‭ ‬ضدها؛‭ ‬فمن‭ ‬الصعب‭ ‬رؤية‭ ‬كيف‭ ‬ستتمكن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬من‭ ‬تهدئة‭ ‬الانتقادات‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬الجمهوريون‭ ‬الذين‭ ‬سبق‭ ‬وعارضوا‭ ‬بشدة‭ ‬اتفاق‭ ‬أوباما‭ ‬في‭ ‬2015‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الغموض‭ ‬الذي‭ ‬يكتنف‭ ‬مواقف‭ ‬ترامب،‭ ‬وكبار‭ ‬مسؤولي‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية،‭ ‬لا‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الملف‭ ‬الإيراني‭. ‬وأشارت‭ ‬دولزيكوفا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬واضحة‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬تأمل‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭. ‬بينما‭ ‬أوضح‭ ‬كاتزمان،‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬دعا‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬مايك‭ ‬والتز،‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬كامل‭ ‬لبرنامجها‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬طرح‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬مقترحًا‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬طهران‭ ‬عن‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬محليًا،‭ ‬وتستورد‭ ‬المواد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رفضه‭ ‬المفاوضون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬صراحة‭.‬

ومع‭ ‬إشارة‭ ‬كاتزمان،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تسوية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬الغامضة‭ ‬قد‭ ‬تستغرق‭ ‬عدة‭ ‬أشهر؛‭ ‬يرى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬لا‭ ‬تملكان‭ ‬رفاهية‭ ‬الانتظار،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬إيران،‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬رادع‭ ‬نووي‭ ‬خاص‭ ‬بها‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬اعتبرت‭ ‬أندريا‭ ‬ستريكر،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‭ -‬التي‭ ‬تؤيد‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭- ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خطرًا‭ ‬حقيقيًا،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يُدفع‭ ‬ترامب‭ ‬للتفاوض‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬مؤقت،‭ ‬يُبقي‭ ‬لإيران‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬العتبة‭ ‬النووية،‭ ‬مع‭ ‬جدول‭ ‬زمني‭ ‬قصير‭ ‬لإنتاج‭ ‬القنبلة‭.‬

وقد‭ ‬زاد‭ ‬الوضع‭ ‬تعقيدًا‭ ‬مع‭ ‬استئناف‭ ‬المحادثات،‭ ‬حيث‭ ‬وصفت‭ ‬دانييل‭ ‬بليتكا،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬أميركان‭ ‬إنتربرايز،‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬بـالبداية‭ ‬المهينة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تصدق‭ ‬الجائزة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬حصدتها،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬تعيين‭ ‬ويتكوف،‭ ‬الذي‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬معرفته‭ ‬بإيران‭ ‬بالكاد‭ ‬تفوق‭ ‬معرفته‭ ‬بانتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬والتي‭ ‬وصفتها‭ ‬بأنها‭ ‬معدومة‭ ‬تمامًا‭.‬

وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المشهد،‭ ‬تصاعدت‭ ‬الدعوات‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتوجيه‭ ‬ضربات‭ ‬عسكرية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬واعتبر‭ ‬دانيال‭ ‬شابيرو،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الأنسب‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هجوم‭ ‬ضدها،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ترامب،‭ ‬منع‭ ‬هجومًا‭ ‬إسرائيليًا‭ ‬كان‭ ‬مقررًا‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2025؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تأثير‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬كبيرًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬القصف‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬ستة‭ ‬أسابيع‭ ‬على‭ ‬اليمن،‭ ‬والتي‭ ‬تفاخر‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬خلالها‭ ‬بضرب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬هدف‭.‬

وفي‭ ‬سعيهم‭ ‬لتبرير‭ ‬الضربة‭ ‬العسكرية،‭ ‬قلل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬المنطقة،‭ ‬مما‭ ‬يُبرز‭ ‬مدى‭ ‬أولوية‭ ‬المصالح‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وأشار‭ ‬شابيرو،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬أمريكي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬يحمل‭ ‬مخاطر‭ ‬على‭ ‬شركاء‭ ‬واشنطن‭ ‬الإقليميين،‭ ‬خصوصًا‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬واعترف‭ ‬بإمكانية‭ ‬رد‭ ‬إيران،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استهداف‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتمركزة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أوصى‭ ‬بأن‭ ‬يتجاوز‭ ‬الهجوم‭ ‬حدود‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬ليشمل‭ ‬أنظمة‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬والدفاعات‭ ‬الجوية؛‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وإيران‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يُفضي‭ ‬إلى‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬حاول‭ ‬البعض‭ ‬طرح‭ ‬مقاربات‭ ‬أقل‭ ‬تصعيدًا‭. ‬وسلط‭ ‬كوك،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬سلبيات‭ ‬الخيارين‭ ‬المتنازع‭ ‬عليهما‭ ‬سواء‭ ‬التفاوض‭ ‬أو‭ ‬الضربة‭ ‬العسكرية‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬كليهما‭ ‬قد‭ ‬يمنح‭ ‬إيران‭ ‬شريان‭ ‬حياة،‭ ‬يُعزز‭ ‬من‭ ‬بقائها‭. ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬اقترح‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هو‭ ‬الاستمرار‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬أصلًا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬عليها‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬لا‭ ‬يوقف‭ ‬تقدم‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬كوك،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬أفضل‭ ‬فرصة‭ ‬لانهيار‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬عودة‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬تركيزها‭ ‬الأساسي،‭ ‬وهو‭ ‬السعي‭ ‬لإسقاط‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وعرقلة‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬عام‭ ‬1979‭.‬

وتنعكس‭ ‬حالة‭ ‬الانقسام‭ ‬داخل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بشأن‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه؛‭ ‬إذ‭ ‬أعلن‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬تفاؤله‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬إبرام‭ ‬صفقة‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬مدعيًا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬غيره‭ ‬يستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬هدّد‭ ‬مرارًا‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تستجب‭ ‬لشروط‭ ‬جديدة،‭ ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬تصريح‭ ‬له‭ ‬لـمجلة‭ ‬تايم،‭ ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مطروحًا‭ ‬لأن‭ ‬إيران‭ ‬لن‭ ‬تمتلك‭ ‬سلاحًا‭ ‬نوويًا‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬التحليلات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬المفاوضات‭ ‬الجارية‭ ‬بتوقعات‭ ‬متباينة‭ ‬ومطالب‭ ‬متناقضة‭. ‬فبينما‭ ‬ترى‭ ‬دولزيكوفا،‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬مطلب‭ ‬أمريكي‭ ‬بتفكيك‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬بالكامل‭ ‬وبشكل‭ ‬دائم،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أخذه‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد؛‭ ‬فقد‭ ‬عبّرت‭ ‬بليتكا،‭ ‬عن‭ ‬استيائها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ترامب،‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬لـتنفيذ‭ ‬نسخة‭ ‬منقوصة‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬أوباما‭ ‬مع‭ ‬إيران‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬شدد‭ ‬شابيرو،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬واشنطن‭ ‬مستعدة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬تهديداتها،‭ ‬بضرب‭ ‬المنشآت‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ولكن‭ ‬بوعي‭ ‬كامل‭ ‬بالمخاطر‭ ‬التكتيكية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬الكاملة‭ ‬التي‭ ‬ينطوي‭ ‬عليها‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬جماعات‭ ‬الضغط‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المؤيدة‭ ‬لها‭ ‬ذات‭ ‬النفوذ‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬دوائر‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬داخل‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب؛‭ ‬برز‭ ‬احتمال‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬كخطر‭ ‬حقيقي‭. ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬أي‭ ‬عقبة‭ ‬أو‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬الحالية‭ ‬هي‭ ‬الشرارة‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬إلى‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري،‭ ‬وتوسيع‭ ‬رقعة‭ ‬الدمار‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬جسيمة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا