العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٤ - الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل تحولت أمريكا إلى دولة من دول العالم الثالث؟

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

الثامن‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬2025‭ ‬كان‭ ‬يوماً‭ ‬صعبا‭ ‬على‭ ‬كوكبنا،‭ ‬وكان‭ ‬يوماً‭ ‬كارثياً‭ ‬على‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬برمتها‭ ‬وعلى‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭. ‬فقد‭ ‬وقَّع‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬أوامر‭ ‬تنفيذية‭ ‬قاسية‭ ‬أرجع‭ ‬فيها‭ ‬وقود‭ ‬الفحم‭ ‬المعروف‭ ‬بشدة‭ ‬تلويثه‭ ‬للهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬والمتهم‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬قضية‭ ‬العصر،‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وتداعياتها‭ ‬المهلكة‭ ‬للأرض‭ ‬ومن‭ ‬عليها،‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬عهده‭ ‬الغابر‭ ‬الذي‭ ‬أكل‭ ‬عليه‭ ‬الدهر‭ ‬وشرب‭ ‬وتجاوزه‭ ‬الزمن،‭ ‬فمكنَّه‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬ليكون‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬للوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬لتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تشغيل‭ ‬المصانع‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها‭.‬‮ ‬

فقد‭ ‬هدفت‭ ‬هذه‭ ‬الأوامر‭ ‬التنفيذية‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬الاجماع‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬تعميق‭ ‬وتعزيز‭ ‬وتسريع‭ ‬استخراج،‭ ‬وإنتاج،‭ ‬واستخدام‭ ‬الفحم‭ ‬كعنصر‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وازدهار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬عامة،‭ ‬ومن‭ ‬مراكز‭ ‬بيانات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬خاصة‭.‬

‭ ‬وهذه‭ ‬الأوامر‭ ‬المخالفة‭ ‬لقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ستُطلق‭ ‬كلياً‭ ‬سراح‭ ‬الفحم،‭ ‬وتفتح‭ ‬أمامه‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه،‭ ‬فلا‭ ‬قيود،‭ ‬ولا‭ ‬رقابة،‭ ‬ولا‭ ‬أنظمة‭ ‬بيئية،‭ ‬ولا‭ ‬تشريعات‭ ‬تعيق‭ ‬وتعرقل‭ ‬استخراجه‭ ‬واستخدامه‭. ‬كما‭ ‬تضمنت‭ ‬الأوامر‭ ‬إهداء‭ ‬محطات‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬رخصة‭ ‬مجانية‭ ‬رسمية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الإعفاء‭ ‬مدة‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬تلويث‭ ‬البيئة،‭ ‬وعدم‭ ‬الممانعة‭ ‬قانونياً‭ ‬من‭ ‬إفساد‭ ‬صحة‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الزئبق‭ ‬المعروف‭ ‬بسميته‭ ‬القاتلة،‭ ‬والزرنيخ‭ ‬والبنزين‭ ‬وملوثات‭ ‬أخرى‭ ‬تسبب‭ ‬السرطان‭ ‬للإنسان‭. ‬فلا‭ ‬مانع‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬تلويث‭ ‬وتدمير‭ ‬البيئة،‭ ‬وتعريض‭ ‬حياة‭ ‬الشعوب‭ ‬للأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬المستعصية،‭ ‬ولا‭ ‬ضير‭ ‬عند‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الناس‭ ‬قتلاً‭ ‬بطيئاً،‭ ‬وكأننا‭ ‬مازلنا‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬التأخر‭ ‬والرجعية‭ ‬البيئية،‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬ومطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬المصانع‭ ‬تُفسد‭ ‬البيئة‭ ‬بانبعاثاتها‭ ‬الغازية‭ ‬ومخلفاتها‭ ‬السائلة‭ ‬والصلبة،‭ ‬وكانت‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تغض‭ ‬الطرف‭ ‬عنها‭ ‬وتتجاهل‭ ‬ممارسات‭ ‬المصانع‭ ‬الرجعية‭. ‬فأمريكا‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬القديمة‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬المتأخرة‭ ‬بيئياً،‭ ‬والتي‭ ‬تنقصها‭ ‬التشريعات‭ ‬والأنظمة‭ ‬البيئية‭ ‬المقيدة‭ ‬لتلوث‭ ‬البيئة،‭ ‬فيمكن‭ ‬تصنيفها‭ ‬كدولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تحبو‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬وتنفيذ‭ ‬التشريعات‭ ‬والأنظمة‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وسلامة‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المتقدمة‭ ‬والمتطورة‭ ‬والمتحضرة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬والقطاعات‭ ‬التنموية‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تشريعاتها‭ ‬وممارساتها،‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مؤخرة‭ ‬الركب‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬المتأخرة،‭ ‬وفي‭ ‬آخر‭ ‬الصف‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الهموم‭ ‬البيئية‭ ‬وموقعها‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬الحكومة‭.‬

‭ ‬فمنذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬أعلن‭ ‬انسحابه‭ ‬من‭ ‬الإجماع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬من‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس‭ ‬لعام‭ ‬2014،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ضرب‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬جهود‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الماراثونية‭ ‬والمضنية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬عاماً‭ ‬بهدف‭ ‬التخلص‭ ‬تدريجياً‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬مسببات‭ ‬ومصادر‭ ‬وقوع‭ ‬ظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬التي‭ ‬رفعت‭ ‬حرارة‭ ‬وسخونة‭ ‬كوكبنا،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬حرق‭ ‬كافة‭ ‬أنواع‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬وخاصة‭ ‬الفحم‭ ‬الأشد‭ ‬وطأة‭ ‬والأكثر‭ ‬تنكيلاً‭ ‬بالهواء‭ ‬الجوي‭ ‬ونزول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬فترامب‭ ‬اليوم‭ ‬أعاد‭ ‬الفحم‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬ونفخ‭ ‬فيه‭ ‬الروح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كاد‭ ‬يأفل‭ ‬نجمه‭ ‬ويلقى‭ ‬مصيره‭ ‬في‭ ‬الثرى،‭ ‬كما‭ ‬ألغى‭ ‬جميع‭ ‬المنح‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعطى‭ ‬لأبحاث‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬الإدارات‭ ‬والبرامج‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ألغى‭ ‬ترامب‭ ‬التعاقد‭ ‬مع‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حول‭ ‬أبحاث‭ ‬التغيرات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يقدم‭ ‬تقارير‭ ‬دورية‭ ‬للكونجرس‭ ‬عن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬رجع‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬عقوداً‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬فتحولت‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬متأخرة‭ ‬ورجعية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيئية‭. ‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬التأخر‭ ‬البيئي،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬أمريكا‭ ‬تأخرها‭ ‬أيضاً‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والحريات‭ ‬العامة،‭ ‬حيث‭ ‬فرضت‭ ‬إجراءات‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تسييس‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬وأكدت‭ ‬عدوانيتها‭ ‬الشرسة‭ ‬لكل‭ ‬فكر،‭ ‬أو‭ ‬رأي،‭ ‬أو‭ ‬موقف‭ ‬مخالف‭ ‬لسياسة‭ ‬ترامب‭. ‬وقد‭ ‬أظهرت‭ ‬تأخرها‭ ‬في‭ ‬التسامح‭ ‬مع‭ ‬الآراء‭ ‬الأخرى،‭ ‬وعدم‭ ‬تعايشها‭ ‬وتحملها‭ ‬للأفكار‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬طرق‭. ‬

الأول‭ ‬الضغط‭ ‬العلني‭ ‬الشديد‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المرموقة‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬كل‭ ‬متظاهر،‭ ‬أو‭ ‬محتج‭ ‬على‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الشاملة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بحجة‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭ ‬والصهيونية‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬قررت‭ ‬قاضية‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أبريل‭ ‬إمكانية‭ ‬طرد‭ ‬الناشط‭ ‬الأمريكي‭ ‬محمود‭ ‬خليل‭ ‬لآرائه‭ ‬المختلفة‭ ‬حول‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واتهم‭ ‬ترامب‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬البسيط‭ ‬بأنه‭ ‬يشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬لأعظم‭ ‬وأقوى‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬وللسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭! ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬رفض‭ ‬الجامعة‭ ‬تغيير‭ ‬سياساتها‭ ‬فستتوقف‭ ‬عنها‭ ‬جميع‭ ‬المنح‭ ‬والمساعدات‭ ‬المالية‭ ‬الاتحادية‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬كما‭ ‬ألزمت‭ ‬الجامعات‭ ‬تغيير‭ ‬سياساتها‭ ‬وقوانينها‭ ‬لتتوافق‭ ‬مع‭ ‬رؤى‭ ‬وسياسات‭ ‬ترامب‭.‬

‭ ‬والثاني‭ ‬فهو‭ ‬أسلوب‭ ‬القمع‭ ‬المتبع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬المتأخرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحتج‭ ‬ويبدي‭ ‬رأيا‭ ‬وموقفاً‭ ‬مخالفاً‭ ‬للحكومة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬أمريكياً‭ ‬مقيماً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاعتقال‭ ‬والمحاكمة‭ ‬والطرد‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬ديمقراطية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬خطر،‭ ‬كبعض‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬الدكتاتورية‭ ‬التي‭ ‬يحكمها‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬مستبد،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ترامب‭ ‬صرح‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناسبات‭ ‬بأنه‭ ‬يعتزم‭ ‬تغيير‭ ‬الدستور‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬ليفسح‭ ‬لنفسه‭ ‬المجال،‭ ‬ويفتح‭ ‬أمامه‭ ‬الباب‭ ‬لولاية‭ ‬ثالثة‭. ‬

كذلك‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬المالي،‭ ‬فإن‭ ‬أمريكا‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ثقل‭ ‬الديون‭ ‬والعبء‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬تحمله‭ ‬على‭ ‬ظهرها‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬ديونها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬قُدرت‭ ‬بنحو‭ ‬36.2‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬ولكن‭ ‬أمريكا‭ ‬بقوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تطول‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬بعيدة‭ ‬عنها،‭ ‬وبامتلاكها‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬فهي‭ ‬تهدد‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بالدمار‭ ‬الشامل‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تسمع‭ ‬لها‭ ‬وترضخ‭ ‬لشروطها‭ ‬ومواقفها‭ ‬السياسية‭ ‬والمالية‭. ‬فهي‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬تبتز‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الضعيفة‭ ‬عسكرياً‭ ‬والفقيرة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬النفوذ‭ ‬الدولي،‭ ‬فتنهب‭ ‬ثرواتها‭ ‬وخيراتها‭ ‬علانية‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬خجل،‭ ‬أو‭ ‬تردد،‭ ‬أو‭ ‬دبلوماسية‭ ‬متحضرة‭. ‬فتسرق‭ ‬موارد‭ ‬الدول‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬متعددة،‭ ‬وبطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة،‭ ‬إما‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الترحيب‭ ‬باستثمار‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬بمبالغ‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬تريليونات‭ ‬الدولارات،‭ ‬وإما‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬نهب‭ ‬الثروات‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬كما‭ ‬يحصل‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أو‭ ‬بالقوة‭ ‬والاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬والضغط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬النية‭ ‬اليوم‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬جزيرة‭ ‬جرينلاند‭ ‬التي‭ ‬تنعم‭ ‬بموقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬وتزدهر‭ ‬بخيرات‭ ‬الأرض‭ ‬كالنفط،‭ ‬والمعادن‭ ‬النادرة‭ ‬والثمينة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كندا،‭ ‬وبنما،‭ ‬وغيرها‭.‬

فسلوك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتصرفاتها‭ ‬المستبدة،‭ ‬وممارساتها‭ ‬غير‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وغير‭ ‬المتحضرة‭ ‬والخالية‭ ‬من‭ ‬الأعراف‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيئية،‭ ‬والحقوق‭ ‬المدنية،‭ ‬والمالية،‭ ‬والسياسية،‭ ‬كلها‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬نزلت‭ ‬إلى‭ ‬الحضيض‭ ‬وإلى‭ ‬مستوى‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬المتأخرة‭ ‬والرجعية‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا