حاصلة على وسام هيئة لامع لتميزها من بين 68 شخصا وعلى شهادة في التقنية المالية من جامعة أوكسفورد.. تم تكريمها من الشيخ ناصر.. عضو هيئة مساري وجمعية المحلل المالي المعتمد.. رئيس إدارة السيولة في قسم الخزينة بالبنك الأهلي المتحد.. عائشة أحمد القعود لأخبار الخليج:
يقول والت ديزني: «كل الشدائد والعقبات التي واجهتها في حياتي زادت من عزيمتي»!
نعم، أحيانا تكون نقطة الضعف هي القوة بذاتها، وهذا بالفعل ما حدث مع عائشة أحمد القعود رئيس إدارة السيولة في قسم الخزينة بالبنك الأهلي المتحد عضو هيئتي لامع ومساري وجمعية المحلل المالي المعتمد، تلك المرأة البطلة، التي لم يكن إصابتها بما يسمى باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه محنة، بل كانت مصدرا لتفوقها وتميزها، والذي تم تشخيصه عند بلوغها عمر 18 عاما رغم ظهور علاماته منذ الطفولة، ومع ذلك لم يؤثر فيها أكاديميا، وقد استطاعت عبر العلاج السلوكي والخدمات الاستشارية والتثقيفية والتدريب علي المهارات الاجتماعية أن تشق طريقها بكل قوة ونجاح. لقد أثبتت تجربتها أنه في كثير من الأحيان تصبح العثرات التي يعانيها المرء بابا إلي خير مجهول، خاصة إذا أحسن التصرف تجاهها، فالأفكار الإيجابية وحدها قادرة على تحويل السيء إلى جيد، ليبقى التحدي الحقيقي في الحياة هو أن تغير نفسك وتصبح الذي تريد أن تكون، وحينئذ سوف تشكر عزيمتك على عدم الاستسلام وعلى حرصك أن تكون نسخة أفضل من شخصيتك السابقة.
هي لم تكتف بما حققته على الصعيد الشخصي، بل امتدت جهودها إلى العمل الاجتماعي الذي تؤمن بأنه سلوك حضاري منا ولأجلنا، لذلك أعطت من وقتها الكثير بما يخدم مجتمعها، الأمر الذي أشعرها بأهمية التكافل والتعاون والمشاركة في بناء أي وطن.
حول هذه التجربة الملهمة كان الحوار التالي:
متى ظهرت أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
- اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو اضطراب عصبي بيولوجي يؤدي إلى صعوبة في تنظيم الحركة والاندفاعية والانتباه، وهو تطور يؤدي إلى اختلاف وتناقض في الأداء والقدرة، وقد ظهرت أعراضه علي منذ طفولتي ولكن لم يتم تشخيصه إلا عند عمر 18 عاما، فقد كنت كثيرة الحركة ولا أفضل الانخراط في الأنشطة، وأشعر بالملل سريعا، ومتقلبة المزاج، ولا أنصت لمن يتحدث لي، وهذا الاضطراب قد يكون سببا في التأخر العلمي والانقطاع عن الدراسة لدى البعض، ولكني ولله الحمد لم أواجه أي مشكلة أكاديمية من ورائه.
كيف تم تشخيصه؟
- المعروف أن هذا المرض يصعب تشخيصه مبكرا لدى البنات وتحديدا عند متوسط عمر 30 عاما، وبالنسبة لي تم ذلك عند بلوغي عمر 18 عاما، وذلك بسبب شكواي من قلة النوم، حينها اصطحبني والدي إلى الطبيب الذي أدرك معاناتي من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وهنا وجد الوالدان تفسيرا لتلك السلوكيات الغريبة لي منذ طفولتي.
ماذا كان طموحك في مرحلة الطفولة؟
- أذكر أن طموحي في مرحلة الطفولة أكبر من عمري، وهو أن أصبح طبيبة جراحة للأعصاب أو نفسانية في مجال تخصص التحليل السلوكي، أما هواياتي فكانت القراءة وبنهم وشجعني على ذلك وجود مكتبة ضخمة في المنزل تضم عديدا من الموسوعات والكتب في مختلف المجالات منها الفلسفة وعلم النفس والروايات الكلاسيكية وغيرها، كما كنت عضوا بمركزي سلمان الثقافي والعلوم الأمر الذي أسهم في تنوع ثقافاتي وخبراتي، ورغم رغبتي في دراسة الطب إلا أنه تم تغيير مسار تماما ووقع اختياري على تخصص العلوم المصرفية والتمويل بجامعة ويلز.
أسباب تحول مسارك؟
- مع اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008 طرح الوالد علي فكرة دراسة تخصص علم الاقتصاد موضحا لي أن مملكة البحرين بحاجة إلى خريجين يحملون هذه الشهادة، وبالفعل بدأ المجال يجذبني ويستهويني، خاصة أنه كان دائما يشجعني على قراءة الأخبار المنشورة ويطلب مني التعليق عليها ومناقشتها معه وهنا تدربت على التحليل النقدي لأي خبر أو حدث فضلا عن أهمية الاطلاع على مختلف وجهات النظر حول أي قضية.
حدثينا عن أهمية الدراسة في بريطانيا؟
- تجربة دراستي في بريطانيا كانت ممتعة وثرية للغاية حيث تم ابتعاثي بالتعاون بين جامعة ويلز ومركز الدراسات المصرفية بالبحرين وتمت الدراسة أون لاين، اللهم إلا آخر عام قضيته هناك، وكم أنا فخورة لكوني ضمن قائمة المتفوقين بالجامعة، ولا شك أن طريقة التدريس هناك مختلفة تماما تعلمت خلالها كيفية الاعتماد على النفس وأهمية متابعة الأفلام الوثائقية والمراجع التي تدخل في نطاق دراستي إلي جانب الاطلاع على دراسات أخرى مماثلة، ومن الذكريات التي حفرت في ذاكرتي في تلك الفترة مقولة سلبية تركت بداخلي أثرا كبيرا.
ما تلك المقولة؟
- أثناء دراستي برنامج التحليل المالي للحصول علي الشهادة المعتمدة في هذا المجالي قال لي أحد المعلمين: «أنت لست جادة وشخصية مثلك لا تستحق هذه المعلومات» وذلك لسلوكياتي التي ترتبط باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ولكني لم أتوقف عند كلامه هذا وقررت ألا يؤثر ذلك في تحصيلي العلمي، بل أصبحت كلماته حافزا قويا للمواصلة والنجاح، خاصة وأن من سمات الشخص المريض بهذا الاضطراب التركيز على الأشياء التي يهتم بها ويحبها، وقد اعتدت على سماع مثل هذه الآراء المحبطة من بعض الأساتذة الذين كانوا يتهمونني بالإهمال وعدم الجدية وهو لا يدرون عن مرضي، وهذا ما دفعني إلى أن أثبت عكس توقعاتهم وقد وحصلت على هذه الشهادة من أول مرة رغم صعوبتها.
وبعد حصولك على الشهادة؟
- بعد حصولي على شهادة المحلل المالي المعتمد حصلت على عرض من البنك الأهلي المتحد في جمهورية مصر العربية، حيث عرف عني أدائي المتميز وذلك رغم إصابتي بهذا الاضطراب، اللهم إلا شعوري السريع أحيانا بالملل وعدم الصبر في بعض الاجتماعات على سبيل المثال، وقد فضلت العلاج السلوكي على الدوائي، ولله الحمد استطعت أن أحول هذا الاضطراب إلى مصدر للقوة وإلى حافز على التفوق والتميز، هذا إضافة إلى عملي الاجتماعي الذي ساهم كثيرا في تشكيل وصقل شخصيتي.
إنجازات تفخرين بها؟
- من أهم الإنجازات التي أفخر بها بشدة هي أعمالي التطوعية التي أخدم بها وطني وهو ما تعلمته من الوالدين، حيث أسست في فترة من الفترات جمعية خيرية لمرضى السرطان، وكم أعتز بشدة بتكريم صاحب السمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة لي ضمن برنامج هيئة لامع، حيث رشحني البنك على أنني من أفضل الموظفين وحصلت على هذا الوسام من لدن الأمين العام للمجلس الأعلى للشباب والرياضة أنا وأربعة من الهيئة من بين 68 من الموظفين المتميزين.
من وراء نجاحك؟
- من أصعب الفترات التي مرت بي عبر مشواري كان أثناء دراسة شهادة المحلل المالي المعتمد، حيث تزامنت مع تعرض عائلتي لظروف صحية صعبة، ولكني تجاوزت ذلك بالصبر والإرادة، وكم أنا ممتنة لأسرتي ولعائلتي لدعمهم لي في تلك الفترة ولإيمانهم بي أكثر من إيماني بنفسي، ولعل هذا هو السر وراء نجاحي وما حققته حتي اليوم، كما أتوجه بالشكر هنا إلى البنك الأهلي المتحد الذي قدم لي كل الدعم ومنحني فرصة المشاركة في برنامج لامع الذي لمعت اجتماعيا من خلاله، حيث سلط الضوء علي، وساعدني على المشاركة في صناعة السياسات والأفكار الاستراتيجية واستغلال ما بداخلي من طاقات.
رسالة للمرأة؟
- أقول لأي امرأة تحدي نفسك، ولا تبقي في منطقة الراحة، وابدئي بخطوة صغيرة اليوم وليس غدا، فكل السبل ممهدة لك للوصول إلى أهدافك وتحقيق أحلامك، فقط تفاءلي واستبشري خيرا وثقي دائما بأن فرصتك سوف تأتي إليك بالسعي والصبر والمثابرة، ويكفينا فخرا وحمدا أن مملكتنا تراهن على كوادرها النسائية وتدعمهن بكل قوة.
طموحك الحالي؟
- أطمح حاليا في توسيع نطاق تأثيري على الآخرين ليكون أكبر وأشمل عبر تقديم خبراتي وخدماتي لهم من خلال هيئة مساري التي انضممت لها مؤخرا، والتي تتيح لي فرصة التأثير في دائرة أوسع من المستفيدين تحت مظلة وزارة شؤون الشباب والرياضة، وهي تهدف إلى رفع إمكانيات الشباب وتنمية مهاراتهم من خلال توفير بعثات عملية وأكاديمية لدى شركات عالمية معروفة مثل غوغل على سبيل المثال، وذلك بالشراكة مع سفارات دول أخرى، إلي جانب تركيزي في الفترة القادمة على تكثيف التعاون مع «هوب تالنت» و«تمكين» وغيرهما لاستثمار الطاقات الشبابية في أماكنها الصحيحة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك