العدد : ١٧٣٣٦ - الثلاثاء ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٦ - الثلاثاء ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

تعزيز قوة العمل البحرينية على المسارين الحقوقي والتنموي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠١ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

فيما‭ ‬يحتفل‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بعيدهم‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مايو،‭ ‬يحق‭ ‬لعمال‭ ‬البحرين‭ ‬الشعور‭ ‬بالفخر‭ ‬والاعتزاز،‭ ‬لما‭ ‬تحقق‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الحقوقي‭ ‬والتنموي‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قرابة‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬منذ‭ ‬تولي‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1999،‭ ‬والمكانة‭ ‬التي‭ ‬وضعهم‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬مشروعه‭ ‬الإصلاحي‭ ‬النهضوي،‭ ‬إدراكًا‭ ‬منه‭ ‬كونهم‭ ‬العنصر‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬به‭ ‬تعبر‭ ‬المملكة‭ ‬جسر‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وأن‭ ‬كفاءة‭ ‬العمالة‭ ‬وإنتاجيتها‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬التقدم،‭ ‬والركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬للتنمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجلى‭ ‬في‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‮»‬‭ ‬و«الاستراتيجية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الوطنية‮»‬‭.‬

ولتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬وجه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬التوسع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعمراني‭ ‬مخصصة‭ ‬للبحرينيين‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء؛‭ ‬فأطلق‭ ‬‮«‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬لتأهيل‭ ‬وتوظيف‭ ‬البحرينيين‮»‬،‭ ‬وفعّل‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للتدريب‭ ‬المهني‭ - ‬الذي‭ ‬أنشأه‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬‮«‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1975‭- ‬كما‭ ‬استكملت‭ ‬المملكة‭ ‬انضمامها‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقيات‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالعمل‭ ‬اللائق،‭ ‬وتم‭ ‬توجيه‭ ‬السياسة‭ ‬التعليمية‭ ‬لربطها‭ ‬باحتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وتشجيع‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬الانخراط‭ ‬فيه‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أصدر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬قانون‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الحرية‭ ‬النقابية،‭ ‬وتمكين‭ ‬الحركة‭ ‬العمالية‭ ‬البحرينية،‭ ‬بما‭ ‬منحها‭ ‬استقلالية‭ ‬متميزة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العربي‭. ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬إصلاح‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬من‭ ‬أولوياته؛‭ ‬بهدف‭ ‬جعل‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬الخيار‭ ‬المفضل‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص؛‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‮»‬،‭ ‬و«صندوق‭ ‬العمل‮»‬،‭ ‬‮«‬تمكين‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬رفع‭ ‬كلفة‭ ‬استقدام‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وتوجيه‭ ‬عوائدها‭ ‬لتدريب‭ ‬البحرينيين‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الشاملة‭ ‬لتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬تأهيل‭ ‬وتشغيل‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬وأطلق‭ ‬مشروع‭ ‬المعايير‭ ‬المهنية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2012،‭ ‬و«مشروع‭ ‬المرصد‭ ‬الوطني‭ ‬للقوى‭ ‬العاملة‮»‬،‭ ‬ومشاريع‭ ‬التدريب‭ ‬والتأهيل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬المرحلة‭ ‬تعزيزًا‭ ‬لتحسين‭ ‬أجور‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتبني‭ ‬نظام‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل،‭ ‬وتخصيص‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬لدعم‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭. ‬

وضمن‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬جاء‭ ‬دعم‭ ‬الحكومة‭ ‬لتشغيل‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬عبر‭ ‬تعزيز‭ ‬سياسة‭ ‬البحرنة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬تدريب‭ ‬وتوظيف‭ ‬للمهندسين‭ ‬وخريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬وأبناء‭ ‬الأسر‭ ‬المحتاجة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬المشروعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬وتأهيل‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة،‭ ‬مع‭ ‬تقوية‭ ‬دور‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬البحرين‭ ‬للتدريب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية‭.‬

وإعلاءً‭ ‬لمركز‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬أصدر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2012،‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الأهلي‭ ‬رقم‭ (‬36‭) ‬لسنة‭ ‬2012،‭ ‬ليوسع‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬وامتيازاتهم،‭ ‬وحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية،‭ ‬محققًا‭ ‬التوازن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬واستقرار‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬ويأخذ‭ ‬في‭ ‬اعتباره‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬صادقت‭ ‬عليها‭ ‬المملكة،‭ ‬منذ‭ ‬صدور‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬23‭ ‬لسنة‭ ‬1976،‭ ‬ويراعي‭ ‬معايير‭ ‬العمل‭ ‬الدولية،‭ ‬ويحظر‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬الأجور‭ ‬بسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬الجنس‭ ‬أو‭ ‬الأصل‭ ‬أو‭ ‬اللغة‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬العقيدة،‭ ‬ويكفل‭ ‬سرعة‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬المنازعات‭ ‬العمالية،‭ ‬ويضع‭ ‬نظمًا‭ ‬مستحدثة‭ ‬للمفاوضات‭ ‬الجماعية،‭ ‬وعقود‭ ‬العمل‭ ‬الجماعية،‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتحسين‭ ‬مناخ‭ ‬الاستثمار،‭ ‬ويطور‭ ‬اشتراطات‭ ‬السلامة‭ ‬والصحة‭ ‬المهنية‭.‬

ولمزيد‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬والعمال،‭ ‬وبما‭ ‬يحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬العمال،‭ ‬ويعزز‭ ‬وضع‭ ‬العمالة‭ ‬البحرينية؛‭ ‬أجرى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬تعديلاً‭ ‬لهذا‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬2015،‭ ‬بالقانون‭ ‬رقم‭ ‬37‭ ‬لسنة‭ ‬2015،‭ ‬الذي‭ ‬أجاز‭ ‬لصاحب‭ ‬العمل‭ ‬إنهاء‭ ‬عقد‭ ‬العمل؛‭ ‬بسبب‭ ‬إغلاق‭ ‬المنشأة‭ ‬كليًا‭ ‬أو‭ ‬جزئيًا،‭ ‬أو‭ ‬تقليص‭ ‬حجم‭ ‬نشاطها،‭ ‬أو‭ ‬استبدال‭ ‬نظام‭ ‬إنتاجها‭ ‬بشرط‭ ‬الإخطار‭ ‬المسبق‭ ‬لوزارة‭ ‬العمل؛‭ ‬بسبب‭ ‬الإنهاء‭ ‬قبله‭ ‬بـ30‭ ‬يومًا،‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬إنهاء‭ ‬عقد‭ ‬العامل‭ ‬البحريني،‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بنفس‭ ‬كفاءة‭ ‬وخبرة‭ ‬العامل‭ ‬الأجنبي‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬المنشأة‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬حالة‭ ‬الإغلاق‭ ‬الكلي‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬لنقابات‭ ‬عمال‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬2002‭ ‬طبقًا‭ ‬لقانون‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية،‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬ظل‭ ‬التنظيم‭ ‬الوحيد‭ ‬للحركة‭ ‬العمالية‭ ‬البحرينية؛‭ ‬فإنه‭ ‬تعزيزًا‭ ‬للحريات‭ ‬النقابية،‭ ‬أصدر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2011‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ ‬35‭ ‬لسنة‭ ‬2011،‭ ‬بتعديل‭ ‬بعض‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية،‭ ‬والذي‭ ‬أجاز‭ ‬لكل‭ ‬نقابتين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية‭ ‬المشابهة،‭ ‬أن‭ ‬تنشئ‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬اتحادًا‭ ‬نقابيًا‭. ‬فيما‭ ‬يمثل‭ ‬عمال‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬والمفاوضات‭ ‬الجماعية‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل؛‭ ‬الاتحاد‭ ‬النقابي‭ ‬الذي‭ ‬يصدر‭ ‬بتسميته‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬المختص،‭ ‬وحظر‭ ‬تأسيس‭ ‬النقابات‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬طائفية‭.‬

وللقضاء‭ ‬على‭ ‬البطالة،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬معدلاتها‭ ‬عند‭ ‬أدنى‭ ‬حد‭ ‬مأمون‭ ‬لها؛‭ ‬توالت‭ ‬مشروعات‭ ‬تأهيل‭ ‬وتوظيف‭ ‬العمالة‭ ‬البحرينية،‭ ‬ودعم‭ ‬أجورها‭ ‬لدى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬بمراحلها‭ ‬المختلفة،‭ ‬لتشمل‭ ‬كل‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬حملة‭ ‬الشهادات‭ ‬الجامعية‭ ‬وما‭ ‬دونها‭. ‬وكانت‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬البحرينية‭ ‬2022‭ ‬‭ ‬2026‮»‬،‭ ‬أكثر‭ ‬طموحًا‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬السابقة،‭ ‬فقد‭ ‬استهدفت‭ ‬تشغيل‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬بحريني‭ ‬سنويًا‭ ‬وتدريب‭ ‬10‭ ‬آلاف،‭ ‬وتبين‭ ‬تقارير‭ ‬الإنجاز‭ ‬تجاوز‭ ‬المستهدف،‭ ‬لتتم‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬وطبقًا‭ ‬لـ«منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬0,3%‭ ‬في‭ ‬2024‭ ‬و2025،‭ ‬وبين‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬3%‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬لقوة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ربع‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الارتفاع‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تشغيل‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية،‭ ‬حيث‭ ‬غدت‭ ‬تمثل‭ ‬نحو‭ ‬55%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي،‭ ‬و35%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬العمالة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ويقف‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬‮«‬لجان‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬وتراعي‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬شغل‭ ‬الوظائف‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬المساواة؛‭ ‬لكن‭ ‬أيضًا‭ ‬مبدأ‭ ‬الأجر‭ ‬المتساوي‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬المتساوي‭.‬

وتُظهر‭ ‬إحصاءات‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‮»‬،‭ ‬ارتفاع‭ ‬متوسط‭ ‬رواتب‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بمعدل‭ ‬6%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬واحد؛‭ ‬ليبلغ‭ ‬828‭ ‬دينارا‭ ‬شهريًا‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬779‭ ‬دينارا‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المتوسط‭ ‬322‭ ‬دينارا‭ ‬في‭ ‬2010،‭ ‬فيما‭ ‬تتبنى‭ ‬الحكومة‭ ‬سياسة‭ ‬رفع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور‭ ‬ضمن‭ ‬البرنامج‭ ‬الوطني‭ ‬للتوظيف‭. ‬ووفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬الخطة‭ ‬السنوية‭ ‬لصندوق‭ ‬العمل‭ ‬تمكين‭ ‬لعام‭ ‬2025،‭ ‬أسهم‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬متوسط‭ ‬أجور‭ ‬المستفيدين‭ ‬منه‭ ‬والبالغ‭ ‬عددهم‭ ‬13570،‭ ‬بواقع‭ ‬60‭ ‬دينارا‭ ‬عن‭ ‬متوسط‭ ‬الأجر‭ ‬في‭ ‬2021‭. ‬ويعمل‭ ‬البرنامج‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬العامل‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬مهارات‭ ‬ترتقي‭ ‬براتبه،‭ ‬ووضعه‭ ‬الوظيفي‭ ‬داخل‭ ‬المنشأة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭.‬

وتعزيزًا‭ ‬لقوة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬معدل‭ ‬البطالة،‭ ‬بمجرد‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل،‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬تلبي‭ ‬هذه‭ ‬الفرص،‭ ‬معايير‭ ‬العمل‭ ‬اللائق‭ ‬كما‭ ‬تبنتها‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬العمل،‭ ‬وأجرها‭ ‬المراعي‭ ‬للإنتاجية‭ ‬وتكلفة‭ ‬المعيشة،‭ ‬والراحات‭ ‬الأسبوعية،‭ ‬والإجازات‭ ‬الرسمية‭ ‬والسنوية‭ ‬مدفوعة‭ ‬الأجر،‭ ‬والعلاوات‭ ‬الدورية،‭ ‬والمكافآت‭ ‬التشجيعية،‭ ‬وبدلات‭ ‬الانتقال‭ ‬والسفر،‭ ‬وعلاوات‭ ‬المهن‭ ‬والمخاطر،‭ ‬والتقاعد‭ ‬والمعاش‭ ‬التقاعدي،‭ ‬وبيئة‭ ‬العمل‭ ‬الصحية‭ ‬الآمنة،‭ ‬والتأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل،‭ ‬وقد‭ ‬كفلت‭ ‬التشريعات‭ ‬الوطنية‭ ‬هذه‭ ‬المعايير،‭ ‬ويراقب‭ ‬التفتيش‭ ‬العمالي‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬المملكة،‭ ‬وصغر‭ ‬حجم‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية،‭ ‬قد‭ ‬مثلت‭ ‬تحديًا‭ ‬أمام‭ ‬طموحها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الكبير؛‭ ‬فقد‭ ‬تمت‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالعمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬لتلبية‭ ‬هذا‭ ‬الطموح،‭ ‬وأصبحت‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬يطرح‭ ‬تحديات‭ ‬أخرى‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية،‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬وأمنيًا‭ ‬وثقافيًا‭ ‬وسياسيًا،‭ ‬حيث‭ ‬برزت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توطين‭ ‬هذه‭ ‬العمالة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أخذت‭ ‬المملكة‭ ‬تسير‭ ‬عليه‭ ‬بخطى‭ ‬مدروسة‭ ‬تجنبًا‭ ‬لأي‭ ‬هزات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬ووضعت‭ ‬أهدافًا‭ ‬للتوطين‭ ‬لكل‭ ‬مؤسسة‭ ‬يجري‭ ‬تنفيذها‭ ‬بمقتضى‭ ‬خطط‭ ‬زمنية‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تحتل‭ ‬البحرين‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نسبة‭ ‬المواطنين‭ ‬العاملين‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬القوى‭ ‬العاملة،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬28,1%‭ ‬وفقًا‭ ‬لبيانات‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬الإحصائي‭ ‬الخليجي‮»‬‭. ‬ويصل‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬معًا‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬150‭ ‬ألف‭ ‬عامل،‭ ‬منهم‭ ‬99,8‭ ‬ألفا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬بما‭ ‬يمثل‭ ‬67%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية‭ ‬بحسب‭ ‬بيانات‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬2023؛‭ ‬يمثلون‭ ‬قلب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬ومحركه‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬البحرنة‭ ‬نحو‭ ‬70%‭ ‬في‭ ‬أقوى‭ ‬الشركات‭ ‬البحرينية،‭ ‬وارتفعت‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬94%‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬شركة‭ ‬الخليج‭ ‬لصناعة‭ ‬البتروكيماويات‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬سجلت‭ ‬نسبة‭ ‬البحرنة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬80%،‭ ‬وتجاوزت‭ ‬94%‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬كوزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات،‭ ‬بينما‭ ‬بلغ‭ ‬المتوسط‭ ‬العام‭ ‬للبحرنة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬نحو‭ ‬33%‭.‬

وتواجه‭ ‬البحرين‭ ‬تحديًا‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬متدنية‭ ‬المهارة،‭ ‬حيث‭ ‬تشكل‭ ‬نحو‭ ‬72%‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يُقبل‭ ‬عليها‭ ‬المواطنون‭. ‬وللتعامل‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬تفرض‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‮»‬،‭ ‬سياسات‭ ‬لتحفيز‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬البحرينيين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬تكلفة‭ ‬استقدام‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬المهن‭ ‬التي‭ ‬يقبل‭ ‬البحرينيون‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬تحدد‭ ‬نسبة‭ ‬بحرنة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬50%‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات‭ ‬الجاذبة،‭ ‬وتتابع‭ ‬تطبيقها‭ ‬إلكترونيًا،‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬غرامة‭ ‬قدرها‭ ‬500‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تصريح‭ ‬عمل‭ ‬مخالف‭.‬

ورغم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لدعم‭ ‬البحرنة،‭ ‬فإن‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬التوطين،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الاستغناء‭ ‬كلية‭ ‬عن‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استغناء‭ ‬تام‭ ‬عن‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬ولكن‭ ‬التوطين‭ ‬يعني‭ ‬أولوية‭ ‬العامل‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬شغل‭ ‬الوظائف،‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬مؤهلاتها‭ ‬ومهاراتها،‭ ‬والإنتاجية‭ ‬المطلوبة‭ ‬منها‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬حققت‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية‭ ‬مكتسبات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الحقوقي‭ ‬والتنموي،‭ ‬ويحق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تفخر‭ ‬وتعتز‭ ‬بما‭ ‬أنجزته،‭ ‬وهي‭ ‬تحتفل‭ ‬مع‭ ‬عمال‭ ‬العالم‭ ‬بيوم‭ ‬العمال‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مايو‭. ‬ولا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني،‭ ‬وزيادة‭ ‬معدلات‭ ‬نموه،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬تشكل‭ ‬القاعدة‭ ‬الأساسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬البحريني‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا