العدد : ١٧١٩٥ - الاثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٥ - الاثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

خلك أسمر كما جعفر

بحكم‭ ‬أنني‭ ‬درست‭ ‬جميع‭ ‬المواد‭ ‬الأكاديمية‭ ‬منذ‭ ‬السنة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬ثم‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الإعلامي‭ ‬كانت‭ ‬عند‭ ‬فوزي‭ ‬بمنصب‭ ‬ضابط‭ ‬إعلام‭/ ‬مترجم‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬الخرطوم،‭ ‬فقد‭ ‬أدمنت‭ ‬الصحافة‭ ‬البريطانية،‭ ‬وعشقت‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬برايفيت‭ ‬آي‮»‬‭ ‬مطبوعة‭ ‬أجاركم‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬طول‭ ‬لسان‭ ‬محرريها‭ ‬الذين‭ ‬يتخصصون‭ ‬في‭ ‬السخرية‭ ‬من‭ ‬اهل‭ ‬السياسة‭ ‬والمجتمع‭ ‬المخملي،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬ترحم‭ ‬أهل‭ ‬الجاه‭ ‬والسلطان،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أحتفظ‭ ‬بعشرات‭ ‬الأعداد‭ ‬منها،‭ ‬لأطالعها‭ ‬كما‭ ‬اتفق‭ ‬كلما‭ ‬احسست‭ ‬بالزهج‭ ‬والضيق،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬اتابع‭ ‬نسختها‭ ‬الالكترونية‭. ‬وأمامي‭ ‬الآن‭ ‬عدد‭ ‬منها‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬له‭ ‬تاريخا،‭ ‬تتضمن‭ ‬المجلة‭ ‬حكاية‭ ‬نقلا‭ ‬عن‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الغانية،‭ ‬ومفادها‭ ‬ان‭ ‬الملاكم‭ ‬الغاني‭ ‬المخضرم‭ ‬بيرسي‭ ‬أوبليتي‭ ‬كومي،‭ ‬خسر‭ ‬مباراة‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬أضحوكة‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬غانا‭. ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬انهزم،‭ ‬فقد‭ ‬انهزم‭ ‬قبله‭ ‬مرسي‭ ‬ابن‭ ‬المعلم‭ ‬زناتي‭ ‬‮«‬بالإنجليزي‮»‬‭!! ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬الهزيمة‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬فضيحة،‭ ‬فخلال‭ ‬الجولة‭ ‬الثالثة‭ ‬وجه‭ ‬اليه‭ ‬خصمه‭ ‬ضربة‭ ‬سببت‭ ‬له‭ ‬جرحا‭ ‬في‭ ‬خده‭ ‬الأيمن،‭ ‬وخلال‭ ‬الاستراحة‭ ‬عجز‭ ‬مدربه‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬النزيف‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬الخد،‭ ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬الخصم‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬أي‭ ‬ضربة‭ ‬الى‭ ‬كومي‭ ‬في‭ ‬الجولة‭ ‬الرابعة،‭ ‬إلا‭ ‬انه‭ ‬بدأ‭ ‬ينزف‭ ‬من‭ ‬الأنف‭ ‬والأذن‭ ‬والحنجرة‭ ‬والمسالك‭ ‬البولية،‭  ‬ثم‭ ‬لاحظ‭ ‬الجمهور‭ ‬أمرا‭ ‬عجيبا،‭ ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬جلد‭ ‬وجه‭ ‬كومي‭ ‬يتقشر‭ ‬ويتدلى‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬عنقه‭ ‬ثم‭ ‬تدلى‭ ‬على‭ ‬صدره،‭ ‬حتى‭ ‬غطى‭ ‬الدم‭ ‬جسمه‭ ‬كله،‭ ‬وهنا‭ ‬بدأ‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬الضحك‭ ‬الهستيري‭!! ‬ستقول‭ ‬ان‭ ‬الغانيين‭ ‬ساديون‭ ‬وبلا‭ ‬رحمة‭!! ‬غلطان‭ ‬ثم‭ ‬غلطان،‭ ‬ولن‭ ‬اسمح‭ ‬لك‭ ‬بأن‭ ‬تقول‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬على‭ ‬أهلي‭ ‬الأفارقة‭! ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬غانا‭ ‬قدمت‭ ‬للعالم‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أكفأ‭ ‬من‭ ‬شغلوا‭ ‬منصب‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وهو‭ ‬كوفي‭ ‬أنان‭ (‬الذي‭ ‬جعلناه‭ ‬عنان‭)‬،‭ ‬المهم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬للجمهور‭ ‬الغاني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشهد‭ ‬مباراة‭ ‬الملاكمة‭ ‬سبب‭ ‬قوي‭ ‬للضحك‭ ‬والشماتة‭ ‬بالملاكم‭ ‬كومي،‭ ‬لأن‭ ‬الجميع‭ ‬كانوا‭ ‬يعرفون‭ ‬انه‭ ‬يستخدم‭ ‬مراهم‭ ‬ومعاجين‭ ‬لاكتساب‭ ‬بشرة‭ ‬فاتحة،‭ ‬وقد‭ ‬حذرت‭ ‬حكومات‭ ‬غرب‭ ‬افريقيا‭ ‬مواطنيها‭ ‬مرارا‭ ‬بأن‭ ‬عقاقير‭ ‬مثل‭ ‬الهايدروكوينون‭ ‬والسولاكوين،‭ ‬قد‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬سواد‭ ‬البشرة،‭ ‬ولكن‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬استخدامها‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬تقشير‭ ‬الجلد‭ ‬والإصابة‭ ‬بالسرطان،‭ ‬والمفرح‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الملاكم‭ ‬كومي‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الأطباء‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬خياطة‭ ‬الجلد‭ ‬المتقشر‭ ‬من‭ ‬وجهه،‭ ‬واعادته‭ ‬الى‭ ‬موضعه،‭ ‬لأنه،‭ ‬أي‭ ‬الجلد،‭ ‬صار‭ ‬هشا‭ ‬لا‭ ‬يتحمل‭ ‬غرزة‭ ‬الإبرة،‭ ‬وهذه‭ ‬عاقبة‭ ‬من‭ ‬يسعون‭ ‬للتبرؤ‭ ‬من‭ ‬ألوانهم‭ ‬الطبيعية‭!‬

واستطيع‭ ‬ان‭ ‬افهم‭ ‬ان‭ ‬أوروبيا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬سواد‭ ‬البشرة‭ ‬او‭ ‬سمرتها‭ ‬عيبا‭ ‬ونقيصة،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بأن‭ ‬السود‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬البشر،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬بال‭ ‬إنسان‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭ ‬اسمر‭ ‬او‭ ‬اسود،‭ ‬يحس‭ ‬بالدونية‭ ‬بسبب‭ ‬لون‭ ‬بشرته،‭ ‬ولو‭ ‬وضعوا‭ ‬أموال‭ ‬بيل‭ ‬غيتس‭ ‬في‭ ‬يميني،‭ ‬ومنحوني‭ ‬انف‭ ‬توم‭ ‬كروز،‭ ‬وشعر‭ ‬ليونادرو‭ ‬دي‭ ‬كابريو،‭ ‬وعقدوا‭ ‬قراني‭ ‬بالجملة‭ ‬على‭ ‬كاثرين‭ ‬زيتا‭ ‬جونز‭ ‬وباميلا‭ ‬اندرسون‭ ‬وكلوديا‭ ‬شيفر،‭ ‬وزفوني‭ ‬إليهن‭ ‬بسيارة‭ ‬شيفر‭ ‬مقابض‭ ‬أبوابها‭ ‬من‭ ‬الذهب،‭ ‬مع‭ ‬التعهد‭ ‬بنقل‭ ‬ام‭ ‬الجعافر‭ ‬الى‭ ‬غوانتنامو‭ ‬في‭ ‬كوبا‭ ‬لتكون‭ ‬تحت‭ ‬حراسة‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الامريكية‭ ‬حتى‭ ‬تتعهد‭ ‬بإدانة‭ ‬الإرهاب‭ ‬المنزلي‭ ‬كتابة‭ ‬وبالصوت‭ ‬والصورة‭ ‬وبعدم‭ ‬إلحاق‭ ‬أن‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الأذى‭ ‬بي،‭ ‬نظير‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬السمار‭ ‬الجعفري‭ ‬لما‭ ‬رضيت‭. ‬شوف‭ ‬كوندوليسا‭ ‬رايس‭ ‬وزيرة‭ ‬خارجية‭ ‬أمريكا‭ ‬الأسبق‭: ‬سمار‭ ‬زي‭ ‬الفل‭ ‬أو‭ ‬الفلفل‭ ‬و‭-‬عيني‭ ‬باردة‭ - ‬كانت‭ ‬تقوم‭ ‬الدنيا‭ ‬وتقعد‭ ‬بكلمة‭ ‬منها‭. ‬وكان‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬يعشقها‭ ‬وفبرك‭ ‬فيديو‭ ‬كليب‭ ‬لها‭ ‬وهي‭ ‬تشاركه‭ ‬الرقص،‭ ‬ولماذا‭ ‬نمشي‭ ‬بعيدا‭ ‬والامريكان‭ ‬الذي‭ ‬اخترعوا‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬وقننوه‭ ‬تلفتوا‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬محترم‭ ‬يصلح‭ ‬الخرابيط‭ ‬واللخبطات‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش،‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬لزعامة‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬الأسمريكا‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭.. ‬وعندك‭ ‬عارضة‭ ‬الازياء‭ ‬نيومي‭ (‬ناعومي‭) ‬كامبل‭ ‬التي‭ ‬اذا‭ ‬تمخطت‭ ‬في‭ ‬منديل‭ ‬ورقي،‭ ‬وألقت‭ ‬به‭ ‬ارضا‭ ‬تهافت‭ ‬عليه‭ ‬الصحفيون‭ ‬البيض‭ ‬ليحتفظوا‭ ‬به‭ ‬كتذكار‭!‬

إذا‭ ‬كنت‭ ‬أسمر‭ ‬كما‭ ‬جعفر‭ ‬فاحمد‭ ‬ربك‭ ‬لأن‭ ‬السمرة‭ ‬هي‭ ‬اصل‭ ‬لون‭ ‬الجنس‭ ‬البشري‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا