العدد : ١٧١٩٨ - الخميس ٢٤ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٨ - الخميس ٢٤ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أي آفاق لمعضلة المشروع النووي الإيراني؟!

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ٢٢ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

عاد‭ ‬موضوع‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬مع‭ ‬عودة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬وتحول‭ ‬تدريجيا‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬ارتكاز‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وإنما‭ ‬إلى‭ ‬محور‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬والمنطقة‭ ‬ككل‭ ‬ويتمثل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ثلاث‭ ‬نقاط‭ ‬أساسية‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬محورية‭ ‬في‭ ‬قادم‭ ‬الأيام‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬ملامح‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭:‬

الأولى‭: ‬تتعلق‭ ‬بالبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬وبرمته‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬سلميا‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬سلمي،‭ ‬فإدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬تريد‭ ‬تفكيك‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬نهائيا‭ ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬حتى‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مدني‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬عسكري‭ ‬فالأمور‭ ‬سيان‭ ‬في‭ ‬المنظور‭ ‬الأمريكي‭ ‬وذلك‭ ‬لسهولة‭ ‬احتمال‭ ‬تحول‭ ‬المدني‭ ‬إلى‭ ‬عسكري‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬المفاوضات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬التي‭ ‬احتضنتها‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬الشقيقة‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬وتحتضنها‭ ‬حاليا‭ ‬إيطاليا‭ ‬بين‭ ‬المسؤولين‭ ‬والمختصين‭ ‬الأمريكان‭ ‬والإيرانيين‭ ‬ومما‭ ‬يشجع‭ ‬هذه‭ ‬النقاشات‭ ‬والحوارات‭ ‬أن‭ ‬الطرفين‭ ‬قد‭ ‬خففا‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الجانب‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬الواجهة‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬مجرد‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬والحوارات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬والمتوقعة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مباشرة‭ ‬تؤكد‭ ‬انتهاء‭ ‬فكرة‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تنذر‭ ‬بخطر‭ ‬شديد‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإيران‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭. ‬

الثانية‭: ‬التوجه‭ ‬الإيراني‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬التعامل‭ ‬بعقلية‭ ‬التمدد‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتهديدها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خطير،‭ ‬حيث‭ ‬خسرت‭ ‬إيران‭ ‬معركتها‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انكسار‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬وتراجعه‭ ‬بشكل‭ ‬دراماتيكي‭ ‬كما‭ ‬خسرت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الفضاء‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬معينة‭ ‬جبهة‭ ‬متقدمة‭ ‬لإيران‭ ‬سياسيا‭ ‬وعسكريا‭ ‬وأمنيا‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أيضا‭ ‬أنها‭ ‬خسرت‭ ‬جبهة‭ ‬العراق‭ ‬والجماعات‭ ‬والمليشيات‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعد‭ ‬فصيلا‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬الدولة‭ ‬الإيرانية‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬أن‭ ‬الجماعات‭ ‬الحوثية‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بدورها‭ ‬تخسر‭ ‬وبالتالي‭ ‬تتراجع‭ ‬إلى‭ ‬الخلف‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬إيران‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬دعمها‭ ‬المباشر‭ ‬وغير‭ ‬المباشر‭ ‬لهذه‭ ‬الجماعات‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المعلومات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬الضباط‭ ‬والمستشارين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬من‭ ‬اليمن‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬مجتمعة‭ ‬جعلت‭ ‬إيران‭ ‬تعيد‭ ‬حساباتها‭ ‬وتقيم‭ ‬حصيلة‭ ‬التجربة‭ ‬ومحاولة‭ ‬إنقاذ‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬احتمال‭ ‬تعرضها‭ ‬إلى‭ ‬هجمات‭ ‬عسكرية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مدمرة‭ ‬وربما‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬النظام،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬الحالية‭ ‬تدرس‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬ومدى‭ ‬حتميتها‭ ‬وإنها‭ ‬بذلك‭ ‬تسعى‭ ‬بكل‭ ‬السبل‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬المواجهة‭ ‬وتحقيق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المعادلة‭ ‬بين‭ ‬قراءتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والضغوط‭ ‬العسكرية‭ ‬الساحقة‭.‬

الثالثة‭: ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬الدور‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الضاغط‭ ‬الذي‭ ‬يركز‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬استراتيجي‭ ‬يعتبره‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أساسيا‭ ‬وجوهريا‭ ‬وهو‭ ‬ضرب‭ ‬المشروع‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬فهذا‭ ‬العامل‭ ‬أصبح‭ ‬يضغط‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬ويدفع‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬إلى‭ ‬الإسراع‭  ‬في‭ ‬فك‭ ‬عقدة‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬بحيث‭ ‬تجرد‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬مشروعها‭ ‬النووي‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬يتم‭ ‬حاليا‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬التهديد‭ ‬الأمريكي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الكاسح‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لإيران‭ ‬أن‭ ‬تتجاهل‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬وتواصل‭ ‬إنكارها‭ ‬لما‭ ‬يشكله‭ ‬المشروع‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬كبيرة‭ ‬ومن‭ ‬عقدة‭ ‬أساسية‭ ‬أمام‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬الإيرانية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأمام‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭ ‬وضمان‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬المستدام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬الأمرين‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المكلف‭ ‬سياسيا‭ ‬وأمنيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الجميع‭.‬

إن‭ ‬نجاح‭ ‬أو‭ ‬إمكانية‭ ‬نجاح‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإيران‭ ‬بدعم‭ ‬دولي‭ ‬سوف‭ ‬يخرج‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭ ‬وربما‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬التوتر‭ ‬والانتظار‭ ‬والترقب‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬نشوب‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬يمتد‭ ‬ليصبح‭ ‬صراعا‭ ‬دوليا‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تغير‭ ‬المعادلات‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬بوجود‭ ‬معادلات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الاتفاق‭ ‬والتعاون‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وسعي‭ ‬إيران‭ ‬الحثيث‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وفتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬علاقات‭ ‬متوترة‭ ‬مع‭ ‬جيرانها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا