العدد : ١٧١٩٩ - الجمعة ٢٥ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٩ - الجمعة ٢٥ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأثيرات نهج الاستدامة التنموية في مستقبل العالم

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الجمعة ٢٥ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

يطلق‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نهج‭ ‬الالتزام‭ ‬بالاستدامة‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬التنمية‭ ‬بأنه‭ ‬يمثل‭ ‬ثورة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المسيرة‭ ‬الانسانية‮ ‬،‭ ‬فهوية‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬أنا‭ ‬بصدد‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬أنها‭ ‬جامعة‭ ‬وشاملة،‭ ‬تغطي‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬التنموية،‭ ‬وتشمل‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬والتخصصات،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬ضيقة‭ ‬الأهداف،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬للثورات‭ ‬السابقة،‭ ‬وليست‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولذلك‭ ‬أُطلق‭ ‬عليها‭ ‬ثورة‭ ‬الاستدامة،‭ ‬أي‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬استدامة‭ ‬جميع‭ ‬الثورات‭ ‬السابقة،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬استمرارية‭ ‬عطائها‭ ‬وانتاجها‭ ‬لهذا‭ ‬الجيل‭ ‬والأجيال‭ ‬اللاحقة‭ ‬من‭ ‬بعدنا،‭ ‬فهي‭ ‬بذلك‭ ‬تستحق‭ ‬وبكل‭ ‬جدارة‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬أم‭ ‬الثورات‮»‬‭.‬

فالثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬عام‭ ‬1760‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬كانت‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬وتطوير‭ ‬المحرك‭ ‬البخاري،‭ ‬وصناعة‭ ‬الآليات‭ ‬والمعدات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالبخار‭. ‬وهذه‭ ‬الصناعة‭ ‬أحدثت‭ ‬عدة‭ ‬تحولات‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬فتم‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬الميكانيكية‭ ‬وطاقة‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬الحيوانات‭ ‬والطاقة‭ ‬البشرية‭ ‬والأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬للإنسان،‭ ‬فحلَّت‭ ‬الآليات‭ ‬مكان‭ ‬الإنسان‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أحدثت‭ ‬هزة‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬نوعية‭ ‬الأعمال‭ ‬والمهن‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يمارسها‭ ‬الإنسان،‭ ‬من‭ ‬المهن‭ ‬الزراعية‭ ‬والحرفية‭ ‬البسيطة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬ضيق‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬وضواحي‭ ‬المدن‭ ‬إلى‭ ‬التصنيع‭ ‬والعمليات‭ ‬الصناعية‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬المدن،‭ ‬أو‭ ‬خطوط‭ ‬التجميع‭ ‬الصناعي،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬توسع‭ ‬المدن‭ ‬وامتدادها،‭ ‬وزيادة‭ ‬مساحتها‭. ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬ارتفعت‭ ‬وتيرة‭ ‬وسرعة‭ ‬النمو‭ ‬الصناعي‭ ‬من‭ ‬الناحيتين‭ ‬الكمية‭ ‬العددية،‭ ‬ومن‭ ‬الناحية‭ ‬النوعية‭ ‬وزيادة‭ ‬أعداد‭ ‬المواد‭ ‬المنتجة‭ ‬والمصنعة‭.‬

ثم‭ ‬جاءت‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1900،‭ ‬حيث‭ ‬تخصصت‭ ‬في‭ ‬اختراع‭ ‬محرك‭ ‬الاحتراق‭ ‬الداخلي،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بأحد‭ ‬مشتقات‭ ‬النفط،‭ ‬ونجم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاختراع‭ ‬العظيم‭ ‬طفرة‭ ‬كبيرة‭ ‬وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬وصناعة‭ ‬أعدادٍ‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬وأصبح‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يستغني‭ ‬عنها،‭ ‬فتحول‭ ‬المجتمع‭ ‬برمته‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الشديد،‭ ‬والاستنزاف‭ ‬المستمر‭ ‬للموارد‭ ‬والثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬وتدهورها‭ ‬نوعاً‭ ‬وكماً،‭ ‬وعصر‭ ‬إنتاج‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها‭ ‬وأحجامها‭.‬

أما‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الثالثة‭ ‬فقد‭ ‬فُتحت‭ ‬أبوابها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬وهي‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الإلكترونيات‭ ‬ومجال‭ ‬الرقميات،‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات،‭ ‬والإنترنت،‭ ‬ولذلك‭ ‬أُطلق‭ ‬عليها‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭. ‬وهذه‭ ‬الثورة‭ ‬تركزت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬والتواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعه‭ ‬وأشكاله‭. ‬‮ ‬

أما‭ ‬الثورة‭ ‬الرابعة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬قرابة‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬ومازالت‭ ‬مستمرة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬فهي‭ ‬ولوج‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بعمق‭ ‬وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬جداً،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬النانو‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الكفاءة‭ ‬والسرعة‭ ‬والدقة‭ ‬في‭ ‬الإنجاز‭ ‬والعطاء‭.‬

فثورة‭ ‬الاستدامة‭ ‬كانت‭ ‬ضرورية‭ ‬وحتمية‭ ‬لضمان‭ ‬استدامة‭ ‬الثورات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه،‭ ‬فالواقع‭ ‬البيئي‭ ‬المُر،‭ ‬والكرب‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬تمخض‭ ‬ونجم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الثورات‭ ‬من‭ ‬تدميرٍ‭ ‬نوعي‭ ‬وكمي‭ ‬عقيمين‭ ‬لكافة‭ ‬المكونات‭ ‬البيئية،‭ ‬واستنزافٍ‭ ‬وتدهور‭ ‬شامل‭ ‬لمواردها‭ ‬وثرواتها‭ ‬الفطرية‭ ‬الطبيعية‭ ‬وانعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الصحي‭ ‬للإنسان،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الثورتين‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية،‭ ‬ألزم‭ ‬الإنسان‭ ‬واضطره‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬بجدية‭ ‬وعمق‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بثورة‭ ‬جديدة‭ ‬أخرى‭ ‬تضمن‭ ‬استمرارية‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قرون‭ ‬طويلة‭ ‬وشاقة،‭ ‬وتؤكد‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب‭ ‬البشرية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬لأجيال‭ ‬قادمة‭ ‬مستقبلية‭. ‬

فكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬مَسِيْرة‭ ‬تصحيحية‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تقييم‭ ‬وتقويم‭ ‬التجارب‭ ‬والخبرات‭ ‬البشرية‭ ‬السابقة‭ ‬المتراكمة‭ ‬عبر‭ ‬القرون،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬وزلات‭ ‬الماضي‭ ‬وسلبيات‭ ‬التنمية،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬منهج‭ ‬مستدام‭ ‬ومستقيم‭ ‬جماعي‭ ‬ومشترك‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬بحيث‭ ‬يسير‭ ‬عليه‭ ‬قطار‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬عبر‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬والمجالات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينحرف‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬المستقيم،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭.‬

فهذه‭ ‬الثورات‭ ‬المتخصصة‭ ‬السابقة‭ ‬والحالية‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قضايا‭ ‬حياتية‭ ‬أخرى‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬والأجيال‭ ‬المتلاحقة‭ ‬القادمة،‭ ‬فلا‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬الثورات‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬وتهدم‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬ولا‭ ‬تُعمر‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬وتفسد‭ ‬قطاعاً‭ ‬آخر،‭ ‬ولا‭ ‬تُحسِّن‭ ‬جانباً‭ ‬من‭ ‬معيشة‭ ‬وحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬وتضر‭ ‬بجوانب‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة،‭ ‬كالصحة‭ ‬العامة‭ ‬وصحة‭ ‬وسلامة‭ ‬عناصر‭ ‬البيئة‭.‬

‮ ‬فهذه‭ ‬الثورة‭ ‬الجامعة‭ ‬والشاملة‭ ‬استندت‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬الاستدامة‮»‬‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬الحياتية‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬نوع‭ ‬هذه‭ ‬التنمية،‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬حجمها،‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬كانت،‭ ‬فأي‭ ‬عمل‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأي‭ ‬اختراع‭ ‬يقدمه‭ ‬للبشرية،‭ ‬وأي‭ ‬منتج‭ ‬يسوقه‭ ‬للناس،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ،‭ ‬فيحقق‭ ‬استدامة‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬والعمل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬التنمية‭ ‬المستدامة‮»‬‭. ‬

ولذلك‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أركان‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الاستدامة‭ ‬الشاملة،‭ ‬وهي‭ ‬الاستدامة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيئية،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وأخيراً‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاجتماعية‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬يحقق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬فقط،‭ ‬وذي‭ ‬جدوى‭ ‬مالية‭ ‬عالية‭ ‬ويحقق‭ ‬مكاسب‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يلوث‭ ‬الماء،‭ ‬أو‭ ‬الهواء،‭ ‬أو‭ ‬التربة،‭ ‬أو‭ ‬يضر‭ ‬بصحة‭ ‬وسلامة‭ ‬الإنسان‭ ‬والحياة‭ ‬الفطرية،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬يكون‭ ‬مرفوضاً‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬القومية،‭ ‬والإقليمية،‭ ‬والدولية،‭ ‬ويصنَّف‭ ‬بأنه‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مستدام‮»‬،‭ ‬ويجب‭ ‬إيقافه‭ ‬كليا،‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬تقييمه‭ ‬وتصحيحه‭ ‬لتخفيف‭ ‬وخفض‭ ‬الضرر‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬والإنسان‭.‬

فالثورات‭ ‬الصناعية‭ ‬السابقة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية‭ ‬لم‭ ‬تَعْلم‭ ‬بما‭ ‬يتمخض‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭ ‬تهدد‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وسلامة‭ ‬الموارد‭ ‬البيئية‭ ‬الفطرية‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬الكوارث‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬سقطت‭ ‬فيها‭ ‬ضحايا‭ ‬بشرية،‭ ‬عرف‭ ‬الإنسان‭ ‬بأن‭ ‬لثورته‭ ‬الصناعية‭ ‬تداعيات‭ ‬يجب‭ ‬مواجهتها‭ ‬وعدم‭ ‬تجاهلها‭ ‬وغض‭ ‬الطرف‭ ‬عنها‭. ‬فالوقود‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬المحركات‭ ‬البخارية‭ ‬ثم‭ ‬محركات‭ ‬الاحتراق‭ ‬الداخلي‭ ‬وتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬أنواع‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬وأشده‭ ‬وطأة‭ ‬وتنكيلاً‭ ‬بصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وبيئته،‭ ‬فكون‭ ‬مشكلات‭ ‬ومظاهر‭ ‬تخطت‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬للدول‭ ‬وأثرت‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬مثل‭ ‬المطر‭ ‬الحمضي،‭ ‬والضباب‭ ‬الأسود‭ ‬والضباب‭ ‬الضوئي‭ ‬الكيميائي،‭ ‬وتدهور‭ ‬غاز‭ ‬الأوزون‭ ‬في‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والمد‭ ‬الأحمر‭ ‬والأخضر‭ ‬في‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية،‭ ‬ومشكلة‭ ‬العناصر‭ ‬الثقيلة‭ ‬المسرطنة‭ ‬كالزئبق،‭ ‬والرصاص،‭ ‬والكروميوم‭. ‬ثم‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الثالثة‭ ‬والرابعة‭ ‬تمخضت‭ ‬عنها‭ ‬أيضاً‭ ‬أزمات‭ ‬بيئية‭ ‬وصحية‭ ‬خطيرة‭ ‬كالمخلفات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الخطرة‭ ‬والسامة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬مدتها‭ ‬والملايين‭ ‬من‭ ‬الجسيمات‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬الفضاء،‭ ‬والتي‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ ‬المدارات‭ ‬الأرضية‭ ‬المنخفضة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬والاستكشافات‭ ‬الفضائية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬البيئات‭ ‬الفضائية‭ ‬العليا‭. ‬‮ ‬

فكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬إحداث‭ ‬ثورة‭ ‬بديلة‭ ‬عامة‭ ‬وجامعة‭ ‬تواجه‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬القديمة‭ ‬والمستجدة‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬وتحقق‭ ‬استدامة‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الدول،‭ ‬فكانت‭ ‬أم‭ ‬الثورات،‭ ‬ثورة‭ ‬الاستدامة،‭ ‬بيئيًّا،‭ ‬واجتماعيًّا،‭ ‬واقتصاديًّا‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا