زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ورضينا بلغة هجين
شكوت لطوب الأرض لأن كثيرين من العرب باتوا يطلبون اللجوء اللغوي لدى لغات أوروبية، حتى بات من الممكن القول إن لغة جديدة اسمها «عربيزي»، الناتجة عن تلاقح العربية والإنجليزية، ستصبح معترفا بها بعد بضع سنوات. والمفردات الرائجة في أحاديثنا وحياتنا اليومية، تؤكد أننا بتنا نتكلم لغة مثل لحم الرأس، أي غير متجانسة، فحتى العربي الأمي بات يستخدم كلمات أجنبية بطريقة ببغاوية رغم وجود ما يقابلها بالعربية، فلا تعرف لماذا يتكلم الخليجي عن الدريول وليس السائق، ولا لماذا يتكلم السوداني او المصري عن البوستة وليس البريد. وهناك أميون لا يميزون بين حرف الألف العربي وحرف الكيو الإنجليزي يحسبون أن «أوكي» كلمة عربية فصيحة! ولم يعد الأمر وقفا على من يعانون من ازدواجية اللغة بسبب نيلهم التعليم في مرحلة او أخرى بلغات أجنبية، بل تجد إنسانا بسيطا لا يفك الخط ويتكلم عن النيرس (الممرضة) التي في الكلينيك (العيادة)، اللي جنب محل الفوتو كوبي. وفي كل بلاد العالم يضطر الأجانب المقيمين فيها الى تعلم لغة أهلها، إلا عندنا نحن حيث نتنازل عن لغتنا حتى أمام الخادمات، ونخاطبهن بالعربية المكسرة التي قمن بتأليفها، ومن المألوف جدا في منطقة الخليج أن تسمع من يخاطب الخادمة: شيلي درام مال كشرة من كيتشن، وحطيه جنب باثروم.. ، نو، مو هني، بعدين سوي هوفر... بس أول كلش سامان شيلي بره بدروم كبير. وشيرتات مال سير كله ودي ماشين مال غسيل (الخادمات الآسيويات يمنحن رجل البيت لقب «سير» ومساكين البريطانيين الذين لا يحلم الواحد منهم بذلك اللقب المخصص للوردات إلا إذا أعاد اختراع العجلة)!! أما إذا كان من نحدثه بريطانيا أو أمريكيا يعيش بين ظهرانينا فإننا لا نبذل أي جهد لإرغامه على تعلم شيء من لغتنا، لأننا نتبارى لنثبت له اننا نجيد لغته «مما يعني اننا متحضرون»، وحتى إذا علمنا خواجة بعض المفردات العربية فإنها تكون في غالب الأحوال متعلقة بالشتم والسباب فيما يتصل بالعورات، ومن المفهوم ان نتكلم عن السوفتوير والماوس في الكمبيوتر والكاربوريتر في السيارة والجوي ستيك في البلاي ستيشن، ولكن ليس من المفهوم ان تقرأ مذكرة رسمية يأمر معاليه فيها بشراء خمسة جموس بواقع 50 الف دولار لكل منها، ما يعرضه للشبهات لأنه يصعب إقناع أي جهة ما ان العمل يحتاج الى جاموسة او أكثر، كما ليس من المفهوم ان نتحدث عن الوير والهوز والدريول والبوي والبيشكار والريوس والفيزا.وحتى الأسماء صارت عندنا عرضة للتفرنج خاصة أسماء البنات،.. (نقطة نظام: جموس المذكورة أعلاه هي جمع جمس وهكذا ينطق بعض الخليجيين اسم سيارة جي ام سي.) ويحلو لكثيرين ان ينادوني بـ«جيفري»، وهذا اسم لا يليق بشخص ينحدر من صلب ابي الفوارس عنترة، وبما ان الشيء بالشيء يذكر فإنني بحاجة الى محام ضليع ليأخذ حقي كوريث لعنترة من د. عبد الرحمن العشماوي الذي أعاد صياغة معلقة عنترة فأجاد، ولكنه بذلك انتهك قانون الـ«إنتلكشوال بروبارتي» الذي يسميه العوام الملكية الفكرية (بالمناسبة هل تعرفون ان براءات الاختراع والابتكار الصادرة عن جزيرة منهاتن في نيويورك وحدها أكثر من البراءات الصادرة عن افريقيا وغرب آسيا مجتمعة؟ وهل تعرفون أن غرب آسيا هو الشرق الأوسط). نعود الى العشماوي الذي سطا على أملاك جدي واستخدمها لشرشحة أقاربه:
يا دار مأساة الشعوب تكلمي/ وعمي صباح الذل فينا واسلمي/ إنا على المأساة نشرب ليلنا/ سهرا وفي حضن التوجس نرتمي/ يخبرك من شهد الهزيمة أننا/ بتنا على حال الأصم الأبكم/ .. القمة الكبرى انتشال شعوبكم
من فقرها، من جهلها المستحكم!!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك